المعارضة تسيطر على ثاني أكبر قاعدة عسكرية في درعا بمعركة قصيرة وسريعة

قيادي في الجبهة الجنوبية: نطالب بتحويل المنطقة إلى آمنة.. ونقل مخيمات اللاجئين السوريين إليها

المعارضة تسيطر على ثاني أكبر قاعدة عسكرية في درعا بمعركة قصيرة وسريعة
TT

المعارضة تسيطر على ثاني أكبر قاعدة عسكرية في درعا بمعركة قصيرة وسريعة

المعارضة تسيطر على ثاني أكبر قاعدة عسكرية في درعا بمعركة قصيرة وسريعة

بعد نحو ثماني ساعات على إطلاق معركة «تحرير اللواء 52» تحت عنوان «القصاص للشهداء» أعلنت يوم أمس، فصائل المعارضة على رأسها «الجيش الأول» سيطرتها على القاعدة العسكرية التي تعتبر ثاني أكبر لواء في منطقة الجنوب.
وقال عصام الريس المتحدث باسم الجبهة الجنوبية وهي تحالف لجماعات معارضة لوكالة الصحافة الفرنسية: «تم تحرير اللواء 52 بالكامل صباحا من سيطرة الجيش النظامي»، موضحا أن الجبهة الجنوبية المؤلفة من الفيلق الأول وفصائل معارضة قامت بالمعركة التي كانت قصيرة وسريعة.
وأوضح القيادي الجيش الحر في الجبهة الجنوبية ابو أحمد العاصمي، أنّ اللواء 52 هو ثاني أكبر لواء في درعا بعد اللواء 61 الذي كان قد تحرّر قبل نحو ستة أشهر، وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قيادة عمليات تحرير القاعدة العسكرية تولاها الجيش الأول بالتعاون مع الفيلق الأول اللذين يتألفان من أكثر من 40 لواء وتعدادها الإجمالي يقدر بـ35 ألف عنصر». وأشار العاصمي إلى أن جبهة النصرة لم تكن لها مشاركة في هذه المعركة نظرا إلى عدم وجودها الكبير في هذه المنطقة، لافتا إلى أن الجيش الأول بكثرته وعتاده كان قادرا على القيام بمهمة الاقتحام الرئيسية. وتابع موضحا «تولى نحو 1200 عنصر الهجوم على اللواء بعد تمهيد بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، بينما استهدف بما يقارب 80 صاروخا، كانت كافية لانهياره». وأكد العاصمي أنّه إضافة إلى اللواء، تم تحرير 7 قرى محاذية له، بينها، المليحة الغربية التي كانت تعتبر منطقة اشتباك وكان سكانها دائما في مرمى اللواء 52، بينما القرى الأخرى مهجّرة من سكانها. ورأى العاصمي أنّ هذه المنطقة الجنوبية التي باتت تحت سيطرة المعارضة من بصرى الشام، شرقا، إلى حدود الجولان، من الممكن أن تتحوّل إلى منطقة آمنة لنقل مخيمات اللاجئين السوريين إليها وفرض حظر جوي عليها، وهو الأمر الذي كنا ولا نزال نطالب به. وأشار العاصمي إلى أن درعا في معظمها أصبحت تحت سيطرة المعارضة، باستثناء «اللواء 12» و«الفوج 175» ومركز المدينة وبقايا الفرقة التاسعة في الصنمين التي يديرها خبراء إيرانيون، بحسب قوله. وأوضح الريس أن قوات النظام كانت تستخدم هذه القاعدة لقصف المناطق الشرقية في المحافظة وهي تعد من خطوط الدفاع الأساسية عن دمشق. وتقع القاعدة العسكرية جنوب شرقي الطريق الدولي الذي يربط دمشق بالعاصمة الأردنية.
وقال ضياء الحريري، مدير المكتب الإعلامي للفيلق الأول المشارك في الهجوم، إنّ «اللواء 52 يضم لواء مدرعات وكتائب مشاة ومدفعية وراجمات».
وأطلق الفيلق الأول في بيان له تسمية «معركة القصاص» على الهجوم، وذلك للاقتصاص من اللواء الذي أذاق القرى الكثير من القصف وكان المسؤول عن الاقتحامات للقرى والمدن الثائرة في درعا، وفق الحريري. وينسق تحالف الجبهة الجنوبية العمليات ضد قوات النظام من مركز قيادة مشتركة في الأردن.
وتخلل الهجوم على مقر اللواء اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وفصائل المعارضة تسببت، وفق المرصد، بمقتل عشرين عنصرا على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها و14 مقاتلاً من الفصائل بينهم عقيد منشق وقائد لواء.
في المقابل، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر عسكري أن الطيران الحربي نفذ ظهر اليوم (أمس) سلسلة غارات جوية على أوكار التنظيمات الإرهابية التكفيرية في ريف درعا الشمالي الشرقي، حيث مقر اللواء، مما تسبب بمقتل أربعين إرهابيا. واتهمت التنظيمات المستهدفة بالارتباط بالأردن وإسرائيل.
وتسيطر فصائل المعارضة على معظم محافظة درعا وعلى أجزاء كبيرة من مدينة درعا، مركز المحافظة، التي شهدت أول الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد. والمنطقة الجنوبية قرب الحدود مع الأردن وإسرائيل هي من المناطق التي تمكنت فيها الجماعات المسلحة من إلحاق الهزائم بقوات النظام السوري خلال الشهور الثلاثة الماضية، خاصة حين سيطرت على معبر نصيب الحدودي مع الأردن في أول أبريل (نيسان) .
وتكتسب المنطقة أهمية نظرا لقربها من العاصمة السورية دمشق، وهي واحدة من المعاقل الأخيرة لفصائل المعارضة التي اضطرت للانسحاب في مناطق أخرى من سوريا أمام جماعات جهادية، منها تنظيم داعش وجبهة النصرة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم