رئيس الجمهورية في الهند... «رأس» الدولة

راجندرا براساد  -  فخر الدين علي أحمد  -  شانكار دايال شارما
راجندرا براساد - فخر الدين علي أحمد - شانكار دايال شارما
TT

رئيس الجمهورية في الهند... «رأس» الدولة

راجندرا براساد  -  فخر الدين علي أحمد  -  شانكار دايال شارما
راجندرا براساد - فخر الدين علي أحمد - شانكار دايال شارما

غالباً ما يوصف تصوير رئيس الجمهورية (أو رئيس الدولة) في الهند باعتباره يتقلد منصباً شرفياً (فخرياً) فحسب، ولا يتولى سوى التصديق على القرارات التي تتخذها الحكومة. وأحد الأسباب وراء ذلك، أنه على الرغم من أن جميع التعيينات في الوظائف التنفيذية للاتحاد (الدولة الاتحادية الهندية) تجري باسم الرئيس، فإن المادة 74 من الدستور تنص بوضوح على أن عليه التصرف بناءً على المشورة الملزمة من مجلس وزرائه بقيادة رئيس الوزراء.
مع هذا، وقعت خلافات في الماضي بين رؤساء الجمهورية مع قرارات رؤساء وزرائهم وحكوماتهم. وعلى الرغم من دور الرئيس كوصي على الحكومة والبرلمان والقوات المسلحة والقضاء، فإن بعض الرؤساء السابقين رفضوا التصديق على بعض قرارات الحكومات آنذاك، وأجروا بعض التدخلات والتغييرات المهمة وتجرأوا على الاختلاف مع الحكومات آنذاك. وعلى سبيل المثال، اختلف رئيس الهند الأول، راجندرا براساد، كثيراً مع رئيس الوزراء جواهر لال نهرو، وفي بعض الأحيان، كان يوجه انتقادات للحكومة في تصريحاته العامة.
كذلك، ارتبط أسوأ القوانين الصادرة في الهند بالرئيس الخامس فخر الدين علي أحمد، الذي كان ثاني مسلم يتولى منصب رئيس الهند (بعد الدكتور ذاكر حسين) وخريج جامعة كمبردج الشهيرة. فقد أذعن أحمد لمطالب رئيسة الوزراء السابقة أنديرا غاندي بإعلان حالة الطوارئ بالبلاد؛ الأمر الذي ساعد غاندي على إطلاق حكم القبضة الحديدية في الهند عام 1975. وفي كتاب «سجلات الطوارئ: أنديرا غاندي ونقطة تحول الديمقراطية»، يكتب المؤرخ جيان براكاش، كيف تناول أحمد المهدّئات بعد التوقيع على حقوق الهند الديمقراطية لرئيسة الوزراء (آنذاك) غاندي.
بذا؛ نجد أنه رغم كون سلطات الرئيس شرفية (فخرية) إلى حد كبير، فإن هذا لا ينفي اضطلاعه بدور حاسم إبّان الأزمات السياسية. وبالتالي، فإن وجود شخص في منصب الرئيس على صلة بالحزب سيكون دوماً بمثابة ميزة للحزب الحاكم.
من ناحية أخرى، من المؤكد أن لدى الديمقراطية الهندية قدرة مذهلة على مزاوجة المعارضة والتنسيق. ومع أن الرئيس يتمتع بسلطة غير محدودة في تعيين وإقالة رئيس الوزراء والوزراء وقضاة المحكمة العليا وقادة الجيش، فإنه لم ينشأ على أرض الواقع قط وضعٌ اقتضى ذلك. والمعروف، أن الرئيس السابع، جياني زيل سينغ، ربطته علاقة عاصفة مع رئيس الوزراء (آنذاك) راجيف غاندي، وثمة مزاعم أنه كان ينوي إقالة راجيف غاندي من منصب رئيس الوزراء، لكنه عجز عن الإقدام على هذه الخطوة الكبرى بسبب الاعتراضات الشديدة التي جابهها من مختلف القطاعات.
ومن ناحيته، رد شانكار دايال شارما، الرئيس التاسع، أمرين تنفيذيين إلى مجلس الوزراء عام 1996؛ كونه ارتأى أنهما صدرا «بشكل غير لائق» قبل الانتخابات العامة. في حين يمكن القول، إن خليفته، كيه. آر. نارايانان، وهو دبلوماسي سابق تخرج في كلية لندن للاقتصاد، كان أحد أكثر رؤساء الهند حزماً.
ولقد أعلن نارايانان بوضوح، أثناء وجوده في منصبه، خلال مقابلة صحافية «أنا لست رئيساً يصادق تلقائياً على كل ما يعرض عليه، بل أحرص على تفحّص كل ملف يصلني بعناية». وبسبب رأيه المستقل، نشأت حالة من الاختلاف العميق في الرأي وصراعات مختلفة خلال فترة ولايته. أما خليفته، إيه. بي. جيه. عبد الكلام، الذي اشتهر بألقاب «رجل الصواريخ» و«رئيس الشعوب» و«القائد العظيم»، فكان عالماً ومعلماً، وإنسان طيباً، يعدّ أحد أشهر الرؤساء الهنود. ثم إنه كان أول رئيس هندي من دون أي خلفية سياسية. وقد رُشّح عن حزب بهاراتيا جاناتا إبان حكم رئيس الوزراء السابق أتال بيهاري من 2002 حتى 2007.
عبد الكلام تميّز بشخصيته الكاريزمية وعقله الفضولي، وكان محبوباً للغاية لدى الكثير من المعلمين والطلاب. وجرى تكريمه بثلاث جوائز مدنية هندية رفيعة ـ بادما بوشان (للخدمة المميزة من الدرجة الأولى)، بادما فيبهوشان (زينة اللوتس) وأعلى جائزة مدنية هندية هي «بهارات راتنا» (جوهرة الهند). إلا أن عبد الكلام كان أكثر تحفظاً؛ لأنه لم يكن سياسياً.
وأخيراً، بما يخص براناب موخيرجي، وهو زعيم مخضرم في حزب المؤتمر ووزير سابق، فكان الأكثر حزماً بين جميع الرؤساء السابقين تقريباً. ورغم رفضه تخفيف الحكم عن 28 من المحكوم عليهم بالإعدام خلال فترة حكمه، فإنه تحدى نصيحة الحكومة وخفف أحكام الإعدام الصادرة بحق أربعة مُدانين.


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»