بوتين وإردوغان لـ«ضبط الساعات» في قمة سوتشي

«صفقة الحبوب» وسوريا والتعاون العسكري والاقتصادي على أجندة البحث

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
TT

بوتين وإردوغان لـ«ضبط الساعات» في قمة سوتشي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

يعقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جلسة محادثات شاملة مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، في قمة هي الثانية التي تجمع الزعيمين خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، ما عكس توجها لدى الطرفين في مواصلة النقاشات في الملفات التي بدت فيها خلافات بين البلدين، والسعي إلى «ضبط الساعات» وفقا لتصريح الكرملين.
واستبق الكرملين الاجتماع الذي يعقد في سوتشي المقر الصيفي للرئيس الروسي بالإشارة إلى الأهمية التي توليها موسكو لمواصلة التنسيق مع الجانب التركي في الملفات التي تهم الطرفين. وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف إن أجندة الحوار سوف تشمل ملفات الاقتصاد وآليات تعزيز التعاون بين البلدين وأزمتي سوريا وأوكرانيا وسير تنفيذ «صفقة الحبوب».
وأضاف أن الاجتماع سيصبح فرصة لـ«ضبط الساعات» بشأن مدى فعالية آلية تصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول القضايا العالمية والإقليمية المهمة للبلدين. وكان الإعلان عن تحديد موعد قمة جديدة تجمع بوتين وإردوغان، قبل نحو أسبوع، شكل مفاجأة للأوساط السياسية والمراقبين، كون اللقاء لم يكن مدرجا على جدول أعمال بوتين سابقا. وجاء بعد مرور وقت قصير على محادثات الرئيسين في العاصمة الإيرانية. ما عكس أن الجانب التركي هو من بادر بطلب عقد الاجتماع لمواصلة بحث الملفات التي لم ينجح الطرفان في التوصل إلى تفاهمات بشأنها في اللقاء الأخير.
ومع الملفات التي أعلن عنها الكرملين، كان بيسكوف أشار في وقت سابق إلى أن موضوع التعاون العسكري بين البلدين سيكون حاضرا خلال اللقاء. وقال الناطق الروسي: «إن ملف التعاون العسكري التقني بين البلدين مدرج باستمرار على جدول الأعمال، وحقيقة أن تفاعلنا يتطور في هذا القطاع الحساس يشير إلى أن النطاق الكامل لعلاقاتنا بشكل عام على مستوى رفيع للغاية». ويعد هذا الملف حساسا للبلدين على خلفية الاعتراضات الأميركية القوية على توسيع التعاون العسكري بين موسكو وأنقرة. واللافت أن معطيات رددتها دوائر قريبة من الكرملين أخيرا، أشارت إلى أن ملف الإنتاج المشترك لطائرات «بيرقدار» التركية من دون طيار قد يكون مطروحا على أجندة الحوار الروسي التركي.
وتجنب بيسكوف إعطاء توضيح حول هذا الموضوع لكنه زاد أن «الاتصالات الأخيرة بين الزعيمين، شملت موضوع التعاون العسكري التقني بأبعاده المختلفة». في الملف الأوكراني، أوضح بيسكوف أن النقاشات بشأن عمل مركز التنسيق المشترك سوف تركز على مدى توافق عمل المركز مع الاتفاقيات المبرمة بين روسيا وأوكرانيا في حضور تركيا وهيئة الأمم المتحدة بشأن صادرات الحبوب. وكانت موسكو قررت خلال الأيام الأخيرة توجيه تحذيرات إلى الأمم المتحدة بضرورة تسريع الالتزام بالضمانات التي حصلت عليها في إطار «صفقة الحبوب» والتي تقضي بربط تسهيل الصادرات الأوكرانية برفع القيود غير المباشرة المفروضة على صادرات الحبوب والأسمدة من روسيا. وبدا أن حديث الكرملين عن مواصلة النقاش حول الملف السوري يحمل إشارة إلى احتمال عودة بوتين وإردوغان لمناقشة العملية العسكرية التركية المحتملة في شمال سوريا، بعدما كانت موسكو وطهران ـعربتا عن معارضة واضحة ومباشرة للعملية العسكرية خلال اللقاء الثلاثي الذي جرى في طهران قبل ثلاثة أسابيع. وكان إردوغان أعلن تصميمه على مواصلة تنفيذ الخطوات التي تعزز الأمن التركي في المناطق الحدودية. وأعلن مسؤولون في تركيا أن إنقرة «لا تستأذن أي طرف لتعزيز أمنها القومي»، وعكست هذه العبارة درجة استياء الرئيس التركي من نتائج لقاء طهران على هذا الصعيد، ما دفع محللين في موسكو إلى ترجيح أن يكون هذا الملف بين الأسباب الأساسية التي دفعت إلى المبادرة لترتيب هذه القمة بشكل عاجل.
على صعيد الوضع في أوكرانيا، وجهت موسكو اتهامات جديدة بالانخراط بشكل مباشر في العمليات العسكرية الدائرة في هذا البلد. وبعد مرور أقل من 24 ساعة على اتهام وزارة الدفاع الأميركيين بتعزيز النشاط الاستخباراتي وتوجيه الضربات الصاروخية التي تشنها كييف على مواقع الجيش الروسي والانفصاليين الموالين لموسكو، وجه نائب وزير خارجية روسيا أوليغ سيرومولوتوف، اتهامات جديدة وقال إن واشنطن تستخدم مع حلفائها تكنولوجيا المعلومات لأغراض هجومية وساهمت بتطوير «جيش إلكتروني أوكراني» لمهاجمة البنى التحتية الروسية. وكان أندريه كروتسكيخ مدير إدارة أمن المعلومات الدولية في وزارة الخارجية الروسية، قال في وقت سابق إن مجموعات قراصنة من أوكرانيا، وكذلك من الولايات المتحدة، وجورجيا، نشطت تنفيذ هجمات إلكترونية ضد المؤسسات الحكومية الروسية وضد بنوك المعلومات والبيانات الخاصة بالمواطنين الروس والأجانب في روسيا. ميدانيا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها دمرت قاعدة لتخزين أسلحة وذخيرة غربية في مقاطعة لفوف، غرب أوكرانيا، وهي منطقة متاخمة لبولندا ونادرا ما تعرضت لضربات روسية. وقال الجيش الروسي في بيان إن «صواريخ روسية عالية الدقة» دمرت قرب راديخيف في منطقة لفيف، «مستودع أسلحة وذخيرة أجنبية تم تسليمها لنظام كييف من بولندا».
وقال الناطق باسم الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف إن صواريخ بعيدة المدى أطلقت من الجو، بالقرب من بلدة راديخوف دمرت مستودعا ضخما كان يجري تخزين الأسلحة والمعدات القادمة من بولندا فيه. كما أشار إلى قيام القوات الجوية الروسية بتوجيه ضربة على نقطة انتشار مؤقتة لإحدى وحدات اللواء 81 المحمول جوا الأوكراني، أدت إلى القضاء على أكثر من 50 فردا وتدمير 6 مركبات. وزاد الناطق في إيجاز حول حصيلة عمليات الجيش الروسي خلال الساعات الـ24 الماضية أن القوات الروسية نفذت هجوما مماثلا في منطقة خاركيف، أوقع خسائر كبيرة في صفوف الجيش الأوكراني. وقال إن الهجوم استخدمت فيه نيران كثيفة لسلاح المدفعية. وعموما، خلال اليوم الماضي استهدف الجيش الروسي ثلاثة مراكز قيادة إضافة إلى قوات ومعدات عسكرية أوكرانية في 133 منطقة، كما تم تدمير أربعة مستودعات للأسلحة والذخائر الصاروخية والمدفعية، ومستودع وقود للمعدات العسكرية. وأسقطت الدفاعات الجوية الروسية وفقا للبيان، خمس طائرات أوكرانية بدون طيار في الجو، كما اعترضت صاروخين باليستيين من طراز «توتشكا».


مقالات ذات صلة

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

العالم إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

أعلنت السلطات المعينة من روسيا في القرم إسقاط طائرة مسيرة قرب قاعدة جوية في شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا، في حادثة جديدة من الحوادث المماثلة في الأيام القليلة الماضية. وقال حاكم سيفاستوبول ميخائيل رازفوجاييف على منصة «تلغرام»: «هجوم آخر على سيفاستوبول. قرابة الساعة 7,00 مساء (16,00 ت غ) دمرت دفاعاتنا الجوية طائرة من دون طيار في منطقة قاعدة بيلبيك».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل روسيا، اليوم الخميس، من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين الذي اتهمت موسكو كييف بشنّه، لتكثيف هجماتها في أوكرانيا. وقال بوريل خلال اجتماع لوزراء من دول الاتحاد مكلفين شؤون التنمي«ندعو روسيا الى عدم استخدام هذا الهجوم المفترض ذريعة لمواصلة التصعيد» في الحرب التي بدأتها مطلع العام 2022. وأشار الى أن «هذا الأمر يثير قلقنا... لأنه يمكن استخدامه لتبرير تعبئة مزيد من الجنود و(شنّ) مزيد من الهجمات ضد أوكرانيا». وأضاف «رأيت صورا واستمعت الى الرئيس (الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

ذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، صباح اليوم (الخميس)، نقلاً عن خدمات الطوارئ المحلية، أن حريقاً شب في جزء من مصفاة نفط في جنوب روسيا بعد هجوم بطائرة مسيرة. وقالت «تاس»، إن الحادث وقع في مصفاة «إلسكاي» قرب ميناء نوفوروسيسك المطل على البحر الأسود. وأعلنت موسكو، الأربعاء، عن إحباط هجوم تفجيري استهدف الكرملين بطائرات مسيرة، وتوعدت برد حازم ومباشر متجاهلة إعلان القيادة الأوكرانية عدم صلتها بالهجوم. وحمل بيان أصدره الكرملين، اتهامات مباشرة للقيادة الأوكرانية بالوقوف وراء الهجوم، وأفاد بأن «النظام الأوكراني حاول استهداف الكرملين بطائرتين مسيرتين».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

تثير الهجمات وأعمال «التخريب» التي تكثّفت في روسيا في الأيام الأخيرة، مخاوف من إفساد الاحتفالات العسكرية في 9 مايو (أيار) التي تعتبر ضرورية للكرملين في خضم حربه في أوكرانيا. في الأيام الأخيرة، ذكّرت سلسلة من الحوادث روسيا بأنها معرّضة لضربات العدو، حتى على بعد مئات الكيلومترات من الجبهة الأوكرانية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. تسببت «عبوات ناسفة»، الاثنين والثلاثاء، في إخراج قطارَي شحن عن مساريهما في منطقة محاذية لأوكرانيا، وهي حوادث لم يكن يبلغ عن وقوعها في روسيا قبل بدء الهجوم على كييف في 24 فبراير (شباط) 2022. وعلى مسافة بعيدة من الحدود مع أوكرانيا، تضرر خط لإمداد الكهرباء قرب بلدة في جنو

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

أكد سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) نشر وحدات عسكرية إضافية في أوروبا الشرقية، وقام بتدريبات وتحديثات للبنية التحتية العسكرية قرب حدود روسيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، اليوم الأربعاء. وأكد باتروشيف في مقابلة مع صحيفة «إزفستيا» الروسية، أن الغرب يشدد باستمرار الضغط السياسي والعسكري والاقتصادي على بلاده، وأن الناتو نشر حوالى 60 ألف جندي أميركي في المنطقة، وزاد حجم التدريب العملياتي والقتالي للقوات وكثافته.


الاستخبارات الإيرانية: إحباط 30 تفجيراً متزامناً واعتقال دواعش يتبعون أساليب إسرائيلية

وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة الإيرانية خلال تدريبات سابقة (التلفزيون الرسمي)
وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة الإيرانية خلال تدريبات سابقة (التلفزيون الرسمي)
TT

الاستخبارات الإيرانية: إحباط 30 تفجيراً متزامناً واعتقال دواعش يتبعون أساليب إسرائيلية

وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة الإيرانية خلال تدريبات سابقة (التلفزيون الرسمي)
وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة الإيرانية خلال تدريبات سابقة (التلفزيون الرسمي)

قالت وزارة الاستخبارات الإيرانية (الأحد) إنها أحبطت «30 تفجيراً إرهابياً متزامناً» في مناطق مأهولة بالعاصمة طهران، مشيرة إلى اعتقال شبكة من 28 شخصاً يتبعون «أنماطاً عملياتية إسرائيلية».

ونقلت وسائل إعلام إيرانية رسمية عن بيان وزارة الاستخبارات إلى التفجيرات: «جرى التخطيط لها تحديداً في الذكرى السنوية لاضطرابات العام الماضي، بهدف تقويض القوة الأمنية، وتقديم صورة مزعزعة للاستقرار في البلاد، وخلق مشاعر الإحباط في المجتمع، والتحريض على الاحتجاجات».

وذكر البيان أن القوات الأمنية قامت بـ«سلسلة من العمليات المتزامنة في محافظة طهران وألبرز وغرب أذربيجان»، لافتاً إلى أن «هاجمت قوات عدة ومنازل للإرهابيين، واعتقلت 28 من أعضاء الشبكة الإرهابية».

وأوضح البيان أن الشبكة «مرتبطة» بتنظيم «داعش»، و«لديهم سجل في مرافقة الجماعات المتطرفة في سوريا أو الحضور في أفغانستان وباكستان وإقليم كردستان العراق».

ولفت البيان إلى أن إحدى العمليات ضد مخابئ الشبكة، «كان الإرهابيون فيها يعتزمون تنفيذ تفجيرات انتحارية كادت تلحق أضراراً بسكان المنازل المجاورة»، وأشار إلى جرح عنصرين من قوات الأمن لدى التصدي لمحاولة التفجير الانتحاري.

وقال البيان: «على الرغم من أن المعتقلين من عناصر (داعش)، فإن نموذج تصميم العملية وسلوك هؤلاء الإرهابيين أكثر تطوراً وتعقيداً من الأسلوب المعتاد لـ(داعش)». وأضاف قائلاً: «إن هناك توافقاً لافتاً مع ممارسات وآليات معروفة للكيان الصهيوني». وتحدث عن «تطبيق الأساليب التنظيمية للخلايا، واستخدام أساليب لخداع واستغلال ضباط الاستخبارات (الإيرانية) والتركيز على شبكات التواصل الاجتماعية الأجنبية خصوصاً (واتساب)، واستخدام وسائط متعددة في الاتصال». كما أشار إلى «استخدام المزورين المحترفين لتوفير الوثائق المطلوبة».

وخلص البيان إلى أن «كل ذلك يشير إلى وجود مصدر خارج تنظيم (داعش) وراء كواليس الشبكة المعتقلة».

وقالت وزارة الاستخبارات الإيرانية إنها «صادرت كميات كبيرة من المواد المتفجرة والقنابل الجاهزة والمواد الخام، وأحزمة ناسفة، وسترات انتحارية، وأدوات إلكترونية مختلفة للقنابل الموقوتة و17 مسدساً أميركي الصنع مع ذخائره، وأجهزة ذكية للاتصالات عبر الأقمار الصناعية، والملابس العسكرية، وأجهزة مودم في إقليم كردستان العراق وكمية من العملات الأجنبية».

ويأتي البيان في سياق الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها السلطات لمنع تكرار الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق بدعوى سوء الحجاب.

وخلال الأيام الأخيرة، صعدت السلطات الإيرانية من ضغوطها على العراق خصوصاً إقليم كردستان، للدفع بمذكرة تفاهم أمني وقّعتها بغداد وطهران في مارس (آذار) الماضي لنزع أسلحة الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة، التي تتهمها السلطات الإيرانية بتأجيج الحراك الاحتجاجي في المدن الكردية الواقعة غرب وشمال غربي إيران.


إسرائيل: القبض على خلايا بجامعة بيرزيت جندتهم «حماس» لتنفيذ هجمات

جنود إسرائيليون ينظرون بالقرب من الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة خلال اشتباكات مع متظاهرين امس (رويترز)
جنود إسرائيليون ينظرون بالقرب من الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة خلال اشتباكات مع متظاهرين امس (رويترز)
TT

إسرائيل: القبض على خلايا بجامعة بيرزيت جندتهم «حماس» لتنفيذ هجمات

جنود إسرائيليون ينظرون بالقرب من الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة خلال اشتباكات مع متظاهرين امس (رويترز)
جنود إسرائيليون ينظرون بالقرب من الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة خلال اشتباكات مع متظاهرين امس (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، القبض على خلايا «إرهابية» بجامعة بيرزيت جنوب نابلس بالضفة الغربية تم تجنيدهم من قبل عملاء لـ«حماس» من قطاع غزة كانوا يخططون لتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية.

وأوضح الجيش، في بيان له على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، أنه اعتقل 8 أفراد كانوا مختبئين داخل حرم الجامعة وشخصاً آخر ألقي القبض عليه في المنطقة، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

وقالت «حماس» تعليقاً على الخبر في بيان عبر «تلغرام»، إن الاعتقالات التي نفذتها إسرائيل داخل حرم الجامعة «لن تكسر إرادة الحركة الطلابية المناصرة للمقاومة داخل الجامعات والمؤسسات الوطنية»، مطالبة إدارات الجامعات بالقيام بدورها في حماية الطلاب والمجالس المنتخبة، مشددة على ضرورة الإفراج الفوري عن كل الطلبة.


الاعتداءات على العرب تؤرق حكومة إردوغان

مشاة في إحدى مناطق أضنة حيث يقيم عدد كبير من اللاجئين السوريين، مايو 2023 (غيتي)
مشاة في إحدى مناطق أضنة حيث يقيم عدد كبير من اللاجئين السوريين، مايو 2023 (غيتي)
TT

الاعتداءات على العرب تؤرق حكومة إردوغان

مشاة في إحدى مناطق أضنة حيث يقيم عدد كبير من اللاجئين السوريين، مايو 2023 (غيتي)
مشاة في إحدى مناطق أضنة حيث يقيم عدد كبير من اللاجئين السوريين، مايو 2023 (غيتي)

تؤرق سلسلة اعتداءات استهدفت، في الفترة الأخيرة، العربَ في تركيا، حكومة رجب طيب إردوغان التي عزَّزت إجراءات مكافحة التحريض على العنف وكراهية الأجانب.

فبعدما أصبح الخطاب المعادي لبقاء اللاجئين السوريين في تركيا معتاداً، ويجري التعامل معه على صعيد تصريحات التهدئة والطمأنة إلى جهود إعادتهم بشكل آمن إلى بلادهم، اتَّسع الخطاب ليشمل المقيمين والسياح العرب، لدرجة الخوف من الحديث باللغة العربية في المواصلات العامة، بعد تفشي تيار العنصرية في أجزاء من الشارع التركي.

وشكَّلت جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية في مايو (أيار) النقطة الفارقة في ملف «العنصرية الجديدة» بتركيا، إذ انتشرت سريعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي مشاهد الاعتداءات والإهانات للعرب وحوادث الاعتداء التي تبدو فردية، لكنَّها ناتجة عن التعرض لسيل من التحريض على كراهية العرب. ونجحت المعارضة العلمانية، ومعها قوميون متشددون، في تطوير استخدام ورقة اللاجئين والأجانب إلى أداة لشحن المجتمع التركي مستغلين الأزمة الاقتصادية الضاغطة على الأتراك.

وفي الأيام الأخيرة، سيطرت حادثة الاعتداء على السائح الكويتي محمد راشد العجمي في مدينة طرابزون بمنطقة البحر الأسود في شمال تركيا على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا والعالم العربي. وسبقها مقتل مواطن مغربي في إسطنبول بسبب خلاف مع سائق سيارة أجرة، ما أدَّى إلى إطلاق حملات في المغرب ودول خليجية تدعو لمقاطعة السياحة إلى تركيا.


بلينكن: طهران ليست مهتمة بلعب دور مسؤول في برنامجها النووي

بلينكن يتحدث خلال مؤتمر صحافي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أمس (رويترز)
بلينكن يتحدث خلال مؤتمر صحافي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أمس (رويترز)
TT

بلينكن: طهران ليست مهتمة بلعب دور مسؤول في برنامجها النووي

بلينكن يتحدث خلال مؤتمر صحافي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أمس (رويترز)
بلينكن يتحدث خلال مؤتمر صحافي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أمس (رويترز)

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن إيران «ليست مهتمة بلعب دور مسؤول في برنامجها النووي»، فيما قال مسؤول أوروبي رفيع يشرف على محادثات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، إنه «لا بديل للصفقة» التي تفرض على الأنشطة الإيرانية قيوداً، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.

وأعلن إنريكي مورا نائب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الذي يلعب دور المنسق والوسيط في المحادثات الهادفة لإعادة العمل بالاتفاق النووي، أنه أجرى مباحثات مع مسؤولين إيرانيين وأوروبيين وأميركيين بشأن مسار المحادثات المتعثر منذ العام الماضي.

وكتب مورا في منشور على منصة «إكس»: «كما جرت العادة فإن الاتفاق النووي كان حاضراً على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، لقد التقيت كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، والمبعوث الأميركي الخاص بإيران أبرام بالي، ودبلوماسيين أوروبيين».

ونوه مورا بأن «سياسة الاتحاد الأوروبي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التوصل إلى اتفاق شامل بشأن القيود النووية الملموسة والقابلة للتحقق بشكل كامل على البرنامج النووي الإيراني».

وأضاف الدبلوماسي الإسباني أن «من خلال مراقبة جوهرية للوكالة الدولية للطاقة الذرية ورفع العقوبات الشاملة، لقد جرى إثبات الأحكام المتعلقة بالتعاون النووي، الذي يسمح لإيران بامتلاك صناعة نووية قوية وشفافة، بما في ذلك الأبحاث بشكل كامل». وأضاف: «يمكن تسمية خطة العمل الشاملة المشتركة أو أفضل صفقة على الإطلاق» وتابع :"ليس هناك بديل»

وجاءت تغريدات مورا في وقت قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن طهران «ليست مهتمة بأن تكون جهة مسؤولة فيما يتعلق ببرنامجها النووي». وانتقد في تصريحات صحافية خطوة إيران الأخيرة بإلغاء تصريح مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ونقل موقع الخارجية الأميركية قوله في هذا الصدد: «في الأسبوع الماضي فقط، رأيناهم يزيلون مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذين يكتسبون أهمية حاسمة للقيام بعمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لضمان أن تكون إيران متسقة مع أي التزامات عليها وما هي عليه - ولديها إحساس واضح بما يفعلونه بالفعل».

وأوضح بلينكن أن أنشطة إيران النووي «تشكل عنصراً مزعزعاً للاستقرار بشكل كبير، ويهدد أمن البلدان ليس في المنطقة فحسب بل خارجها أيضاً»، وأضاف: «لهذا السبب نحن مصممون (إدارة بايدن) على عدم حصول إيران على سلاح نووي أبداً»، معرباً عن اعتقاده بأن «الدبلوماسية هي الطريقة الأكثر فاعلية للقيام بذلك».

وألقى بلينكن باللوم على إيران في عدم إنجاز المحادثات غير المباشرة التي بدأت في أبريل (نيسان) 2021، وتعثرت في مارس (آذار) 2022، وفشلت آخر محاولة من مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، لإنجاز المحادثات عندما رفضت إيران مسودة الاتحاد في سبتمبر (أيلول) العام الماضي.

وقال بلینکن: «حاولنا العمل بشكل غير مباشر مع إيران، وكذلك مع الشركاء الأوروبيين، وحتى روسيا والصين، لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا العودة إلى الامتثال المشترك للاتفاق النووي الإيراني، ما يسمى بخطة العمل الشاملة المشتركة، لكن إيران لم تستطع أو لم ترغب في القیام بذلك». وصرح: «المشكلة واضحة للغاية، هي إيران. هذا هو العنصر المزعزع للاستقرار».

بموازاة ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان للتلفزيون الرسمي الإيراني على هامش أعمال الجمعية العامة في نيويورك، إن «عودة جميع الأطراف إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران، ليسا بعيدي المنال إذا أظهرت أميركا إرادة حقيقية وابتعدت عن التعامل المتعدد الأوجه».

ونقلت وكالة «أرنا» الرسمية عن عبداللهيان أنه تحدث بصراحة لمسؤولين أميركيين سابقين في إحدى الجلسات التي شارك فيها بأحد مراكز الأبحاث الأميركية.

في الأثناء التقى عبداللهيان، اليوم (السبت)، نظيره السويدي توبياس بيلستروم، على هامش أعمال الجمعية، وذلك بعد شهور طويلة من التوتر الدبلوماسي بين استوكهولم وطهران، على خلفية احتجاز مواطنين سويديين في إيران، وإعدام أحدهم، وكذلك قضية ممثل الادعاء العام الإيراني السابق في سجن غوهردشت بطهران، الذي كان مشرفاً على إعدامات جماعية في 1988.

عبد اللهيان يلتقي نظيره السويدي توبياس بيلستروم على هامش أعمال الجمعية (الخارجية الإيرانية)

وقبل أسابيع من أعمال الجمعية العامة تسرب نبأ اعتقال دبلوماسي سويدي يعمل لدى الاتحاد الأوروبي، وتحتجزه طهران منذ 500 يوم.

كانت طهران قد صعدت من انتقاداتها للسويد خلال الشهور الأخيرة بعدما أقدم مهاجر عراقي متطرف على حرق المصحف في السويد.

وفي سياق محاولات طهران لتخفيف التوتر وكسر عزلتها، ناقش عبداللهيان ونظيره الكوري الجنوبي تعزيز العلاقات الثنائية، بعدما قامت سيول بتحول أموال إيرانية مجمدة، في إطار الصفقة الأميركية - الإيرانية لتبادل السجناء التي جرت الأسبوع الماضي.

وقالت الخارجية الكورية الجنوبية، في بيان، إن  وزير الخارجية بارك جين ونظيره أجريا محادثات الجمعة، واتفقا على دفع العلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب من خلال الاتصالات عالية المستوى.
وشارك الوزيران في التقييم الذي مفاده أن التحويل الأخير لأموال طهران المجمدة في سيول إلى دولة ثالثة تم تنفيذه على نحو سلس، واتفقا على استخدام هذه القضية فرصةً لتعزيز العلاقات.

وقامت كوريا الجنوبية بتحويل 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية، لكن محمد دهقان نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية، طالب سيول بدفع تعويضات من الخسائر التي لحقت بالأصول الإيرانية، وفقد إيران نحو مليار دولار من أموالها التي كانت مودعة بالعملة الكورية الجنوبية، بسبب تراجع العملة.
ونقلت مواقع إيرانية عن محافظ البنك المركزي محمد رضا فرزين، أنه يتعين على كوريا الجنوبية دفع 850 مليون دولار تعويضاً لإيران.


الاعتداءات على العرب في تركيا... عنصرية متجذّرة أم حوادث فردية؟

مهاجرة تطلّ من سياج حدودي مع سوريا في شانلي أورفا، مايو 2023 (غيتي)
مهاجرة تطلّ من سياج حدودي مع سوريا في شانلي أورفا، مايو 2023 (غيتي)
TT

الاعتداءات على العرب في تركيا... عنصرية متجذّرة أم حوادث فردية؟

مهاجرة تطلّ من سياج حدودي مع سوريا في شانلي أورفا، مايو 2023 (غيتي)
مهاجرة تطلّ من سياج حدودي مع سوريا في شانلي أورفا، مايو 2023 (غيتي)

كشفت سلسلة من الاعتداءات وقعت في الفترة الأخيرة في تركيا عن تبلور نزعة عنصرية ضد العرب على وجه التحديد، وإن بدت في ظاهرها حوادث فردية وشجارات عادية، ربما يقع مثلها الآلاف في أنحاء العالم يومياً، إلا أن تواليها وحجم انتشارها على منصات التواصل الاجتماعي فجّرا تساؤلات عما إذا كان القوميون المتطرفون في تركيا نجحوا في تعبئة الشارع التركي ضد كل ما هو عربي، وعن المدى الذي يمكن أن تصل إليه هذه الاعتداءات، وما الذي ستفعله حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان لمواجهة هذا التيار الذي يشكل تحدياً كبيراً لها.

بل إن السؤال الأكثر إلحاحاً في ظل هذه الموجة غير المسبوقة من التحريض على كراهية العرب، هو: هل اضطرت الحكومة لغض الطرف عن تلك الحوادث لترفع عن كاهلها ضغوط المعارضة وقطاع عريض من الشعب التركي؟ خاصة أن الحملات ضد الأجانب تفاقمت خلال موسم الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو (أيار) الماضي، مع استغلال المعارضة ملف اللاجئين السوريين والعرب الحاصلين على الجنسية التركية ورقة ضغط ضد الحكومة.

فبعدما أصبح الخطاب المعادي لبقاء اللاجئين السوريين في تركيا معتاداً ويجري التعامل معه على صعيد تصريحات التهدئة والطمأنة إلى جهود إعادتهم بشكل آمن إلى بلادهم، اتسع الخطاب ليشمل المقيمين والسياح العرب، لدرجة الخوف من الحديث باللغة العربية في أي مكان، خاصة في المواصلات العامة، بعد تفشي تيار العنصرية وتأثر الشارع التركي، بمن في ذلك قسم لا بأس به من المحافظين، الذين يعانون أيضاً لوناً آخر من العنصرية داخل بلادهم.

في التحقيق التالي محاولة للإجابة عن التساؤلات حول صعود التيار العنصري الرافض لوجود الأجانب، ولا سيما العرب في تركيا، وكيف تتعامل حكومة إردوغان مع الضغوط التي تتعرض لها في هذا الملف.

نقطة فارقة

شكّلت جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية في مايو (أيار) النقطة الفارقة في ملف «العنصرية الجديدة» بتركيا، وانتشرت سريعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي مشاهد الاعتداءات والإهانات للعرب وحوادث الاعتداء التي تبدو فردية، لكنّها ناتجة عن التعرض لسيل من التحريض على كراهية العرب، ووصل الأمر بعد الانتخابات إلى حد قتل السياح أحياناً.

مشاة في إحدى مناطق أضنة حيث يقيم عدد كبير من اللاجئين السوريين، مايو 2023 (غيتي)

ونجحت المعارضة العلمانية، ومعها القوميون المتشددون، في تطوير استخدام ورقة اللاجئين والأجانب، التي لم يفلحوا من خلالها في الفوز بالانتخابات، إلى أداة لشحن المجتمع التركي مستغلين الأزمة الاقتصادية الضاغطة على الأتراك.

وبعد أن كان الحزب الحاكم يكرس جهده لنزع هذه الورقة من يد المعارضة عبر سلسلة إجراءات اتخذتها حكومة إردوغان عقب الانتخابات، تمثّلت في حملات لترحيل المهاجرين غير الشرعيين ومخالفي شروط الإقامة، أصبحت تواجه أسئلة أخرى تتعلق بقدرتها على توفير الأمن للأجانب والسياح العرب، وعن سبب تقاعسها في إصدار قانون لمكافحة العنصرية.

فخلال السنوات الثلاث الماضية، وبالتزامن مع ازدياد الضغوط الاقتصادية، أطلقت أحزاب المعارضة التركية حملات إعلامية وعبر عشرات الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي للتحريض ضد اللاجئين السوريين بشكل خاص، ثم العرب بوجه عام.

وتصاعدت هذه الحملات خلال جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية، عندما وعد مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو بترحيل السوريين فوراً، حال فوزه بالانتخابات لتخليص المجتمع التركي.

وسعت المعارضة بعد خسارتها الانتخابات إلى توظيف قضية اللاجئين السوريين والأجانب في تركيا ورقة للضغط على إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي تسبب، من وجهة نظرهم، في فتح الأبواب أمام المهاجرين والعرب لـ«استعمار تركيا»، وإبقاء هذه الضغوط حتى إجراء الانتخابات المحلية المقررة في 31 مارس (آذار) 2024.

وفي الأيام الأخيرة، سيطرت حادثة الاعتداء على السائح الكويتي محمد راشد العجمي في مدينة طرابزون بمنطقة البحر الأسود في شمال تركيا على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا والعالم العربي، وأخذت حيزاً واضحاً من الاهتمام السياسي بين الكويت وتركيا، بعد أن جرى التعامل معها على أنها دليل جديد على العنصرية تجاه العرب في تركيا. وسبق هذه الحادثة مقتل مواطن مغربي في إسطنبول بسبب خلاف مع سائق سيارة أجرة، ما أدى إلى إطلاق حملات في المغرب ودول خليجية تدعو لمقاطعة السياحة إلى تركيا.

وقبلها أيضاً تعرض طفلان يمنيان للضرب المبرح على أيدي أتراك في أحد المجمعات السكنية بسبب شجار مع طفل تركي، كما وقعت مشادات بين سياح خليجيين وعمال أتراك، وصلت إلى حد الاعتداء بالضرب في أحد المراكز التجارية في إسطنبول.

وخلال الأسبوع الأخير وحده، تعرض مصريون للاعتداء في أحد المطاعم في منطقة تقسيم في إسطنبول بسبب اعتراضهم على أسعار الطعام، وقُتل 3 سوريين في كونيا (وسط) وإزمير (غرب) في مشاجرات، لأسباب ربما توصف بـ«التافهة» لكنها تنم عن تأثر بحملة الكراهية التي يقودها منذ أكثر من عامين رئيس حزب «النصر» القومي المتطرف أوميت أوزداغ، المعروف بعدائه للسوريين والعرب والأفغان، ومناهضته لوجود الأجانب بشكل عام.

حملات كراهية

ولعبت المعارضة خلال الانتخابات على ورقة اللاجئين والأجانب، ووضعها مرشح المعارضة للرئاسة رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو على رأس حملته الانتخابية، وكذلك حزب «الجيد» الذي تترأسه ميرال أكشنار، لا سيما في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية.

كمال كليتشدار أوغلو دعا إلى ترحيل ملايين اللاجئين خلال تجمّعات حملته الانتخابية، مايو 2023 (غيتي)

كما جاهر أوزداغ بالعداء الصريح وخطاب العنصرية، الذي بدأه قبل عامين، وشن حملات تدعو إلى طرد السوريين والأفغان وغيرهم من البلاد، زاعماً أنهم سبب المشاكل الاقتصادية التي تعانيها تركيا.

وبعد حادثة السائح الكويتي، تحوّل الأمر إلى سجال بين الحكومة والمعارضة التي تحملها المسؤولية عن الوضع الراهن. وأعلن المستشار السابق لرئيس الجمهورية العضو البارز في الحزب الحاكم، ياسين أقطاي، أن الحملات ضد العرب في تركيا كلفتها خسارة 5 مليارات دولار من عائدات السياحة، بسبب تصوير بعض الحوادث العادية على أنها عنصرية ضد العرب. كما أشارت وسائل إعلام قريبة من الحكومة إلى انسحاب مليار دولار من رؤوس الأموال الخليجية من تركيا بسبب هذه الحملات في تركيا وصداها في العالم العربي.

وقال الصحافي المخرج السينمائي التركي القريب من الحكومة، إرم شنتورك، إن هجمات «العصابات المعادية للأجانب» والعنصرية في تركيا، أضرّت بالسياحة وزادت العداء ضد العرب. ولفت إلى أن رئيس حزب «النصر»، وحزب الشعب الجمهوري، مع حزب العمال الكردستاني (مصنف تنظيماً إرهابياً)، حققوا أهدافهم، وبدأت التساؤلات الموجهة لتركيا: «هل أنتم أعداء للعرب؟ هل أنتم أعداء للمسلمين؟».

وكتب شنتورك في حسابه على «إكس» أن كراهية الأجانب هي في الواقع عداء تجاه الأتراك، قائلاً: «ستتم مناقشة قانون الأسرة مرة أخرى، ولن تبقى تركيا دون رد على العداء للإسلام».

استغلال الأزمة الاقتصادية

واستغلت الحملات المناهضة للسوريين والعرب والأجانب الوضع الاقتصادي في تركيا عبر تحميلهم المسؤولية عن البطالة في العديد من القطاعات لقبولهم العمل بأجور متدنية ومن دون تأمينات صحية أو اجتماعية، فضلاً عن استفادة اللاجئين السوريين من الدعم المالي وخدمات صحية «لا يحصل عليها الأتراك إلا بمقابل كبير»، وزيادة إيجارات المساكن وغلاء الأسعار والتضخم.

لاجئون سوريون مقيمون في كهرمان مرعش وهاتاي يعودون إلى سوريا في إطار مشروع «العودة الطوعية»، يونيو 2023 (غيتي)

وبدأت حملات الكراهية والتحريض باستهداف السوريين أولاً، وباتت واضحة بشكل كبير بعد إطلاق تركيا عملياتها العسكرية في شمال سوريا عام 2016، لينالوا النصيب الأكبر من الاعتداءات اللفظية والجسدية، قبل أن تتطور الحملة لتشمل مختلف الجنسيات العربية، حتى السائحين.

وجاء السوريون أولاً لأنهم يشكلون الكتلة الكبرى من اللاجئين العرب في تركيا، التي استقبلتهم قبل لاجئين فلسطينيين وعراقيين، ثم يمنيين وتونسيين وليبيين ومصريين بعد انتفاضات ما يسمى «الربيع العربي»، لكن الحملات الانتخابية للمعارضة أولتهم النصيب الأكبر من الخطابات العدائية، وحملتهم المسؤولية عن ارتفاع معدلات الجريمة والبطالة، بينما توضح إحصائيات وزارة الداخلية أن نسبة المتورطين في الجرائم من السوريين لم تتجاوز 1.3 في المائة.

ويوجد في تركيا، بحسب الإحصاءات الرسمية الأخيرة، نحو 3.4 مليون سوري حاصلين على بطاقات الحماية المؤقتة (كيمليك)، كما حصل نحو 230 ألفاً على جنسيات استثنائية، وإن كانت المعارضة تقول إن الرقم أعلى بكثير.

ودفعت تلك الحملات قطاعاً عريضاً من الشعب التركي إلى الاعتقاد بأن الأزمة الاقتصادية في بلادهم هي نتيجة مترتبة على الأعداد الكبيرة للاجئين السوريين والعرب والأفغان وغيرهم من الأجانب المقيمين في البلاد. واللافت أن الاعتداءات لم توجه إلى غير العرب، كما أنه يسود اعتقاد لدى كثيرين بأن كل من يتحدث العربية هو سوري، ولذلك فإن أي عربي في تركيا الآن بات هدفاً محتملاً إن لم يكن للاعتداء الجسدي، فللاعتداء اللفظي.

مهاجر سوري يطلّ من سياج حدودي مع سوريا في شانلي أورفا، مايو 2023 (غيتي)

وتقول نوران أوزدمير، مواطنة تركية في العقد الخامس من عمرها، لـ«الشرق الأوسط»، «إنهم (العرب) يأتون إلى هنا يأخذون الوظائف التي لا يحصل عليها شبابنا، ويحظون برعاية صحية ربما لا تتوفر لنا.؟. العرب لم يكونوا يوماً عوناً لنا... يجب أن يرحلوا... لا نريدهم في بلادنا... لدينا ما يكفينا... لقد كنا في وضع أفضل كثيراً قبل مجيئهم إلى هنا». وأضافت: «شبابنا يقتل في الحرب في سوريا، بينما السوريون هنا يتجولون في الشوارع وعلى الشواطئ ويعيشون أفضل منا ويحصلون على مختلف أنواع الدعم».

العربي بات هدفاً

لفت مضر أحمد، وهو لاجئ سوري يقيم في إسطنبول منذ اندلاع الحرب الداخلية في بلاده، إلى أن الوضع أصبح صعباً جداً، «أصبحنا نخشى الخروج من بيوتنا، فقد أصبح العرب عموماً، والسوريون خصوصاً، هدفاً للعنصرية إلى حد أنهم يعجزون الآن عن استئجار منزل ليسكنوا فيه لرفض الأتراك تأجير البيوت لهم». وأضاف أن «العنصرية ضدنا، نحن السوريين، ليست وليدة الانتخابات. فمنذ سنوات ونحن نتعرض للتهديدات وتشويه السمعة، فضلاً عن اتهامات السياسيين لنا بالمسؤولية عن ارتفاع معدلات الجريمة، وعن الأزمة الاقتصادية. والأسوأ أن غالبية الأتراك باتوا يصدقون ذلك، وبات جميع العرب الآن عرضة للاعتداءات الجسدية واللفظية، ما ينذر بالأسوأ».

جانب من إعلان وزير الداخلية التركي السابق سليمان صويلو إطلاق مشروع «العودة الطوعية» في جرابلس، مايو 2023 (غيتي)

لم يختلف الأمر بالنسبة للطالب الجامعي العراقي الذي يدرس بجامعة إسطنبول، علي هاشم، الذي قال إنه نصح زملاءه العرب بعدم التحدث بالعربية في الأماكن العامة، خصوصاً في وسائل النقل العام، مؤكداً أن الوضع بات صعباً وأنه أصبح يشعر بالعداء تجاهه إذا تحدث العربية فضلاً عن أنه لا يشبه الأتراك. وكشف عن أنه تعرض للاعتداء الجسدي داخل أحد محال البقالة، حيث رفض البائع أن يعطيه احتياجاته عندما اكتشف أنه عربي، قائلاً إنه لا يبيع للسوريين، ورفض الاستماع إليه عندما قال له إنه ليس سورياً وليس لاجئاً، وهدده بأن يطلب له الشرطة لترحيله إلى سوريا. وأضاف أن مجموعة من الشباب كانوا خارج المحل وعندما سمعوا نقاشه مع البائع دخلوا إلى المحل وبدأوا الاعتداء عليه بالضرب، ولم ينقذه سوى صراخ امرأة كانت تشتري بعض احتياجاتها وتعاطفت معه. وأكد أنه بات يخشى الخروج من المنزل، أو الذهاب إلى الجامعة أو دعوة أصدقائه لزيارته حتى لا يتعرضوا للاعتداء مثله.

«عمل ممنهج»

أكّد رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار في تركيا، غزوان قرنفل، لـ«الشرق الأوسط»، أنه لم يعد هناك أمان للاجئين السوريين في تركيا، الذين بدأ بهم التيار العنصري، ثمّ اتجه إلى العرب بعد ذلك، موضحاً أن الخطاب العنصري ضد اللاجئين الذي سبق العملية الانتخابية هو جزء من خطاب قطاع عريض من الشعب التركي، أدى بالنهاية إلى سقوط قتلى وجرحى. وأكد أن ما يحدث الآن لا يمكن أن يكون صدفة، كما لا يمكن وضعه في إطار الحوادث الفردية، «فهذا عمل منظم وممنهج يكشف عنه حجم العمل على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة (إكس) ضد السوريين والعرب». وتابع أن «الاحتكاكات والجرائم التي وصلت إلى القتل لا يمكن أن نقول إنها عمل غير ممنهج، فلولا التعبئة والخطاب التحريضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي ما شهدنا الجرائم التي بدأت تتزايد خلال الفترة الأخيرة، ويكفي القول إنه خلال الأسبوع الأخير فقط قُتل 3 سوريين في كونيا وإزمير من دون سبب».

استغلت الحملات المناهضة للسوريين والعرب والأجانب الوضع الاقتصادي في تركيا عبر تحميلهم المسؤولية عن البطالة (أ.ب)

ولفت قرنفل إلى غياب إحصاءات دقيقة عن عدد الحالات التي تتعرض للجرائم العنصرية، لكن على مدى ما يقرب من 10 سنوات، قُتل ما بين 20 و30 سورياً في جرائم عنصرية، وغالبية السوريين وغيرهم ممن يتعرضون لهذه الحوادث لا يبلغون الشرطة، إما بسبب أنهم يخشون أن يلقوا معاملة سيئة أو لأنه لن يعتد بشكاواهم، مضيفاً: «لذلك أنصح السوريين وكل من يتعرض لهذه الاعتداءات بالتوجه إلى النيابة العامة، وليس لمراكز الشرطة».

ونبّه إلى أن المسألة تجاوزت الحدود، ولا يمكن وضعها في إطار التصرفات الفردية، لافتاً إلى أن هذا نذير خطر ليس على السوريين ولا العرب والأجانب فقط ولكن على شريحة من الأتراك المحافظين. ورأى قرنفل أن «الدولة نفسها انتبهت إلى ذلك، وحذر الرئيس التركي مَن يروجون للخطابات العنصرية ضد اللاجئين والمهاجرين وضد المحافظين، خاصة النساء اللاتي يرتدين الحجاب، بأنه لن يتم السكوت عن أي تصرف وسيواجه بالقانون». وشدد قرنفل على أنه يجب على الدولة أن تقوم بدورها الآن على الفور، لأن وظيفتها توفير الأمن والأمان للناس سواء من المواطنين أو المقيمين أو اللاجئين ويتعين مساءلتها على التقصير في هذا الواجب.

ونبه المحامي إلى أن هناك تياراً عنصرياً «متأصلاً وله جذوره في المجتمع التركي». وقال إنه يختلف مع مَن يقولون إن السياسي القومي المتعصب، أوميت أوزداغ، هو من زرع شجرة العنصرية في تركيا، ورأى أن «جذور هذه الشجرة كانت موجودة وهو من قام بريها حتى تترعرع من جديد».

غياب الإحصاءات الدقيقة

بحسب مصدر أمني، تحدث لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم الإفصاح عن اسمه، تأخذ غالبية الحوادث طابع الشجار بين الجيران أو في المطاعم أو المراكز التجارية أو الاحتكاك اللفظي في وسائل النقل والمواصلات العامة، وتنتهي غالباً قبل الوصول إلى مراكز الشرطة، أو بتنازل أطرافها عن الشكاوى. وقال إن ما تم رصده من شجار أو اعتداءات كان اللاجئون السوريون أو العرب بشكل عام طرفاً فيها منذ عام 2020 لا تزيد على 100 حادثة، لافتاً إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت تسليطاً للضوء على هذه الحوادث عبر وسائل التواصل الاجتماعي داخل تركيا وخارجها بشكل مثير للقلق، «ومبالغ فيه في كثير من الأحيان»، على حد قوله.

وشدد على أن أجهزة الأمن التركية تتدخل في أي حادثة، سواء ما يقع في الشوارع من مشاجرات أو التي يتم الإبلاغ عنها أو التي تتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو بأي طريقة للنشر، فضلاً عن تتبع الحسابات التي تحرض على الكراهية ضد الأجانب أو بعض فئات الشعب التركي وتوقيف المسؤولين عنها وحظر تلك الحسابات بالطرق القانونية.

إجراءات عاجلة

وعلى الرغم من أن الحوادث، التي توصف بالعنصرية، ترتبط بأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، تواجه الحكومة انتقادات حادة بسبب «عدم الحزم والصرامة» تجاه العنصرية، وأن الأمر لا يخرج عن إطار التصريحات.

وفي مواجهة تلك الانتقادات وبعد تعدد سلسلة الحوادث التي استهدفت السياح العرب، أصدر مكتب المدعي العام في العاصمة أنقرة أمراً بتوقيف 27 مشتبهاً بهم في 14 ولاية تركية، بتهم تحريض الجمهور علناً على الكراهية والعداء، ونشر معلومات مضللة من خلال «خطاب كراهية» يستخدم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأطلقت النيابة العامة تحقيقاً ضد المشتبه بهم في الجرائم المنصوص عليها بموجب المادة 5237 من قانون العقوبات التركي.

وفي إطار التحقيقات، صدرت أوامر بتوقيف 27 مشتبهاً في ولايات أنقرة، وهطاي، وأنطاليا، وسامسون، وكهرمان ماراش، وسكاريا، وإزمير، وشانلي أورفا، وتوكات، وسيرت، وأدرنه، وبورصة، وكونيا وإسطنبول. كما أوقفت السلطات التركية الصحافي باطوهان تشولاك رئيس تحرير موقع «آيكيري» المعروف بمناهضته لوجود اللاجئين السوريين والأجانب في تركيا.

وهاجم رئيس حزب «النصر» القومي المعارض، أوميت أوزداغ، المعروف بعدائه وعنصريته تجاه اللاجئين السوريين والأجانب في تركيا، قرار القبض على الصحافي.

وجاء القبض على تشولاك بعد يومين من توقيف رؤوف كوسا، مؤسس حساب «حركة الدفاع» القومية العنصرية، التي أعلنت أنها ستستهدف الأجانب في جميع أنحاء تركيا ابتداءً من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ما لم تتحرك الحكومة لإنهاء «احتلالهم للبلاد».

وقادت «حركة الدفاع»، مسيرة مضادة لتجمع مناهض للعنصرية نظمته جمعية «أوزغور دار» (الحرية) في إسطنبول السبت الماضي. ونظم كوسا حملة ضد اللاجئين السوريين والمهاجرين الذين يدخلون تركيا بطريقة غير شرعية. وحجبت السلطات التركية حسابات الحركة على منصات التواصل الاجتماعي.

تضخيم «متعمد»؟

يعتقد رئيس المنظمة الدولية للتعاون العربي - التركي، مستشار الرئيس التركي السابق لشؤون الشرق الأوسط أرشد هورموزلو، أن الحوادث الأخيرة، ولا سيما الاعتداء على السائح الكويتي، أخذت حيزاً أكبر بكثير في العالم العربي، وتم تصويرها على أنها جريمة عنصرية على الرغم من طبيعتها الفردية، حيث يقع آلاف الحوادث المماثلة في العالم يومياً. وتابع أن هذه الحوادث لا تشكل نسبة تذكر في بلد عدد سكانه 86 مليون نسمة، ويزوره أكثر من 50 مليون سائح سنوياً.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى إلقائه خطاباً في أنقرة (د.ب.أ)

وقال هورموزلو إن «نحو 200 ألف سائح كويتي يزورون تركيا سنوياً، وعلى مدى 10 سنوات لم نسمع إلا عن 3 حوادث فقط تعرض لها السياح الكويتيون، ما يعني أنها نسبة لا تذكر بالمقارنة بمليوني سائح حلّوا ضيوفاً على تركيا في تلك السنوات». وتابع هورموزلو، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أتصور أنه قد يكون هناك من يستغل هذا الوضع في الوقت الراهن بالذات، الذي يحدث فيه تقارب تركي-عربي، لأن مثل هذه المشاجرات تقع كل يوم تقريباً وتتم تسويتها بالاعتذار أو محاسبة المتورطين». وأضاف أنه لا ينفي أن هناك تياراً عنصرياً في تركيا، لكنه تساءل: «ماذا ربح هؤلاء في الانتخابات الأخيرة؟ لم تتجاوز نسبة الأصوات التي حصلوا عليها مجتمعين نسبة 1 في المائة».

ودعا هورموزلو وسائل الإعلام التركية والعربية إلى التحلي بالمنطق والحكمة والعقلانية في التعامل مع مثل هذه الحوادث، والابتعاد عن وصفها بالعنصرية وإثارة النعرات العرقية أو تحميل بعض الحوادث «أكثر مما لا تحتمل وإهدار الجهود التي تبذل لتعزيز العلاقات بين الجانبين العربي والتركي».

وعن اللوم الموجه للحكومة التركية بعدم الصرامة في مواجهة العنصرية، أوضح هورموزلو أن الحكومة التركية عليها مسؤوليات بالطبع تجاه توفير الأمن والأمان وحرية الحياة للسياح، معتبراً الحديث عن سنّ قانون لمكافحة العنصرية «أمراً غريباً»، لأن الدستور التركي يلزم السلطات بكفالة الأمن والأمان لكل شخص موجود على الأراضي التركية.

جذور العنصرية

ربما لا يعرف كثيرون خارج تركيا مصطلح «التركي الأبيض والتركي الأسود» الذي يعد أحد جذور العنصرية في البلاد، التي تفوق العنصرية التي ظهرت ضد العرب والأجانب.

وصدرت دراسات كثيرة داخل تركيا وخارجها حول الأتراك البيض والسود، منها دراسة للأكاديمية التركية سيدا دمير ألب أشارت فيها، عام 2012، إلى أن المجتمع التركي المعاصر منشطر منذ تأسيس الجمهورية عام 1923 إلى «أتراك بيض وأتراك سود». وذكرت أن بعضاً من النخب التي تميل للغرب في تركيا، والتي تعرف بـ«الأتراك البيض»، تتمسك بالاستئثار بالسلطة والثروة وتراه أمراً طبيعياً لا يجوز الاعتراض عليه، وتتعامل مع مجتمع الأناضول المحافظ باستعلاء.

مظاهرة في إسطنبول للتضامن مع حركة «حياة السود مهمة» والتنديد بالعنصرية وعنف الشرطة، يونيو 2020 (غيتي)

وبحسب الكاتب التركي، رئيس تحرير وكالة «الأناضول» السابق كمال أوزتورك، يجتهد «الأتراك البيض» في إظهار أنفسهم بمظهر متميز عن مجتمعهم سواء في نمط الحياة والمظهر أو حتى طريقة الحديث، و«كأنهم يعيشون في كانتون سويسري»، ويرتبطون وجدانياً بأوروبا ويعتقدون أنهم طبقة «متحضرة»، وأن أبناء المجتمع المحافظ العريض في الأناضول «همج أو بربر».

ويتركز «الأتراك البيض» في منطقة غرب تركيا وعلى سواحلها، ويدعمون قوة الجيش ويدافعون عن الارتباط بالغرب، بينما يشكّل مجتمع الأناضول في وسط البلاد غالبية الشعب التركي المحافظ.

وتطرق إردوغان لهذه القضية خلال حملة حزبه للانتخابات البرلمانية عام 2015، مخاطباً حشداً من أنصاره بالقول: «الأتراك البيض يصفونكم ويصفوننا بأننا زنوج تركيا. وأنا فخور بأنني زنجي تركي». وأضاف: «في هذا البلد يوجد تمييز بين الأتراك البيض والأتراك السود، أخوكم طيب (إردوغان) ينتمي إلى الأتراك السود... ولا يميز بين الأتراك والعرب أو الأكراد أو اللاز أو أي مواطن على أساس العرق».

أساليب المواجهة

عبّر خبراء وأكاديميون أتراك عن اعتقادهم بأن بعض سياسات الحكومة قد يكون لها دور في تشكيل سياق العنصرية والتمييز ضد اللاجئين والمهاجرين، كونها سياسات نابعة من قلة الخبرة العملية للدولة التركية في التعامل مع اللاجئين مقارنة مع دول أخرى، مثل ألمانيا التي يشكل الأتراك أكبر نسبة من المهاجرين إليها ويفوق عددهم 3 ملايين، أو بريطانيا، وهو ما أدى إلى الخلل في احتواء العدد الكبير من اللاجئين والأجانب الذي وصل إلى 5 ملايين شخص.

دمية «أمل الصغيرة» تتوقف في إزمير في طريقها إلى المملكة المتحدة للتوعية بمعاناة الأطفال اللاجئين، أغسطس 2021 (غيتي)

واستحدثت تركيا إدارة الهجرة التي حلّت محل شعبة الأجانب في مديريات الأمن منذ عام 2015، لكنها بحاجة إلى المزيد من الخبرة في التعامل مع أعباء اللاجئين والمهاجرين وإدماجهم في المجتمع التركي المنقسم إلى طبقة متعاطفة ترحب بالمهاجرين وتنفتح عليهم، وأخرى رافضة لوجودهم بتعصب.

ويبدو التعامل مع تحديات الاقتصاد من العوامل التي تؤثّر في النسق الاجتماعي والسياسي، ما يؤدي إلى تصاعد العنصرية والتمييز ضد اللاجئين والمهاجرين، خاصة العرب، الذين يرفضهم جزء كبير من العلمانيين في تركيا.

وبحسب دراسات أكاديمية حول اللجوء والهجرة في تركيا، تلعب وسائل الإعلام دوراً حاسماً في تشكيل الرأي العام وتوجيه انطباعات الجمهور حول مختلف القضايا، ومنها تعميق العنصرية ضد اللاجئين من خلال تضخيم الحوادث السلبية وبث الخوف والقلق في المجتمع، على الرغم من أن ما يقرب من 50 في المائة من الأتراك ليست لديهم ميول متحيزة.

البحث عن «الخط الأحمر»

ويسود اعتقاد بأن الحكومة التركية لا ترى في الحملات المناهضة للأجانب خطراً كبيراً على الأمن القومي، أو تتساهل معها لأن مَن يقومون بها مواطنون أتراك.

ورأى رئيس اتحاد المحامين السوريين الأحرار، غزوان قرنفل، أن اللاجئين هم من يدفعون ثمن أي تقصير في مكافحة العنصرية، ويتم ترحيلهم نتيجة خطأ بسيط يرتكبونه أو حتى من دون أي خطأ، كما أن تحول مشروع «العودة بشكل طوعي» إلى «عمليات ترحيل قسري»، مؤخراً، ما هو إلا إحدى نتائج حملات التحريض ضد اللاجئين والمهاجرين.

طفل سوري مهاجر يجمع قطعاً من البلاستيك بجوار مبانٍ متضررة من زلزال مدمر في كهرمان مرعش في مايو 2023 (إ.ب.أ)

وأكد مدير مركز دراسات الهجرة بجامعة «كوتش» الدكتور أحمد إيتشدويغو، أن «ردود الفعل والمخاوف في المجتمع كانت مفهومة جزئياً، أما الآن فنحن بحاجة إلى خط أحمر، فلا ينبغي أن يصل رد الفعل إلى مستوى كراهية الأجانب والعنصرية». ولفت إلى أن معظم الأتراك الذين ذهبوا إلى ألمانيا بوصفهم «عمالاً ضيوفاً» في الستينات لم يعودوا إلى تركيا، وعلى الرغم من أن شكل الهجرة كان مختلفاً، فإن الأتراك كانوا أيضاً ضيوفاً في ألمانيا، لكنهم بقوا في ألمانيا وأصبح منهم اليوم نواب بالبرلمان ووزراء في الحكومة، ولم يكن أحد يفكر في هذا قبل 50 عاماً. وأضاف: «بالمنطق ذاته، نحن نرى السوريين الآن ضيوفاً، والحكومة الآن لا تستطيع إدارة الهجرة بشكل جيد، كما أن أحزاب المعارضة، التي تستخدم هذه القضية مادة سياسية، لا يمكنها تقديم استراتيجيات ملموسة للجمهور حول كيفية إدارة المشكلة بشكل أفضل من الحكومة».

وتابع إيتشدويغو أن قضية الهجرة هي قضية مسيّسة في كل بلد يستقبل المهاجرين، وأن السياسيين الشعبويين يصنعون السياسة على أساس اهتمامات المجتمع.

وشدد على أن تعليم الأطفال السوريين المولودين في تركيا واندماجهم مع أسرهم ومجتمعهم، له أهمية كبيرة، وأن هناك 3 خيارات فيما يتعلق بالسوريين، ويجب على صناع السياسات شرحها بوضوح للمجتمع التركي، وكذلك المجتمع الدولي. وأوضح أن هذه الخيارات تتمثل في توضيح أن بعض السوريين الذين يعيشون في تركيا منذ 12 عاماً قد يرغبون في الاستمرار في الإقامة فيها، كما في حالة «العمال الضيوف» الذين توجهوا من تركيا إلى ألمانيا، ولهذا السبب ينبغي التركيز على مسألة الاندماج.

أما الخيار الثاني، بحسب الأكاديمي التركي، فيتمثل في أن ربع السوريين يريدون الذهاب إلى بلدان أخرى. وأضاف أن عودة السوريين إلى بلادهم تعد الخيار الثالث، لكنها تعتمد على شروط معينة. وخلص إلى أنه يجب العمل على تهيئة المجتمع التركي لتقبل فكرة التنوع وعدم الانسياق وراء الحملات التحريضية، وأن يتعود الناس على ألا يكرهوا رؤية العربي مثلما لا يكرهون رؤية الأوروبي أو الأميركي، وتذكيرهم بحالة «العمال الأتراك الضيوف» في ألمانيا.


إيران تمهل العراق «بضعة أيام» لطرد الأحزاب الكردية المعارضة

رئيس الأركان الإيراني محمد باقري (إرنا)
رئيس الأركان الإيراني محمد باقري (إرنا)
TT

إيران تمهل العراق «بضعة أيام» لطرد الأحزاب الكردية المعارضة

رئيس الأركان الإيراني محمد باقري (إرنا)
رئيس الأركان الإيراني محمد باقري (إرنا)

قال رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية محمد باقري إن بلاده تمنح إقليم كردستان والعراق بضعة أيام لنزع أسلحة الأحزاب الكردية وطردها من عموم العراق.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن باقري قوله مساء الجمعة: «لا مكان لأعدائنا والأجانب في المنطقة عن الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة». وأضاف: «يجب نزع سلاح القوات الانفصالية الإرهابية المسلحة بالكامل، وطردها من عموم العراق».

وتابع باقري: «لقد كان من المقرر نزع أسلحة هذه الجماعات حتى يوم 19 سبتمبر (أيلول) لكن ما حدث عملياً خلال 6 أشهر من المهلة، ابتعاد تلك الجماعات قليلاً من الحدود».

وأضاف أن الرئيس إبراهيم رئيسي «طلب منا الصبر ومنح مهلة بضعة أيام، ونحن سننتظر» وفق ما نقلت «وكالة أنباء العالم العربي».

وجاءت تصريحات باقري بعد ساعات من خطاب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال عرض عسكري بمناسبة ذكرى الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات، وقال إن «الحكومة العراقية بدأت خطوة إيجابية»، لكنه طالب رئيس الأركان الإيراني الذي كان يقف على يمينه، بأن يرسل وفوداً عسكرية إلى إقليم كردستان للتأكد من نزع أسلحة الأحزاب الكردية «الانفصالية»، سواء في الحدود مع إيران، أو عمق الإقليم، أو أي مكان آخر.

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يتحدث إلى رئيس الأركان محمد باقري خلال عرض عسكري بطهران أمس (الرئاسة الإيرانية)

وكانت إيران قد حددت 19 سبتمبر الحالي موعداً نهائياً لاتخاذ العراق وحكومة إقليم كردستان العراق إجراءات ضد الأحزاب الكردية المناوئة لطهران التي تتمركز مواقعها الرئيسية في الحدود بين إقليم كردستان والحدود الإيرانية.

وأعلنت اللجنة العليا لتنفيذ الاتفاق الأمني المشترك بين العراق وإيران يوم الثلاثاء إخلاء مقرات مجموعات المعارضة الإيرانية قرب حدود البلدين بشكل نهائي.

وأفاد موقع «راديو فردا» الأميركي نقلاً عن مصادر كردية أن بعض تلك الأحزاب قامت بتفجير مقرات لها قرب الحدود الإيرانية، قبل مغادرة تلك المقرات. ومن بينها مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في كويسنجق.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية إن بغداد بدأت تنفيذ إجراءات على الأرض لتأمين الحدود المشتركة مع إيران وذلك بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان العراق.

وشن «الحرس الثوري» الإيراني في سبتمبر العام الماضي هجوماً بأكثر من 70 صاروخاً أرض - جو والعشرات من الطائرات المسيرة المفخخة على كردستان العراق، استهدفت مقرات «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني» ومدرسة للاجئين الإيرانيين ومخيمات اللاجئين في قضاء كويسنجق بمحافظة أربيل، ومقرات جناحي «حزب الكوملة الكردستاني» في منطقة زركويز بمحافظة السليمانية، ومقرات «حزب الحرية الكردستاني الإيراني» في جنوب أربيل.

وفسرت تلك الهجمات في الداخل الإيراني بأنها محاولة لصرف الأنظار عن الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت شرارتها في طهران، وتوسعت في المدن الكردية على خلفية وفاة الشابة الكردية مهسا أميني التي تنحدر من مدينة سقز، في أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق بدعوى سوء الحجاب. 


إيران: إحياء الاتفاق النووي ليس بعيد المنال إذا أبدت أميركا «إرادة حقيقية»

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في مؤتمر صحافي (أرشيفية - أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في مؤتمر صحافي (أرشيفية - أ.ب)
TT

إيران: إحياء الاتفاق النووي ليس بعيد المنال إذا أبدت أميركا «إرادة حقيقية»

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في مؤتمر صحافي (أرشيفية - أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في مؤتمر صحافي (أرشيفية - أ.ب)

قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إن التوصل إلى اتفاق لعودة الأطراف إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) ليس بعيد المنال «لو تخلت أميركا عن ازدواجيتها وأظهرت نية وإرادة حقيقية».

ونقلت «وكالة أنباء العالم العربي» عن وكالة إيران للأنباء (إرنا) اليوم (السبت) عن الوزير قوله خلال لقاء مع مركز أبحاث أميركي: «ذكرنا أنه لو تخلى الجانب الأميركي عن ازدواجيته وأظهر نية وإرادة حقيقية، فإن التوصل إلى اتفاق بشأن عودة جميع الأطراف إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ورفع العقوبات عن إيران ليس بعيد المنال».

وشهدت العاصمة النمساوية فيينا عدة جولات من المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران وقوى عالمية، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في 2018.


نتنياهو يتطلَّع لـ«سلام تاريخي» مع السعودية

جانب من أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ78 هذا الأسبوع (أ.ب)
جانب من أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ78 هذا الأسبوع (أ.ب)
TT

نتنياهو يتطلَّع لـ«سلام تاريخي» مع السعودية

جانب من أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ78 هذا الأسبوع (أ.ب)
جانب من أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ78 هذا الأسبوع (أ.ب)

أكَّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنَّه يتطلَّع إلى «اتفاق سلام تاريخي» مع المملكة العربية السعودية وبناء «شرق أوسط جديد».

ورفع نتنياهو، خلال كلمتِه في اليوم الرابع من المناقشة العامة للدورة السنوية الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أمس، خريطتين، واحدة للشرق الأوسط القديم، والأخرى للشرق الأوسط الجديد، ليبيّن كيف يمكن للسلام أن يحدثَ التغيير.

ورأى رئيس الوزراء الإسرائيلي، أنَّ «اتفاقات إبراهيم» من قبل مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب، «بشّرت ببزوغ فجر شرق أوسط جديد». وقال: «أعتقد أنَّنا على أعتاب تحقيق إنجاز أكبر، وهو السلام التاريخي بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية»، مضيفاً أنَّه «الآن، ومع بزوغ فجر سلام تاريخي مع المملكة العربية السعودية، ستحذو دول عربية أخرى حذوَها، وتعزز إمكانية السلام مع الفلسطينيين».


كيسنجر: منعنا نصراً عربياً في حرب أكتوبر

كيسنجر ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك الخميس (د.ب.أ)
كيسنجر ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك الخميس (د.ب.أ)
TT

كيسنجر: منعنا نصراً عربياً في حرب أكتوبر

كيسنجر ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك الخميس (د.ب.أ)
كيسنجر ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك الخميس (د.ب.أ)

اعترف وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، بأنَّه والرئيس في ذلك الوقت، ريتشارد نيكسون، وبقية طاقمه، عملوا بشكل قوي وحثيث في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، على توفير الدعم المباشر والخدمات الحاسمة لإسرائيل، حتى لا يتحقّق نصر عربي عليها.

وقال كيسنجر، في مقابلة مع صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، نُشرت أمس، إنَّ هذا الموقف اتخذ فور وصول النبأ عن نشوب الحرب. وأضاف: «عقدنا العزم منذ اليوم الأول على منع نصر عربي في الحرب، ورأينا في نصر كهذا ضربة للولايات المتحدة نفسها؛ لأنَّه كان من الممكن تفسيره على أنَّه انتصار سوفياتي علينا؛ لذلك كنا مقتنعين منذ اللحظة الأولى بضرورة عودة القوات المصرية والسورية إلى الخطوط التي كانت معتمدة قبل اندلاع المعارك».


مجريات اتفاقية إطلاق سراح 5 سجناء أميركيين في إيران

الأميركيون من أصل إيراني مع أسرهم بعد وصولهم إلى مطار دافيسون العسكري بفيرجينيا الثلاثاء الماضي (أ.ب)
الأميركيون من أصل إيراني مع أسرهم بعد وصولهم إلى مطار دافيسون العسكري بفيرجينيا الثلاثاء الماضي (أ.ب)
TT

مجريات اتفاقية إطلاق سراح 5 سجناء أميركيين في إيران

الأميركيون من أصل إيراني مع أسرهم بعد وصولهم إلى مطار دافيسون العسكري بفيرجينيا الثلاثاء الماضي (أ.ب)
الأميركيون من أصل إيراني مع أسرهم بعد وصولهم إلى مطار دافيسون العسكري بفيرجينيا الثلاثاء الماضي (أ.ب)

بعد سنوات من المفاوضات المضنية مع إيران، بوساطة سرية من دول الخليج العربي، توصل كبار مساعدي الرئيس الأميركي جو بايدن أخيراً، إلى اتفاق في 6 يونيو (حزيران)، يقضي بإطلاق سراح 4 أميركيين محتجزين في أحد أكثر السجون شهرة في إيران. وفي مقابل ذلك، ألغت الولايات المتحدة تجميد 6 مليارات دولار من عائدات النفط الإيرانية وإسقاط الاتهامات ضد الإيرانيين المتهمين بانتهاك العقوبات الأميركية.

وكان المفاوضون الأميركيون يدركون أنه لا يزال من الممكن ظهور عقبات في اللحظة الأخيرة، لكن الأمور كانت تمضي قدماً. وقام حراس السجن في طهران بنقل الأميركيين إلى مكتب مدير السجن، وأمروهم بحزم أمتعتهم، وكان إطلاق سراحهم وشيكاً. وينبغي أن يكونوا جاهزين للعودة إلى ديارهم في غضون 3 أيام. لكن المسؤولين في البيت الأبيض كانوا على وشك تلقي بعض الأخبار السيئة.

وبعد يوم واحد من التوصل إلى الاتفاق، علموا من مكتب التحقيقات الفيدرالي أن إيران اعتقلت مواطنة أميركية أخرى، كانت امرأة متقاعدة من كاليفورنيا تباشر أعمال الإغاثة في أفغانستان. ولم يكن واضحاً آنذاك، وحتى الآن، ما إذا كان احتجاز المرأة قراراً استراتيجياً أو ما إذا كانت قد علقت ببساطة في شبكة الأمن الإيرانية، وهي حالة من حالات الغموض الشائعة في إيران، إذ لا تعلم اليد اليسرى ما تصنعه اليد اليمنى. وفي كلتا الحالتين، كان المسؤولون الأميركيون غاضبين.

ولم يكن بوسع بايدن بأي حال من الأحوال توقيع اتفاق من شأنه أن يترك المرأة سجينة في إيران. إذ كان يجب الإفراج عن المرأة من كاليفورنيا أيضاً. انهارت الصفقة. وسُحقت آمال السجناء، الذين كانوا يتوقعون في هذه المرحلة العودة إلى ديارهم في أي يوم قريب. وسوف تمر أسابيع قبل أن يتمكن المسؤولون الأميركيون، الذين لا يزالون يعملون في الخفاء، من إعادة المحادثات إلى مسارها، بمساعدة دبلوماسيين في عُمان وقطر والإمارات. وعندما أعلن بايدن أخيراً يوم الاثنين، أن الأميركيين - بمن فيهم المرأة التي اعتُقلت حديثاً - كانوا في طريقهم إلى وطنهم، كان ذلك تتويجاً لسنوات من المفاوضات الدقيقة، التي لم تركز فقط على إطلاق سراح السجناء، وإنما شملت الجهود الرامية إلى نزع فتيل التوتر مع إيران، ومواجهة ما تعدّه الولايات المتحدة أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وصرح جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي قائلاً: «عندما توضع جميع القطع في مكانها الصحيح، سوف نتنفس جميعاً الصعداء، ولكن حتى تلك اللحظة، علينا حبس أنفاسنا». ثم أضاف: «لا نريد أن تستمر المحنة الرهيبة التي يتحملها هؤلاء الأميركيون يوماً واحداً أطول مما يجب».

وروى المسؤولون في الولايات المتحدة وإيران وقطر قصة تلك المفاوضات، وأفراد عائلات بعض السجناء ومحاموهم، وممثلو منظمات أخرى مطلعة على المحادثات. وتحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم، لمناقشة محادثات سرية حول السجناء. وقالوا إن النتيجة دليل على أنه حتى الخصوم الشرسين يمكن أن يجدوا في بعض الأحيان طريقهم إلى الاتفاق. لكن ذلك لم يحدث تقريباً.

المحادثات النووية متوقفة

بدأ العمل لإعادة المواطنين الأميركيين إلى وطنهم أوائل عام 2021، بعد أسابيع فقط من تولي بايدن منصبه.

كان سيامك نمازي وعماد شرقي ومراد طاهباز قد سُجنوا بتهم تتعلق بالتجسس لا أساس لها من الصحة. وقد احتجزوا في سجن إيفين، الذي اشتهر باتهامات التعذيب، وهو رمز المنهج السلطوي للنظام الإيراني في التعامل مع العدالة.

وكان بايدن ومستشاروه عازمين على إرجاعهم بطريقة أو بأخرى. ولأشهر، حمل وزير الخارجية أنتوني بلينكن أسماء المعتقلين في جيبه.

أولاً، وبرغم ذلك، احتاجت الولايات المتحدة وإيران إلى إيجاد طرق للحديث عن قضايا أوسع. وطيلة عام 2021 والنصف الأول من عام 2022، كانت واشنطن وطهران تأملان في أن يتمكن البلدان من إحياء الاتفاق النووي المبرم في عهد أوباما، الذي كان قد حد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات. وكان الرئيس السابق دونالد ترمب قد تخلى عن الاتفاق.

والآن، انخرط المسؤولون الأميركيون والإيرانيون في محادثات غير مباشرة في فيينا. وعلى مسار منفصل، ضغطت إدارة بايدن من أجل وسيلة لإطلاق سراح الأميركيين المعتقلين. لكن بحلول أغسطس (آب) 2022، انهارت تلك المحادثات تماماً.

وقدمت إيران مطالب بشأن برنامجها النووي لا يمكن للولايات المتحدة قبولها. فقد كانت تعمل سريعاً على زيادة تخصيب اليورانيوم إلى 20 بالمائة، ثم 60 بالمائة، الأمر الذي أدى إلى تخزينها اليورانيوم بما يتجاوز المستويات التي تمت الموافقة عليها في اتفاق أوباما، الذي انقضى الآن. وقد وقف كبار المسؤولين الإيرانيين إلى جانب روسيا في غزوها لأوكرانيا، وظهرت تقارير عن بيع الطائرات الإيرانية المسيرة إلى روسيا واستخدامها في استهداف المدنيين.

في الكواليس، تشابكت المناقشات حول إطلاق سراح الأميركيين المسجونين مع الاتفاق النووي الأوسع نطاقاً، والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.

وبالنسبة للمفاوضين من كلا الجانبين، بدا من الواضح أن الولايات المتحدة لن توافق على صفقة مُكلفة للأسرى عندما تتهاوى المفاوضات النووية.

وأرادت إيران أن تكون قادرة على الحصول على 6 مليارات دولار من عائدات النفط التي كانت موجودة في حسابات بكوريا الجنوبية، غير قابلة للاستخدام تقريباً، بسبب مشاكل العملة. وطالب مفاوضو إيران بنقل الأموال بطريقة تمكنهم من استخدامها.

وكانت الولايات المتحدة تصر على ضرورة وضع الأموال في حسابات مقيدة، مع فرض ضوابط تجعل من المُحال استخدامها لأي أمر آخر غير الغذاء والدواء والأجهزة الطبية والزراعة. ورفض الإيرانيون الاقتراح رفضاً باتاً.

وبعد شهر، في منتصف سبتمبر (أيلول) 2022، اندلعت احتجاجات في جميع أنحاء إيران عقب وفاة مهسا أميني التي كانت محتجزة لدى شرطة الأخلاق. وردت الحكومة الإيرانية بالقوة الوحشية، وكانت مشاهد إطلاق النار على الشباب وقتلهم وضربهم واعتقالهم تهيمن على العناوين الرئيسية بشأن إيران. كما كثفت القوات الإيرانية هجماتها على القوات الأميركية في سوريا.

ونظم كثير من المهاجرين الإيرانيين في الولايات المتحدة احتجاجات في مختلف المدن عبر مختلف الولايات، ومارسوا ضغوطاً على واشنطن لإنهاء جميع المفاوضات مع إيران، ودعم الإيرانيين الذين يناضلون من أجل التغيير الديمقراطي.

وفي الأثناء ذاتها، اعتقلت إيران مواطناً أميركياً رابعاً، كان رجل أعمال وعالماً حُجبت هويته. وواصلت إدارة بايدن الضغط من أجل الإفراج عنهم.

والتقى روبرت مالي، الذي شغل منصب مبعوث إيران لدى الولايات المتحدة، عدة مرات مع أمير سعيد إيراواني، سفير إيران لدى الأمم المتحدة. وكانت تلك المحادثات الرئيسية الوحيدة وجهاً لوجه بين الولايات المتحدة وإيران بشأن السجناء، لكنها لم تحرز أي تقدم.

مراد طاهباز وسيامك نمازي وعماد شرقي بعد وصولهم إلى الدوحة الاثنين الماضي (أ.ب)

وضغطت عائلات المعتقلين الأميركيين ومحاموهم علناً على بايدن لتنحية السياسة جانباً وإعادة ذويهم إلى ديارهم. وكان نمازي، رجل الأعمال البالغ (51 عاماً)، قد أجرى مقابلة مع شبكة «سي إن إن» في مارس (آذار) من سجن إيفين، قال فيها إن رؤساء أميركيين متعاقبين تركوه ليتعفن في زنزانة إيرانية. وطلب المساعدة.

وقال نمازي لشبكة «سي إن إن»: «لقد كنت رهينة لمدة 7 سنوات ونصف السنة - أي 6 أضعاف مدة أزمة الرهائن»، في إشارة إلى الأميركيين الذين كانوا رهائن في إيران خلال ثورة عام 1979 واحتجزوا لمدة 444 يوماً. لكن بحلول الربيع الماضي، كان الاتفاق على أي شيء ينطوي على تنازلات لإيران يبدو على مسافة مليون ميل.

استئناف الدبلوماسية المكوكية

كان الدبلوماسيون الأميركيون قد وصلوا إلى عُمان في مايو (أيار) الماضي، بمقدار كبير من الشك والريبة. وكانت إيران قد أرسلت رسالة عبر وسطاء مفادها أن طهران تريد تخفيف حدة التوتر.

وقبل أسابيع فقط، أمر بايدن طائرات مقاتلة أميركية بمهاجمة مستودع للذخيرة في شرق سوريا مرتبط بأجهزة الاستخبارات الإيرانية. وتعتقد إدارته أن الهجوم، وهو رد مباشر على تواطؤ إيران في مقتل أول مقاول أميركي في سوريا منذ سنوات، أثار قلق الإيرانيين. لكن المسؤولين الأميركيين - بمن فيهم بريت ماكغورك، الدبلوماسي المخضرم في شؤون الشرق الأوسط - كانوا يشككون في جدية إيران.

واجتمع ماكغورك وفريقه الأميركي في غرفة واحدة بفندق في العاصمة العمانية مسقط. وقد اجتمع وفد إيران، برئاسة نائب وزير الخارجية، وكبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، في اجتماع آخر. وعلى مدى ساعات، تنقل الوسطاء العمانيون ذهاباً وإياباً بين المجموعتين  اللتين كان بإمكانهما رؤية بعضهما من خلال النوافذ.

وجاءت الرسالة من ماكغورك بسيطة: إذا أرادت إيران الحد من التوتر، وربما حتى استئناف المناقشات حول البرنامج النووي للبلاد، فإنه يتعين عليها التوقف عن مهاجمة القوات الأميركية. وكان عليها أخيراً أن تفرج عن الأميركيين الأربعة الذين سُجنوا، في بعض الحالات لسنوات.

ومن خلال النوافذ كان بوسع ماكغورك أن يرى الإيرانيين يتجادلون، في إشارة إلى أنه لم يكن هناك إجماع يذكر. لكن الرسائل التي أعدها الوسطاء العمانيون تضمنت مفاجأة. أراد الإيرانيون تنازلات حول تخفيف تطبيق العقوبات على مبيعات النفط، لكنهم كانوا على استعداد للنظر في المطالب الأميركية بتبادل من شأنه إطلاق سراح الأميركيين المعتقلين.

وفي غضون أسابيع، جرى الترتيب لإجراء محادثات أخرى في قطر، الدولة الخليجية المجاورة التي كانت تحاول منذ سنوات المساعدة في الإفراج عن الأميركيين.

وفي 6 يونيو، وفي الوقت الذي كان فيه القطريون الوسيط الرئيسي في الدوحة، أبرم المسؤولون الأميركيون والإيرانيون اتفاقاً مكتوباً. وكان من المفترض أن يُفرج عن المواطنين الأميركيين، وكانت الولايات المتحدة لتسمح لإيران بشراء السلع الإنسانية باستخدام 6 مليارات دولار من أرباحها من مبيعات النفط المُجمدة في بنوك كوريا الجنوبية. كما سوف تُسقط الولايات المتحدة التهم الموجهة إلى 5 إيرانيين متهمين بانتهاك العقوبات الأميركية.

وبالنسبة لماكغورك وغيره في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، كانت موجة الدبلوماسية في عُمان وقطر في الربيع الماضي بمثابة لحظة أمل. وربما كانت هناك فرصة لإعادة الأميركيين إلى الوطن في نهاية المطاف.

سيامك نمازي يعانق والده باقر نمازي وشقيقه بابك نمازي مطار دافيسون العسكري بفيرجينيا الثلاثاء الماضي (أ.ب)

تأخير واحد آخر

لكن إلقاء القبض على المرأة الأميركية الخامسة، وهي المرأة من كاليفورنيا، والتي كانت تباشر أعمال الإغاثة في أفغانستان، قد قضى على كل الآمال في التوصل إلى حل سريع.

ولعدة أسابيع، حاول ماكغورك وآخرون في الولايات المتحدة إحياء الاتفاق الذي وقعوا عليه في 6 يونيو. ومن خلال العمل من خلال الوسطاء مرة أخرى، أوضح المسؤولون الأميركيون أن السبيل الوحيدة للمضي قدماً في الاتفاق؛ الإفراج عنها أيضاً.

واستغرق الأمر بعض الوقت «لفك الارتباط»، كما ذكر مسؤول أميركي. ولكن بمجرد موافقة الإيرانيين على المطالبة بالإفراج عن السجناء الخمسة، وصلت المفاوضات إلى نقطة تحول.

وفي مطلع أغسطس، وبعد زيارة قام بها محمد عبد العزيز الخليفي، وزير الدولة القطري، إلى طهران، توصل الجانبان إلى اتفاق نهائي يُحدد الشروط المتفق عليها، بما في ذلك آلية تبادل السجناء وتحويل الأموال. كما كانت هناك شروط بأن يتم الاحتفاظ بالأموال في قطر ويتم دفعها مباشرة إلى البائعين عندما ترغب إيران في القيام بمشتريات إنسانية من المواد الغذائية والأدوية والمعدات الطبية.

وفي 10 أغسطس، نُقل جميع السجناء إلى فندق بشمال طهران، ووضعوا قيد الإقامة الجبرية في انتظار تحويل الأموال بالكامل.

وأخيراً، يوم الاثنين، قام السفير السويسري في طهران، الذي يراعي مصالح الولايات المتحدة، بنقل مواطنين أميركيين آخرين إلى المطار. وكانت إيران قد وافقت على مغادرة والدة نمازي، إيفي، وزوجة مراد طاهباز، فيدا، على متن الطائرة نسها مع أقاربهما. وكانت المرأتان قد مُنعتا من مغادرة إيران منذ احتجاز أفراد أسرتيهما.

وفي الفندق الذي كانوا فيه قيد الإقامة الجبرية، كان السجناء الأميركيون الخمسة على استعداد أيضاً للتوجه إلى المطار، حيث انتظرت طائرة قدمتها الحكومة القطرية لنقلهم إلى الدوحة، لمباشرة عملية تبادل على غرار الحرب الباردة، على مدرج المطار ثم رحلة إلى الوطن. ولكن، كان هناك تأخير آخر.

وقال مسؤولون في إيران إن الأموال التي قدمتها كوريا الجنوبية لم تصل كلها إلى الحساب المصرفي في قطر. ولم يسمحوا للأميركيين بالمغادرة إذا لم يُحدد مصير الأموال. وانتظر الجميع لأكثر من ساعتين.

وفي نيويورك، حيث وصل بايدن ومساعدوه إلى الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة، كان مسؤولو الأمن القومي ينتظرون بفارغ الصبر. وعندما أكد المسؤولون الإيرانيون أنهم راضون عن وصول الأموال، صعد الأميركيون إلى السيارات للتوجه إلى مطار طهران خلال 40 دقيقة.

وفي تمام الساعة 5:30 من صباح يوم الثلاثاء، وبعد توقف قصير في الدوحة، خرج المواطنون الأميركيون من الطائرة في قاعدة عسكرية بشمال فرجينيا، بعد إطلاق سراحهم للمرة الأولى منذ سجنهم.

وبعد ساعتين نشر جيك سوليفان صورة للأميركيين الذين تجمعوا في الطائرة الحكومية الصغيرة. وإلى جانب رمز صغير للعلم الأميركي، كتب سوليفان: «مرحباً بعودتكم إلى أرض الوطن».

* خدمة «نيويورك تايمز»