كل المؤشرات تدلّ على أن الحكومة اللبنانية دخلت مرحلة شلل غير معلنة، في ظلّ عدم دعوة رئيس الحكومة تمام سلام أعضاء حكومته إلى جلسة لمجلس الوزراء كان من المفترض أن تعقد غدًا، الخميس، بفعل تمسّك وزيري التيار الوطني الحرّ جبران باسيل وإلياس بو صعب، مدعومين من وزيري حزب الله محمد فنيش وحسين الحاج حسن، على إدراج موضوع تعيين قائد للجيش اللبناني وقادة للأجهزة الأمنية الأخرى (مدير المخابرات في الجيش والمدير العام لقوى الأمن الداخلي والمدير العام لأمن الدولة)، بندًا أولا على جدول الأعمال، مقابل رفض رئيس الحكومة ومعه وزراء «14 آذار» عدم البحث في تعيين قائد للجيش قبل انتهاء ولاية القائد الحالي العماد جان قهوجي في أواخر شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، وإصرار هذا الفريق على تأخير تعيين قائد الجيش الجديد إلى ما بعد انتخاب رئيس للجمهورية، على اعتبار أن الرئيس هو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلّحة ويفترض أن يكون له الرأي الأول في هذا الشخص لا أن يفرض عليه.
غير أن السقوف العالية التي رفعها رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون بغطاء سياسي من حزب الله، على الحكومة ومن خلفها من قوى «14 آذار» ومعها رئيس مجلس النواب نبيه بري الرافض لمبدأ تعطيل الحكومة بعد المجلس النيابي، غايته تعيين صهر عون قائد فوج المجوقل العميد شامل روكز قائدًا للجيش، قابلتها مرونة مؤقتة من رئيس الحكومة تمام سلام، الذي رفض الذهاب إلى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، قبل تفاهم الحدّ الأدنى على إبقاء الوضع الحكومي سليمًا، وهو ما عبّرت عنه مصادر رئاسة الحكومة، موضحة لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس الحكومة وفي ظلّ الوضع المتشنّج آثر عدم الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، كي لا يشكّل ذلك إحراجًا أو استفزازًا لأي فريق، وحتى لا تفسر على أنها تحد لأحد، وهو بذلك يفسح في المجال أمام مزيد من الاتصالات لتذليل العقبات التي تحول دون محاولات شلّ الحكومة. وأكدت المصادر أن «الدستور واضح ولا يحتاج إلى تفسير، وهو يعطي رئيس مجلس الوزراء حصرًا صلاحية وضع جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، ويطلع رئيس الجمهورية عليها، والرئيس سلام يمارس هذه الصلاحية كاملة، وبالتالي لا يحق لأي وزير أو أي فريق سياسي أن يفرض عليه وضع هذا البند أو استبعاد بند آخر». وعمّا إذا كانت محاولة إدراج بند التعيينات تشكّل انتقاصًا من صلاحية رئيس الحكومة، قال المصدر «الكلّ يعرف صلاحية رئيس الحكومة المنصوص عليها في الدستور، ولا أحد يستطيع المسّ بها أو النيل منها، وإذا كان الرئيس سلام بحنكته وسعة صدره يسعى إلى إدارة الوضع بترو ودراية ومسؤولية فهذا لا يعني أن أحدًا بمقدوره أن يتعدّى على موقع رئاسة مجلس الوزراء لا اليوم ولا في أي وقت آخر».
وعمّا يحكى عن إمكانية أن تُعقد جلسات لمجلس الوزراء في المرحلة المقبلة في غياب وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله إذا ما أصروا على المقاطعة، لفت المصادر إلى أن هذا الخيار مطروح، لا سيما وأن النصاب سيكون مؤمنًا والميثاقية مؤمنة، وبالتالي لا يحق لوزيرين أو ثلاثة وزراء أن يعطلوا الحكومة ويعطلوا مصالح وحياة كل اللبنانيين. مشيرًا إلى أن وزراء عون وحزب الله لم يعلنوا مقاطعة الجلسات، إنما أعلنوا أنهم سيحضرون لكن لن يقبلوا مناقشة أي بند قبل البت ببند التعيينات العسكرية والأمنية.
من جهته، وصف الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان تعطيل الحكومة بأنه بـ«الخطير جدًا ولا يعبّر عن ديمقراطية لبنان». ورأى في تصريح له بعد لقائه وفد من نواب تيار «المستقبل» أمس، أن مسيرة التعطيل بدأت بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، وعندها بدأنا نعود الشعب على الفراغ. وقال: «قوة رئيس لبنان ليست بتمثيله المسيحي بل بقوة المسلمين الذين يريدون رئيسا للبنان أن يكون مسيحيا». وشدد على عدم جواز أن ينوب الوزير عن رئيس الجمهورية، وأن رئيس الحكومة هو من يستطيع رفع الجلسة، أما تعطيل الجلسات فهو غير مسموح. وسأل سليمان «هل تعيين قائد للجيش أهم من انتخاب رئيس جمهورية؟».
أما رئيس حزب الكتائب اللبنانية الرئيس الجميل، فأعلن بعد استقباله أيضا وفدًا من نواب «المستقبل»، أن المنحى التعطيلي غير مقبول أكان على مستوى انتخاب رئيس الجمهورية أو عمل مجلس الوزراء أو قيادة الجيش. وعبر عن أسفه لأن التعطيل بات نهجًا قاتلاً، وهو يأخذ منحى انتحاريا لن يوفر لا المعطلين ولا الأطراف الأخرى التي تحاول إنقاذ الدولة من هذا المستنقع.
وبعد اجتماعها وصفت كتلة المستقبل النيابية، كلام نائب أمين عام حزب الله، نعيم قاسم، بوضعه فريق «14 آذار» أمام خيار انتخاب النائب ميشال عون أو الفراغ، بـ«الفضيحة الوطنية والسياسية»، معتبرة أنّ الطرف الذي يتسبب بتعطيل انتخاب رئيس هو ذاته الذي يعطّل اليوم عمل الحكومة.
وهذه المواقف قابلها تكتل التغيير والإصلاح بموقف تصعيدي أيضا، وأكد أن «سلطة التعيين موجودة وللذي يقول إن مكوني الحكومة لا يعطلانها نقول إن مكونات تكتل التغيير والإصلاح والحليف المقاوم أربعة (وزراء) يجب المراكمة على فصل التعيينات الأمنية عن ملف رئاسة الجمهورية»، معتبرا أن «قوة رئيس مجلس الوزراء برضا رئيس الجمهورية المسيحي عنه».
11:45 دقيقه
لبنان: معضلة التعيينات الأمنية تُدخِل مجلس الوزراء في نفق التعطيل
https://aawsat.com/home/article/380406/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%B9%D8%B6%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%8F%D8%AF%D8%AE%D9%90%D9%84-%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D9%86%D9%81%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%B7%D9%8A%D9%84
لبنان: معضلة التعيينات الأمنية تُدخِل مجلس الوزراء في نفق التعطيل
مصادر سلام: لا أحد يفرض خياراته على رئيس الحكومة وعقد جلسة بغياب وزراء عون وحزب الله مطروح
- بيروت: يوسف دياب
- بيروت: يوسف دياب
لبنان: معضلة التعيينات الأمنية تُدخِل مجلس الوزراء في نفق التعطيل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة








