«التضخم» ينعش سوق الملابس الإلكترونية في مصر

مستهلكون: خفف من حدة الأزمة ويحتاج إلى رقابة

متجات تسوق إلكتروني (شركة لافيرا)
متجات تسوق إلكتروني (شركة لافيرا)
TT

«التضخم» ينعش سوق الملابس الإلكترونية في مصر

متجات تسوق إلكتروني (شركة لافيرا)
متجات تسوق إلكتروني (شركة لافيرا)

بمجرد أن تحدثت دينا إلى صديقاتها عن رغبتها في شراء ملابس جديدة للصيف، لم يتوارَ «فيسبوك» عن مساعدتها بمئات الإعلانات لصفحات مختصة بالتسوق الإلكتروني توفر ملابس بتوقيع متاجر بارزة وبأسعار شديدة الانخفاض تبدأ من 100 جنيه مصري (قرابة 5 دولارات أميركية).
أثارت هذه الإعلانات الجدل، لا سيما أنها باتت تجارة رائجة يتبناها مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي. مثلاً مقدمة البرامج المصرية لميس سلامة، التي يتابعها أكثر من مليون شخص، تعلن وبشكل يومي عن متاجر إلكترونية لبيع الملابس الفرنسية والتركية وغيرها، من خلال مقاطع مصورة تتخطى مشاهدتها والتفاعل معها مئات الآلاف. المثير للاهتمام هو مصدر هذه البضائع ومدى أمانها. لا سيما أن بعض المنتجات تقدم بتكلفة لا تتخطى 25 في المائة، وربما أقل، من سعر المنتج في متجره الأصلي.
يقول بيتر عياد، المدير التنفيذي لشركة «لافيرا» ومؤسس صفحة «لافير أوتليت»، إن «كورونا» عزز مجال التسوق الإلكتروني بصورة فاقت التوقعات، ويُردف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «قبل عامين، ومع بدايات الجائحة تأثرت سوق الملابس بشكل سلبي، الجميع عالق في المنازل يواجه المجهول، فلا دافع للشراء، لكنّ القلق نفسه تحول إلى طاقة انتقامية أطلق عليها خبراء التسوق (الشراء الانتقامي)، من ثم انقلبت التوقعات رأساً على عقب، وباتت الصفحات الإلكترونية هي مقصد الآلاف، لا سيما أن مصر تتمتع بقوة شرائية يُحسب لها الحساب رغم ارتباك المستوى الاقتصادي للمصريين».
وعن الإعلانات التي أثارت الجدل بأسعار شديدة الانخفاض، يوضح عياد: «ثمة نوعان من الملابس تتوفر عبر الصفحات الإلكترونية، الأولى هي ما يُطلق عليها (ستوك) أو بواقي تصدير، وهي ملابس تعود إلى تشكيلات بائدة لعلامات بارزة، تتخلص منها العلامات لإفساح المجال للتشكيلات الجديدة، وعادةً ما تتوفر قطعة واحدة من كل تصميم، غير أن جودتها لا تختلف عن تلك المتوفرة في المتجر الأصلي. بينما النوع الثاني، وهو ما يتوفر بأسعار منخفضة للغاية، ينتمي إلى فئة تُعرف في الأسواق بـ(البالة) أي ملابس مستخدمة، تدخل مصر تحت مسمى (بضائع مستهلكة) بمصاريف جمركية محدودة، ما ينعكس على أسعار البيع لاحقاً».
وبالعودة إلى دينا، مصرية في عقدها الرابع، تقول لـ«الشرق الأوسط» عن تجربتها مع هذه الصفحات: «جائحة كورونا دفعتني لشراء الملابس إلكترونياً، لكن لا أنكر أن نجاح التجربة يتوقف على مدى مصداقية المصدر». وتوافقها ميرنا (27 عاماً) الرأي، وتقول: «تعرضت للنصب من قبل بسبب إعلان مثير للاهتمام ادّعى تخفيضات، وبمجرد تحويل المبلغ المالي إلكترونياً لم تصل إليّ البضائع ولم أستطع وقتها استرداد المبلغ».
حسب قانون حماية المستهلك رقم 181 لعام 2018، المنشور على الموقع الرسمي للجهاز، يُسمح للمستهلك الإلكتروني بالتقدم بشكوى للجهاز، في حال تعرضه للنصب والاحتيال من الصفحات المدشنة على مواقع التواصل الاجتماعي على غرار التعاطي مع المتاجر الحجرية تماماً، كذلك يضع القانون شرط إعلام المستهلك بحالة المنتج حال كان مستعملاً.
وبسبب أزمة التضخم العالمية التي خلّفتها الحرب الروسية - الأوكرانية، وعصفت بأحلام الدول النامية في تجاوز تداعيات «كورونا»، حسب خبراء، شهدت مصر ارتفاعاً في أسعار معظم منتجاتها، لا سيما بعد ارتفاع أسعار الوقود الذي يؤثر على الصناعات كافة.
«كل ذلك رمى بظلاله على أولويات المصريين»، حسب داليا محمود (مستهلكة): والتي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «المتاجر التي كنت أعتاد التسوق من خلالها تضاعفت أسعارها، ما دفعني لتجربة التسوق من بعض الصفحات، غير أن الانخفاض المبالغ فيه في أسعار بعض الملابس يثير شكوكي تجاهها، لذلك أفضّل الشراء من تلك التي توفر بواقي التصدير مع التحقق من وجود بطاقة السعر والتفاصيل».
رواج هذا النوع من التجارة الإلكترونية دفع البعض لتدشين مشاريع خرجت من قلب الأزمة الاقتصادية، من بينهم أمل الحفناوي، مؤسسة صفحة لبيع الملابس عمرها في السوق الواعد شهران فقط، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أننا أمام أزمة اقتصادية عالمية، لكن في رأيي أنه الوقت المناسب للخروج بهذا المشروع، لأن المصريين أصبحوا أكثر تقبلاً لفكرة الشراء الإلكتروني، كما أن الضغوط الاقتصادية جعلتهم يبحثون عن بدائل أرخص». وتروي عن تجربتها: «أطلقت صفحة لبيع ملابس ستوك ولم أتوقع أن يشعر بوجودي أحد على الفضاء الإلكتروني الشاسع قبل مرور عدة أشهر، لكن فوجئت بطلب أول عملية شراء بعد 24 ساعة فقط من تدشين الصفحة».
ووفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، المصري، فإن معدل التضخم السنوي لأسعار السلع في كل الجمهورية وصل خلال يونيو (حزيران) الماضي إلى 14.7 في المائة، في مقابل 5.3 في المائة خلال يونيو 2021، بارتفاع 9.4 في المائة.


مقالات ذات صلة

الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

شمال افريقيا مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)

الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

تنعكس أي زيادة في سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري بصورة مباشرة على زيادة أسعار السلع والخدمات، في ظل اعتماد مصر على مواد مستورَدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد عمليات تطوير وإنشاء مبانٍ حديثة بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

القطاع الخاص المصري يواصل الانكماش رغم ارتفاعه في أكتوبر

واصل أداء القطاع الخاص غير النفطي في مصر تراجعه في أكتوبر، وذلك في وقت تسببت ضغوط التكلفة المرتفعة في كبح أحجام الطلبيات الجديدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا والوفد المرافق (رئاسة الجمهورية)

مصر: المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد تبدأ الثلاثاء

قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم (الأحد)، إن المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد الدولي مع البلاد ستبدأ يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وكريستالينا غورغييفا مديرة صندوق النقد (أرشيفية - رويترز)

السيسي يدعو مديرة صندوق النقد إلى «مراعاة التحديات»

أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تطلع بلاده لاستكمال التعاون مع صندوق النقد الدولي، والبناء على ما تَحقَّق «بهدف تعزيز استقرار الأوضاع الاقتصادية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«فيتش» ترفع تصنيف مصر إلى «بي» لأول مرة منذ 5 سنوات

رفعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، للمرة الأولى منذ مارس (آذار) عام 2019، تصنيف الديون طويلة الأجل لمصر بدرجة واحدة من «B -» إلى«B»، مشيدة بعدد من التحسينات.


المجلس الاقتصادي السعودي يستعرض التطورات المحلية والعالمية

المجلس اطلع على التقدم الذي أحرزته السعودية في المؤشرات الدولية (الهيئة الملكية لمدينة الرياض)
المجلس اطلع على التقدم الذي أحرزته السعودية في المؤشرات الدولية (الهيئة الملكية لمدينة الرياض)
TT

المجلس الاقتصادي السعودي يستعرض التطورات المحلية والعالمية

المجلس اطلع على التقدم الذي أحرزته السعودية في المؤشرات الدولية (الهيئة الملكية لمدينة الرياض)
المجلس اطلع على التقدم الذي أحرزته السعودية في المؤشرات الدولية (الهيئة الملكية لمدينة الرياض)

استعرض «مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية» السعودي تحديثاً للتطورات الاقتصادية المحلية والعالمية لشهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وما تضمّنه من تحليلٍ لمستجدّات الاقتصادات العالمية الكبرى، والتحديات التي تواجهها، وأثر ذلك على الاقتصاد الوطني.

واطلع المجلس في اجتماع له عبر الاتصال المرئي، على التقدم الذي أحرزته السعودية في المؤشرات الدولية، وذلك بتصنيفها نموذجاً رائداً في الفئة الأعلى لمؤشر الأمم المتحدة للأمن السيبراني لعام 2024، الذي يقيس التزام أكثر من 190 دولة عضواً، حقّقت 100 في المائة في جميع معايير المؤشر، الذي يقيس التزام الدول من خلال 83 مؤشراً فرعياً.

ويعكس هذا التقدم الدعم والحرص الكبيرين اللذين يحظى بهما القطاع من القيادة السعودية في تنفيذ برامج «رؤية 2030»، كما يأتي امتداداً لموقعها الرائد في مؤشرات دولية، ومنها تحقيق المملكة في يونيو (حزيران) الماضي المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني، ضمن الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2024.

وتناول مجلس الشؤون الاقتصادية تقرير مكتب إدارة المشاريع حيال متابعة القرارات والتوصيات الصادرة عن المجلس، خلال الربع الثالث من عام 2024، وما احتوى عليه من تفصيلٍ لمُخرجات المجلس، مشيراً إلى استمرار الارتفاع الملحوظ للجهات التي حققت أعلى من 98 في المائة بمؤشرات الأداء.

وتابع المجلس مُخرجات مشاركة وفد المملكة في مؤتمر الطيران السعودي البرازيلي الدولي بنسخته الأولى، وما نتج عنها من توقيع الاتفاقيات، ومذكرات التعاون والتفاهم، بما يعزز دور المملكة الريادي في مجال الطيران، وفق خطط واستراتيجيات «رؤية 2030».

وناقش، خلال الاجتماع، عدداً من الموضوعات والتقارير الأخرى المُدرجة على جدول أعماله، من بينها ما يتعلق بتنظيم هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، والبرنامج الوطني للتعاقب والتطوير القيادي.

كما اطلع المجلس على تقرير التوقعات الاقتصادية، للربع الأول من عام 2024، والملخص التنفيذي للتجارة الخارجية لشهر يوليو (تموز)، وملخص تقرير الرقم القياسي لأسعار الجملة لشهر أغسطس (آب)، وتقرير الرقم القياسي لأسعار المستهلك للفترة نفسها. وقد اتخذ مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية حيال تلك الموضوعات القرارات والتوصيات اللازمة.