اكتشافات أثرية رومانية نادرة في «جزر فرسان» السعودية

تحكي العمق الحضاري لموانئ الجزيرة التاريخية

اكتشافات أثرية رومانية نادرة في «جزر فرسان» السعودية
TT

اكتشافات أثرية رومانية نادرة في «جزر فرسان» السعودية

اكتشافات أثرية رومانية نادرة في «جزر فرسان» السعودية

ظواهر معمارية نادرة، وقطع أثرية تعود إلى القرنين الثاني والثالث الميلاديين، هي حصيلة رحلة البحث والتنقيب في «جزر فرسان» الواقعة على بعد 40 كيلومتراً من مدينة جازان في جنوب السعودية.
تمكّن فريق البحث العلمي لهيئة التراث السعودية بالتعاون مع جامعة باريس الأولى، من الوصول إلى اكتشافات أثرية جديدة تؤكد العمق الحضاري للجزيرة وعلاقتها التاريخية بعصر ما قبل الميلاد، ودور موانئها الحضارية في الجنوب بالسيطرة على تجارة البحر الأحمر، وخطوط النقل التجاري البحري قديماً.

قطع أثرية تعود إلى القرنين الثاني والثالت الميلاديين (واس)

وكشفت نتائج المسح عن وجود قطع نادرة، من ضمنها، درع روماني مطوي مصنوع من سبائك النحاس، وآخر من نوع «لوريكا سكواماتا»، ويُعدّ الأكثر استخداماً في الفترة الرومانية، من القرن الأول إلى الثالث الميلادي، ويمثّل أكثر القطع النادرة التي تمكّن الفريق من اكتشافها إلى جانب نقش من العقيق لشخصية رومانية شهيرة في تاريخ الإمبراطورية الرومانية الشرقية (جينوس)، كما عثروا على رأس تمثال حجري صغير.
وقال الدكتور سليمان الذييب، المستشار الثقافي في مركز الملك فيصل للبحوث، إن «جزيرة فرسان» في جنوب السعودية، هي جزيرة عربية أدت دوراً مميزاً في الجدار الحضاري للمنطقة، وحظيت باهتمام واضح من شعوب المنطقة القديمة، وتزخر بأكوام من الآثار التي تعود إلى عصور ضاربة في عمق الماضي، وتعكس العمق التاريخي للجزيرة، وتحتم الاستمرار في إجراء المسوح الأثرية بشكل أكثر دقة وشمولية، لإخراج مكنونات الجزيرة، وكشف عن العلاقات الاقتصادية والتجارية التي ربطت سكانها مع بقية الأمم والشعوب من الحضارات والعصور القديمة.

 رأس تمثال حجري صغير (واس)

وأضاف الذييب في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا الاكتشاف الأثري الجديد، وغيره من الاكتشافات السابقة، يؤكد على ما لفت الانتباه إليه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بشأن الاستفادة من شواطئنا البحرية، والبحث في الفرص الاستثمارية والتاريخ الحضاري الذي عرفته؛ على أمل أن تساعد هذه الاكتشافات الأثرية، وما تتمتع به الجزيرة من مميزات بيئية وطبيعية وآثارية في منحها اهتماماً أكبر في جميع المجالات، وأن تدفع هذه الاكتشافات المتتالية، التي بدأت منذ سنوات، وأبرزها أعمال الدكتور سعود الغامدي ذات العلاقة بمواقع العصور القديمة، إلى تطوير الجزيرة لتكون قِبلة للراغبين في الاستمتاع ببيئتها وطبيعتها، إضافة إلى الاطلاع على ما خلّفه إنسانها ثقافياً وحضارياً، ودوره في بناء مجتمع المنطقة، ومن ذلك إنشاء متحف يضم بين جنباته التاريخ والآثار التي تزخر بها الجزيرة، إضافة إلى الحياة البحرية، ليتميز المتحف باختصاصه هذا، كما تميز أهلها بما خلّفوه لنا عبر تاريخهم».

 هيئة التراث تعلن عن اكتشافات جديدة في مواقع أثرية بـ«جزر فرسان»

وحدد الفريق السعودي - الفرنسي المشترك، الذي أسفرت رحلاته الاستطلاعية والاستكشافية التي بدأت عام 2005 في «جزيرة فرسان»، المواقع ذات الدلالات الأثرية، ليبدأ أعمال المسح فيها عام 2001. وقادت الاكتشافات السابقة التي جرت خلال الفترة من 2011 وحتى 2020 إلى العديد من الاكتشافات المعمارية والأثرية، التي شجعت على مواصلة مسار التنقيب والاكتشاف في الجزيرة الغنية بآثار الحضارات المتعاقبة والعصور السابقة.
وتمثّل اللقى الأثرية التي تضاعفت اكتشافاتها خلال السنوات القليلة الماضية، بفضل المجهود البحثي الذي تتولاه هيئة التراث السعودية، فصولاً جديدة تُضاف إلى مسيرة الامتداد التاريخي الثقافي لـ«جزر فرسان»، وأهمية المملكة وموقعها الاستراتيجي؛ كونها مركزاً للحضارات المختلفة، حيث تواصل الهيئة جهودها الحثيثة لإدارة مكونات التراث الثقافي وحماية المواقع الثقافية وصونها والاستفادة منها في التنمية المستدامة، من خلال العمل وفق استراتيجيات دقيقة وشراكات واسعة النطاق على المستويين المحلي والدولي.

 هيئة التراث تعلن عن اكتشافات جديدة في مواقع أثرية بـ«جزر فرسان»

مقالات ذات صلة

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

يوميات الشرق زاهي حواس (حسابه على فيسبوك)

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

أكد الدكتور زاهي حواس، أن رفض مصر مسلسل «كليوباترا» الذي أذاعته «نتفليكس» هو تصنيفه عملاً «وثائقي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

وجد علماء الأنثروبولوجيا التطورية بمعهد «ماكس بلانك» بألمانيا طريقة للتحقق بأمان من القطع الأثرية القديمة بحثًا عن الحمض النووي البيئي دون تدميرها، وطبقوها على قطعة عُثر عليها في كهف دينيسوفا الشهير بروسيا عام 2019. وبخلاف شظايا كروموسوماتها، لم يتم الكشف عن أي أثر للمرأة نفسها، على الرغم من أن الجينات التي امتصتها القلادة مع عرقها وخلايا جلدها أدت بالخبراء إلى الاعتقاد بأنها تنتمي إلى مجموعة قديمة من أفراد شمال أوراسيا من العصر الحجري القديم. ويفتح هذا الاكتشاف المذهل فكرة أن القطع الأثرية الأخرى التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ المصنوعة من الأسنان والعظام هي مصادر غير مستغلة للمواد الوراثية

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

يُذكر الفايكنغ كمقاتلين شرسين. لكن حتى هؤلاء المحاربين الأقوياء لم يكونوا ليصمدوا أمام تغير المناخ. فقد اكتشف العلماء أخيرًا أن نمو الصفيحة الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر أدى إلى فيضانات ساحلية هائلة أغرقت مزارع الشمال ودفعت بالفايكنغ في النهاية إلى الخروج من غرينلاند في القرن الخامس عشر الميلادي. أسس الفايكنغ لأول مرة موطئ قدم جنوب غرينلاند حوالى عام 985 بعد الميلاد مع وصول إريك ثورفالدسون، المعروف أيضًا باسم «إريك الأحمر»؛ وهو مستكشف نرويجي المولد أبحر إلى غرينلاند بعد نفيه من آيسلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

لا تزال مدينة مروي الأثرية، شمال السودان، تحتل واجهة الأحداث وشاشات التلفزة وأجهزة البث المرئي والمسموع والمكتوب، منذ قرابة الأسبوع، بسبب استيلاء قوات «الدعم السريع» على مطارها والقاعد الجوية الموجودة هناك، وبسبب ما شهدته المنطقة الوادعة من عمليات قتالية مستمرة، يتصدر مشهدها اليوم طرف، ليستعيده الطرف الثاني في اليوم الذي يليه. وتُعد مروي التي يجري فيها الصراع، إحدى أهم المناطق الأثرية في البلاد، ويرجع تاريخها إلى «مملكة كوش» وعاصمتها الجنوبية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد نحو 350 كيلومتراً عن الخرطوم، وتقع فيها أهم المواقع الأثرية للحضارة المروية، مثل البجراوية، والنقعة والمصورات،

أحمد يونس (الخرطوم)
يوميات الشرق علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

اتهم علماء آثار مصريون صناع الفيلم الوثائقي «الملكة كليوباترا» الذي من المقرر عرضه على شبكة «نتفليكس» في شهر مايو (أيار) المقبل، بـ«تزييف التاريخ»، «وإهانة الحضارة المصرية القديمة»، واستنكروا الإصرار على إظهار بطلة المسلسل التي تجسد قصة حياة كليوباترا، بملامح أفريقية، بينما تنحدر الملكة من جذور بطلمية ذات ملامح شقراء وبشرة بيضاء. وقال عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس لـ«الشرق الأوسط»، إن «محاولة تصوير ملامح كليوباترا على أنها ملكة من أفريقيا، تزييف لتاريخ مصر القديمة، لأنها بطلمية»، واتهم حركة «أفروسنتريك» أو «المركزية الأفريقية» بالوقوف وراء العمل. وطالب باتخاذ إجراءات مصرية للرد على هذا

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

رمال المريخ تصلح لبناء مستعمرات فضائية

فكرة بناء مستعمرات في الفضاء تظل حلماً طموحاً يسعى العلماء لتحقيقه (جامعة نورث وسترن)
فكرة بناء مستعمرات في الفضاء تظل حلماً طموحاً يسعى العلماء لتحقيقه (جامعة نورث وسترن)
TT

رمال المريخ تصلح لبناء مستعمرات فضائية

فكرة بناء مستعمرات في الفضاء تظل حلماً طموحاً يسعى العلماء لتحقيقه (جامعة نورث وسترن)
فكرة بناء مستعمرات في الفضاء تظل حلماً طموحاً يسعى العلماء لتحقيقه (جامعة نورث وسترن)

تَوَصَّلَ باحثون بجامعة ترينيتي في دبلن إلى طريقة لتحويل الرمال الموجودة على سطح المريخ والقمر إلى طوب صلب يمكن استخدامه في بناء مستعمرات مستقبلية في الفضاء.

واكتشف الباحثون طريقة لربط الصخور السطحية والرمال والغبار، والمعروفة باسم «الريغوليث»، باستخدام درجات حرارة منخفضة وكمية قليلة من الطاقة، وفق «بي بي سي».

وتعد فكرة بناء مستعمرات في الفضاء حلماً طموحاً يسعى العلماء والمهندسون لتحقيقه في السنوات المقبلة، حيث يمكن أن توفر هذه المستعمرات بيئة للعيش والعمل خارج كوكب الأرض، مثل القمر أو المريخ.

وتعتمد هذه الرؤية على استخدام الموارد المحلية، مثل الرمال والصخور الموجودة على السطح، لتقليل الاعتماد على النقل من الأرض؛ ما يقلل من التكاليف والانبعاثات البيئية.

وتمثل الابتكارات في تكنولوجيا البناء، مثل استخدام أنابيب الكربون النانوية والغرافين، خطوات مهمة نحو تحقيق هذا الحلم، حيث تسهم في إنشاء هياكل قوية وصديقة للبيئة قادرة على دعم الحياة البشرية.

وتمكّن الباحثون من ربط الجسيمات السطحية، مثل الصخور والرمال والغبار، معاً باستخدام درجات حرارة منخفضة وطاقة قليلة. وتتميز الكتل المبنية باستخدام أنابيب الكربون النانوية بكثافة منخفضة نسبياً، ولكنها تظهر قوة تقترب من قوة الغرانيت؛ ما يجعلها مناسبة لإنشاء هياكل خارج كوكب الأرض،.

وقال البروفيسور جوناثان كولمان، الذي يقود المشروع البحثي جامعة ترينيتي، إن هذا الاكتشاف قد يساعد على تقليل كمية مواد البناء التي تحتاج إلى النقل من الأرض لبناء قاعدة على القمر.

وأكد كولمان أن بناء قاعدة شبه دائمة على القمر أو المريخ سيتطلب استخداماً كافياً من المواد الموجودة في الموقع، وتقليل المواد والمعدات المنقولة من الأرض.

وعند بناء الهياكل في الفضاء، ستسهم الكتل المصنوعة من الجسيمات السطحية وأنابيب الكربون النانوية في تقليل الحاجة إلى نقل مواد البناء إلى الفضاء.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الكتل قادرة على توصيل الكهرباء؛ ما يمكن استخدامها كأجهزة استشعار داخلية لمراقبة الصحة الهيكلية للمباني خارج كوكب الأرض.

وتُبنى هذه الهياكل لتحتفظ بالهواء؛ لذا فإن القدرة على اكتشاف ومراقبة علامات التحذير المبكر لفشل الكتل أمر بالغ الأهمية.

ويعتقد الباحثون أن هذا الاكتشاف يمكن أن تكون له أيضاً تطبيقات عملية في صناعة البناء على الأرض، وذلك بسبب مادة نانوية مشابهة تسمى الغرافين، التي يمكن خلط كميات كبيرة منها مع الأسمنت في الخرسانة، ما يزيد من قوة الخرسانة بنسبة 40 في المائة.

كما يسهم تعزيز قوة الخرسانة في تقليل الكمية المطلوبة لبناء الهياكل. وتُعد الخرسانة حالياً أكثر المواد المستخدمة من صُنع الإنسان في العالم، حيث تشكل عملية تصنيع الخرسانة العالمية نحو 8 في المائة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم.