«الناتو» يحض على «عدم السماح لروسيا بالانتصار» في الحرب الأوكرانية

واشنطن تصادق على انضمام السويد وفنلندا للحلف وتدعو بقية الأعضاء إلى الإسراع بالخطوة

ستولتنبرغ متحدثاً في المعسكر الصيفي لـ«أيه يو إف» الاشتراكية الديمقراطية في جزيرة أوتويا (رويترز)
ستولتنبرغ متحدثاً في المعسكر الصيفي لـ«أيه يو إف» الاشتراكية الديمقراطية في جزيرة أوتويا (رويترز)
TT

«الناتو» يحض على «عدم السماح لروسيا بالانتصار» في الحرب الأوكرانية

ستولتنبرغ متحدثاً في المعسكر الصيفي لـ«أيه يو إف» الاشتراكية الديمقراطية في جزيرة أوتويا (رويترز)
ستولتنبرغ متحدثاً في المعسكر الصيفي لـ«أيه يو إف» الاشتراكية الديمقراطية في جزيرة أوتويا (رويترز)

اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أن الحرب الأوكرانية هي أخطر لحظة تعيشها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، مطالباً أعضاء التكتل العسكري الغربي والدول الأخرى العمل لضمان عدم السماح لروسيا بالانتصار في هذه الحرب من خلال تزويد كييف بالأسلحة والمساعدات التي تحتاجها، محذراً في نفس الوقت موسكو من القيام بأي مغامرة ضد الدول الأعضاء، حتى التفكير بذلك. وتزامنت تصريحات ستولتنبرغ، أمس (الخميس)، مع مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية ساحقة لصالح الموافقة على انضمام السويد وفنلندا إلى عضوية الحلف.
وأضاف أمين عام التكتل العسكري الغربي أنه ربما يصبح واجباً على الحلف ودوله الاستمرار في دعم أوكرانيا بالأسلحة والمساعدات الأخرى فترة طويلة لإفشال مخططات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال ستولتنبرغ، في كلمة بلغته النرويجية الأم: «من مصلحتنا أن يفشل هذا النوع من السياسة العدوانية». ووصف ما تقول موسكو إنه «عملية عسكرية خاصة» بأنه هجوم على النظام العالمي الراهن، وقال إنه يتعين على التحالف منع انتشار الحرب.
وتابع: «هذا أخطر وضع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية... إذا فكر بوتين، مجرد التفكير، في فعل شيء مماثل بدولة عضو في الحلف مثلما فعل في جورجيا ومولدوفا وأوكرانيا، فسيتدخل الحلف على الفور».
ولاقت مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي على انضمام السويد وفنلندا للناتو موجة من الترحيب في الولايات المتحدة، فقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه يتطلع قدماً للترحيب بالبلدين في «التحالف الدفاعي الأعظم في التاريخ»، مشيراً إلى أنهما «ديمقراطيتان تتمتعان بقدرات عسكرية كبيرة». ووصف وزير الخارجية أنتوني بلينكن السويد وفنلندا بالشريكين الطويلي الأمد للولايات المتحدة. مضيفاً أنه «يتطلع قدماً للمصادقة السريعة والكاملة من قبل بقية أعضاء الحلف للالتزام بالأمن بين دول الأطلسي».
كما أشار وزير الدفاع لويد أوستن إلى أن السويد وفنلندا قدّما منذ الغزو الروسي مساعدات ضرورية لأوكرانيا، وأنهما «سيجلبان مقدرات مهمة معهما للحلف». وقد صوّت مجلس الشيوخ، مساء الأربعاء، للمصادقة على انضمام البلدين، بحضور سفيرتيهما في واشنطن لعملية التصويت، وحظي بروتوكول المصادقة بإجماع كبير من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إذ صوّت لصالحه 95 سيناتوراً، وعارضه واحد فقط، هو السيناتور الجمهوري جوش هاولي، بحجة أن «إرسال الدعم لأوروبا للدفاع عن حلفاء جدد» سيؤثر سلباً على التنافس مع الصين، فيما امتنع السيناتور راند بول عن التصويت.
وقد أثار تصويت هاولي الرافض حفيظة الجمهوريين الذين هاجموه بشكل غير مباشر خلال عملية المصادقة، فقال زعيمهم ميتش مكونيل: «إذا كان هناك أي سيناتور يبحث عن حجة للتصويت ضد الانضمام، فأنا أتمنى له حظاً سعيداً. هذا أمر محسوم لصالح الأمن القومي، ويستحق دعماً ساحقاً من الحزبين».
إلى ذلك، تحدثت السيناتورة الديمقراطية جين شاهين عن أهمية التصويت التاريخي، فقالت: «منذ عام لم يتخيّل أحد أن السويد وفنلندا ستقدمان طلباً للانضمام إلى الناتو، لكن الكثير حصل خلال هذا العام. فلاديمير بوتين قام بأسوأ تقدير في التاريخ المعاصر». وهذا ما وافق عليه زميلها الديمقراطي بوب مينينديز، الذي قال: «توسيع الناتو هو عكس ما تصوره بوتين تماماً عندما أمر دباباته بغزو أوكرانيا».
وبهذا تكون الولايات المتحدة البلد الـ22 من الحلف الذي يوافق على انضمام السويد وفنلندا، ويجب على كل البلدان الـ30 الموافقة على طلب البلدين قبل دخولهما رسمياً.
وكان مجلس النواب سبق أن أعرب الشهر الماضي عن دعمه الرمزي لدخول السويد وفنلندا في الحلف، فصوّت بأغلبية 394 نائباً للموافقة على الخطوة التي عارضها 18 جمهورياً فقط.
كما صادقت إيطاليا، الأربعاء، على بروتوكولَي انضمام السويد وفنلندا. ورحّب السفير السويدي في روما، يان بيوركلوند، على «تويتر» بالقرار، وكتب: «شكراً للبرلمان الإيطالي. جرت الموافقة اليوم على انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو. من أجل الحرية والديمقراطية». وتحتاج السويد وفنلندا إلى مصادقة الدول الثلاثين العضو في المنظمة للاستفادة من الحماية التي توفرها المادة 5 من ميثاق الناتو للدفاع المتبادل في حال وقوع هجوم.
وتهدد تركيا بـ«تجميد» العملية، متهمة الدولتين الإسكندنافيتين بالتعاطف مع حزب العمال الكردستاني وحلفائه الذين تعتبرهم «منظمات إرهابية». ووقّعت أنقرة، التي تمانع انضمامهما إلى الحلف، مذكرة تفاهم مع كل من أستوكهولم وهلسنكي في يونيو (حزيران)، تربط عضويتهما في الناتو بقتالهما ضد الحركات الكردية وأنصارها على أراضيهما. لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هدّد مجدّداً نهاية يوليو (تموز) بـ«تجميد» عملية انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي، إذا لم يمتثل البلدان لشروط أنقرة و«القيام بدورهما» في مكافحة الإرهاب.
وخلال زيارة لموطنه في النرويج، قال ستولتنبرغ في جزيرة أوتويا القريبة من العاصمة أوسلو، أمس (الخميس)، إن على الناتو أن يدعم الدولة التي تتعرض للهجوم، وأن يمنع في الوقت نفسه اتساع نطاق الحرب. ورأى ستولتنبرغ أن بوتين يقود حرباً عدوانية ضد بلد جار لأنه «يعتقد في ذهنه المرتبك أن بمقدوره أن يحدد ما يمكن لأوكرانيا أن تفعله». وألقى ستولتنبرغ خطاباً في المعسكر الصيفي لمنظمة الشباب «أيه يو إف» الاشتراكية الديمقراطية في جزيرة أوتويا.
يذكر أن ستولتنبرغ (63 عاماً) كان يشغل منصب رئيس الوزراء النرويجي ورئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وكان له نشاط في منظمة «أيه يو إف»، ولهذا السبب فهو يعرف جزيرة أوتويا جيداً، وهي الجزيرة التي ارتكب فيها الإرهابي اليميني أندريس بيرينغ بريفيك مذبحة في 22 يوليو 2011 بين المشاركين من شباب المنظمة في المعسكر الصيفي، وأسفر هجومه في الجزيرة وفي الحي الحكومي في أوسلو عن قتل ما مجموعه 77 شخصاً.
بدوره، انتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشدة الهيكل الأمني العالمي، ووصفه بأنه غير مناسب على الإطلاق، مشيراً أيضاً إلى الصراعات في البلقان وتايوان والقوقاز، وليس إلى الحرب في بلاده فقط.
وقال زيلينسكي، في كلمته اليومية عبر الفيديو، مساء الأربعاء، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية: «كل هذه المواقف تبدو مختلفة، رغم أنها موحدة بعامل واحد، وهو أن البنية الأمنية العالمية لم تنجح»، متهماً روسيا مرة أخرى بـ«انتهاك القانون الدولي في غزوها غير المبرر لأوكرانيا». ووصف زيلينسكي عام 2014 بأنه «نقطة تحول، سمح بعدها المجتمع الدولي ببساطة لروسيا بالإفلات من العقاب على أعمال غير قانونية، مثل ضمها شبه جزيرة القرم أو إسقاط رحلة الخطوط الجوية الماليزية رقم 17 فوق منطقة دونباس في شرق أوكرانيا». وقال زيلينسكي إن الحرب في أوكرانيا أظهرت «مدى هشاشة الحرية»، مضيفاً أن العالم بحاجة إلى «بنية أمنية عالمية فعّالة تضمن عدم تمكن أي دولة من استخدام الإرهاب مرة أخرى ضد دولة أخرى». كما اتهم زيلينسكي روسيا بالتظاهر فقط بأنها منفتحة على مفاوضات السلام، معتبراً أنه «إذا كانت موسكو تريد حقاً حلاً سلمياً للصراع، ما كانت لتعيد تجميع صفوفها حالياً في جنوب أوكرانيا».


مقالات ذات صلة

فون دير لاين: سنقرض أوكرانيا 35 مليار يورو من فوائد أصول روسية مجمدة... وموسكو: الاتحاد الأوروبي «فقد عقله»

أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (إ.ب.أ)

فون دير لاين: سنقرض أوكرانيا 35 مليار يورو من فوائد أصول روسية مجمدة... وموسكو: الاتحاد الأوروبي «فقد عقله»

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اليوم (الجمعة) أن الاتحاد الأوروبي سيمنح أوكرانيا قرضاً تصل قيمته إلى 35 مليار يورو (39.06 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يتم الترحيب بها عند وصولها إلى محطة السكك الحديدية في كييف بأوكرانيا... الجمعة 20 سبتمبر 2024 (أ.ب)

رئيسة المفوضية الأوروبية تعلن وصولها إلى كييف لمناقشة دعم أوكرانيا

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اليوم (الجمعة)، إنها وصلت إلى كييف؛ لمناقشة دعم أوروبا لأوكرانيا، والاستعداد لفصل الشتاء، وشؤون الدفاع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا قوات أوكرانية عند نقطة عبور على الحدود مع روسيا بالقرب من كورسك (رويترز)

زيلينسكي: الهجوم في كورسك أرغم موسكو على نقل 40 ألف جندي

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، أنّ الهجوم الذي تشنّه كييف على كورسك الحدودية الروسية أرغم موسكو على نقل 40 ألف جندي إلى تلك المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالبيت الأبيض في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

زيلينسكي يلتقي بايدن وهاريس وترمب بأميركا الأسبوع المقبل

يزور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، في مسعى لحشد الدعم الأميركي لبلاده قبيل انتخابات نوفمبر الرئاسية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يبحثون عن ضحايا في مبنى سكني دمره هجوم صاروخي روسي في وسط مدينة لفيف غرب أوكرانيا (أ.ب)

الشتاء المقبل سيكون «الاختبار الأشد» في أوكرانيا

حذرت الوكالة الدولية للطاقة الخميس من أن الشتاء المقبل سيكون «الاختبار الأشد حتى الآن» لشبكة الطاقة في أوكرانيا، في حين أعلن الاتحاد الأوروبي عن مساعدات إضافية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

عصر جديد من التخريب: تحويل الأجهزة العادية إلى قنابل يدوية على نطاق واسع

أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)
أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)
TT

عصر جديد من التخريب: تحويل الأجهزة العادية إلى قنابل يدوية على نطاق واسع

أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)
أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)

في الانفجارات الأخيرة التي استهدفت أجهزة الاتصالات اللاسلكية لجماعة «حزب الله» في لبنان، ظهر شكل جديد من الأعمال التخريبية، وهو تحويل أجهزة الاتصال العادية مثل أجهزة اللاسلكي إلى قنابل يدوية، حسب تقرير أمس الخميس لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

حوّلت العملية الإسرائيلية المفترضة هذه الأجهزة اليومية إلى أسلحة، أسفرت عن مقتل العشرات وإصابة الآلاف. وفي حين كان الهدف من التفجيرات استهداف مقاتلي «حزب الله»، فقد تضرر المدنيون أيضاً، ما ساهم في تنامي المخاوف من عدم إمكانية الوثوق بشكل كامل بأي جهاز إلكتروني، من الهواتف الجوالة إلى الأجهزة المنزلية.

يحذّر الخبراء من التأثير النفسي الكبير للانفجارات الأخيرة، حيث بدأ الناس يشككون في سلامة الأجهزة في حياتهم اليومية، على غرار المخاوف بشأن أن يكون الأشخاص يتعرّضون للمراقبة الشاملة.

تطلب هذا التخريب واسع النطاق اختراقاً عميقاً لسلسلة التوريد، ما يسلط الضوء على المخاطر التي تشكلها أجهزة الاتصالات.

يتكهن البعض بأن الهجمات قد تشير إلى هجوم إسرائيلي أوسع نطاقاً، على الرغم من أن المزيد من الإجراءات الإسرائيلية لم تتحقق بعد. ويضيف استهداف أجهزة «حزب الله» المنخفضة التقنية، والتي كان يُعتقد قبل التفجيرات أنها آمنة من الهجمات الإلكترونية، عنصراً جديداً من التعقيد إلى هذا العصر الجديد من التخريب.

تُطرح نظريات مختلفة حول كيفية وضع المتفجرات في الأجهزة المستخدمة في الهجمات. وتشير السيناريوهات الأكثر ترجيحا، إلى أن عملاء إسرائيليين زرعوا متفجرات في البطاريات أثناء تصنيعها بواسطة شركة وهمية في بودابست. وهناك احتمال آخر وهو أن الأجهزة تم تعديلها بعد الإنتاج ولكن قبل توزيعها على عناصر «حزب الله».

وبغض النظر عن الطريقة التي استخدمت لتفخيخ الأجهزة، فإن كميات صغيرة من المتفجرات المخبأة في تلك الأجهزة تسببت في إصابات خطيرة.

وربما تم إطلاق الانفجارات عن بعد عبر رسائل أو من خلال استغلال نقاط الضعف في شفرة أجهزة النداء (بيجر)، ما قد يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة البطاريات لتفجيرها.

ويشير بعض الخبراء إلى أن العمليات السيبرانية الإسرائيلية قدمت معلومات استخباراتية حول شراء «حزب الله» لأجهزة البيجر، ما ساعد في استهداف الأجهزة في سلسلة التوريد.

إن هذه العملية تذكرنا بعمليات سلسلة التوريد السابقة مثل الجهود الأميركية لإحباط البرنامج النووي الإيراني أو المحاولات الصينية للتسلل إلى شبكات الطاقة الأميركية. وتوفر هذه العمليات مزايا تكتيكية ولكنها قد لا تؤدي بالضرورة إلى مكاسب استراتيجية كبيرة. وفي حين كان تخريب البنى التحتية الكبيرة مثل شبكات الطاقة شائعا، فإن هذا الهجوم على الأجهزة المحمولة باليد قد يشير إلى اتجاه جديد في عمليات التخريب حول العالم.