المجلس الثقافي البريطاني يوقف دورات «الإنجليزية» للبنانيين بعد 64 سنة تعليم

بهدف الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الطلاب.. والوضع الأمني ليس سببًا

ارتبط المجلس الثقافي البريطاني في الفترة الأخيرة بعدد من البرامج والمشاريع التدريبية في لبنان
ارتبط المجلس الثقافي البريطاني في الفترة الأخيرة بعدد من البرامج والمشاريع التدريبية في لبنان
TT

المجلس الثقافي البريطاني يوقف دورات «الإنجليزية» للبنانيين بعد 64 سنة تعليم

ارتبط المجلس الثقافي البريطاني في الفترة الأخيرة بعدد من البرامج والمشاريع التدريبية في لبنان
ارتبط المجلس الثقافي البريطاني في الفترة الأخيرة بعدد من البرامج والمشاريع التدريبية في لبنان

في قرار غريب ومفاجئ أعلم المجلس الثقافي البريطاني في بيروت، منذ عدة أيام، طلابه الذين يتابعون دروسا في اللغة الإنجليزية أنه سيتوقف عن إعطاء دورات تعليم اللغة بدءًا من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
ويأتي هذا القرار بعد 64 عامًا من النشاط التعليمي الذي استفادت منه أجيال لبنانية متلاحقة، إذ لم يكن يتوقف التعليم في المجلس إلا لأسباب أمنية، كما جرى أثناء حرب يوليو (تموز) 2006 الإسرائيلية على لبنان، وأغلقت مكاتب المجلس الكامل. وإذ تحدث طلاب عن أسباب مالية استدعت توقيف الدروس، نفى المجلس ذلك، وأصدر بيانًا مقتضبًا يوم أمس لا يفسر الغموض الذي يشوب إجراء من هذا النوع، بل على العكس يثير الأسئلة، إذ يشرح البيان أن «المجلس الثقافي البريطاني يتشرف لأنه منذ عام 1951 استطاع أن يعلم آلاف الطلاب في لبنان اللغة الإنجليزية». وأضاف البيان: «عملنا في لبنان يستمر في النمو، وستكون له نتائج أهم وأكثر فاعلية، من خلال تطوير مشاريعنا مع وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية وشركاء آخرين».
وفي اتصال مع المجلس الثقافي البريطاني شرحت ألين كيوان، المديرة الإقليمية للتسويق والإعلام أن «القرار اتخذ لأننا نريد إفادة أكبر شريحة ممكنة من المتعلمين». وتضيف كيوان: «هناك من سمع نصف الخبر ولم يتنبه إلى النصف الآخر، وثمة من ربط الأمر بالوضع الأمني وهو ما ليس بصحيح على الإطلاق». ونفت أن يكون للقرار أي علاقة بصرف الجهود للاهتمام بتعليم النازحين السوريين، قائلة: «نحن مرتبطون ببرامج معينة بخصوص هذا الموضوع، وهو من ضمن اهتماماتنا، لكنه ليس السبب وراء القرار».
وشرحت كيوان بالقول: «نحن لم نوقف تعليم الإنجليزية في مركزنا، لكننا استبدلنا بالطريقة السابقة أخرى نعتبرها أكثر فائدة. نفضل بدل أن يقتصر التعليم على صف من 60 تلميذًا أن نصرف جهدنا إلى تعليم أساتذة، وإقامة دورات لمعلمين، يكون باستطاعتهم بعد ذلك إفادة عدد كبير من الطلاب».
ارتبط المجلس الثقافي البريطاني في الفترة الأخيرة بعدد من البرامج والمشاريع التدريبية، سواء مع وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان أو مع البنك الدولي أو الهيئات المهتمة باللاجئين السوريين، وبينما يتم الإعلان عن التوقف عن دورات التعليم المعتادة للطلاب في المركز، يطلب المجلس على موقعه مزيدا من الأساتذة، كون التعليم متواصلا لكنه سيكون على شكل دورات تدريبية لمعلمين، بدل أن يتوجه إلى عدد محدود من الطلاب. ولكن ماذا عن طلاب بحاجة إلى دورات سريعة يكملون بعدها تعليمهم في بريطانيا أو أميركا، وهذا بشكل أساسي ما كان يحتاج إليه الذين يلجأون إلى الدورات؟ تقول ألين كيوان: «أود أن أوضح أن المجلس الثقافي ليس لديه دورات تعليم للإنجليزية في كل البلدان التي يوجد فيها. ومن يحتَجْ إلى تقوية في اللغة سنجد له الحل دائمًا، فهناك برامج (أونلاين) ناجعة للغاية، وتطبيقات مفيدة، وهذه أسعارها بخسة وهي مفيدة وجيدة لمن يريد أن يتعلم».
وأوضح المجلس أنه مستمر في إجراء امتحانات الدخول إلى الجامعات مثل «ايلدس» و«كامبريدج»، مذكرًا أن له برامجه ومشاريعه المستمرة في مجال الفنون والاجتماع والتربية في لبنان، وأنه مستمر في مهامه، وأن التغيير الوحيد الذي طرأ هو وقف التعليم العام للغة الإنجليزية في صفوفه.
وتم الإعلان في الوقت نفسه عن آخر دورتين سيتم تنظيمهما في المجلس. الدورة الأولى صيفية تبدأ في 29 يونيو (حزيران) وتنتهي في 5 أغسطس (آب)، والثانية والأخيرة تبدأ يوم 11 أغسطس وتنتهي في 16 سبتمبر، وبعدها يسدل الستار على صفوف تعليم اللغة الإنجليزية للطلاب في المجلس الذي كان أشبه بمدرسة يرتادها كل طالب لتحسين لغته الإنجليزية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».