اتجاهات عراقية تنتقد رغبة الصدر حل البرلمان وإحداث «تغييرات جذرية»

خمس دورات انتخابية سابقة لم تأتِ بالتعديل المنشود في ظل غياب التوافق السياسي

أنصار مقتدى الصدر داخل مقر البرلمان العراقي (أ.ف.ب)
أنصار مقتدى الصدر داخل مقر البرلمان العراقي (أ.ف.ب)
TT

اتجاهات عراقية تنتقد رغبة الصدر حل البرلمان وإحداث «تغييرات جذرية»

أنصار مقتدى الصدر داخل مقر البرلمان العراقي (أ.ف.ب)
أنصار مقتدى الصدر داخل مقر البرلمان العراقي (أ.ف.ب)

تواجه تحركات مقتدى الصدر وتياره السياسية منذ سنوات انتقادات غير قليلة، ليس فقط من خصومه التقليديين داخل الفضاء السياسي الشيعي، مثل نوري المالكي وائتلافه «دولة القانون» وقادة فصائل وميليشيات معروفة بتوتر علاقاتها الشديدة مع الصدريين، إنما من اتجاهات مدنية وشعبية أخرى بعيداً عن دائرة السلطة وأحزابها. والانتقادات غالباً ما ارتبطت بالأيام الأولى من إطاحة نظام حكم الرئيس الراحل صدام حسين، حين عمد الصدر إلى تشكيل ميليشيا مسلحة تحت اسم «جيش المهدي» وما ترتب على ذلك من صراعات ومواجهات أهلية، وما تفرع عن هذا الجيش من فصائل وميليشيات أخرى انشقت عنه. كما ارتبطت أيضاً بالمقاعد البرلمانية والحكومية الدائمة التي حجزها الصدر في معظم الدورات البرلمانية وضلوع بعض عناصر تياره ممن تسلموا مناصب حكومية بسياق الفساد الذي تعاني منه البلاد منذ سنوات. وإلى جانب كل ذلك، تعيب الاتجاهات الناقدة للصدر عليه سرعة تحولاته السياسية المباغتة من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال كما يقولون. من هنا، تبرز قضية الانتقادات التي يواجهها هذه الأيام بخاصة بعد تمسكه، أول من أمس، بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، بعد أن كان يصرّ خلال الأيام الماضية، وبعد أن دفع أتباعه إلى احتلال مبنى البرلمان والتمركز فيه، على ضرورة إجراء تغييرات جذرية في أسس النظام السياسي. ولا يفهم كثير من المنتقدين للصدر من عبارة «التغييرات الجذرية» سوى تعطيل الدستور وإعادة كتابته، ومحاسبة معظم رموز النظام المتورطين بعمليات الفساد، وملاحقة زعماء الفصائل المسلحة المرتبطين بأجندات خارجية.
ومع عودة الصدر إلى مربع الانتخابات المبكرة وحل البرلمان التي أثبتت تجربة الانتخابات المبكرة الأخيرة (أكتوبر - تشرين الأول 2021) أنها غير قادرة على حل مشكلة البلاد السياسية العميقة، وجد المنتقدون للصدر، أن ذلك يمثل «تأكيداً للمؤكد» من سلوكه السياسي الذي تمييز بالتناقض وعدم الثبات على خطة واضحة للتغير. وحيال موجة الانتقادات التي تعرض لها الصدر خلال اليومين الأخيرين نتيجة مطالبته بالانتخابات المبكرة وحل البرلمان، رأى القيادي في «التيار الصدري» ومحافظ بغداد السابق علي التميمي: إن «حل البرلمان لا يتعارض مع مطلب تعديل الدستور وتغيير النظام السياسي». وعلّل ذلك بأن «الانتخابات المبكرة تمكّن مجلس النواب الجديد ‎وبنسخته الثورية من تعديل الدستور واختيار شكل النظام السياسي، ثم عرض التعديل للاستفتاء، وبهذه الحالة ستكون كل الإجراءات دستورية، ولا يحق لأحد الاعتراض إطلاقاً».
ويعرف الصدريون، فضلاً عن خصومهم، أن أي برلمان ومهما كان «ثورياً» حسب التميمي، لن يكون قادراً على إحداث أي تغيير دستوري ما لم تتفق جميع القوى السياسية على ذلك، وهذا أمر متعذر كما ثبت من تجربة خمس دورات انتخابية سابقة. كذلك لن يتمكن الصدريون من إحداث التغيير المطلوب لوحدهم حتى لو حصلوا على ثلث مقاعد البرلمان (أكثر من 100 مقعد) وهذا الأمر مستبعد جداً هو الآخر. ومعروف أن مطلب التغييرات الدستورية كان مطروحاً على أجندة مجلس النواب منذ الدورة الأولى عام 2005، وكان أحد المطالب الرئيسية للقوى والأحزاب السنية، إلا أنه لم يحرز أي تقدم يُذكَر. ومن بين أمثلة المنتقدين والمشككين بتحركات الصدر الأخيرة، يقول الكاتب والمدون شاكر الناصري: «من الواضح أن الفرصة الذهبية التي تحدث عنها مقتدى الصدر، بعد دخول أتباعه مبنى البرلمان واجتياح المنطقة الخضراء، تلاشت تماماً، ولم تكن سوى حماسة شعبوية سرعان ما تسري بين الأتباع كالنار في الهشيم». ويضيف: «هذا ما تعودنا عليه، وعوّدنا مقتدى الصدر على سماعه منه عندما يكون في خضمّ أزمة سياسية تخصّ مصالح التيار الصدري والخشية من تفوق خصومه عليه، سياسياً وقانونياً وامتيازات». ويتابع: لقد «تراجعت ثورة مقتدى العاشورائية، سريعاً، عن كل مطالبها في التغيير، تغيير النظام السياسي والدستور، ومكافحة الفساد والمفسدين، وتحولت إلى حل مجلس النواب الحالي وإعادة الانتخابات! وبذلك يعود مقتدى الصدر إلى المربع الأول الذي انطلق منه لخوض صراعاته السياسية وانسحاب كتلته النيابية وشعوره بمخاطر انفراد الخصوم بالسلطة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.