السودان: انطلاق ورشة لوضع دستور انتقالي وحسم قضايا التحول

بمشاركة حزب الترابي وشخصيات محلية وإقليمية ودولية

عبد الفتاح البرهان (إ.ب.أ)
عبد الفتاح البرهان (إ.ب.أ)
TT

السودان: انطلاق ورشة لوضع دستور انتقالي وحسم قضايا التحول

عبد الفتاح البرهان (إ.ب.أ)
عبد الفتاح البرهان (إ.ب.أ)

بدأت في العاصمة السودانية الخرطوم، أمس، ورشة نظمتها نقابة المحامين لبحث إعداد إعلان دستوري جديد، ووضع إطار قانوني يناقش قضايا المرحلة الانتقالية، في الوقت الذي تعددت فيه «مبادرات» معالجة الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وحشد عدد من «الأشخاص» مؤيديهم بهدف ترشيحهم لرئاسة الوزارة من خارج تحالف المعارضة الرئيسية «الحرية والتغيير».
وعلمت «الشرق الأوسط»، أن الورشة التي ستستمر لثلاثة أيام، سيعقبها تكوين آلية تقوم بصياغة الدستور الانتقالي من المشاركين فيها، ويشارك فيها للمرة الأولى منذ سقوط نظام الإسلاميين، برئاسة عمر البشير، حزب «المؤتمر الشعبي»، الذي أسسه زعيم الإسلاميين الراحل حسن الترابي، والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، الذي يتزعمه الرمز الديني والسياسي محمد عثمان الميرغني. كما يشارك فيها مكونات من المعارضة الرئيسية، بما فيها «أطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق سلام جوبا، والحزب الجمهوري، وحزب الأمة القومي، ولجان المقاومة، ومنظمات المجتمع المدني، وأساتذة الجامعات. إضافة إلى ممثلين عن وزارة العدل، والتجمعات المهنية، والمجموعات الدينية، وأسر الشهداء». كما يحضرها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، رئيس آلية دعم الانتقال في السودان «فولكر بيرتس»، وممثل عن الاتحاد الأفريقي ومنظمة (إيقاد)، والاتحاد الأوروبي، وسفراء المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، والقائم بأعمال السفارة الأميركية في السودان.
وينتظر أن تركز الورشة على تناول المهام المنوطة بالفترة الانتقالية، ومدة الحكم الانتقالي والهياكل الانتقالية، وآليات تشكيلها ومهامها وأدوارها، فضلاً عن تحديد دور المؤسسة العسكرية والأمنية خلال الفترة الانتقالية، وبحث الحقوق والحريات الأساسية، إضافة إلى ملف السلام والعلاقات المدنية العسكرية، والإصلاح الأمني والعسكري، وتختتم اجتماعاتها بالتوصيات التي يتمخض عنها الحوار بنهاية الجلسات غداً (الأربعاء).
ووفقاً لمراقبين، فإن الورشة التي تعقدها نقابة المحاميين، بحضور شخصيات محلية وإقليمية ودولية، تعد استكمالاً للحوار بين المدنيين والعسكريين، الذي تتوسط فيه كل من واشنطن والرياض، والذي انقطع بإعلان قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، مغادرة الساحة السياسية، وتكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة، مشترطاً توافق القوى السياسية والمدنية على تكوين حكومة انتقالية.
في سياق ذلك، شهدت الساحة السياسية ظهور العديد من المبادرات، التي تهدف «ظاهراً» لمواجهة الأزمة السياسية الناجمة عن إجراءات 25 أكتوبر 2021 التي اتخذها قائد الجيش، واعتبرتها المعارضة السياسية والشبابية انقلاباً على السلطة المدنية، وظلت تواجهها بمظاهرات مستمرة طوال الأشهر الثمانية الماضية، لكن واجهتها السلطة العسكرية بعنف مفرط أدى إلى مقتل 116 محتجاً سلمياً، وإصابة الآلاف بجراح، فضلاً عن اعتقال المئات.
وتعد مبادرة الزعيم الصوفي الطيب الجد آخر المبادرات المطروحة على الساحة السياسية، وتهدف كما ذكر قائدها إلى عقد «مؤتمر مائدة مستديرة» الشهر الحالي لتشكيل حكومة انتقالية، تتكون من كفاءات مستقلة، ولجنة للانتخابات التي ينتظر عقدها حسب المبادرة مطلع العام 2024، لكن مبادرة الزعيم الديني لم تجد قبولاً من معظم أطراف المعارضة الشبابية والسياسية، واعتبرتها محاولة لتسويق من أطلقت عليهم رموز «نظام الإنقاذ» ومؤيديه، الذين شاركوا في نظام البشير حتى لحظة سقوطه 11 أبريل (نيسان) 2019، في الوقت الذي لوحظ فيه تحفظ المجتمعين الإقليمي والدولي عليها، ومشاركة محدودة لممثليهم في السودان، رغم الدعوة التي وجهت إلى المعتمدين كافة في الخرطوم.
وسبق أن شهدت البلاد عدداً من «المبادرات» تجاوز عددها العشرة، لم تفلح في تحقيق وفاق على تكوين حكومة انتقالية مدنية، وأبرزها مبادرة هيئة علماء السودان، ومبادرة عضو مجلس السيادة الانتقالي الهادي إدريس، ومبادرة حكماء السودان، اصطدمت جميعها بالرفض الشعبي الواسع.
ولم يفلح قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في تنفيذ تعهداته، التي أطلقها في بيانه الذي أعلن بموجبه إجراءات أكتوبر التي حل بمقتضاها الحكومة المدنية وحكومات الولايات، بتكوين حكومة مدنية في غضون شهر، وإصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية، وذلك بسبب الرفض الواسع لتلك الإجراءات التي اعتبرتها المعارضة ولجان المقاومة انقلاباً عسكرياً قطع الطريق على الانتقال المدني، وظلت البلاد «بلا حكومة» طوال ثمانية أشهر ولا تزال. وإزاء ذلك، سارعت شخصيات عدة لترشيح أنفسها لتولي رئاسة الوزارة، وتكوين الحكومة، وأبرزهم المحامي المثير للجدل عادل عبد الغني، والسياسي مضوي الترابي، وهبة عبد الرحمن مكي، لكن ترشيحاتهم لم تلق قبولاً شعبياً، أو حتى من قبل «العسكريين» في مجلس السيادة، رغم زعمهم أنهم «استجابوا لنداء الوطن»، وحشدوا أعداداً من المؤيدين.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الصومال يرحب بالمشاركة المصرية في قوات حفظ السلام «الأفريقية»

وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
TT

الصومال يرحب بالمشاركة المصرية في قوات حفظ السلام «الأفريقية»

وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري يلتقي نظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)

رحب الصومال بالمشاركة المصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لدعم الأمن والاستقرار في الصومال، وذلك خلال لقاء القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، والوفد المرافق له، في القاهرة، مساء الخميس.

ووقعت مصر والصومال، في أغسطس (آب) الماضي، بروتوكول تعاون عسكري، واتفق البلدان حينها على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة في 2025 - 2029، ودعمت القاهرة مقديشو بمعدات عسكرية.

ووفق إفادة للمتحدث العسكري المصري، فقد أشاد القائد العام للقوات المسلحة المصرية بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر والصومال واعتزازه بعلاقات الشراكة التي تربط القوات المسلحة لكلا البلدين.

وأضاف في بيان له، الخميس، أن لقاء صقر ومحمد نور تناول «مناقشة آخر التطورات والأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار داخل القارة الأفريقية».

ونقل البيان المصري عن وزير الدفاع الصومالي تقدير بلاده لجهود مصر في «إرساء دعائم الأمن والاستقرار لدول القارة الأفريقية كافة»، مرحباً بالمشاركة المصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي بدولة الصومال، مؤكداً على «أهمية التعاون المشترك بين القوات المسلحة المصرية والصومالية في مختلف المجالات». حضر اللقاء رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، وقادة الأفرع الرئيسة وعدد من قادة القوات المسلحة لكلا البلدين.

وعززت مصر تعاونها العسكري مع الصومال عقب أزمة بين الصومال وإثيوبيا، العام الماضي، بعدما عارضت القاهرة توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة حينها الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

جانب من محادثات وزير الدفاع المصري ونظيره الصومالي في القاهرة (المتحدث العسكري المصري)

وفي وقت سابق رحب سفير الصومال بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، السفير علي عبدي، بإعلان مصر المشاركة في قوات حفظ السلام بالصومال. وقال في إفادة له «ممتنون لتعهد مصر أن تكون من أوائل الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية». واعتبر أن اتفاقية الدفاع المشترك التي تم توقيعها بين البلدين «ستمنع الفراغ الأمني في الصومال»، مشيراً إلى أن الاتفاقية «تتضمن التدريب ودعم المعدات والعمليات المشتركة بين قوات البلدين».

كما أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال لقائه نظيره الصومالي، أحمد مُعلم فقي، في القاهرة، أغسطس الماضي «حرص مصر على المشاركة في بعثة حفظ السلام في الصومال بناء على رغبة الأشقاء الصوماليين»، مشيداً بـ«خطوة التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن «سفينة حربية مصرية سلَّمت شحنة كبيرة ثانية من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية». وكانت القاهرة قد أرسلت طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقّع البلدان اتفاقية أمنية مشتركة في أغسطس الماضي.

وقرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في يونيو (حزيران) الماضي، إرسال بعثة جديدة لحفظ السلم في الصومال باسم «بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال»، اعتباراً من يناير الجاري.