هوكستاين في بيروت يحمل طرحاً جديداً لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل

ضمانات واشنطن لاستجرار الطاقة من مصر والأردن معلقة على تمويل البنك الدولي

هوكستاين في بيروت يحمل طرحاً جديداً لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل
TT

هوكستاين في بيروت يحمل طرحاً جديداً لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل

هوكستاين في بيروت يحمل طرحاً جديداً لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل

حمل الوسيط الأميركي إلى ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، آموس هوكستاين، إلى بيروت، الأحد، طرحاً جديداً إلى المسؤولين اللبنانيين، ينظرون إليه على أنه «خطوة إيجابية تساهم في دفع ملف ترسيم الحدود مع إسرائيل قدماً، بما يتيح للبنان التنقيب عن ثرواته البحرية».

ووصل هوكستاين، وهو المنسق الرئاسي الأميركي الخاص للشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار، إلى بيروت بعد ظهر الأحد قادماً من اليونان، في زيارة يلتقي خلالها المسؤولين اللبنانيين؛ حيث يلتقي الاثنين رؤساء الجمهورية ميشال عون، والمجلس النيابي نبيه بري، وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ويطلعهم على المبادرة التي يحملها بشأن ترسيم الحدود البحرية. وفي حال كان العرض إيجابياً، فإنه سيقود إلى استئناف مفاوضات الترسيم غير المباشرة مع الجانب الإسرائيلي في مقر الأمم المتحدة في الناقورة (أقصى جنوب غربي لبنان)، وتحت علمها وبرعايتها، وبساطة وتسهيل أميركيين. وقالت مصادر لبنانية مواكبة للمحادثات إن الأجواء إيجابية، لافتة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الآمال مرتفعة بالتوصل إلى حلّ يعيد الطرفين إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة بمعزل عن «التهويل الإعلامي».

واستبقت وزارة الخارجية الأميركية وصوله بالتأكيد على أن زيارة هوكستاين إلى بيروت تهدف إلى مناقشة الحلول المستدامة لأزمة الطاقة في لبنان، بما في ذلك التزام إدارة بايدن بتسهيل المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية. وأضافت، في بيان، أنّ «التوصل إلى حل أمر ضروري وممكن، ولكن لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المفاوضات والدبلوماسية».

وقبل ساعات على وصوله، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن هوكستاين «سيعرض اقتراحاً إسرائيلياً جديداً يتضمن حلاً يسمح للبنانيين بتطوير احتياطيات الغاز في المنطقة المتنازع عليها مع الحفاظ على الحقوق التجارية لإسرائيل». وقال المسؤول الإسرائيلي، دون الخوض في التفاصيل، إنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، فسوف يتمكن اللبنانيون من القيام «ببعض التنقيب هناك».

وأضاف المسؤول: «العرض الذي نُقل هو اقتراح جاد يمكن أن يحول لبنان من بلد خراب اقتصادي يعاني أزمة طاقة إلى دولة منتجة للغاز الطبيعي، من خلال تمكينه من استخراج هذا المورد».

وبعيد وصوله إلى مطار رفيق الحريري في بيروت، توجه هوكستاين إلى المديرية العامة للأمن العام، يرافقه وفد أميركي والسفيرة الأميركية؛ حيث التقى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في مكتبه، وتناول البحث تطورات ملف ترسيم الحدود البحرية.

وانتقل هوكستاين، ترافقه السفيرة الأميركية دوروثي شيا، إلى وزارة الطاقة للقاء وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض؛ حيث استمر اللقاء نحو الساعة من الوقت، وخرج بعد اللقاء معرباً عن سروره لوجوده في لبنان.

وأعلن وزير الطاقة في دردشة مع الإعلاميين أنّ هوكستاين حمل طرحاً جديداً إلى المسؤولين اللبنانيين، وقال له إنّه إيجابي، كما نفى أي شائعات عن التنقيب المشترك بين لبنان وإسرائيل. ولفت إلى أن هوكستاين أعلمه بأنّه سيفاوض البنك الدولي بشأن شروط السير بخطة الكهرباء التي نفذها لبنان.

وإلى جانب ملف ترسيم الحدود، تسهل الإدارة الأميركية استجرار الغاز من مصر لتوليد الكهرباء في محطة عاملة على الغاز في شمال لبنان عبر سوريا، واستجرار الطاقة من الأردن عبر الأراضي السورية.

وأضاف فياض: «الإدارة الأميركية اشترطت حصول لبنان على تمويل البنك الدولي لإعطائه ضمانات بعدم تعرضه لعقوبات قانون قيصر إذا ما استُجرّ الغاز من مصر»، كاشفاً عن وعد هوكستاين له بالحصول على الضمانات الأميركية لعدم التعرض لعقوبات قانون قيصر نهاية هذا الصيف.

وأردف: «شرطان يضعهما البنك الدولي على لبنان، هما زيادة التعريفة وبداية الإجراءات لتعيين الهيئة الناظمة». وأعلن فياض أنّه أرسل كتاباً إلى مؤسسة كهرباء لبنان طلب فيه البدء بزيادة التعريفة.

ويأتي ذلك في ظل عرض تقدم به أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله لاستيراد الفيول من إيران مجاناً لتشغيل المحطات الحرارية في لبنان. وأشار فياض إلى أنّه تطرّق مع هوكستاين إلى ملف الفيول الإيراني، موضحاً أنّه قال له: «بصراحة أنا مع أن نأتي بالكهرباء للبنانيين ولا يُمكن أن أرفض أي هبة في هذا الموضوع إذا ما تبيّن أن الطرح رسمي وجدي وبات أمامنا على الورق». وتابع: «هوكستاين أجابني أن هذا الأمر يحتاج إلى مجلس وزراء».

واستبق «حزب الله» وصول الموفد الأميركي بنشر مقطع فيديو يظهر استعداده لإطلاق الصواريخ باتجاه المنصات وبواخر التنقيب والإنتاج الإسرائيلية في البحر المتوسط. وكشفت معلومات لقناة «أم تي في» التلفزيونية عن أنّ «هوكستاين قال لفياض إن الفيديو الذي نشره (حزب الله) اليوم عن المسيّرات لا يُفيد ولا يُساعد في المفاوضات لأنّ هناك انتخابات في إسرائيل وهذا سيجعلها أكثر تشدّداً».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.