مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة يرفض أي دور للأسد في حل الأزمة

احتواء أزمة انسحاب المجلس الكردي.. وعلم الثورة يثير جدلاً

مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة يرفض أي دور للأسد في حل الأزمة
TT

مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة يرفض أي دور للأسد في حل الأزمة

مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة يرفض أي دور للأسد في حل الأزمة

رفض مؤتمر المعارضة السورية في ختام أعماله في القاهرة، أمس، والذي عقد تحت شعار «من أجل الحل السياسي في سوريا»، أي دور للرئيس بشار الأسد في حل سياسي للأزمة الحالية، مقرا خريطة طريق سياسية تعتبر وثيقة مرجعية لوثيقة للحل وتشمل على خطوات تنفيذية واضحة بتطبيق بيان «جنيف1». وقالت مصادر بالمؤتمر إنه رغم تأجيل التفاوض حول بعض البنود في خريطة الطريق، فإن هناك اتفاقا على رحيل الأسد والحل السلمي للأزمة.
وقال بيان ختامي للمؤتمر، إن خريطة الطريق أكدت استحالة الحسم العسكري ومأساويته، وكذلك استمرار منظومة الحكم الحالية، مشددةً على أنه لا مكان لها ولرئيسها في مستقبل سوريا. وأكدت الخريطة أن الحل السياسي التفاوضي هو السبيل الوحيد لإنقاذ سوريا، على أن يجري هذا التفاوض بين وفدي المعارضة والنظام برعاية الأمم المتحدة ومباركة الدول المؤثرة في الوضع السوري.
ونصت الوثيقة على أن يبرم الوفدان برنامجًا تنفيذيًا لبيان جنيف، ووضع جدول زمني وآليات واضحة وضمانات ملزمة للتأكد من التنفيذ، حيث تتطلب هذه الضمانات والالتزامات التعاون الكامل من الدول الإقليمية المؤثرة، وتكتسب غطاءها القانوني من قرار من مجلس الأمن يعتمد تلك الضمانات ويضع إطارا عامًا لدعم تنفيذ خريطة الطريق.
وتضمنت الخريطة خمسة بنود رئيسية، أولها: النظام السياسي المنشود في سوريا، مشيرة في ذلك إلى أن الهدف السياسي للعملية التفاوضية المباشرة هو الانتقال إلى نظام ديمقراطي برلماني تعددي تداولي، يرسم معالمه ميثاق وطني مؤسس، يرتكز على مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات لجميع السوريين، بغض النظر عن الجنس أو القومية أو المعتقد أو المذهب، بالإضافة إلى دولة قانون ومؤسسات لكل أبناء ومكونات الوطن، وهي صاحبة الحق الشرعي الوحيد في حمل السلاح، ومهمتها بسط سيادة الدولة على كل أراضيها، والدفاع عنها وعن مواطنيها، وتقديم الخدمات لهم، وترسيخ فصل السلطات وتنظيم الحقوق والواجبات، واحترام الدستور والقوانين وتجريم الطائفية السياسية ومحاربة الإرهاب بكافة مصادره وأشكاله.
كما طالبت خريطة الطريق في بندها الثاني بإجراءات تهيئة المناخ للتسوية السياسية قبل وأثناء التفاوض، وذلك بدعم وغطاء دولي من مجلس الأمن الدولي يتضمن: الإعلان الفوري عن وقف الصراع المسلح من قبل جميع الأطراف على كل الأراضي السورية، واعتبار كل مخالف لهذا المبدأ خارجًا عن الشرعية الوطنية والدولية، مع بقاء قوات الجيش النظامي والفصائل المسلحة المؤمنة بالحل السياسي في أماكنها لتجميد الصراع المسلح، والتحضير للانسحاب أو إعادة الانتشار، بحسب البرنامج التنفيذي للاتفاق بين الجانبين مع احتفاظ القوى المسلحة المعتدلة والمنضوية بالحل السياسي بحقها المشروع بالدفاع عن نفسها في حال تعرضها للهجوم من أي طرف مسلح آخر، وذلك بإشراف مباشر من الأمم المتحدة وفريق مراقبيها، المكون من دول غير متورطة في الصراع السوري، والذي سينشر في المناطق التي ستعلن استجابتها للتجميد، وأن تلتزم بشكل مشترك وواضح من الأطراف الدولية والإقليمية والسورية بوقف دعم الجماعات المسلحة وبإدانة وجود كل المقاتلين غير السوريين وإخراجهم من الأراضي السورية، على أن تتعهد الدول الإقليمية والدولية باحترام هذا الالتزام والتبعات الجنائية لمخالفته، كما يتأكد فريق المراقبين الدوليين من احترام وتنفيذ هذا البند.
ونص البند الثاني أيضا لإجراءات تهيئة مناخ التسوية السياسية على البدء بإطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين لدى كل الأطراف، على خلفية أحداث الثورة، وإصدار عفو شامل عن جميع المطلوبين السوريين من المدنيين والعسكريين، وتشكيل لجنة مشتركة مناصفة للإشراف على تنفيذ هذا البند،
كما تضمنت الخريطة نصوصا حول هيئة الحكم الانتقالي، تنقل لها جميع الصلاحيات التشريعية والتنفيذية، وينبثق عنها المؤسسات مع تسمية أعضائها ورئاستها في غضون شهرين من بدء المفاوضات تحت ضمانات دولية. ونصت الخريطة على إجراءات أساسية في المرحلة الانتقالية، وأخيرا إجراءات دولية لدعم التفاوض والعملية الانتقالية.
وخلال اليوم الثاني والأخير للمؤتمر أمس، أثار وفد المجلس الوطني الكردي صخبًا بسبب طلبه إقرار صيغة فيدرالية للدولة المستقبلية في سوريا، بينما اعتبر الرافضون أن ذلك يؤسس لتقسيم سوريا عن طريق الحق في تقرير المصير بالنسبة للكرد. وكان الخلاف قد نشب حول صيغة، أن «الشعب السوري مجتمع متنوع القوميات»، بينما كان يتطلع المجلس الوطني الكردي لكتابة «أن المجتمع السوري متعدد الشعوب»، وذلك في وثيقة العهد الوطني.
وعند عملية التصويت على البند الخاص بحقوق القوميات الأخرى غير العربية في سوريا من أكراد وتركمان وآشوريين، احتج وفد المجلس الممثل للأكراد بالمؤتمر، وقام بالانسحاب، قبل أن يتدخل المنظمون للمؤتمر من اللجنة التحضيرية والراعي المصري، بإعادة وفد الأكراد مرة أخرى إلى طاولة المشاورات للخروج بصيغة توافقية.
كما برز أيضا خلاف حول موضوع رحيل بشار الأسد، حيث رأت هيئة التنسيق السورية أن يبدأ التفاوض مع النظام حول الصيغة الانتقالية أولا قبل رحيل الأسد، بينما اشترطت قوى أخرى رحيل الأسد قبل التفاوض.
فيما ذكرت مصادر بالاجتماع أن خريطة الطريق لن يتم إقرارها بالكامل، وسيتم إقرار الجزء الذي سيتوافق عليه المجتمعون، مؤكدا حرص الجميع على الخروج بصيغة توافقية في تلك المرحلة.
وأشارت مصادر إلى نقاشات تمت حول وجود علم الثورة السورية في المؤتمر، فبينما أصر البعض على استبعاده كان للبعض رأي آخر بوضعه أمام مكان جلوسهم على طاولة التشاور.
من جانبه، أكد إبراهيم باشا رئيس اللجنة الاجتماعية في المجلس الوطني الكردي وممثل الكرد، أنه ضد تقسيم سوريا، لكنه يريد كيانا للأكراد مثل الموجود في شمال العراق، مؤكدًا أن «مصر من الدول التي تقرر مصير المنطقة، ولها يد بيضاء في تجمع المعارضة في هذا المؤتمر، ونتأمل دعمًا أكثر منها».
وأشار إلى أن مشروع الوثيقة التي يناقشها الاجتماع لا تعطي حقوقا للأكراد مثل وثيقة 2012 التي أعطت حقوقا أكثر، مضيفا: «إذا أصررنا على تطبيق القاهرة 2012 ستكون المنقذ الأفضل لكل السوريين».
وعن الوضع الميداني في داخل سوريا أكد أنه أفضل من السابق، حيث بدأت تظهر نتائج عمل الجيش الوطني الحر، معتبرًا أن كل الكتائب التي تحارب الآن عدا «داعش» و«النصرة» تحقق الانتصارات، مضيفًا أن جيش الفتح هو خطوة ممتازة لتوحيد كثير من الكتائب المقاتلة ويوجد به مقاتلون أكراد، متمنيا أن يكون عددهم أكثر من ذلك.
وأشار إلى أن الأكراد هتفوا من أول لحظة بأن الشعب السوري واحد.. «وليس عندنا طموحات انفصالية الآن».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.