موسكو تنصح الحوثيين بالمرونة والمشاركة في الحوار دون شروط

بوغدانوف لـ(«الشرق الأوسط») : أجرينا محادثات مثمرة مع وفد جماعة أنصار الله

يمنيان ينظران في النافذة لمشاهدة الدمار الذي لحق بمبنى طاله القصف في صنعاء أمس (ا.ب.ا)
يمنيان ينظران في النافذة لمشاهدة الدمار الذي لحق بمبنى طاله القصف في صنعاء أمس (ا.ب.ا)
TT

موسكو تنصح الحوثيين بالمرونة والمشاركة في الحوار دون شروط

يمنيان ينظران في النافذة لمشاهدة الدمار الذي لحق بمبنى طاله القصف في صنعاء أمس (ا.ب.ا)
يمنيان ينظران في النافذة لمشاهدة الدمار الذي لحق بمبنى طاله القصف في صنعاء أمس (ا.ب.ا)

أعلن ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الشخصي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمنطقة الشرق الأوسط، أن الجانب الروسي أجرى محادثات بناءة ومثمرة مع وفد جماعة أنصار الله الحوثية برئاسة صالح الصماد رئيس المجلس السياسي للجماعة.
وأوضح بوغدانوف الذي يشغل منصب نائب وزير الخارجية، في تصريحات خاصة بـ«الشرق الأوسط»، أن المباحثات التي جرت في موسكو تمت «في جو من الصراحة الشديدة»، على حد تعبيره. وأضاف أن المباحثات «كشفت عن أن الأوضاع في اليمن لا تتوقف على جماعة أنصار الله وحدها، وتتعداها إلى أطراف أخرى ومنها (الرئيس) عبد ربه منصور هادي وآخرون». وقال إن الجانب الروسي نصح أعضاء الوفد بضرورة التحلي بالمرونة وخوض الحوار دون أي شروط مسبقة، وهو ما قال إنه ينسحب أيضا على كل الأطراف الأخرى المدعوة إلى المشاركة في هذا الحوار.
من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية الروسية أمس بيانا قالت فيه تعليقا على ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حول المشاورات المرتقبة بشأن اليمن في حول الشأن الأسبوع المقبل، إن «موسكو تؤيد مبادرة الأمم المتحدة فيما تؤكد ضرورة مشاركة كل الأطراف اليمنية في هذه المباحثات دون شروط مسبقة». وأشار البيان إلى أن الجانب اليمني الذي قام بزيارة موسكو قدم صورة واضحة للأوضاع الراهنة في اليمن، مؤكدا استعداده لبحث كل السبل الرامية إلى تجاوز النزاع المسلح من خلال الحوار اليمني الدائر الذي يمكن أن يسمح لليمنيين بتحديد معالم مستقبلهم.
وأضاف أن أعضاء الوفد اليمني أكدوا تقدير جميع فصائل الشعب اليمني للدور النشيط الذي تقوم به روسيا من أجل الإسراع بوقف العنف وإقرار هدنة إنسانية للتخفيف من معاناة المدنيين.
من ناحيته، أكد بوغدانوف عدم وجود أي بدائل للتسوية السياسية في اليمن عدا استئناف العملية السياسية، فيما أعرب عن تأييده الكامل للجهود التي يبذلها المبعوث الشخصي للأمين العام المتحدة في اليمن، بما في ذلك الخطوات المبذولة من أجل عقد المشاورات اليمنية في جنيف من دون أي شروط مسبقة. وأشار بيان وزارة الخارجية الروسية الصادر حول هذه المباحثات إلى أن المهمة الأساسية التي تستهدفها المشاورات المرتقبة في جنيف «تتلخص في صياغة الإجراءات العاجلة الرامية إلى فرض هدنة إنسانية طويلة الأمد على أن تكون هذه الهدنة مقدمة لسرعة وقف النزاع الدموي المسلح في اليمن». وأضاف: «إن موسكو تأمل في أن تؤدي مشاورات جنيف إلى فتح الطريق أمام اليمنيين من أجل مباشرة الحوار بينهم بهدف التوصل إلى تسوية وطيدة في البلاد على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومبادرات مجلس التعاون الخليجي ونتائج الحوار الوطني واتفاقية السلام والشراكة الوطنية في اليمن».
وكانت وكالة «سبوتنيك» الروسية الرسمية للأنباء ذكرت نقلا عن مصادر جماعة أنصار الله الحوثية أن وفد الجماعة الذي كان يتفاوض في مسقط منذ أسبوعين، توجه إلى موسكو في إطار المساعي الإقليمية والدولية لحل الأزمة السياسية في اليمن. وقالت المصادر إن الوفد ضم صالح الصماد رئيس المجلس السياسي لجماعة أنصار الله، ومحمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة وعلي القحوم عضو المجلس السياسي. وأضافت أن الوفد كان «وصل إلى مسقط قبل أسبوعين وأجرى محادثات مع مسؤولين أميركيين برعاية عمانية أفضت إلى إطلاق طيارين أميركي وسنغافوري يحمل الجنسية الأميركية، أسقطت طائرتهما شمال صنعاء، وأن الوفد أجرى أيضا محادثات حول إنهاء الصراع الدائر في اليمن وإيقاف غارات التحالف العربي منذ 26 من مارس (آذار) الماضي».
ومن اللافت أن هذه الزيارة هي الثانية للوفد الحوثي، بعد الأولى التي قام بها وفد مماثل برئاسة رئيس دائرة العلاقات الخارجية حسين العزي، إلى موسكو في فبراير (شباط) الماضي تلبية لدعوة من جانب مجلس الدوما الروسي. وكان وفد من رجال الأعمال الروس وأعضاء مجلس الدوما قد زاروا اليمن في يناير (كانون الثاني) الماضي لاستطلاع الأوضاع ومحاولة استيضاح السبل المناسبة لتوطيد العلاقات بين الجانبين.
وقالت وكالة «سبوتنيك» إن الدكتور فضل المطاع عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله قال في حديثه مع مندوب الوكالة «فند مزاعم الولايات المتحدة الأميركية إزاء التوصل إلى تفاهمات مع حركة أنصار الله، خلال اللقاءات الأخيرة في مسقط بخصوص اليمن». وأضافت أنه «كشف عن رفض الحركة للتعامل مع الولايات المتحدة نظرًا لتاريخها السيئ في التعامل مع قضايا المنطقة، وخصوصا دعم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، مؤكدا على التقدير الكبير لروسيا وموقفها تجاه الأحداث الحالية والعدوان على اليمن. وأعرب عن ثقة (أنصار الله) بروسيا، مؤكدا أن الحركة جاهزة للالتزام بأي قرار أو موقف أو مبادرة تتخذها روسيا لحل الأزمة اليمنية».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.