الحوثيون يواجهون انعدام الأمن الغذائي بالإنفاق على التجنيد والطائفية

محافظتا الحديدة وحجة تتصدران المأساة

يمنيون يستخدمون الدراجات النارية للتنقل في أحد شوارع صنعاء (رويترز)
يمنيون يستخدمون الدراجات النارية للتنقل في أحد شوارع صنعاء (رويترز)
TT

الحوثيون يواجهون انعدام الأمن الغذائي بالإنفاق على التجنيد والطائفية

يمنيون يستخدمون الدراجات النارية للتنقل في أحد شوارع صنعاء (رويترز)
يمنيون يستخدمون الدراجات النارية للتنقل في أحد شوارع صنعاء (رويترز)

أظهر تحليل جديد للأمم المتحدة أن الملايين من اليمنيين في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية يواجهون حالة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وأن ذلك سيزداد خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري، في حين تجاوزت حالة الهزال في بعض مديريات محافظتي الحديدة وحجة بكثير عتبة الطوارئ المعتمدة لدى منظمة الصحة العالمية.
جاءت هذه البيانات متزامنة مع تأكيدات حكومية باستيلاء الميليشيات على مليارات الريالات من عائدات موانئ الحديدة وحدها، إلى جانب عائدات ضرائب الاتصالات التي تصل إلى نسبة 50‎ في المائة من أرباح الشركات وغيرها من الرسوم والجبايات، وإنفاقها على تجنيد صغار السن والفعاليات الطائفية، وشراء ولاء المسؤولين والوجهات القبلية.
إلى جانب ذلك ترفض الميليشيات الحوثية حتى الآن تسخير عائدات موانئ الحديدة لصرف رواتب مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتها المقطوعة رواتبهم منذ ستة أعوام، بحسب ما نص عليه اتفاق استوكهولم.
التصنيف الأممي المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تحدث عن مزيد من التدهور في جانب انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في اليمن خلال العام الحالي مقارنة بالعام الذي سبقه، وقال إن ذلك يعود أساسًا إلى عواقب الصراع الذي طال أمده.
ويبين التصنيف الأممي أنه حتى نهاية هذا العام من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يُحتمل أن يواجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد - المرحلة الثالثة من التصنيف الدولي - إلى 19 مليوناً (60 في المائة من إجمالي السكان) ومن بين هؤلاء، يقدر أن 11.7 مليون شخص في المرحلة الثالثة من الأزمة و7.1 مليون في حالة الطوارئ (أي المرحلة الرابعة) ومن المرجح أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون الكارثة في المرحلة الخامسة إلى 161 ألف فرد.
وبموجب ما أظهره التصنيف فإن المديريات الأكثر ضعفاً هي في محافظتي حجة والحديدة الخاضعتين للميليشيات الحوثية حيث يقترب انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية الحاد إلى مستويات عالية للغاية».
ففي جانب سوء التغذية الحاد، تراوحت درجة مقياس الهزال لدى الأطفال دون سن الخامسة في هاتين المحافظتين، من 17 في المائة إلى 26 في المائة، أي أنها أعلى بكثير من عتبة الطوارئ لدى منظمة الصحة العالمية البالغة 15 في المائة، أما بالنسبة لانعدام الأمن الغذائي الحاد، فإن هاتين المحافظتين - بحسب التصنيف - تتمتعان بأعلى نسبة حيث إن أكثر من 65 في المائة من السكان يعيشون في المرحلة الثالثة من التصنيف الدولي وما فوقها في الوقت الحالي» وتصل إلى أكثر من 70 في المائة.
مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توقع من خلال هذا التصنيف أن يعاني ما يقرب من 2.2 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و59 شهرًا من سوء التغذية الحاد على مدار العام، بما في ذلك 538 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم.
ومن المتوقع أيضًا حدوث 1.3 مليون حالة إضافية للنساء الحوامل والمرضعات على مدار العام، وفي الوقت نفسه، وحسب البيانات الأممية، واجه ما مجموعه 17.4 مليون شخص أو 54 في المائة من السكان حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 3 وما فوق) منذ يناير (كانون الثاني) إلى مايو (أيار) 2022، مع تصنيف 31 ألف شخص في المرحلة الخامسة من التصنيف الدولي للبراءات (الكارثة) و5.6 مليون (18 في المائة) في المرحلة الرابعة من التصنيف الدولي للبراءات (الطوارئ)، و11.7 مليون شخص (37 في المائة) في المرحلة الثالثة من التصنيف الدولي للبراءات (الأزمة).
وتوقع معدو التصنيف أن يتدهور انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية الحاد أيضاً بشكل كبير خلال الفترة الزمنية المتبقية من هذا العام، مع انتقال عدد كبير من المديريات إلى مراحل أعلى من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، حيث من المتوقع أن تنخفض المساعدات الغذائية الإنسانية بشكل كبير، وستستمر أسعار المواد الغذائية في مسارها التصاعدي.
وبالمثل، من المتوقع - بحسب التصنيف الأممي - أن يستمر الصراع ويتصاعد في مناطق معينة، وفقاً للافتراضات الموضوعة للفترة من يونيو (حزيران) إلى ديسمبر (كانون الأول) القادم.
وخلال فترة الإسقاط، تم تصنيف 86 منطقة في حالة انعدام أمن غذائي حاد للغاية، منها 82 منطقة انتقلت من المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الأزمة) إلى المرحلة 4 (الطوارئ).
ويخلص التصنيف بشكل عام، إلى أنه وخلال التحليل الحالي، زادت المديريات المصنفة في المرحلة الرابعة (الطوارئ) من 151 إلى 233 مديرية، وبالمثل، بالنسبة لسوء التغذية الحاد، حيث انتقل تصنيف 70 مديرية من المرحلة الثالثة (حرجة) إلى المرحلة الرابعة (خطيرة)، مكونة 108 مديريات، فيما تنتقل 66 مديرية من مرحلة التنبيه (المرحلة الثانية) إلى المرحلة الحرجة (المرحلة الثالثة) مؤلفة بذلك 193 مديرية، في حين لم يتم تصنيف منطقتين في محافظة حجة لعدم كفاية المعلومات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.