اتجاهات علمانية ومدنية عراقية تتماهى «جزئياً» مع طروحات الصدر

رغم تعاملها بحذر شديد خلال الأزمة السياسية الراهنة

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر (أ.ف.ب)
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر (أ.ف.ب)
TT

اتجاهات علمانية ومدنية عراقية تتماهى «جزئياً» مع طروحات الصدر

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر (أ.ف.ب)
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر (أ.ف.ب)

تتصرف معظم الاتجاهات المدنية والعلمانية المعارضة والناقمة على النظام القائم في العراق بقدر غير قليل من الحذر والترقب حيال خطوات وطروحات مقتدى الصدر وتياره الشعبوي، بعد سيطرتهما على مبنى البرلمان وتعطيله، مطلع الأسبوع، ثم الخروج منه والاعتصام على مشارفه.
الاتجاهات المعارضة من خارج السلطة غالباً ما تكون محكومة باعتبارات عديدة بالنسبة لمواقفها من الصدر وتياره، منها أنهما ينتميان، بحكم الواقع، إلى جماعات الإسلام السياسي، واشتركا في معظم حكومات ما بعد 2003. وانخرطا فيما انخرطت به بقية أحزاب السلطة وقواها من عمليات فساد وتطاول على المال العام، وكل ما ارتبط بتلك الجماعات من سمعة سياسية سيئة. ومنها أن الجماعة الصدرية جماعة عقائدية دينية، وتتقاطع، من حيث الرؤية، مع الاتجاهات العلمانية والمدنية بالنسبة لشكل نظام الحكم والدولة المطلوب إقامتها، رغم أن الصدريين لا يرغبون في العلن بإقامة دولة دينية على غرار النموذج الإيراني.
يمكن القول أيضاً إن أحد الاعتبارات المهمة التي تأخذها الاتجاهات العلمانية في مسألة التعامل مع التيار وزعيمه، مقتدى الصدر، أن الأخير يمارس سطوة مطلقة وشديدة التمركز مع أتباعه الذين يقبلون بها ويتصرفون وفقاً لميوله وطروحاتها وتصرفاته السياسية عن طيب خاطر، الأمر الذي لن يكون في وسع الاتجاهات العلمانية والمدنية قبوله. وهذا أحد أبرز أوجه الخلاف أو التردد في الانخراط بمشروع الصدر الأخير الداعي للتغيير الجذري في أسس النظام السياسي.
وفوق الاعتبارات الآنفة التي تحول دون انخراط الاتجاهات المدينة والعلمانية في مشروع الصدر الجديد، رغم تعاطف الكثيرين معه، تقف تحالفات سابقة بين التيار الصدري والحزب الشيوعي العراقي من جهة، والصدريين وجماعات الحراك الاحتجاجي (التشارنة)، حجر عثرة في طريق تأييد خطوات الصدر بوضوح وبناء تحالفات جديدة معه.
فالشيوعيون الذي انخرطوا مع الصدر في مشروع سياسي ضمن ما عُرِف بتحالف «سائرون» في انتخابات عام 2018، وجدوا أنفسهم خارج التحالف بعد أسابيع قليلة من إعلان النتائج البرلمانية وقتذاك، نتيجة النهج المتفرد الذي يقوم به الصدريون في إدارة الكتلة البرلمانية، إلى جانب العداء الصدري اللاحق ضد «حراك تشرين».
ولجماعات الحراك الاحتجاجي موقف مماثل من حيث «عدم الثقة» بالصدريين، حيث تحولت العلاقة بين الطرفين من علاقة تعاون واشتراك في موجة الحراك الاحتجاجي في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 إلى عداء شديد، بعد أن تخلي الصدريون عن الاحتجاجات، وساهموا مساهمة فاعلة في إخمادها.
ومع التحرك الصدري الأخير، تجدد النقاش حول مسألة مشاركة الصدريين في تحركهم وتأييده أم الامتناع عن ذلك والوقوف على تل الانتظار، لحين اكتشاف البعد الحقيقي لتحركات الصدر وتياره، وما إذا كانت جادة هذه المرة أم قابلة للتراجع والمساومة، مثلما حدث في مناسبات سابقة.
ومع ذلك، ومع الحذر التي تبديه القوى العلمانية والمدنية من قضية الصدر، إلا أن اتجاهات غير قليلة أصدرت في اليومين الأخيرين مواقف يمكن إطلاق صفة «الوسطية» عليها، إذ إنها لم تنتقد تحركات الصدر أو تؤيدها بشكل واضح، لكنها التقت مع بعض طروحاته المتعلقة بحل الأزمة السياسية.
وفي هذا الاتجاه، أصدر «القوى المدنية الديمقراطية وقوى انتفاضة تشرين الناشئة»، التي تضم الحزب الشيوعي العراقي وحزب «الأمة العراقية»، بالإضافة إلى حزبي «نازل آخذ حقي» و«البيت الوطني» المنبثقين عن «حراك تشرين»، بياناً، أمس (الأربعاء)، دعت فيه إلى «حل مجلس النواب الحالي، وعلى رئيس الجمهورية والنواب المستقلين والقوى الوطنية الضغط من أجل تحقيق ذلك». كما دعت إلى «تشكيل حكومة تحظى بقبول سياسي وشعبي، وتكون مهمتها الشروع في اتخاذ خطوات عملية على طريق التغيير».
ويشمل التغيير، بحسب القوى الموقعة على البيان، «محاسبة قتلة المتظاهرين والكشف عن مصير الناشطين المغيبين، وتحريك ملفات الفساد الكبرى وتقديم الفاسدين للعدالة، واتخاذ إجراءات ملموسة لحصر السلاح بيد الدولة». ورأت هذه القوى أن أي عملية انتخابية جديدة لن يُكتَب لها النجاح إذا لم يتم «تطبيق قانون الأحزاب، بما يمنع الفاسدين والأحزاب التي لديها أذرع مسلحة من المشاركة في العملية الانتخابية، وضمان استقلالية المفوضية العليا للانتخابات». ودعت بعثة الأمم المتحدة في العراق إلى «دعم تطلعات العراقيين، في تحقيق نظام حكم سياسي ديمقراطي حقيقي، ورعاية حوارات قواه السياسية الوطنية».
كما طالبت القوى الموقعة لإنجاح العملية الانتخابية والسياسية بـ«إجراءات ملموسة، في مقدمتها مراجعة تفسيرات المحكمة الاتحادية، بشأن (الكتلة الأكبر) ونصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وخرق التوقيتات الدستورية».
ويلاحظ أن بيان القوى الموقعة يلتقي، في بعض مفاصله، بطروحات التيار الصدري الأخيرة، خصوصاً الجانب المتعلق بالمحكمة الاتحادية وسلاح الفصائل المنفلتة.
وبموازاة بيان «قوى التغيير»، أعلن عدد من النواب المستقلين في البرلمان العراقي، ومعظمهم كانوا فاعلين في «حراك تشرين»، موقفهم من التطورات السياسية الأخيرة، ومحركها الصدر، وتياره.
وأكد النواب، في بيان، أن «معالجة الأزمة تتطلب حواراً وطنياً شاملاً يختلف عن الحوارات السابقة، تشترك فيه كُل القوى السياسية والمجتمعية دون استثناء وتهميش، من أجل الوصول إلى حل شامل يقدم المصلحة العامة للشعب».
وأضافوا: «ندعم المبادرات الخاصة بهذا الشأن، على أن تتضمن اختلافاً واضحاً في السلوكيات والمنهجيات السابقة، وأن تنطلق من المؤسسات الدستورية». وأكدوا أيضاً سعيهم إلى «تعديل بعض فقرات الدستور، التي كانت عائقاً أمام التطور السياسي، وأن يكون التعديل ملبياً لمطالب الشعب في رفض المحاصصة ومحاسبة المفسدين». وهنا أيضاً، يتطابق موقف النواب المستقلين في الفقرة الأخيرة تماماً مع طروحات الصدر وتياره.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.