هل يستهدف «انقلاب» الصدر النظام في العراق؟

أحد مناصري مقتدى الصدر أمام صورة له في البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
أحد مناصري مقتدى الصدر أمام صورة له في البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
TT

هل يستهدف «انقلاب» الصدر النظام في العراق؟

أحد مناصري مقتدى الصدر أمام صورة له في البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
أحد مناصري مقتدى الصدر أمام صورة له في البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

بعد ساعات من اقتحام أنصار مقتدى الصدر، زعيم «التيار الصدري»، البرلمان العراقي، السبت الماضي، سألت «الشرق الأوسط» قيادات كردية وسنية عن توقعاتهم بشأن مستقبل هذا التحرك الجريء. لم يكن من بينهم أحد يشعر بالقلق؛ بأن ما سينتهي إليه الصدر سيقلب النظام بشكل جذري.
واحتاج الصدر إلى استعراض قدراته في الشارع أمام خصمه، «الإطار التنسيقي»، الذي كان على وشك التفاوض مع بقية الفعاليات السياسية لتمرير مرشحه، محمد السوداني، المقرب من نوري المالكي، لكن الصدر لم يجهض هذا المسار وحسب، بل فتح الباب لتغييرات عميقة في المنظومة الشيعية.
وفضّل مراقبون وسياسيون عراقيون تفسير حركة الصدر على أنها محاولة راديكالية لقلب النظام، لكن من الواضح أن التيار يريد فض الاشتباك بين علاقات القوة بين الفاعلين الشيعة، خصوصاً مع استحالة أي صيغة توافق مع «الإطار التنسيقي»، وإمكانية تثبيتها مع الكرد والسنة.
ويحاول «تحالف السيادة» و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» الحفاظ على قدر عالٍ من الحذر في التعامل مع حراك الصدر. ويقول قيادي كردي: «نعرف أن الصدر يريد عزل تيار المالكي وحلفائه من العملية السياسية (...) هذه حركة جريئة، وإن تمكن من إتمامها حتى النهاية، فسنشهد خريطة شيعية مختلفة»، فيما يعلّق مستشار سياسي سني بأن «عزل فريق التوتر (الإطار) سيمهد الطريق لتشكل منظومة شيعية أكثر حيوية واستقراراً، وأي مسار آخر يُبقي الصيغة القائمة سيُكتب له الفشل».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1555117084585218049?s=20&t=mF94WLuD8xsd92eZeYPIhA
ومن الواضح أن غالبية الفعاليات السياسية العراقية، من بينها ما تبقى من حراك أكتوبر (تشرين الأول) الاحتجاجي، تحاول دعم حراك الصدر، لكن هذا الموقف النامي قد يتعثر ويتراجع مع مرور الوقت، حين تتضح استراتيجية الصدر؛ بأن الاحتجاج الذي يقوده الآن هو أكبر من المناورة وأقل بكثير من الثورة.
وكان الصدر ذكياً بما يكفي لاستقطاب الجمهور الحانق على النظام، حين اقتحم المنطقة الخضراء وتمركز في مبنى البرلمان. كان الأمر بمثابة استدراج للروح «الثورية» الخامدة لدى غالبية «قوى تشرين»، ومحاولة تأكيد أن الصدر «أب» للاحتجاج. الآن، يوسع الصدر من رقعة استثماره لكل الرمزيات المتاحة. وأخيراً، حدد ساحة الاحتفالات وسط بغداد لإقامة صلاة الجمعة، وهي منصة مخصصة لتنظيم الاستعراضات العسكرية بناها رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين، عام 1986، لتكون رمزاً لإطلاق رسائل التفوق والانتصار خلال الحرب مع إيران، والتوترات اللاحقة في التسعينات، حتى انهيار النظام.
إنها مسارات متعددة لاحتلال الرمزيات، يحاول الصدر من خلالها ترسيخ الهدف الذي يعبر عنه غالباً بالحكومة «الأبوية»، بمعنى أنه يريد احتكار القرار الشيعي، وإنشاء تحالفات فرعية من قوى من الطائفة توافق على تقديم تنازلات ضامنة.
ويعتقد الصدر، بحسب مقربين منه، أن الإطاحة بالمالكي والطيف السياسي المتحالف معه، يجب أن تدعم بخطوات أساسية لاحقة، أهمها تعديل الدستور وتغيير المنظومة القضائية، فمن خلالهما تمكن خصوم الصدر من تقييد مشروعه في تشكيل حكومة أغلبية، بدفع مباشر من زعيم ائتلاف دولة القانون، كما يزعم منخرطون في المطبخ السياسي الشيعي.
ولا يقترح المسار الذي يعمل عليه الصدر ثورة بيضاء، ولا ثورة لقلب النظام. إنه أقرب إلى تصحيح النظام بثورة على المنظومة الشيعية. يقول القيادي الكردي، الذي فضل عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية التوقيت، إن «تحالف الأغلبية بين الصدر والكرد والسنة لم ينتهِ (...). كل الخطوات التي أقدم عليها الصدر كانت معلومة ومحسوبة، دون أن يعني هذا التنسيق المشترك بشأنها».
وسيبقى الصدر «ماسكاً» للأرض في بغداد، كأنه يضغط على رقبة «الإطار التنسيقي» ببطء وإحكام، بانتظار أن يطلق الأخير إشارة الاستسلام والقبول بشروطه، وهذا المسار من التصعيد المسيطر عليه، حتى الآن، يفعّل مساراً لتغييرات دستورية تحت إشراف حكومة انتقالية. يعتمد كل هذا على الطريقة التي يختارها «الإطار» لخسارة هذه المعركة مع الصدر.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

مقتل 7 فلسطينيين بقصف إسرائيلي في شمال الضفة الغربية

سيارة مدمرة بعد اقتحام إسرائيلي لمخيم الفارعة للاجئين الفلسطينيين شمال مدينة نابلس بالضفة الغربية في 5 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارة مدمرة بعد اقتحام إسرائيلي لمخيم الفارعة للاجئين الفلسطينيين شمال مدينة نابلس بالضفة الغربية في 5 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

مقتل 7 فلسطينيين بقصف إسرائيلي في شمال الضفة الغربية

سيارة مدمرة بعد اقتحام إسرائيلي لمخيم الفارعة للاجئين الفلسطينيين شمال مدينة نابلس بالضفة الغربية في 5 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارة مدمرة بعد اقتحام إسرائيلي لمخيم الفارعة للاجئين الفلسطينيين شمال مدينة نابلس بالضفة الغربية في 5 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

قُتل، الثلاثاء، 7 فلسطينيين في عمليات عسكرية إسرائيلية تخللها قصف وإطلاق نار في شمال الضفة الغربية المحتلة، وفق ما أفادت به مصادر فلسطينية عدة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان «سقوط شهيدين بقصف الاحتلال على قرية الشهداء جنوب جنين».

وكان محافظ جنين كمال أبو الرب قال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، صباحاً: «نفذ جيش الاحتلال هجوماً بطائرة مسيَّرة على مثلث الشهداء في بلدة قباطية فجر الثلاثاء، ما أدى إلى استشهاد كل من محمد عصعوص (40 عاماً) وقريبه شوقي عصعوص (38 عاماً)».

وتقع قرية قباطية جنوب مدينة جنين ومخيمها، وينفذ فيها الجيش الإسرائيلي بين الفينة والأخرى عمليات عسكرية يقول إنه يستهدف خلالها مجموعات مسلحة فلسطينية.

وبالتزامن مع العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن قتيلين في بلدة طمون جنوب محافظة طوباس في شمال الضفة الغربية.

وقال محافظ طوباس والأغوار الشمالية أحمد أسعد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «العملية العسكرية الإسرائيلية بدأت بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً، وتم خلالها قصف منزل؛ ما أدى إلى استشهاد هاني بني عودة وهو من بلدة طمون».

وقال أسعد: «هناك شهيد آخر انقسم إلى أشلاء نتيجة القصف»، وقام الجيش بالتحفظ على الجثمان، وهو ما أكدته وزارة الصحة الفلسطينية وقالت إن هُويته «لم تُعْرف» بعد.

وأشار أسعد إلى أن الجيش الإسرائيلي قام بتجريف طرق عدة داخل مخيم الفارعة القريب من طمون.

آليات عسكرية إسرائيلية ترافقها جرافة عسكرية تعمل خلال اقتحام إسرائيلي لمخيم الفارعة للاجئين قرب مدينة طوباس بالضفة الغربية في 5 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

من جانبه، أعلن «الهلال الأحمر الفلسطيني» في بيان له أن طواقمه «انتشلت جثمان الشهيد هاني بني عودة، فجر اليوم، من داخل منزل كانت تحاصره قوات الاحتلال».

بعد ظهر الثلاثاء وفي حادثة ثالثة منفصلة، أعلنت وزارة الصحة مقتل «3 شهداء جراء عدوان الاحتلال على قباطية».

وقال مدير «الهلال الأحمر» في مدينة جنين محمود السعدي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن طواقم «الهلال» «نقلت شهيدين أطلق عليهما النار جيش الاحتلال بعد أن صدمت مركبة عسكرية مركبتهما لإجبارها على التوقف».

وأشار السعدي إلى أن «الشهيد الثالث أصيب بطلق ناري» وهو على سطح منزله، «ما رفع عدد الشهداء في قباطية، الثلاثاء، إلى خمسة».

ورداً على استفسارات «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الجيش الإسرائيلي إنه يفحص الأمر.

ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية واسعة في مخيمات شمال الضفة الغربية، في جنين، وطولكرم، ونابلس وطوباس. وارتفعت وتيرة هذه العمليات عقب الهجوم الذي نفذته حركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.

وبمقتل السبعة يرتفع عدد الفلسطينيين الذي قُتلوا في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر إلى ما لا يقل عن 757 فلسطينياً، قُتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي أو برصاص المستوطنين، وذلك استناداً إلى تقارير وزارة الصحة الفلسطينية.

وفي الجانب الإسرائيلي، قُتل 24 شخصاً على الأقل في هجمات نفذها فلسطينيون خلال الفترة نفسها وفقاً لأرقام إسرائيلية رسمية.