«القاعدة» بعد مقتل زعيمه... بين «الانفراديين» ومواجهة «التفكك»

متخصصون أكدوا أن «المخاوف قائمة»

«القاعدة» بعد مقتل زعيمه... بين «الانفراديين» ومواجهة «التفكك»
TT

«القاعدة» بعد مقتل زعيمه... بين «الانفراديين» ومواجهة «التفكك»

«القاعدة» بعد مقتل زعيمه... بين «الانفراديين» ومواجهة «التفكك»

فيما يبدو أن «الذئاب المنفردة» أو «الانفراديين» سيكون «رهان» تنظيم «القاعدة» مستقبلاً مع «التفكك والتشظي الذي يشهده التنظيم المركزي». في حين أكد متخصصون في الشأن الأصولي بمصر، أن «المخاوف قائمة من أي هجمات مُحتملة للتنظيم» عقب مقتل زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري.
ولا زالت دعوة «إعلام تنظيم (القاعدة)» قبل أشهر التي دعا فيها (الذئاب المنفردة) لتنفيذ أي هجمات بـ«السلاح المتاح» عالقة في الأذهان. وعرض حينها «مكافآت مالية لأي شخص ينفذ أي هجوم سواء عن طريق (الطعن بسكين المطبخ أو الدهس بالسيارات)». ويرى مراقبون أن «عرض (القاعدة) لم يلقَ استجابة، وكشف حجم الأزمة في التنظيم».
وحذرت وزارة الخارجية الأميركية (الخميس) من «خطر شن (هجمات إرهابية محتملة) ضد مواطنين أميركيين في الخارج في أعقاب الغارة الجوية الأميركية التي قتلت زعيم (القاعدة) في كابل بأفغانستان». لكن تقريرا لمجلس الأمن ذكر الشهر الماضي أن «التنظيم غير قادر على شن هجمات».
وقال الباحث المتخصص في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أحمد زغلول، إن «(القاعدة) تنظيم (متفكك) في عهد أيمن الظواهري بشكل كبير، على العكس الذي كان عليه وقت أسامة بن لادن»، مضيفاً «كان تنظيم (القاعدة) في السابق يطلب البيعة من الأذرع والفروع، وكان هناك تدريبات للعناصر، وتواصل مع كافة الأفرع، فضلاً عن وجود انتماء فكري للتنظيم المركزي». وأوضح أنه في عهد الظواهري «حدث انشقاق و(تفكك) لـ(التنظيم المركزي للقاعدة) استفاد منه بعض الأذرع التي أعلنت الانشقاق عن (القاعدة) والانضمام لـ(داعش)، فضلاً عن أن التنظيم عانى من (رخوة القبضة التنظيمية) للظواهري».
حول فرص «القاعدة» في الاعتماد على «الذئاب المنفردة» مستقبلاً. قال زغلول لـ«الشرق الأوسط» إن «(الذئاب المنفردة) تكتيك في العمل لـ(القاعدة) و(داعش)، وهو أسلوب لا يحتاج لبيعة أو دعم لوجستي، من أي مكان يستطيع (الانفرادي) تنفيذ عمليته، ووقتها يعلن أي تنظيم عنها».
ووفق المراقبين فإن «(الانفراديين) لا يخضعون لـ(القاعدة) بصورة تنظيمية؛ بل هم شخص أو أشخاص يخططون وينفذون باستخدام السلاح المتاح لديهم، كما حدث في استهداف المطارات والمساجد والأسواق والمقاهي والتجمعات، فهم أشخاص يقومون بهجمات بشكل منفرد دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما؛ سواء أكانت هذه العمليات بالأسلحة المتطورة أو بالطرق البدائية مثل (سكين المطبخ) أو العصا أو حتى الدهس بالسيارات والشاحنات، وهذه العمليات لها تأثير إعلامي كبير، والتخطيط لها يعتمد على آليات بسيطة جداً من قبل (الذئاب المنفردة)».
دراسات دولية سابقة أشارت عن أن العديد من الأشخاص المتعاونين أو المتعاطفين مع «تنظيمات الإرهاب» والذين يُعرفون إعلامياً بـ«الانفراديين» يتلقون تشجيعاً وتوجيهاً عبر «الإنترنت» من تنظيمي «القاعدة» أو «داعش»، لتنفيذ هجمات يمكن لهما لاحقاً تبنيها، وذلك بعد تراجع قدرة التنظيمين على تنفيذ هجمات كبيرة.
ويشار إلى أن أول ظهور لمصطلح «الذئاب المنفردة» كان في أحد فصول كتاب «دعوة المقاومة الإسلامية العالمية» الذي أعده أبو مصعب السوري بعد التحديات الأمنية التي واجهها تنظيم «القاعدة» الإرهابي بعد أحداث وهجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، والذي يدعو فيه أفراد التنظيم والمتعاطفين معه إلى الجهاد المنفرد ضد الغرب - على حد وصفه. عن تهديدات «القاعدة» المحتملة لأميركا رداً على مقتل الظواهري. أكد زغلول أن «المخاوف قائمة مستقبلاً؛ لكن ذلك يتوقف على من سيقود (القاعدة) خلفاً للظواهري، وهل سيستطيع تجاوز الخلافات التي حدثت أيام الظواهري مع (الجهاديين)، وهل سيوفر دعما لوجستيا لعناصر التنظيم المركزي؟». وأضاف أن «المخاوف قائمة من (القاعدة)، وكانت موجودة وقت مقتل أسامة بن لادن في عام 2011، وكانت بشكل أضخم من الآن»، لافتاً أن «التنظيم الآن ليس لديه الإمكانيات الضخمة لتنفيذ عمليات كبيرة، لأنه (منهك) بشكل كبير ويعاني من (التفكك)».
ويتفق مع هذا الرأي الخبير المتخصص في الشأن الأصولي بمصر، أحمد بان، بقوله: «عقب مقتل بن لادن هدد التنظيم بالثأر ولم يحدث شيء، وقد يحدث هذا الآن بعد مقتل الظواهري؛ لكن التنظيم ضعيف الآن عن تنفيذ أي تهديدات؛ وقوته أقل مما كانت عليه وقت مقتل بن لادن». ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «(القاعدة) يعاني من التشظي وهروب عناصره لـ(داعش)، فضلاً عن انشقاقات الأفرع، مما أضعف التنظيم»... وتولى الظواهري قيادة «القاعدة» بعدما قتلت قوات العمليات الخاصة الأميركية مؤسس التنظيم بن لادن عام 2011.


مقالات ذات صلة

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا سيدة في إحدى قرى بوركينا فاسو تراقب آلية عسكرية تابعة للجيش (غيتي)

تنظيم «القاعدة» يقترب من عاصمة بوركينا فاسو

أعلنت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، الموالية لتنظيم «القاعدة»، أنها سيطرت على موقع عسكري متقدم تابع لجيش بوركينا فاسو.

الشيخ محمد ( نواكشوط)
أفريقيا رئيس تشاد يتحدث مع السكان المحليين (رئاسة تشاد)

الرئيس التشادي: سنلاحق إرهابيي «بوكو حرام» أينما ذهبوا

قال الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التشادية، إنه سيلاحق مقاتلي «بوكو حرام» «أينما ذهبوا، واحداً تلو الآخر، وحتى آخر معاقلهم».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا آثار هجوم إرهابي شنَّته «بوكو حرام» ضد الجيش التشادي (إعلام محلي)

«الإرهاب» يصعّد هجماته في دول الساحل الأفريقي

تصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصاً بعد أن أعلنت تشاد أن أربعين جندياً قُتلوا في هجوم إرهابي.

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا القوات الباكستانية بعد أن أسرت مقاتلي حركة «طالبان» الباكستانية في شمال وزيرستان (وسائل إعلام باكستانية)

الجيش الباكستاني يطارد الإرهابيين طيلة 3 شهور

أعلن مسؤولون عسكريون أن الجيش الباكستاني نفَّذ أكثر من 16 عملية كبرى ضد مقاتلي جماعة «طالبان» الباكستانية؛ ما أدى إلى مقتل مئات المسلحين الإرهابيين.

عمر فاروق (عمر فاروق)

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.