تقرير إعلامي: «فاغنر» الروسية تهرّب الذهب السوداني بالتواطؤ مع قادة عسكريين

الخرطوم تقاضي فضائية «سي إن إن» وتتهمها ببث معلومات خاطئة

واحدة من المظاهرات الأخيرة المضادة للحكم العسكري في الخرطوم (أ.ب)
واحدة من المظاهرات الأخيرة المضادة للحكم العسكري في الخرطوم (أ.ب)
TT

تقرير إعلامي: «فاغنر» الروسية تهرّب الذهب السوداني بالتواطؤ مع قادة عسكريين

واحدة من المظاهرات الأخيرة المضادة للحكم العسكري في الخرطوم (أ.ب)
واحدة من المظاهرات الأخيرة المضادة للحكم العسكري في الخرطوم (أ.ب)

أعلنت وزارة المعادن السودانية أنها بصدد تحريك إجراءات قانونية ضد فضائية أميركية شهيرة بسبب تقرير نشرته عن تهريب مئات الأطنان من الذهب إلى روسيا، تقدر قيمتها بمليارات الدولار، «بالتواطؤ مع قادة عسكريين رفيعي المستوى في السلطة الحالية».
تقرير قناة «CNN» الذي أثار جدلاً كثيفاً في الشارع السوداني، كشف عن «مخطط روسيا لنهب موارد السودان لتحصين نفسها ضد العقوبات الغربية بسبب غزوها أوكرانيا، في مقابل دعم سياسي للقادة العسكريين السودانيين لقمع الاحتجاجات الرافضة لسلطة الجيش». لكن وزارة المعادن السودانية قالت إن الادعاءات التي أوردتها المحطة بأن الذهب المهرب من السودان إلى روسيا بلغ 223 طناً سنوياً، «مجافية للحقيقة»، بيد أنها أقرت «بوجود تهريب للذهب».
وذكر تقرير القناة الأميركية أن نحو 90 في المائة من إنتاج الذهب في السودان يتم تهريبه إلى الخارج، وقدرت قيمته بنحو 13.4 مليار دولار، في وقت تعيش البلاد أزمة اقتصادية خانقة، ويواجه الملايين من المواطنين الفقر وشبح الجوع.
ووفقاً لمصادر سودانية رسمية تحدثت للقناة، فإن أكثر من 16 رحلة جوية روسية معروفة عملت على تهريب الذهب السوداني الذي يعد ثالث أكبر إنتاج في أفريقيا على مدار العام ونصف العام الماضيين، ونقلت «CNN» عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين أن روسيا «دعمت بقوة الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة المدنية الانتقالية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لمساعدة جنرالات الجيش السوداني على البقاء في السلطة». وكشفت القناة عن فواتير تؤكد تورط شركة «فاغنر» الأمنية المرتبطة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتتخفى عبر واجهات متعددة، في استخراج الذهب من مناطق واسعة في السودان، مقابل توفير الأسلحة والتدريب للجيش والقوات شبه العسكرية في البلاد.
واستندت المحطة التلفزيونية إلى تقرير للجنة تفكيك نظام الرئيس السوداني المعزول عن عملية تهريب روسية بالتواطؤ مع عناصر من الجيش السوداني. لكن تم إغلاق التحقيق قبل وقت قصير من الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021. وأشارت إلى أن السجلات الرسمية السودانية التي اطلعت عليها تغطي نحو مرحلة تمتد على مدى عشر سنوات، لكن حجم الصادر من الذهب إلى روسيا ملغى ومفقود، على الرغم من كثرة الأدلة المتوفرة على تعاملات موسكو الواسعة في هذا القطاع.
وأورد التقرير إفادات لعدد من المسؤولين السودانيين، ورد فيها أن «كمية الذهب المفقودة أكبر من المعلن، باعتبار أن الحكومة السودانية تقلل إلى حد كبير من أرقام الذهب المنتج في المناجم غير الرسمية، ما يشوه الرقم الحقيقي». وكشف أن القادة العسكريين الحاكمين للبلاد، وأبرزهم رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو، الشهير بـ«حميدتي»، من «المستفيدين من الدعم الروسي».
وأوضحت وزارة المعادن السودانية، في بيان لها أول من أمس، أن «حجم إنتاج الذهب في الفترة من 2019 حتى يونيو (حزيران) 2022 لم يتجاوز 156 طناً، بما في ذلك إنتاج التعدين التقليدي، المنظم في قطاع الشركات، الذي بلغ 58.49 طن من الذهب الخام». وأكد البيان أن هذه الإحصائيات رسمية صادرة عن الوزارة والشركات المستثمرة، والبنك المركزي والجمارك وإدارات المواصفات والمقاييس والمطارات التي تدون وإيرادات الذهب من السودان إلى جانب حركة الطيران والموانئ من وإلى بلد الادعاء.
وأقرت وزارة المعادن بأن «التهريب أحد أكبر التحديات التي تواجهها، برغم ما تتخذه من إجراءات لإحكام الرقابة والسيطرة وما بذلته من جهود مع الأجهزة الأمنية والعدلية المختلفة من أجل الحد منها». وقالت إن تقرير قناة «CNN» تضمن «معلومات مغلوطة وبعيدة عن المهنية والأمانة الإعلامية، وأثار الكثير من اللغط والبلبلة والتضليل للرأي العام، وستشرع وزارة المعادن باتخاذ الإجراءات القانونية ضد القناة، خصوصاً أنها لم تتخذ الإجراءات المتبعة في الدخول إلى مناطق التعدين بإذن مسبق».
وقبيل عامين، كشف قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» عن «شركات امتياز كبيرة جداً تستخرج في الأسبوع 300 كيلوغرام من الذهب ولا توجد رقابة عليها». وأضاف أنه «أوقف طائرة بمطار الخرطوم تحمل 340 كيلوغراماً من الذهب، لكن تم إطلاق سراحها، وأبلغنا أن هذه الشحنة متفق عليها».
وفي موازاة ذلك تعرضت صفحة «تجمع المهنيين السودانيين» على ««فيسبوك»، «لحظر النشر وتقييد ظهور المحتوى»، عقب نشرها مقارنة بين تقرير القناة الأميركية ورد وزارة المعادن السودانية. وقاد تجمع المهنيين الذي يضم كيانات نقابية ومهنية، الاحتجاجات الشعبية في السودان حتى عزل الرئيس عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، واتهم قادة الانقلاب العسكري «بتهريب الذهب إلى روسيا عبر ذراعها شركة (فاغنر) الأمنية، بالتواطؤ مع بعض الشركات الأمنية والحكومية السودانية من دون أن تدخل عوائده خزينة الدولة».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

دعت مصر إلى ضرورة التوصل لحلول سلمية ومستدامة بشأن الأزمات والنزاعات القائمة في قارة أفريقيا، وأكدت تعاونها مع الاتحاد الأفريقي بشأن إعادة الإعمار والتنمية.

جاء ذلك خلال كلمة لوزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، السبت، بمناسبة فعاليات النسخة الرابعة لـ«أسبوع التوعية بملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات»، الذي ينعقد في أديس أبابا. وقال عبد العاطي إن النسخة الرابعة من «أسبوع إعادة الإعمار» تأتي في وقت «تتزايد فيه التحديات الأمنية والتنموية التي تواجه القارة الأفريقية».

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال فعاليات النسخة الثانية عشرة من «المنتدى الحضري العالمي» الذي استضافته القاهرة مطلع الشهر الحالي، «ضرورة حشد الجهود الدولية لوقف النزاعات والصراعات والحروب في المنطقة، والتركيز على إعادة الإعمار والبناء والتنمية»، مشيراً إلى «حرص بلاده على تقديم الدعم لدول المنطقة التي تواجه صراعات وحروباً».

ووفق «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، فقد أكد عبد العاطي في كلمته أن رؤية بلاده ارتكزت على التعامل مع التحديات بشكل عاجل وشامل، يراعي الأسباب الجذرية للنزاعات، ويُسهم في تعزيز قدرات ودور المؤسسات الوطنية والإقليمية والقارية على الصمود لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية المعقدة، سعياً نحو التوصل إلى حلول سلمية ومستدامة للأزمات والنزاعات القائمة، وبما يحول دون اندلاعها مجدداً.

كما تحدّث عبد العاطي عن التزام بلاده الثابت، تحت قيادة الرئيس السيسي، بـ«العمل بشكل وثيق مع مفوضية الاتحاد الأفريقي، وكل الأطراف أصحاب المصلحة، لتنفيذ ركائز سياسة الاتحاد الجديدة لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات».

ووفق الوزير عبد العاطي، فإن مصر تحرص خلال استضافتها لـ«منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة» على تناول تلك الرؤية بشكل مستفيض، وإبراز أهمية الملكية الوطنية والتضامن الأفريقي في تحقيق السلم والأمن المستدامين، فضلاً عن تسليط الضوء على العلاقة الترابطية بين السلم والأمن والتنمية.

وقال بهذا الخصوص: «إن مصر انخرطت بفاعلية في مسار اعتماد سياسة الاتحاد الأفريقي المنقحة لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات في فبراير (شباط) الماضي، تجسيداً لرؤيتها الوطنية؛ إذ تُثمن مصر التعاون والتنسيق المستمرين مع مفوضية الاتحاد الأفريقي للترويج لسياسة الاتحاد لإعادة الإعمار، بما يسهم في رفع مستوى الوعي، وتعزيز انخراط دول القارة والشركاء والمجتمع المدني في تنفيذ أهداف إعادة الإعمار».

وزير النقل المصري خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق سبتمر الماضي (النقل المصرية)

وتُشارك مصر في مشروعات إعادة الإعمار بالعراق، وفي هذا السياق، زار نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل المصري، كامل الوزير، بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، على رأس وفد رسمي، ضم رؤساء 13 شركة متخصصة في مشروعات البنية التحتية والطرق والكباري والسكك الحديدية والموانئ والإسكان، لبحث «المشاركة في تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار بالعراق»، وفق إفادة لوزارة النقل المصرية.

ودعا بدر عبد العاطي، السبت، شركاء القارة الأفريقية إلى الانخراط بفاعلية، خلال أعمال النسخة الرابعة من «أسبوع إعادة الإعمار»، والوفاء بتعهداتهم والتزاماتهم تجاه جهود إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات في أفريقيا، ومواءمة جهودهم في هذا الملف الحيوي مع الجهود الوطنية والإقليمية والقارية الجارية بغية تحقيق آمال وتطلعات أبناء القارة الأفريقية نحو مستقبل عنوانه «السلم والأمن المستدامان».

وكان وزير الخارجية والهجرة المصري قد ذكر في وقت سابق أنه «من بين أولويات السياسة المصرية في أفريقيا، دفع إقامة مشروعات البنية التحتية والتنمية بدول القارة»، لافتاً إلى تنفيذ بلاده «مشروعات ضخمة في عدد من الدول الأفريقية، مثل السد التنزاني، ومشروع توسيع وتجهيز الرصيف الرئيس لميناء جزر القمر».