إحباط محاولة هروب جماعي في مخيم الهول شرق سوريا

إدارة المخيم أفشلت 728 عملية خلال عامين

صورة أرشيفية لأطفال مخيم الهول (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية لأطفال مخيم الهول (الشرق الأوسط)
TT

إحباط محاولة هروب جماعي في مخيم الهول شرق سوريا

صورة أرشيفية لأطفال مخيم الهول (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية لأطفال مخيم الهول (الشرق الأوسط)

في تسجيل مصور جديد نُشر على موقع قوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، التُقِط في مخيم الهول شرقي محافظة الحسكة؛ ظهرت مجموعة نساء اتشحنّ بالسواد يجلسنّ في مقطورة شاحنة محملة بالخشب ومواد البناء، وظهر إلى جانب النسوة طفل يضع يديه على وجه لإخفائه وهو يعتلي الباب الخلفي القصير وإلى جانبه جلس طفل ثانٍ، وذلك في أحدث محاولة لتهريب عائلات مسلحي تنظيم «داعش» القاطنين في هذا المخيم المكتظ.
ونقل مصدر أمني بارز من إدارة المخيم، أن قوى الأمن حصلت على معلومات تفيد بمتابعة محاولة تهريب عائلات عناصر التنظيم عبر شاحنة تنقل مواد بناء، وقال في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «خرجت شاحنة ظهر الثلاثاء من المخيم وتمكّنت من مراقبتها وتتبعها، ليتم ضبطها وعلى متنها 56 فرداً من عائلات التنظيم وهم 39 طفلاً و17 امرأة»، مشيراً إلى أن سائق الشاحنة مشتبه بتعاونه مع خلايا نائمة متورطة في عملية التهريب التي أحبطتها قوى الأمن بنجاح. وكشف المصدر عن وجود معلومات استخباراتية وتحقيقات حول أعداد من خلايا نشطة في التنظيم خططت لشن هجوم واسع يهدف إلى السيطرة الكاملة على هذا المخيم مترامي الأطراف، على غرار الهجوم الدامي على سجن الصناعة جنوبي مدينة الحسكة بداية هذا العام.
وتكررت حوادث الهروب من المخيم الواقع على بُعد نحو 45 كيلومتراً شرقي مدينة الحسكة، ويضم 56 ألفاً معظمهم من النساء والأطفال، كما يؤوي قسماً خاصاً بالعائلات المهاجرة من عائلات عناصر التنظيم، وهم 10 آلاف شخص يتحدرون من 54 جنسية غربية وعربية.
وكشف المتحدث باسم قوى الأمن الداخلي، علي الحسن، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن محاولات الفرار التي تم إحباطها وتوثيقها منذ مارس (آذار) 2020، وصلت إلى أكثر من 728 محاولة، «جميعها تقوم بها أسر مسلحي (داعش) من جنسيات مختلفة بغية الهروب من المخيم والوصول إلى المناطق الخاضعة للعمليات التركية، ومنها إلى داخل الأراضي التركية، حسبما كشفت التحقيقات»، لافتاً إلى أن «الجهاز العام لأمن المخيم، عمد إلى زيادة نقاط المراقبة والتفتيش وتسيير دوريات حول المخيم طوال النهار وفي ساعات الليل، لتفقد مداخله ومخارجه والتجول داخل أقسام المخيم التي تبلغ 9 قطاعات».
عن التدابير والإجراءات الأمنية بعد زيادة حوادث الهروب، نقل الحسن بأن قوى الأمن؛ ونظراً لكون مساحة المخيم شاسعة للغاية وهو محاط بأرض صحراوية وعرة، «قمنا بزيادة نقاط المراقبة ومخافر الحراسة وعدد مرات تجول دورياتنا داخل المخيم وخارجه»، مضيفاً بأنه تم إلقاء القبض على شبكات تهريب البشر، وتبين أن بينهم نساء «داعشيات»، يلعبن أدواراً في الوساطة بين خلايا نائمة للتنظيم داخل المخيم ومجموعات ثانية بالخارج متورطين في عمليات التهريب وتقديم العون لعوائل التنظيم. وترى مديرة المخيم همرين حسن، بأن مشكلة مخيم الهول «مشكلة دولية بامتياز»، ولا بد من اتخاذ الدول المعنية إجراءات جذرية قدم الحلول «وإلى الآن لم تقدم هذه الحكومات أي مقترح وترفض استقبال مواطنيها بدواعي أنهم يحملون فكراً متطرفاً يشكل خطراً على مجتمعاتها». وحذّرت من بقاء هذا الملف مفتوحاً من دون حلول، وبقاء تلك العائلات في هذا المكان الذي يقع على مقربة من الحدود العراقية شرقي سوريا. وناشدت حسن المجتمع الدولي لإنقاذ أطفال هذا المخيم، الذين يشكلون ما نسبته 65 في المائة من تعداد سكانه، ووقعوا ضحية قرارات آبائهم، وحذرت من تأثير أسرهم عليهم بتنشئتهم في أجواء مشحونة بالتطرف والعنف والتحريم. «عوائل التنظيم بمثابة قنبلة موقوتة تشكل خطورة على العالم بأكمله لا على سوريا فقط».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.