وسيلة حوثية جديدة لنهب التجار من بوابة «تراخيص حمل السلاح»

مسلحون من أنصار الحوثيين خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون من أنصار الحوثيين خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

وسيلة حوثية جديدة لنهب التجار من بوابة «تراخيص حمل السلاح»

مسلحون من أنصار الحوثيين خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون من أنصار الحوثيين خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

استحدثت الميليشيات الحوثية أخيراً وسيلة جديدة لنهب التجار من بوابة منحهم تراخيص لحمل السلاح، وهو الأمر الذي أثار سخرية واسعة في الأوساط اليمنية، لجهة انتشار الأسلحة في المدن الخاضعة للميليشيات حتى في أيدي الأطفال.
وأعلنت الميليشيات، قبل أيام، أنها وقّعت ما سمّته «مذكرة تفاهم» مع الغرفة التجارية في العاصمة المختطفة تقضي بمنح التجار ورجال الأعمال تراخيص لحمل السلاح الشخصي داخل أحياء وشوارع العاصمة.
الخطوة الحوثية جاءت في وقت لا تزال فيه صنعاء وبقية مناطق سيطرة الجماعة تعج بالمسلحين من الشبان والأطفال، وفي ظل انتشار واسع لمحلات بيع السلاح بمختلف أنواعها التي تتبع غالبيتها تجاراً ينتمون للميليشيات.
ويؤكد تجار، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن المذكرة المزعومة تعد مجرد تقليعة حوثية جديدة هدفها ابتزاز ونهب ما تبقى من كبار منتسبي القطاع الخاص في مناطق سيطرة الميليشيات بمبرر منحهم تراخيص حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم من أي اعتداءات قد يتعرضون لها.
وأوضح التجار أن قيام وزير الداخلية في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها عبد الكريم أمير الدين الحوثي، وهو عم زعيم الميليشيات، بهذه الخطوة يعد اعترافاً ضمنياً بفشل الانقلابيين في حفظ الأمن والاستقرار داخل العاصمة وبقية مدن سيطرتهم، في الوقت الذي لا تزال تلك المناطق تعاني تدهوراً أمنياً حاداً مع تفشي مختلف أنواع الجرائم.
وكان تصنيف عالمي أفاد بأن مدينة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين تعد من أسوأ مدن العالم للعيش فيها بسبب التدهور الأمني وسوء الخدمات العامة.

استهجان للخطوة الحوثية
عبّر رجال أعمال في صنعاء، التقت معهم «الشرق الأوسط»، عن رفضهم واستهجانهم للإجراءات التي أجبرت من خلالها الميليشيات قيادة الغرفة في صنعاء على القبول بالتوقيع على المذكرة.
وتحدثوا عن فرض الجماعة بموجب تلك الاتفاقية على كل تصريح تمنحه لتاجر بحمل السلاح مبالغ مالية ضخمة تحت مسمى «رسوم» تذهب إلى جيوب وأرصدة قادة الميليشيات.
وقالوا: «كان الأولى أن توقع داخلية الميليشيات اتفاقية تنص على وضع حد لحملات القمع والابتزاز والنهب المتكررة بحق منتسبي القطاع الخاص بمدن قبضتها، وإلزام قادتها ومشرفيها برفع أيديهم عن دعم العصابات الإجرامية، ووقف أشكال البطش والسرقة في نقاط التفتيش».
وكانت داخلية الانقلابيين والغرفة التجارية في صنعاء أشارتا قبل أيام إلى توقيع مذكرة للتعاون المشترك في مجال منح تراخيص حمل السلاح للتجار في أمانة العاصمة صنعاء، وذلك في ظل تهديدات أمنية يتعرضون لها من قبل عصابات ومسلحين على ارتباط وثيق بقيادات بارزة في الجماعة.
الاتفاقية، التي نشرها حساب الغرفة التجارية على موقع «فيسبوك»، نصت على إصدار تراخيص حمل سلاح لأي تاجر بنطاق العاصمة صنعاء، بناء على مذكرة موافقة رسمية من الغرفة التجارية بالعاصمة، على صفة تاجر ومصادق عليها.
وتكشف المذكرة، بحسب وصف التجار، عن مدى التدهور والانفلات الأمني الكبير الحاصل في العاصمة صنعاء كما تثبت عجز وفشل سلطات الانقلاب عن توفير أبسط الحماية الشخصية للتجار ورجال الأعمال بمناطق سيطرتها.

نهب ممنهج للتجار
يتهم التجار الميليشيات الحوثية بأنها عمدت طيلة سنوات ماضية إلى ممارسة مختلف أشكال الضغوط عليهم وعلى زملائهم بغية نهب أموالهم تحت مسميات متعددة، منها «المجهود الحربي، وأسبوع الشهيد، وذكرى الصرخة، وذكرى الانقلاب، ويوم الولاية، والمولد النبوي»، وغيرها.
وكشف التجار عن استعدادات تجريها الميليشيات حالياً لشن حملات دهم واستهداف جديدة ضدهم في صنعاء وبقية المحافظات، لإجبارهم على دفع مبالغ مالية لتغطية مصروفات فعالية مرتقبة ذات صبغة طائفية بمناسبة يوم «عاشوراء» التي تصادف العاشر من شهر محرم كل عام هجري.
في غضون ذلك، عدّ عاملون في الغرفة التجارية بصنعاء ذلك الإجراء بأنه لا يأتي من باب حرص الجماعة على حقوق وممتلكات التجار المنتسبين للقطاع الخاص، بل من أجل جباية وسرقة المزيد من أموالهم.
وتطرق العاملون في الغرفة، خلال حديثهم مع «الشرق الأوسط»، إلى سلسلة من المداهمات والاختطافات والاعتداء بالضرب التي تعرض لها ولا يزال الكثير من التجار ومنتسبي القطاع الخاص في مناطق السيطرة الحوثية.
وكانت الجماعة عمدت بمطلع يوليو (تموز) الماضي إلى منع تجار ومزارعين من تصدير البن اليمني إلى الخارج، وذلك ضمن سلسلة إجراءات هادفة إلى تدمير القطاع الخاص العامل في المناطق التي ما زالت خاضعة لسيطرتها.
ووصفت الغرفة التجارية حينها، في بيان لها، ذلك الإجراء الحوثي بأنه ضمن سلسلة إجراءات تهدف إلى تدمير القطاع الخاص العامل في تجارة البن.
واستنكر القطاع الخاص العامل في مجال البُن والممثل بلجنة مصدري البُن اليمني في الغرفة التجارية، الإجراءات التعسفية بحق المصدرين للبن اليمني، والمتضمنة استحداث إجراءات غير قانونية، والتعدي على شحنات البن المصدرة للتجار وإيقافها.
وأوضحت الغرفة أن تلك الإجراءات التعسفية المستحدثة تؤدي لهدم المنتج المحلي، ما يسبّب الضرر البالغ ليس فقط على القطاع الخاص، لكن أيضاً على قطاع الإنتاج اليمني للبن، وفق البيان.
وكانت الغرفة التجارية في العاصمة صنعاء استنكرت قبل أشهر قليلة ماضية، ما وصفته بـ«الإجراءات التعسفية» ضد القطاع الخاص، من قبل الجماعة ممثلة بـ«الهيئة العامة للزكاة».
ونددت الغرفة واتحادها العام، في بيان، بـ«الإجراءات التعسفية الأخيرة للهيئة العامة للزكاة بحق القطاع الخاص والمتضمنة النزول بالأطقم المسلحة والأمن والمخابرات لمطالبة القطاع الخاص بتسليم قاعدة البيانات أو إغلاق محلاتهم».
وحمل البيان الهيئة الحوثية «المسؤولية الكاملة الناتجة عن هذه الإجراءات التي ستضر إضراراً بالغاً بالاقتصاد الوطني، وستضر بسمعة البلاد».


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».