دعوات للتهدئة والحوار وإنهاء المظاهرات لحل الأزمة العراقية

متظاهرون يحاولون اقتحام المنطقة الخضراء في بغداد(أ.ب)
متظاهرون يحاولون اقتحام المنطقة الخضراء في بغداد(أ.ب)
TT

دعوات للتهدئة والحوار وإنهاء المظاهرات لحل الأزمة العراقية

متظاهرون يحاولون اقتحام المنطقة الخضراء في بغداد(أ.ب)
متظاهرون يحاولون اقتحام المنطقة الخضراء في بغداد(أ.ب)

دخلت اعتصامات أنصار زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر داخل البرلمان العراقي يومها الرابع، اليوم الثلاثاء، فيما زادت الدعوات لحل الأزمة بين الأطراف الشيعية لإنهاء حالة المظاهرات الشعبية.
وجدد التيار الصدري استمرار حركة الاعتصام داخل البرلمان العراقي فيما دعا أنصاره في عدد من المحافظات إلى إنهاء مظاهراتهم التي خرجت عصر أمس واستمرت لساعات.
وقدم مفتي الجمهورية في العراق الشيخ مهدي الصميدعي مبادرة جديدة «للتدخل وعقد جلسة قضاء وتفاهم وحلول»، وقال: «ننتظر موافقتكم على هذا الطلب العلمائي».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1554400361732968448
وخاطب الصميدعي هذه الأطراف بالقول: «نرجوا قبول دعوتنا وفتح باب دار الإفتاء العراقية لكم... للتدخل بينكم لجلسة قضاء وتفاهم وحلول ونحن ننتظر موافقتكم على هذا الطلب العلمائي متمنين منكم وضع نصب أعين ضمائركم أبناء الشعب».
وكان رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي دعا الأطراف السياسية في البلاد الليلة الماضية إلى «حوار وطني عبر تشكيل لجنة تضمّ ممثلين عن كلّ الأطراف لوضع خارطة طريق للحلّ».
كما دعا الكاظمي المتظاهرين إلى «التعاون مع القوات الأمنية، واحترام مؤسسات الدولة وإخلائها والالتزام بالنظام العام».
وجاءت هذه الدعوة بعد ساعات من انتهاء مظاهرات صاخبة منفصلة لأنصار قوي لإطار التنسيقي الشيعي عند البوابة الجنوبية للمنطقة الخضراء، وأخرى في محافظات ميسان وبابل والبصرة لأتباع الصدر شكلت تهديدا خطيرا للوضع الأمني في البلاد فيما لا يزال آلاف من الصدريين يعتصمون في مبنى البرلمان العراقي.
ورحب رئيس تيار الحكمة الوطني، عمار الحكيم، بدعوة رئيس الحكومة العراقية للحوار الوطني، «للحيلولة دون انزلاق الوضع إلى ما لا يحمد عقباه لا سيما ما يتعلق بركون وجلوس فرقاء وشركاء المشهد العراقي على طاولة حوار تتبنى مبادرة وطنية شاملة تفضي لإنهاء الانسداد السياسي في البلاد».
وقال الحكيم في بيان: «نؤيد مطالبة جميع المتظاهرين والالتزام بالسلمية واحترام مؤسسات الدولة وإخلائها والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة والتعاون مع قوات الأمن لحفظ النظام وعدم خرق القانون».
كما أعلن زعيم تحالف النصر، حيدر العبادي، تأييد مضامين بيان رئيس الحكومة العراقية الخاص بالأزمة، داعيا جميع الأطراف إلى الاستجابة والبدء بحوارات جادة وصادقة خدمة للشعب والدولة.
وتأتي هذه المبادرات والدعوات للحوار والتهدئة ومنع الصدام بين الأطراف الشيعية فيما لا يزال مقتدى الصدر متمسكا بقناعته بعدم السماح لقوى الإطار التنسيقي بتشكيل حكومة جديدة ورفض ترشيح محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة.
وتتمسك قوى الإطار بحقها الدستوري بتشكيل الحكومة بوصفها الكتلة الأكثر عددا في البرلمان العراقي بعد أن استحوذت على 73 مقعدا على خلفية تقديم نواب التيار الصدري استقالاتهم من البرلمان.
ولا تزال القوات الأمنية والعسكرية العراقية في حالة استنفار قصوى، وقد نشرت أعدادا كبيرة من الكتل الإسمنتية في مداخل المنطقة الخضراء الحكومية، فضلا عن نصب أسلاك شائكة ونقاط تفيش وتعزيزات من قوات عسكرية وأمنية، مما حول المناطق المحيطة بالمنطقة الخضراء والساحات القريبة إلى ثكنات عسكرية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم