«تاجر ديدان»... مهنة متنامية عربياً لإنتاج أسمدة آمنة

دراسات دولية أكدت أهميتها في تقديم «الأكل النظيف»

التجارة في ديدان الأرض أصبحت ملاذاً للعشرات من الشباب (فيسبوك)
التجارة في ديدان الأرض أصبحت ملاذاً للعشرات من الشباب (فيسبوك)
TT

«تاجر ديدان»... مهنة متنامية عربياً لإنتاج أسمدة آمنة

التجارة في ديدان الأرض أصبحت ملاذاً للعشرات من الشباب (فيسبوك)
التجارة في ديدان الأرض أصبحت ملاذاً للعشرات من الشباب (فيسبوك)

فقد الشاب العراقي سالم الناصر، الأمل في الحصول على عمل ملائم لدراسته، لكنه وجد ضالته أخيراً في مهنة لم تكن تخطر له على بال، وهي التجارة في ديدان الأرض من أنواع «ريد ويغلرز» أو ما يعرف بـ«دودة الأرض الحمراء» و«الزاحف الأفريقي» و«تايغر وورم».
الناصر الذي درس في كلية الزراعة، كان يعرف أن تلك الديدان تستخدم في إنتاج السماد الدودي «فيرمي كومبوست»، ولكن لم يخطر بباله يوماً أن تصبح تربيتها واستخدامها في إنتاج السماد هي مهنته، وذلك بعد أن حفزه على هذا التوجه إحدى الصفحات على موقع «فيسبوك»، التي ترصد تجارب لشباب عربي امتهن هذا العمل.
ويقول الناصر راوياً قصته مع تلك المهنة: «كنت محبطاً، حتى قرأت هذه الصفحة، فعرفت أن السماد المنتج بواسطة الديدان يحظى بقيمة تسويقية عالية، فلم أنتظر طويلاً، وبعد فترة من التفكير، قررت أن تكون تربية الديدان والاتجار فيها وإنتاج السماد بواسطتها، هي مهنتي التي أتكسب منها».
وكانت إحدى القصص الملهمة للناصر، تخص شاباً سعودياً، تناولت أكثر من صحيفة سعودية تجربته مع تربية ديدان وإنتاج السماد العضوي منها.
ويقول هذا الشباب السعودي، ويدعى نايف المالكي، الذي أصبح يمتلك الآن، أكثر من مليون دودة، إن مشروعه بدأ في عام 2017 عن طريق الصدفة، وذلك عندما نشر تغريدة عبر حسابه بموقع «تويتر»، نقل من خلالها معلومة أعجبته عن فوائد الديدان ودورها في إنتاج السماد، فتلقى على أثر هذه التغريدة استفساراً من مواطن ينتمي لمدينة جدة، يسأله عن مدى إلمامه بهذه الكائنات.
ويقول المالكي: «كان هذا المواطن يمتلك مزرعة لإنتاج الديدان، وما كان سؤاله إلا ليتأكد أن هناك من يشاركه هذا الاهتمام، فقام بدعوتي لزيارة مشروعه وفي نهاية الزيارة أهداني مجموعة من الديدان بدأت بها مشروع المليون دودة».
وتعمل المليون دودة التي يمتلكها المالكي على تحليل المخلفات العضوية من بقايا الطعام، وكذلك المخلفات الزراعية، بواسطة ما تفرزه من إنزيمات، لتحول المخلفات إلى سماد عضوي خالٍ من الكيماويات يُعرَف باسم السماد الدودي «فيرمي كومبوست».
ويحظى هذا السماد بقيمة تسويقية عالية لا سيما بين المهتمين بالزراعة العضوية من أجل إنتاج طعام نظيف، وهو ما دفع الشاب المصري محمود بسيوني، من قرية «القلج»، بمحافظة القليوبية «إحدى محافظات القاهرة الكبرى»، لامتهان هذا العمل.
ولم ينل بسيوني قسطاً وافراً من التعليم، إذ لم يتجاوز تعليمه السنة الخامسة من التعليم الابتدائي، ولكنه استطاع أن يثقف ذاته في هذا المجال، ليصبح واحداً من أبرز العاملين في تجارة الديدان، وكذلك السماد المنتج بواسطتها.
ويقول بسيوني لـ«الشرق الأوسط»: «ليس شرطاً الحصول على مؤهل دراسي مرتفع لإجادة هذا العمل، يكفي فقط أن تحب ما تعمل، وأنا أحب ما أعمل».
ومثل الآخرين كانت الصدفة هي طريق دخوله لهذه المهنة؛ حيث هاله ارتفاع ثمن دود الأرض المستخدم أيضاً في صيد الأسماك، فكان يبحث عن معلومات تعينه على كيفية توفيره بنفسه لإشباع هواية صيد الأسماك، فعرف أثناء هذا البحث قيمة هذا الدود، كأداة مهمة لإنتاج السماد العضوي، فكان ذلك هو الطريق لامتهان هذه المهنة.
وتمر عملية إنتاج السماد باستخدام ديدان الأرض بعدة مراحل، تبدأ كما يوضح بسيوني بتجهيز الأحواض التي ستتم تربية الديدان فيها، وتفرش نسبة 60 في المائة من هذه الأحواض بمصدر كربون مثل أوراق الأشجار والمخلفات الزراعية ومفروم القصب (المصاصة)، ثم توضع بكتيريا يتم توفيرها من وزارة الزراعة فوق هذه الأشياء مع دود الأرض، لتساعد على عملية تخمير هذه الأشياء، وفوق هذا الخليط يوضع روث الحيوانات، وعلى السطح يتم وضع أي بقايا من الطعام، التي ستكون بمثابة وجبات مميزة للدود، عدا الحمضيات والبصل والثوم واللحوم والأسماك وأي دهون، فهذه المكونات قد تؤدي إلى تسمم الدود، وتتم تغطية هذا الخليط بغطاء من «الخيش».
ويقول بسيوني: «يجب الحفاظ على رطوبة هذا الخليط، لأن الديدان تعيش في بيئة رطبة غنية بالكربون، وللحفاظ على ذلك يجب رش الأحواض يومياً بالماء».
وفي حال توفير البيئة المناسبة، يمكن أن تنتج الدودة الواحدة من السماد ثلث وزنها كل يوم، أي أن الكيلو الواحد من الدود، يمكن أن ينتج نصف كيلو سماد يومياً.
ويختلف سعر الكيلو من الدود، وفقاً لنوعه؛ حيث يصل سعر الكيلو من دودة «ريد ويجلرز» إلى 500 جنيه (26 دولاراً)، فيما يصل سعر الكيلو من الزاحف الأفريقي 900 جنيه (47 دولاراً).
ويقول بسيوني: «هذا الفارق الكبير بين النوعين يرجع لكفاءة الزاحف الأفريقي في الإنتاج؛ حيث إنه ينتج كمية أكبر من السماد، وفي وقت أقل من النوع الآخر».
https://www.youtube.com/watch?v=trsA7iEU9ik
وأياً كانت الأنواع، فإن السماد الناتج، الذي تسميه الدراسات العلمية بـ«السماد الدودي»، له فوائد جمة، تم إثباتها في أكثر من دراسة نشرت مؤخراً بالدوريات العلمية، كما حاولت دراسات أخرى اختبار فاعلية مكونات جديدة يمكن تضاف إلى الخليط المنتج للسماد.
إحدى هذه الدراسات كانت لفريق بحثي من كلية الموارد والبيئة بجامعة فوجيان للزراعة والغابات بالصين، ونشرت في الموقع الإلكتروني لدورية «التكنولوجيا البيئية والابتكار» في يوليو (تموز) الماضي، وكانت تتعلق باختبار تأثير إضافة كسب فول الصويا مع تفل قصب السكر (المصاصة) على جودة السماد، وأظهرت النتائج أن هذه الإضافات زادت من محتويات العناصر الغذائية الإجمالية والمتاحة في المنتج النهائي، كان تركيز جميع المعادن الثقيلة في السماد الدودي النهائي أقل من الحد الخطير.
واختبرت دراسة صينية أخرى لفريق بحثي من معهد التنوع البيولوجي بجامعة يونان، إضافة السماد الدودي «فيرمي كومبوست» إلى الأرض لزراعة نبات الذرة، وتمت المقارنة مع نبات آخر استُخدمت في زراعته أنواع أخرى من السماد الاصطناعي.
وأظهرت النتائج التي نشرت في عدد أبريل (نيسان) الماضي من دورية «بروسيس سيفتي آند إنفيرومنتال بروتكشين»، أن إضافة السماد الدودي «فيرمي كومبوست» إلى الأرض لزراعة نبات الذرة، ساعد على زيادة المواد العضوية في التربة (28.6 جم كجم - 1)، والتوصيل الكهربائي للتربة (84.4 ميكروغرام = سم - 1) والكتلة الحيوية للنباتات (265.1 جم)، مقارنة بالسماد الاصطناعي.



أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، أنها وسّعت مجدداً لائحتها السوداء التي تحظر استيراد منتجات من منطقة شينجيانغ الصينية، أو التي يُشتبه في أنها صُنعت بأيدي أويغور يعملون قسراً.

وقد اتُّهمت نحو 30 شركة صينية جديدة باستخدام مواد خام أو قطع صنِعَت أو جمِعَت بأيدي أويغور يعملون قسراً، أو بأنها استخدمت هي نفسها هذه العمالة لصنع منتجاتها.

وبهذه الإضافة، يرتفع إلى 107 عدد الشركات المحظورة الآن من التصدير إلى الولايات المتحدة، حسبما أعلنت وزارة الأمن الداخلي.

وقالت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، في بيان: «بإضافة هذه الكيانات، تواصل الإدارة (الأميركية) إظهار التزامها بضمان ألّا تدخل إلى الولايات المتحدة المنتجات المصنوعة بفعل العمل القسري للأويغور أو الأقليات العرقية أو الدينية الأخرى في شينجيانغ».

وفي بيان منفصل، قال أعضاء اللجنة البرلمانية المتخصصة في أنشطة «الحزب الشيوعي الصيني» إنهم «سعداء بهذه الخطوة الإضافية»، عادّين أن الشركات الأميركية «يجب أن تقطع علاقاتها تماماً مع الشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني».

يحظر قانون المنع الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2021، كل واردات المنتجات من شينجيانغ ما لم تتمكّن الشركات في هذه المنطقة من إثبات أن إنتاجها لا ينطوي على عمل قسري.

ويبدو أن المنتجات الصينية ستجد سنوات صعبة من التصدير إلى الأسواق الأميركية، مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على السلع الصينية جميعها، وهو ما أثار قلق الشركات الصينية وعجَّل بنقل المصانع إلى جنوب شرقي آسيا وأماكن أخرى.

كانت وزارة التجارة الصينية، قد أعلنت يوم الخميس، سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد، بما في ذلك تعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.

وكانت التجارة أحد المجالات النادرة التي أضاءت الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الطلب المحلي وتباطؤ قطاع العقارات، مما أثقل كاهل النمو.

وقالت الوزارة، في بيان نشرته على الإنترنت، إن الصين ستشجع المؤسسات المالية على تقديم مزيد من المنتجات المالية؛ لمساعدة الشركات على تحسين إدارة مخاطر العملة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية للحفاظ على استقرار اليوان «بشكل معقول».

وأضاف البيان أن الحكومة الصينية ستعمل على توسيع صادرات المنتجات الزراعية، ودعم استيراد المعدات الأساسية ومنتجات الطاقة.

ووفقاً للبيان، فإن الصين سوف «ترشد وتساعد الشركات على الاستجابة بشكل نشط للقيود التجارية غير المبررة التي تفرضها البلدان الأخرى، وتخلق بيئة خارجية مواتية لتعزيز الصادرات».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز»، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 40 في المائة على وارداتها من الصين في بداية العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 1 نقطة مئوية.