مبعوث أوباما لسوريا سفيرًا لدى تونس بعد نجاحه في كسر الجمود مع موسكو

مسؤول أميركي: روبنشتاين نجح في تحقيق تقارب بين البلدين لإيجاد حل سياسي للأزمة

دانيال روبنشتاين
دانيال روبنشتاين
TT

مبعوث أوباما لسوريا سفيرًا لدى تونس بعد نجاحه في كسر الجمود مع موسكو

دانيال روبنشتاين
دانيال روبنشتاين

أعلن البيت الأبيض ترشيح الرئيس أوباما للمبعوث الأميركي إلى سوريا دانيال روبنشتاين في منصب السفير المقبل إلى تونس. وأعرب أوباما عن ثقته في جهود روبنشتاين لمواجهة التحديات التي تواجه الولايات المتحدة.
وتولى روبنشتاين منصب المبعوث الخاص لسوريا في وزارة الخارجية الأميركية منذ مارس (آذار) 2014. وشهدت تلك الفترة صعودا وهبوطا في تعامل الإدارة الأميركية مع الأزمة دون أن يتضح مسار إنهاء الصراع الدموي المستمر في سوريا منذ أكثر من أربع سنوات. ولم تتضح بعد الأسماء المرشحة لخلافة روبنشتاين في منصب المبعوث الأميركي لسوريا.
ويشير المسؤولون في الخارجية الأميركية إلى أن روبنشتاين خلال عمله مبعوثا لسوريا، قام بالكثير من الاجتماعات واللقاءات مع الأطراف المعنية بالأزمة السورية، ونجح في تقريب وجهات النظر الأميركية مع الجانب الروسي لوضع حل سياسي للأزمة يقوم على مساندة انتقال سياسي «قابل للاستدامة» في سوريا على أساس بيان «جنيف1»، باعتبار أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في سوريا ومساعدة السوريين لوضع أسس تشكيل حكومة حرة وديمقراطية شاملة.
وخلال اجتماعات زعماء الدول الصناعية السبع بألمانيا أول من أمس، التي هيمن عليها مناقشات مكافحة تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق، أبدى الزعماء اعتقادهم بإمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي في سوريا بعد الهزائم المتلاحقة التي يواجها الرئيس السوري بشار الأسد في ساحة المعركة. وأوضحت التقارير فقدان الجيش السوري والميليشيات المتحالفة معه مساحات واسعة من الأراضي خلال الشهرين الماضيين لصالح التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«النصرة».
وتنظر كل من الولايات المتحدة وروسيا إلى الطريقة الوحيدة لمواجهة توسع التنظيمات الإرهابية - على المدى الطويل، هو قبول فكرة تشكيل حكومة جديدة في دمشق تكون مقبولة على نطاق واسع.
وعلى الرغم من التوتر في العلاقات الأميركية الروسية حول أوكرانيا، فإن مصادر أميركية رجحت المزيد من التقارب بين واشنطن وموسكو حول إمكانية التقارب إلى حل دبلوماسي للمأزق السوري وإمكانية توقف المساندة الروسية للرئيس الأسد في صفقة بين البلدين لمحاربة صعود تنظيم داعش. وقال مسؤول أميركي «لا نريد المبالغة لكن هناك شعورا كبيرا أن الحل السياسي في سوريا ممكن اليوم أكثر مما كان عليه منذ عدة شهور».
من جانب آخر يأتي قرار ترشيح روبنشتاين سفيرا لدى تونس بعد شهر من قيام الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بزيارة واشنطن. وخلال القمة الأميركية التونسية بالبيت الأبيض في مايو (أيار) الماضي، وصف أوباما تونس بأنها حليف رئيسي غير عضو في الحلف الأطلسي ووعد بتعزيز التعاون السياسي والعسكري بين البلدين وتوفير الأسلحة الحديثة لتونس. وتعهد أوباما بالعمل مع الكونغرس للموافقة على تقديم مساعدات لتونس بنحو 138 مليون دولار في العام المقبل وتشمل 62.5 مليون دولار مساعدات عسكرية.
وقد اعتبر المحللون ترشيح روبنشتاين سفيرا لدى تونس مؤشرا على الأهمية الاستراتيجية المتنامية لهذا البلد، الذي تعتبره إدارة أوباما نموذجا لتجاوز المرحلة المضطربة بعد الربيع العربي بشكل ديمقراطي ومستقر نسبيا.
وترتفع الترجيحات في موافقة الكونغرس على ترشيح روبنشتاين للمنصب الجديد. ويمتلك روبنشتاين معرفة عميقة لمنطقة الشرق الأوسط حيث تولى منصب القنصل العام في القنصلية الأميركية في القدس وتولى عدة مناصب دبلوماسية في كل من الأردن ومصر والبرازيل وأنغولا وتونس. ويجيد التحدث باللغة العربية والعبرية والبرتغالية وقد حصل على جائزة هربرت سالزمان للتميز في الأداء الاقتصادي الدولي. وسيغادر روبنشتاين منصبه بعد قيام إدارة أوباما بتعيين مبعوث جديد لسوريا خلفا له.
وحول إمكانية التوصل لحل سياسي في سوريا، قال مسؤول بالخارجية الأميركية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أوضاع المعارك في سوريا تتأرجح صعودا وهبوطا ولا يمكننا التكهن بشيء، فما يقوم به الأسد من قمع وحشي للشعب السوري هو الذي يغذي التطرف والإرهاب، والأسد ليس له أي دور في مستقبل سوريا ويجب أن يتنحى كجزء من الحل السياسي الذي يقدم أفضل أمل لإنهاء الصراع بشكل دائم، وهذا ما نقوله باستمرار».
وشدد المسؤول بالخارجية الأميركية على ما ورد ببيان مجموعة السبع الصناعية لدعم جهود الأمم المتحدة الحالية لإيجاد حل دائم لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا. وقال: «ندعم عملية انتقالية تقودها الأمم المتحدة على أساس التنفيذ الكامل لبيان جنيف وهذه هي السبيل الوحيدة لتحقيق السلام وهزيمة الإرهابيين في سوريا».



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.