خندق وشبكات أنفاق لخلايا «داعش» في «الهول» شمال شرقي سوريا

مصادر تحدثت عن استخدامها لتهريب البشر والجرائم والاغتيالات

مخيم «الهول» شهد وقوع أكثر من 30 جريمة قتل منذ بداية 2022 (الشرق الأوسط)
مخيم «الهول» شهد وقوع أكثر من 30 جريمة قتل منذ بداية 2022 (الشرق الأوسط)
TT

خندق وشبكات أنفاق لخلايا «داعش» في «الهول» شمال شرقي سوريا

مخيم «الهول» شهد وقوع أكثر من 30 جريمة قتل منذ بداية 2022 (الشرق الأوسط)
مخيم «الهول» شهد وقوع أكثر من 30 جريمة قتل منذ بداية 2022 (الشرق الأوسط)

عثرت قوى الأمن التابعة لـ«الإدارة الذاتية لشمال وشرق» سوريا، داخل مخيم الهول، شرق مدينة الحسكة، على خندق وشبكة أنفاق محفورة تحت الأرض. وقالت مصادر أمنية إن هذه الخنادق والشبكات استُخدمت من قبل خلايا نائمة موالية لتنظيم «داعش» الإرهابي في عمليات تهريب البشر وتنفيذ جرائم قتل ومحاولات اغتيال.
وكشفت أن التحقيقات الجارية تفيد بأن الخندق يوصل أحد قطاعات المخيم بالسور الخارجي، ومنه للهروب إلى المناطق المحيطة في بلدة الهول المجاورة.
والعملية جاءت بعد مرور 24 ساعة من إحباط قوى الأمن بالمخيم عملية هروب جماعية، عبر شاحنة مخصصة لنقل مواد البناء والأخشاب، كان على متنها نحو 56 فرداً من عائلات التنظيم، اختبأوا تحت صندوق الشاحنة، بينهم 39 طفلاً و17 امرأة، وهذه الحادثة كانت من بين 728 حادثة أخرى لمحاولات هروب تمت منذ مارس (آذار) 2020.
وبحسب تسجيل فيديو مصوَّر التُقط داخل المخيم أثناء اكتشاف الخندق يظهر كيف حُفِر بأدوات بدائية ثم جرت تغطيته بألواح معدنية وخشبية للتمويه عليه، وسط مجموعة خيام يقطنها نازحون سوريون ولاجئون عراقيون، فيما اكتشفت قوى الأمن، منتصف شهر يونيو (حزيران) الماضي، خندقاً مماثلاً داخل إحدى الخيام في قسم المهاجرات الذي شهد حوادث شغبٍ وفلتانٍ أمني عديدة. كما عثرت قوى الأمن، بداية العام الحالي، على نفق سري كان يستعمله عدد من الأطفال الذين كانوا ينتمون سابقاً لما يُعرَف بتنظيم «أشبال الخلافة»، للتدريب والاختباء ومهارات استخدام الأسلحة والفرار من الحملات الأمنية.
وتكررت حوادث الهروب من المخيم الواقع على بُعد نحو 45 كيلومتراً، شرق مدينة الحسكة، الذي يؤوي نحو 56 ألفاً، غالبيتهم نازحون سوريون ولاجئون عراقيون، كما يؤوي قسماً خاصاً بالعائلات المهاجرة من عائلات عناصر التنظيم، وهم 10 آلاف شخص يتحدرون من 54 جنسية غربية وعربية، وبحسب سجلات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والإدارة الذاتية، فإن 90 في المائة من قاطني مخيم الهول هم من النساء والأطفال.
ويقول المصدر الأمني، ومديرة مخيم الهول، همرين حسن، إن «الخلايا النائمة داخل وخارج المخيم على صلة بشبكات لتهريب البشر موالية للتنظيم، يتم التواصل معها عبر برامج للاتصالات ومنصات التواصل الاجتماعي، على أن تكون محافظة إدلب أو مناطق أخرى تقع شمال سوريا خاضعة للنفوذ التركي أول محطة بعد نجاح عملية التهريب من المخيم. بعد ذلك، تتولى ذات الشبكات نقل مَن يتم تهريبهم من الهول إلى داخل الأراضي التركية، ومنها إلى مواطنهم الأصلية، وهو أمر يتم غالباً لقاء دفع مبالغ مالية طائلة».
بدورها، ترى المسؤولة الكردية، همرين حسن، أن مشكلة مخيم الهول دولية بامتياز، ولا بد من اتخاذ الدول المعنية قرارات وإجراءات جذرية سريعة، والعمل على تقديم الحلول المناسبة، لتقول: «إلى الآن لم تقدم هذه الحكومات أي مقترح. على العكس، ترفض استقبال مواطنيها، بدواعي أنهم يحملون فكراً متطرفاً يشكل خطراً على مجتمعاتها».
وحذرت من بقاء هذا الملف مفتوحاً دون حلول، وبقاء تلك العائلات في هذا المكان الذي يقع على مقربة من الحدود العراقية، شرق سوريا، وتابعت تقول: «بقاء تلك العوائل سوف يؤدي إلى انتشار وتزايد خطر (داعش) داخل المخيم وخارجه، لا بد من اتخاذ إجراءات من أجل إعادتهم إلى دولهم الأصلية لا أن تكتفي حكوماتهم بتقديم المساعدات الإنسانية».
وشهد المخيم وقوع أكثر من 30 جريمة قتل منذ بداية 2022، وناشدت همرين حسن المجتمع الدولي إنقاذ أطفال هذا المخيم الذين وقعوا ضحية قرارات آبائهم الكبار، وحذرت من تأثير أسرهم وتربيتهم في أجواء مشحونة تغذيها بالتطرف والعنف والتحريم، لتقول: «عوائل التنظيم هم بمثابة قنبلة موقوتة تشكل خطراً على العالم بأكمله لا على سوريا فقط»، ونوهت بأن بيئة المخيم غير ملائمة لتنشئة هؤلاء الأطفال الذين يشكون ما نسبته 65 في المائة من تعداد المخيم، وختمت حديثها قائلة: «البيئة غير ملائمة لإنشاء طفل إيجابي؛ فالمخيم يُعتبر بيئة يكثر فيها التطرف، إذن لا بد من إخراج هؤلاء الأطفال وإعادة تأهيلهم حتى يتمكنوا من التعايش مع مجتمعاتهم وتقبل جميع الأفكار».
يُذكر أن قوى الأمن الداخلي شنت حملات أمنية وعمليات، بالتنسيق من قوات التحالف الدولي والجيش الأميركي، على مدار الأعوام الماضية، وألقت القبض على عناصر شبكات تهريب البشر، بينهم نساء «داعشيات»، بتهم تشكيل «خلايا إرهابية لتهريب عوائل التنظيم». كما نفذت حملات مداهمة بشكل متكرر شملت معظم أقسام المخيم، وتشتبه في تورط نساء مؤيدات للتنظيم يلعبنّ أدوار الوسيط مع خلايا نائمة للتنظيم تكون خارج المخيم، في عمليات التهريب وتقديم الأموال لتغطي نفقات المهربين، ومد يد العون لعائلات مسلحي التنظيم المتشدّد.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي وزير الدفاع التركي يشار غولر متحدثاً خلال لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية الأحد (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.