يعد المرصبان واحداً من الضيافات الفاخرة في عالمنا العربي، إذ يقدم كهدية قيمة تزين جلسات مميزة. فهذا المكون الحلو المصنوع من السكر واللوز وماء الورد أو ماء زهر الليمون، قلة من ربات المنازل تجيد صناعته. لذلك يقصد زبائن هذه الحلوى محلات خاصة تحضرها، أو ورش عمل صغيرة تديرها سيدات قديرات. الـ«مرصبان» أو الـMarzipan هو حرفة قديمة تصب في عالم الحلويات وتصنع على شكل ورود أو دوائر. ويتفنن البعض في رسوماتها لتخرج إلى النور لوحة منمنمة مطرزة بأشكال هندسية على طريقة الزخرفة العربية.
ولطالما شكلت هذه الحلوى مكانة هامة لدى ربات المنازل اللاتي يرغبن بمفاجأة ضيوفهن بمذاق حلو مختلف. أما تاريخ هذه الحلوى وأصولها فهي غير واضحة، إذ يؤكد البعض أنها ولدت في بلاد المتوسط. ويعتقد آخرون أن الصين هي أول من صنعها وصدّرها إلى المشرق العربي، ومن ثم إلى بلاد الأندلس وأوروبا.
- المرصبان في لبنان تجاري وحرفي
عناوين عدة يمكنك أن تقصدها في لبنان لشراء حلوى المرصبان، ولكنها بغالبيتها تبيع الصنف التجاري منها. وما نعنيه بالتجاري هو صناعة أقل جودة تختلف اختلافاً كبيراً عن تلك المعروفة بالحرفية الأصيلة. فهذه الأخيرة ترتكز على مكونات ذات جودة عالية، ويتم صنعها يدوياً. فالمرصبان الحرفي يستغرق صنعه فترة أسبوع للكيلوغرام الواحد، إذا ما كان من يحضره يعمل وحده. فهو يمر بمراحل عديدة قبل أن يتم خبزه بالفرن، وتوضيبه جاهزاً للبيع.
لا يتجاوز عدد عناوين بيع المرصبان الحرفي أصابع اليدين. أما المرصبان التجاري، فيمكنك أن تجده بسهولة في محلات بيع المكسرات المنتشرة في لبنان، وكذلك في محلات الحلوى العادية.
ويتراوح سعر المرصبان التجاري، حوالي 15 إلى 20 دولاراً للكيلوغرام الواحد حسب جودة المنتج. يقابلها أسعار تبدأ بـ100 دولار لتلك الحرفية المحضرّة بإتقان.
- لينا أبو مرعي المرصبان شغفها
في الماضي القريب كان هناك عنوان واحد لحلوى المرصبان في بيروت، يقع على طريق الشام قبالة متحف لبنان واسمه «مارزيبان». وكان زبائنه من المجتمع المخملي البيروتي، يقصدونه لطعم المرصبان الذكي الذي يصنعونه. ومن بعدها اختفى عن الخريطة البيروتية، وقيل يومها إن أصحابه أقفلوا محلاتهم وعادوا بأدراجهم إلى مدينتهم الأم حلب في سوريا.
اليوم ومن بين العناوين القليلة التي تستطيع أن تجد عندها حلو المرصبان الأصيل والمصنوع حرفياً «مرصبان لينا» (Lena Marzipan).
بدأت لينا أبو مرعي مشوارها مع المرصبان منذ فترة طويلة، فهي تهوى صناعة الحلوى على أنواعها، فتحضر الأشهى منها لعائلتها الصغيرة من كاتوهات وكعك ومثلجات لذيذة. وبعيد حادث تعرض له ابنها أصيبت لينا بوعكة صحية، فطلب منها أولادها أن ترتاح وأن تقوم بعمل تحبه فترفه عن نفسها وتنسى مرضها. قررت عندها أن تعمل في مجال تحضير المرصبان بوصفة زودتها بها سيدة مسنة على الطريقة الأصلية والتقليدية. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ 3 سنوات وأنا أعمل في هذا المجال فهو شغفي وكأنه واحد من أولادي. ورود المرصبان التي أصنعها بأناملي تبدو كأنها مطبوعة أو محضرة بماكينة أو قالب خاصين، ولكنها فعلياً من تحضيري، وتستغرق مني وقتاً طويلاً لتحضيرها تتجاوز الـ18 ساعة للكيلوغرام الواحد».
من «الحبة وأختها» تتألف صحون المرصبان المجمعة كباقة ورد طبيعية تفوح منها رائحة اللوز وماء الورد. أتقنت لينا عملها إلى حد دفعها إلى التعاون مع ثلاث سيدات يساعدنها في إعداد حلوى المرصبان إثر كثافة الطلبات التي تتلقاها من الزبائن. قامت باستحداث طعمات مرصبان مختلفة. فإضافة إلى التقليدية منها المحشوة بالفستق الحلبي لونت أخرى بالفراولة وليمون الـ«بو صفير» وبالـ«كرانبيري» و«قمر الدين». هذه المبتكرات صنعتها بعد تجارب عدة، فاعتمدت ما وجدت فيها نكهة تناسب المرصبان.
- مراحل صناعة المرصبان
تمر عملية تحضير المرصبان بمراحل عدة، تبدأ باختيار نوع اللوز المطلوب ذي الجودة العالية. تعلق لينا: «اللوز الإسباني هو الأفضل، وزيته (منه وفيه)، طعمه لذيذ ومطواع في العمل بعد طحنه. هناك طريقة خاصة لتقشيره مع الحفاظ على بياضه كي لا يصيبه الاصفرار».
يخلط اللوز المطحون بالسكر وبكمية مناسبة من ماء الورد فتتكون عجينة المرصبان، وتترك لمدة يومين كي ترتاح وتصبح جاهزة للعمل فيها. بعدها يتم صنع أشكال المرصبان من ورود ودوائر مزخرفة وتترك أيضاً على ورق الزبدة مدة 5 أيام تقريباً كي تجف تماماً. ومن ثم تدخل مرحلة الخبز في الفرن وهي أصعب المراحل بحسب لينا بو مرعي. وتعلق: «يجب إتقان هذه العملية والتحلي بالصبر والهدوء، وإلا تشوه المرصبان. فأحياناً يمكن أن يتشقق أو يميل إلى الاحتراق في حال لم نتنبه إلى طريقة خبزه وتحكمنا بها».
- المرصبان هدية قيمة
عادة ما يحتار الناس في عملية اختيار الهدية المناسبة، يحملونها معهم في دعوة إلى الغداء أو العشاء. ويعد المرصبان الحرفي واحداً من أجمل الهدايا التي يمكن تقديمها لربة المنزل المستضيفة. لذلك يفكر الأشخاص بهذه الهدية، ولكنهم يحتجبون عن شرائها بسبب سعرها المرتفع. فالكيلوغرام الواحد من المرصبان الحرفي يتراوح سعره ما بين 100 و150 دولاراً. وعادة ما يقدم كهدية مميزة في الأعياد والمناسبات.
ففي إسبانيا تقدم هذه الحلوى بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة، وفي اليونان وقبرص تعد زينة مائدة الأعراس. أما في مالطا فتعتمد في أعياد الفصح بينما في بلجيكا وهولندا تقدم في الاحتفالات الخاصة بالقديس نيقولاوس.
لوز وورد وزينة المناسبات المطرزة بالسكر
«المرصبان» حلوى فاخرة وحرفية عالية
لوز وورد وزينة المناسبات المطرزة بالسكر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة