من اتخذ قرار حظر التجارة مع إسبانيا الشهر الماضي، ومن قرر العدول عنه بعد 6 أسابيع؟ هذا التساؤل يطرحه قطاع من الجزائريين ووسائل الإعلام ومتتبعي الأزمة السياسية الحادة بين البلدين المتوسطيين، على أثر مقال لوكالة الأنباء الحكومية يؤكد أن العلاقات التجارية بينهما ما زالت مقطوعة، وأن لا شيء تغيّر في الأزمة التي اندلعت بسبب غضب الجزائر من انحياز مدريد للمغرب في نزاع الصحراء.
الحيرة والاستغراب، هذا ما يمكن إطلاقه على مقال للوكالة الرسمية، نشرته مساء أول من أمس، جاء فيه أن «الادعاءات التي تتداولها حاليا بعض وسائل الإعلام، حول تراجع مزعوم للجزائر بخصوص علاقاتها التجارية مع إسبانيا، عارية عن الصحة، إذ لم تصدر أي أخبار رسمية بهذا الخصوص عن السلطات أو الهيئات المختصة». وأكدت أن «القرارات المتعلقة بالمسائل المالية والتجارية الخاصة بالتزامات الدولة، يتم اتخاذها على مستوى مجلس الوزراء، أو من طرف وزارة المالية أو بنك الجزائر ويتم الإعلان عنها عبر القنوات الرسمية».
وكانت «الجمعية المهنية للبنوك والهيئات المالية»، طلبت الخميس الماضي، من مسيري ومديري البنوك الحكومية إلغاء العمل بمذكرة صادرة عنها يوم 09 يونيو (حزيران) الماضي، تخص وقف توطين العمليات التجارية مع إسبانيا. ما يعني عودة تبادل السلع والخدمات مع الشريك المتوسطي. وكان لافتا لدى الناشطين في مجال التجارة، أن هذا القرار اتخذته الحكومة ما دام أن «جمعية البنوك» ما كان يمكن أن تخوض في قضية بهذه الأهمية، من دون ضوء أخضر من وزارة المالية.
وذكرت وكالة الأنباء الحكومية، أن «القرارات التي تخص القضايا المالية والاقتصادية، سيما تلك التي تخص علاقات الجزائر بشركائها التجاريين، تندرج ضمن الصلاحيات الحصرية للدولة، وليس من اختصاص المنظمات المهنية على غرار جمعية البنوك والمؤسسات المالية، التي يمكنها أن تحل محل مؤسسات الدولة المكلفة بالمالية والاقتصاد والتجارة الخارجية، فهي مجرد جمعية ذات طابع مهني تدافع عن مصالح أعضائها».
ومن ضمن التساؤلات التي تثيرها هذه القضية، لماذا لم تصدر الحكومة موقفا واضحا من مسألة المعاملات التجارية مع إسبانيا؟ لم راسلت «جمعية البنوك» أعضاءها، في 09 يونيو الماضي، تطالبهم بوقف توطين كل العمليات الخاصة باستيراد المواد والسلع والخدمات من إسبانيا؟ ولماذا تركت الإعلان عن قضية بهذه الحساسية في تطورات أزمتها مع مدريد، لتنظيم مهني يخص المصارف، بدل وزارة المالية أو البنك المركزي أو وكالة الأنباء الرسمية أو أي جهة حكومية؟
وعلّق الكاتب الصحافي نجيب بلحيمر على ما نشرته وكالة الأنباء قائلا، إنه «ليس له أي طابع رسمي، ولا تتحمل مسؤوليته أي جهة في الدولة، لكنه في مقابل ذلك يرسم صورة مشوشة عن كيفية إخراج قرارات السياسة الخارجية». وأضاف «من الواضح تماما أن هناك رغبة في الحفاظ على مظاهر الغضب من مدريد ونفي التراجع عن القرار المذكور (قرار رفع الحظر التجاري) لأن ذلك يبطل الاستعمال السياسي الداخلي لهذه الأزمة، غير أن هذا الأمر ليس مجديا لأن الآثار التي ترتبت عن قرار تجميد المبادلات التجارية وضع الجمارك الجزائرية في مأزق، بسبب غموض القرار وعدم وجود تعليمات مفصلة عن كيفيات تطبيقه والسلع التي يشملها بدقة، وهذه مسألة تناولتها وسائل الإعلام، ولم تتكلم عنها وكالة الأنباء بكل تأكيد».
يشار إلى أن مفوضية الاتحاد الأوروبي انتقدت الجزائر بعد أن اشتكت مدريد منها، بذريعة أن وقف التجارة معها ينتهك اتفاق الشراكة الذي يربط الجزائر ببروكسل منذ 2005، كما يشار إلى أن سفير الجزائر لدى مدريد لم يعد إلى منصبه، منذ أن تم سحبه في 19 مارس (آذار) الماضي، على سبيل الاحتجاج، في نفس اليوم الذي أعلن فيه رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز دعمه خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء.
الجزائر: تساؤلات وعلامات استفهام حول رفع الحظر التجاري على إسبانيا
الجزائر: تساؤلات وعلامات استفهام حول رفع الحظر التجاري على إسبانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة