بينما كانت منّة علي، الطالبة في جامعة الإسكندرية تستعد لخوض تجربة مختلفة بعد انتهاء العام الدراسي الأخير، وللاحتفال بعيد ميلاد إحدى صديقاتها، في مطعم «فاخر» بالساحل الشمالي المصري، فوجئت بطلب إدارة المطعم بضرورة إرسال بروفايل الحسابات الخاصة بهن، على «فيسبوك» و«إنستغرام» لاستكمال إجراءات الحجز الإلكتروني، مع تعبئة استمارة تسجيل بها الاسم وجهة العمل، والإقامة، أو الدراسة.
وبعد فترة انتظار سُمح لها بالدخول مع بعض صديقاتها، في حين رفض دخول أخريات، من بينهن صاحبة عيد الميلاد.
ورغم تمتع مصر بعدد كبير من المطاعم الفخمة، فإن مزيداً من الضوابط تُفرض يومياً على الراغبين في التردد عليها في إطار اتباع سياسة انتقائية دقيقة للزائرين؛ إذ تلجأ بعض هذه المطاعم إلى اختيار روادها بموجب الاطلاع على بروفايل حسابات التواصل الاجتماعي، وترفض وتقبل من تريد من دون ذكر أي أسباب.
وتقول منّة «بعدما شعرت بالممل من مطاعم مدينة الإسكندرية لكثرة التردد عليها، فكرت في قضاء يوم ممتع مع صديقاتي بمطعم يقع في منطقة (هاسيندا وايت) يطل على شاطئ البحر مباشرة»، وتضيف «كنت سأشعر بالخجل لو رُفضت، وأعتقد أن ذلك كان شعور القائمة القصيرة التي رُفضت من صديقاتي، إذ أعربن عن استيائهن من الأمر، رغم قدرتهن على دفع ثمن الطعام باهظ الثمن».
ويضم الساحل الشمالي الغربي لمصر، منتجعات سياحية فاخرة تبدأ من الإسكندرية (شرقاً، وتمتد إلى مدينة الضبعة غرباً) بمحاذاة شاطئ البحر المتوسط، وتجتذب الشاليهات والفيلات التي يزيد سعر بعضها على مائة مليون جنيه مصري أثرياء مصريين.
وترى منّة، أن «الأمر يرتبط بتمسك المطعم بزوار ينتمون إلى فئة مجتمعية شديدة الثراء، أو تفضيلهم لقاطني قرى سياحية بعينها، فبعد ترددنا أكثر من مرة على المطعم، عرفنا أنه حين ينظم حفلات لكبار النجوم مثل عمرو دياب ومحمد رمضان وأحياناً لفنانين أجانب، فإن شروطه لا تقف عند هذا الحد، إنما قد تمتد لتشمل نوع ولون الملابس أيضاً».
حازم علام، مدير سابق لأحد مطاعم الساحل الشمالي الفخمة التي تنتهج السياسة نفسها، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي تعكس شخصياتنا وميولنا، فلماذا يستنكر البعض إرسال بروفايله الشخصي إلى إدارة الحجز». ويبرر هذا الاتجاه بقوله «إنه ليس بدعة كما يردد البعض، بل يتماهى مع ضوابط مشابهة تضعها إدارة المنتجعات الكبرى، ومنها على سبيل المثال إرسال أحد الملاك الـQr cod للسماح لضيوفه بدخول القرى السياحية»، فهو نوع من الانتقاء الذي يتناسب معها، وهكذا أيضاً الحال بالنسبة لهذه المطاعم، فمن حق زائريها الاستمتاع بالراحة والخصوصية، لا سيما الفتيات اللاتي يرتدين ملابس البحر في الغالب، إضافة إلى أبناء المشاهير».
ووفق تقرير أصدرته مؤسسة «هينلي آند باتنرز»، العام الحالي، «يوجد في مصر نحو 17 ألف مواطن مليونير يمتلكون مبلغ مليون دولار على الأقل، إضافة إلى 880 شخصاً يمتلكون أكثر من 10 ملايين دولار».
ولفت التقرير الدولي إلى أنّ «الثروة في مصر تراجعت 23 في المائة في آخر 10 سنوات، وأنّ الثروة الخاصة في أيدي الأغنياء قُدّرت بنحو 307 مليارات دولار، لتأتي بذلك في المرتبة الثانية الأكثر ثراءً في القارة السمراء بعد جنوب أفريقيا، وقبل نيجيريا.
ومن الساحل إلى مطاعم الأحياء الراقية بالقاهرة، ظهر أيضاً هذا الاتجاه، فلا تستطيع بدء إجراءات الحجز في مطعم شهير بالزمالك، قبل إرسال رابط البروفايل على «فيسبوك» أو «إنستغرام» للتمكن - في حالة الموافقة – من الاستمتاع بإطلالة لا تفوت على النيل، وتناول طبق من قائمة مُعدة بعناية في تجربة تذوقية مميزة من الدجاج الآسيوي وسمك السلمون «فيليه» ولحم العجل «البارميزان والروبيان كاري» المغموس في صلصة حليب جوز الهند مع الأناناس أو «ريزوتو مع السلطعون والكالاماري»، وقد تزداد السعادة أثناء مصادفة نجوم السينما والتلفزيون ممن يترددون على المكان وتظهر صورهم على الصفحة الرسمية للمطعم.
«البروفايل»... بوابة عبور الزبائن إلى مطاعم مصرية فاخرة
«البروفايل»... بوابة عبور الزبائن إلى مطاعم مصرية فاخرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة