مجدي السميري لـ«الشرق الأوسط»: كاميرتي تشبه رقصة تحاور الممثل

أخرج مسلسلات عدة... أحدثها «من... إلى»

مجدي السميري مع بطل مسلسل «من ... إلى» قصي الخولي
مجدي السميري مع بطل مسلسل «من ... إلى» قصي الخولي
TT

مجدي السميري لـ«الشرق الأوسط»: كاميرتي تشبه رقصة تحاور الممثل

مجدي السميري مع بطل مسلسل «من ... إلى» قصي الخولي
مجدي السميري مع بطل مسلسل «من ... إلى» قصي الخولي

تترجم كاميرا مجدي السميري عنوان المسلسل الذي يخرجه «من..... إلى» بامتياز. فهي تتنقل بين أحداث العمل في حركة دائمة، فتأخذ المشاهد برحلة درامية تلونها الغرابة. ومن مشاهد أكشن وإثارة إلى مشاهد تشبه هدوء البركان الذي على وشك الانفجار، يطبعك المخرج التونسي بعدسة كاميرا متخمرة بتجارب متراكمة. فهذه الشراكة الحاضرة بينه وبين الكاميرا بشكل لافت، تأتي من خلفية غنية بناها في أعمال نفذها بين الغرب والشرق.
«من... إلى»، الذي يعرض على منصة شاهد هو من بطولة قصي الخولي وفاليري أبو شقرا ومن كتابة بلال شحادات وإنتاج شركة «الصبّاح». ويتصدر حالياً نسب المشاهدة على المنصة المذكورة بعد تحقيقه نجاحاً ملحوظاً. فما سر هذه الغرابة التي تلون كاميرا مجدي السميري؟ يرد في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هي نتاج ما حاولت بناءه عبر سنوات العمل. أضف إليها خبرات تزودت بها من أعمال نفذتها في تونس وأميركا وأبوظبي وروسيا وغيرها. كل ذلك أسهم في ولادة أسلوب خاص لي في فن الإخراج. ويستطيع المشاهد الإدراك بسرعة، بأني من أقف وراء الكاميرا وأديرها».
دمغة مجدي السميري هذه التي يتحدث عنها يلحظها المشاهد بالفعل في أي عمل ينفذه. فمن تابع مسلسل «8 أيام» أو «النحات» و«القضية 460» لا بد أن يعرف ما نحن بصدد التحدث عنه. فهو يملك قدرة على المزج بين ثقافته الدرامية الغربية وهويته العربية بشكل جيد. ويعلق: «لا شك أني تأثرت بثقافتي الغربية التي تزودت بها من دراستي وعملي في بلاد أوروبية وأميركية. ومنذ صغري جذبتني الأعمال الأجنبية، فكنت أتابعها بنهم الولد الجائع للمعرفة والانفتاح. لم أكن مع الأسف أعرف الكثير عن الدراما العربية، إذ كنت أميل بشكل أكبر إلى الأولى. وما أقوم به اليوم هو خلطة غربية بنكهة عربية. وهذا الـ«ميكس» بين الاثنين يميزني، فنحن ندرك أن الدراما الأجنبية تتفوق علينا بحدوتتها الذكية وتقنيتها الحديثة. ولكن إلى متى سنبقى نتطلع إلى الغرب كونه يتفوق علينا في صناعة الدراما أو السينما؟ يوضح في سياق حديثه: «ليس من باب التفوق، لأننا اليوم نعيش التغيير بفضل العولمة. ولكن بعض المنتجين العرب لا يزالون يتعلقون بنوع من الفولكلور الدرامي التقليدي. فالغرب ليس متفوقاً علينا بقدر ما هو أجرأ منا في عملية الطرح. وهذا التردد الذي يسكن بعض المنتجين العرب يؤخر التطور في الدراما العربية».
يؤكد السميري أن أعماله عالمية بآفاقها وعربية بروحها. وهذه الأخيرة هي التي تولد العلاقة بينه وبين المشاهد. «هي الروح التي تحلق في أي عمل فني لدى رسام ومخرج وممثل وغيرهم. لا شك أن التقنية تلعب دورها في هذه الأعمال، ولكننا في النهاية نستخدم نفس الريشة والعدسة والألوان، ولكن الروح التي يولدها الفنان في أعماله هي التي تحدث هذه العلامة الفارقة التي نتحدث عنها».
المخرج مجدي السميري يتمتع بمواهب عدة إلى جانب الإخراج. فهو مغني راب معروف في تونس ويمارس الرقص منذ أكثر من 19 عاماً. كما أنه كاتب وممثل ومخرج سينمائي، حائز على جائزة أفضل إخراج عن المسلسل التلفزيوني «ليلة الشك» من قبل مهرجان «موزاييك إف إم» في تونس.
وعما إذا مواهبه المتعددة تركت أثرها على مهنته في عالم الإخراج يوضح: «أنا راقص منذ 19 عاماً، وهذا الفن بالنسبة لي نوع من التهذيب والانضباط. الموسيقى بحد ذاتها ترقص بنوتاتها، لذلك وأنا أقوم بالإخراج أتحرك وكأني ضمن لوحة راقصة. حتى حركة كاميرتي هي بالنسبة لي رقصة تداعب الممثل في حوار بينها وبينه». أسأله: «هل ثمة نوع من الفلسفة تمارسه في عملك؟» العمل الفني بشكل عام مبني على الفلسفة والخيال، وإذا ما مارسناه من بشكل عادي يصبح مملاً.
يلحظ متابع مسلسل «من... إلى» التفاصيل الصغيرة التي تعتري كل مشهد والتي يزودها السميري بمساحة لا يستهان بها، كي تحاكي المشاهد بلغة عميقة، فأي تفاصيل يهتم بها أكثر من غيرها؟ يقول مجدي السميري: «الأهم بالنسبة لي هي التي يتضمنها قلم الكاتب ونصه، وخاصة فيما يتعلق بكيفية توجيهي للمثل كي يتملكها بدقة. في غالبية المشاهد أنا من أمسك الكاميرا وأصور، فأشعر بأني أتقرب بشكل أفضل من الممثل وأرى ملامحه وتعابيره كما أشتهي تماماً، فأكون عينه الثالثة التي يمكنها أن تلحظ أي خطأ يشوب مشهداً ما، لأن لا أحد منا معصوم عنه».
في أعمال الدراما العربية الأخيرة تسودها موضوعات الأكشن والإثارة. وهو خط كان من النادر مقاربته في سنوات خلت. فهل نحن اليوم نقوم بهذه الأعمال على المستوى المطلوب؟ برأي مجدي السميري أن هذا النوع من الدراما الرائج عربياً، استطعنا التفوق به لأننا انفتحنا على الغرب بصورة أكبر من خلال المنصات الإلكترونية. فعين المشاهد اعتادت عليه من ناحية، وهناك مخرجون وجدوا فيها مساحة حرة يخرجون فيها أفكارهم الإبداعية بطلاقة من ناحية ثانية. «التقنية لهذا النوع من الأعمال موجودة، ولكن يلزمها ميزانية كبيرة. وإذا ما توفرت للمخرج شركة إنتاج تأخذ بعين الاعتبار هذا الأمر، كشركة الصباح التي تخصص مساحة أكبر للوقت والميزانية المادية، يتم طبخ العمل على نار هادئة».
وماذا عن «من... إلى» فهل كان من الممكن اختصاره بوقت وحلقات أقل بدلاً من تطويله إلى 30 حلقة؟ يرد: «الوقت لم يساعدنا في (من... إلى). كنا على عجلة من أمرنا لتنفيذه، إذ كان مقرراً عرضه في شهر رمضان الماضي. أنا شخصياً من محبذي المسلسلات القصيرة، ولكن في (من... إلى) قمنا بعمل متكامل، وجاءت النتيجة كما نشتهي. تفاعل المشاهد مع العمل كان ملحوظاً، وحقق نسب مشاهدة عالية مما يعني أنه عمل ناجح».
يؤكد مجدي السميري أنه لم يرض ولا مرة عن عمل أخرجه، فهو ناقد قاس مع نفسه. وعادة ما يوجه لنفسه ملاحظات مختلفة «وأقول يا ليتني أضفت هذا الأمر أو قصرت هذا المشهد. ولكن مسلسل (من... إلى) جاء متماسكاً بشكل جيد مقارنة بغيره».
سبق وتعاون مجدي السميري مع نجوم الشاشة العربية أمثال باسل خياط وماكسيم خليل، ومؤخراً مع قصي الخولي. فهل يشعر بنوع من الارتباك في توجيههم، سيما وأنهم يملكون خبرات رفيعة المستوى؟ يرد: «كان الفنان التونسي لطفي الدزيري أستاذي في الجامعة وهو من علمني كيفية توجيه الممثل. وفي أول عمل درامي قمت به وقف أمام كاميرتي مع عدد كبير من نجوم آخرين كظافر العابدين. هذه التجربة كسرت عندي أي ارتباك يمكن أن يصيبني في توجيهي للممثل الذي أتعاون معه. وعلى فكرة، فإن أي مشروع فني نقوم به لا يبنى على شخص واحد، بل على فريق بأكمله. ومن هنا يجب أن تكون العلاقة بين الممثل والمخرج بمثابة شراكة متبادلة».
عنوان مسلسل «من... إلى» يترك علامات استفهام كثيرة لدى قارئه، ولكن مجدي السميري يترجمه قائلاً: «المسلسل يحكي عن الظروف التي يمكنها أن تتحكم بالإنسان فتنقله مرات من ضفة إلى أخرى من دون أن تسأله عن رأيه أو أن تترك له مجال الاختيار. فبطل العمل وليد قصي الخولي) يتعرض لمواقف ومحطات تقلب حياته رأساً على عقب، فينتقل من إنسان صاحب شخصية هادئة ومسالمة إلى آخر عنيف وقاس».
وعن الدم الشبابي الذي يلون في الفترة الأخيرة الأعمال الدرامية يختم مجدي السميري لـ«الشرق الأوسط»: «أنا معجب بمخرجين كثر من شباب اليوم، ويلفتني بينهم سدير مسعود، الذي يملك لغة سينمائية متمكنة في أعماله. وعندما ألمس نجاح هؤلاء أفرح لأن نجاحهم يقويني ويحفزني على تقديم الأفضل».


مقالات ذات صلة

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري مصطفى شعبان (حسابه على فيسبوك)

مصطفى شعبان يخطف الاهتمام بالحديث عن كواليس زواجه

خطف الفنان المصري مصطفى شعبان الأنظار بعد حديثه للمرة الأولى عن كواليس حياته الشخصية وزواجه قبل أشهر عدّة.

داليا ماهر (القاهرة)

الأولمبية الدولية توافق على ترشيح استانغيه لعضويتها

توني استانغيه (أ.ب)
توني استانغيه (أ.ب)
TT

الأولمبية الدولية توافق على ترشيح استانغيه لعضويتها

توني استانغيه (أ.ب)
توني استانغيه (أ.ب)

وافقت الهيئة التنفيذية للجنة الأولمبية على ترشيح الفرنسي توني استانغيه، رئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد باريس 2024، لعضوية اللجنة، وذلك من خلال تصويت بالمراسلة، بحسب ما أعلنت، الثلاثاء.

وكان استانغيه (46 عاماً) عضواً في لجنة الرياضيين في الأولمبية الدولية لمدة ثماني سنوات حتى 2021، إلى جانب بطلة السباحة السابقة كيرستي كوفنتري من زيمبابوي، أحد سبعة مرشحين راهناً لرئاسة اللجنة الدولية.

رُشّح استانغيه، وهو الوحيد إلى جانب بطل الجودو تيدي رينر الذي يحرز ذهبية فردية لفرنسا في ثلاث نسخ مختلفة من الألعاب الصيفية، لمنصب «عضو منفرد مستقل» هذه المرة، بعد «توصية من لجنة انتخاب أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية».

وأشرف حامل ثلاث ذهبيات أولمبية في فردي الكانوي المتعرج أعوام 2000 و2004 و2012، على تنظيم أولمبياد باريس والألعاب البارالمبية، الصيف الماضي، في العاصمة الفرنسية، والتي عُدّت من بين الأنجح في تاريخ الألعاب الصيفية.

وفيما يُصدَّق تلقائياً في العادة على مقترحات الهيئة التنفيذية، سيُنتخب استانغيه في الجمعية العمومية الـ144 المقررة في اليونان، بين 18 و21 مارس (آذار)، حيث سينتخب أيضاً خلفاً لرئيس اللجنة الألماني توماس باخ.