تتطلع مراكز الأبحاث وصناعة الأفكار والابتكار للانخراط في حقبة جديدة سيشهدها القطاع، بعد أن رسم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في يونيو (حزيران) الماضي، ملامح المرحلة، ووضع الأولويات الوطنية لقطاع البحث والتطوير والابتكار للعقدين المُقبلين، كبوصلة للمبتكرين في خلق الحلول وتحليل التوجهات وبناء المستقبل.
ولتحقيق تلك الأولويات، تعقد هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار، التي أنشئت في يونيو من العام الماضي، ورش عمل متتابعة، لتطوير الاستراتيجية الوطنية للقطاع، على أن يجري الإعلان عنها في مرحلة لاحقة، مع إطلاق برامج وطنية طموحة تصب في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، وتلبية حاجتها إلى مجتمع مؤهل بالعلم والمعرفة.
برج الابتكار في العاصمة الرياض
وقال المهندس عبد الواحد الغانم، رئيس الرابطة السعودية لمعهد الابتكار العالمي، إن قطاع البحث والابتكار يعيش في هذه الأثناء مرحلة إعادة بناء ممنهجة لتعزيز منظومة البحث والابتكار في المملكة، وفق التوجهات التي رسمها ولي العهد، والتي تحدد المسارات الرئيسية لبنية واتجاه القطاع للعقدين المقبلين، لافتاً إلى أن السعودية ستقود الموجة المقبلة في قطاع البحث والابتكار في الوطن العربي والشرق الأوسط؛ بفضل توفر الرغبة الجادة في الصعود، والكفاءات السعودية العالية التي ستلعب دوراً مهماً في قيادة اقتصاد الشرق الأوسط، ويأتي الدعم الحكومي ومنظومة الاقتصاد الوطني القوية مكملين لدعم هذه الموجة وهذا الصعود.
ورش عمل متتابعة لتطوير الاستراتيجية الوطنية للقطاع
وأضاف: «في الماضي كان الاعتقاد أن الابتكار معضلة فنية، وصرفت من أجل ذلك المفهوم ميزانيات ضخمة، وبذل كثير من الجهد، لنكتشف بعد ذلك أن الابتكار معضلة اقتصادية متشعبة العناصر والتحديات، وتسبب ذلك بذهاب الكثير من الجهود والأبحاث وبراءات الاختراع سدى لعدم وجود القدرة على تحويلها إلى فرص اقتصادية ناجحة، ولذا فالمحك الحقيقي هو القدرة على تحويل الأفكار إلى منتجات أو خدمات تحقق فرصاً اقتصادية فعلية، تقود مرحلة التحول الاقتصادي وتنويع الموارد والدخول من خلال آفاق اقتصادية جديدة».
ولفت الغانم إلى أنه خلال المرحلة الجديدة، لن يتوقف الحال عند إنتاج الأبحاث والاختراعات والأفكار دون إحداث أثر فعلي وملموس، بل سيعمل لتحويلها إلى قيمة تعم فائدتها محلياً وإقليمياً وعالمياً، ولرفد الاقتصاد الوطني بمداخيل أخرى غير الدخل من القطاع النفطي، فالمرحلة الجديدة تسعى لبلورة منظومة ابتكارية تؤدي الغرض من إنشائها، وتستثمر في الدعم السخي الذي تجده من الحكومة، لتحقيق الغاية في تحقيق الازدهار الاقتصادي الذي نطمح إليه.
تحويل الأفكار إلى منتجات أو خدمات
وختم الغانم: «نحن في بداية بناء (النضج الابتكاري)، والصعود على أولى درجاته، ويتطلب ذلك الاستمرار والصبر والعمل المتواصل، ومع التطبيق السليم سنصل إلى مبتغانا في غضون سنوات، وسيستغرق منا بناء المنظومة 3 إلى 5 سنوات، وسنرى بعض النتائج المشجعة خلال تلك الفترة، فيما ستثمر النتائج الفعلية خلال العقد الأول من إطلاق مسيرة القطاع».
من جهته، قال الدكتور حسن الذبياني، أستاذ التنمية الاجتماعية بجامعة طيبة، إن الخليج بقدراته الاقتصادية والبشرية الكامنة مؤهل لأن يتميز في محيطه الإقليمي، ببناء مجتمعات المعرفة، وزرع بنية تحتية مناسبة لاستيعاب التحولات وتطوير منظومته الاجتماعية والتنموية، على أن تكون تلك البنية قائمة على جهد علمي ودراسات بحثية تتعامل مع الواقع وتتطلع إلى المستقبل، وليس على القوة الاقتصادية وحدها، في التعامل مع كافة التحديات والتطلعات، على حد سواء.