الحوثيون يفصلون 20 ألف معلم ويستحوذون على عائدات صندوقهم

الميليشيات أنفقت مليارات على فعاليات دينية ومعسكرات التجنيد

تلاميذ يمنيون داخل صف دراسي في صنعاء (أ.ف.ب)
تلاميذ يمنيون داخل صف دراسي في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يفصلون 20 ألف معلم ويستحوذون على عائدات صندوقهم

تلاميذ يمنيون داخل صف دراسي في صنعاء (أ.ف.ب)
تلاميذ يمنيون داخل صف دراسي في صنعاء (أ.ف.ب)

بعد أن ألغت الميليشيات الحوثية في اليمن مجانية التعليم التي كانت قائمة في البلاد منذ 60 عاماً، أقدمت على فصل أكثر من 20 ألف معلم بعد أن قطعت رواتبهم منذ 6 أعوام، وفق ما أفادت به مصادر تعليمية في صنعاء.
ووفق المصادر، قامت الميليشيات بإحلال عناصرها مكان المعلمين المفصولين، بينما أظهرت إحصائية حكومية أن الميليشيات حصلت على مائة وخمسة مليارات ريال يمني من ضرائب شحنات الوقود الواصلة إلى ميناء الحديدة منذ بداية الهدنة، مؤكدة أن المبلغ يكفي لتغطية جزء كبير من رواتب الموظفين العموميين والمتقاعدين المدنيين (الدولار حوالي 550 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة).
على وقع ذلك، أصدر مثقفون وكتاب يمنيون ونشطاء بياناً طالبوا فيه الميليشيات الحوثية بصرف رواتب المعلمين، وتوفير إمكانات لصندوق دعم المعلمين الذي تم إنشاؤه قبل 3 أعوام، ولكن لم يصرف منه سوى مرة واحد بمقدار 50 دولاراً لكل معلم؛ حيث انقطعت بعد ذلك أخبار الرواتب، ولا أحد يعلم أين تذهب موارد «صندوق دعم المعلم».
وأكد البيان أن «استمرار انقطاع المرتبات مع مطالبة المعلمين بالدوام أدى إلى فصل أكثر من 20 ألف معلم من الخدمة، تحت مبرر الانقطاع عن العمل، وهو انقطاع مبرَّر مرتبط بانقطاع المرتبات».
المثقفون والكتاب اليمنيون في بيانهم، انتقدوا سلطة الحوثيين «التي تأخذ الذي يفيدها من القوانين، وتسقط الذي يتوجب عليها من الحقوق»، فتطلب من المعلم الالتزام بالدوام الرسمي ومحاسبته عندما ينقطع، في حين أنها تمتنع عن صرف ما يستحقه من الحقوق، حتى ضمن الإمكانات المتاحة في صندوق دعم المعلم؛ حيث تم تحييد هذا الصندوق «وصرفه بعيداً عن المهمة التي تم إنشاؤه من أجلها».
ورأى مصدرو البيان أن المعالجات العاجلة لحل مشكلة مرتبات المعلمين «تتمثل في إيجاد إدارة تتمتع بالكفاءة لتطوير الموارد التي يتيحها صندوق دعم المعلم»، وصرف تلك الموارد على المعلمين بشكل حوافز تساعدهم على الاستمرار في التعليم.
المبررات التي تزعمها سلطة الميليشيات الحوثية لم تكن مقنعة لقطاع عريض من اليمنيين الذين يرصدون الإنفاق العبثي على الفعاليات الطائفية والتجنيد؛ حيث يعلق عبد الله عيسى على ذلك بالقول: «تتوفر رواتب مدرسي ومدرسات المراكز الصيفية والدفاتر والكتب لهذه المراكز؛ لكنها محرمة على من يفضلون الالتحاق بالمدارس الحكومية والتعليم العام».
في حين يشرح المعلم عبد الجبار محمد معاناتهم ويقول: «إن عاماً يمر ويأتي آخر ورواتب المعلمين لم تصرف، والعملية التعليمية من سيئ إلى أسوأ، ومع استمرار هذا الوضع سنجد أنفسنا أمام واقع كارثي؛ لأن أفضل المعلمين غادروا مدارسهم وعملوا في مهن أخرى، مقابل بدل شهري يدفعونه لخريجين من الثانوية العامة أو معاهد يعملون بدلاً عنهم لتجنب الفصل من الوظيفة».
ويبين محمد أن البعض الآخر من المعلمين تداركوا أنفسهم بالهجرة والاغتراب خارج البلاد، في حين أصيب آخرون ممن أجبرتهم الظروف على البقاء والعمل بأمراض نفسية متفاوتة.
وتشاركه في تلك الشكوى المعلمة حنان، وتقول إنه «رغم المعاناة والصبر على قطع الرواتب والفقر والالتزام بالدوام، فوجئت بقرار الإدارة التعليمية في مديرية معين (غرب العاصمة) بنقلي وزميلاتي من مدرستنا إلى مدارس أخرى بعيدة عن مواقع سكننا، ولهذا قررنا إحضار بدلاء وذهبنا للبحث عن عمل في مدارس خاصة أو في قطاع غير قطاع التعليم».
وكانت ميليشيات الحوثي قد أنشأت في عام 2019 ما سمَّته «صندوق دعم المعلم والتعليم» وحددت موارده من الضرائب التي فرضت على كل السلع المنتجة أو المستوردة وكذا من عائدات الاتصالات، وتم تحصيل عشرات المليارات طوال السنوات الثلاث الماضية، وفق مصادر عاملة في وزارة التربية التي يقودها يحيى الحوثي شقيق زعيم الميليشيات. إلا أن هذه المبالغ والتي كان من المفترض صرفها للمعلمين الذين قطعت رواتبهم، صرفت لعناصر ميليشيات الحوثي الذين تم إحلالهم بدلاً عن المعلمين الذين تم فصلهم، باستثناء مرة واحدة مُنح فيها بعض المعلمين مبلغ ثلاثين ألف ريال فقط (حوالي 50 دولاراً).
الحكومة اليمنية كانت قد اتهمت ميليشيات الحوثي مراراً بالاستيلاء على إيرادات الوقود التي دخلت ميناء الحديدة منذ بدء سريان الهدنة، وقال وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني، في تصريحات رسمية: «إن هذه الإيرادات كان يفترض تخصيصها لدفع مرتبات الموظفين؛ لكن ميليشيا الحوثي صادرتها وسخّرت جزءاً منها لما تصفه بالمجهود الحربي‏».
من ناحيته، أوضح وزير الخارجية والمغتربين في الحكومة اليمنية أحمد بن مبارك، أن عدد سفن المشتقات النفطية التي وصلت ميناء الحديدة منذ بدء الهدنة وحتى منتصف الأسبوع الماضي، بلغ 26 سفينة بإجمالي يفوق 720 ألف طن من المشتقات، إضافة إلى 7 سفن أخرى تم تسلم ملفاتها من مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن.
وذكر بن مبارك أن الرسوم الجمركية والضريبية التي حصّلتها ميليشيا الحوثي على هذه السفن بلغت 105 مليارات ريال يمني، وأكد أن هذه المبالغ تكفي لتغطية الجزء الأكبر من المرتبات الشهرية لموظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين المدنيين.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.