الصدريون يغلقون مقار «الحكمة» و«الدعوة» ويغازلون «التشرينيين»

محتجون داخل البرلمان العراقي (أ.ف.ب)
محتجون داخل البرلمان العراقي (أ.ف.ب)
TT

الصدريون يغلقون مقار «الحكمة» و«الدعوة» ويغازلون «التشرينيين»

محتجون داخل البرلمان العراقي (أ.ف.ب)
محتجون داخل البرلمان العراقي (أ.ف.ب)

قرر الآلاف من أتباع التيار الصدري، الاستمرار اليوم في إقامة اعتصام مفتوح في مبنى البرلمان، بعد أن اقتحموه للمرة الثانية في غضون أسبوع.
وسبق عملية الاقتحام حملة واسعة أطلقتها المنصات الخبرية لتحشيد أتباع التيار من جميع المحافظات ودفعهم للمشاركة في المظاهرات وعملية دخول البرلمان، كما سبقها، مساء الجمعة، قيام المجاميع الصدرية بشن «غارات» متعددة ضد المقار الحزبية لتيار «الحكمة الوطني» الذي يتزعمه عمار الحكيم وحزب «الدعوة» الإسلامية الذي يتزعمه نوري المالكي، في مناطق عدة ببغداد ومحافظات أخرى، ونجحت في إغلاقها. والعملية جاءت في سياق التوتر القائم بين الصدر وأنصاره وكل من الحكيم والمالكي المنتميين إلى «الإطار التنسيقي» الذي حرم الصدر الفائز بأكبر عدد من المقاعد (73 مقعداً) من تشكيل الحكومة، ودفعاه إلى سحب كتلته النيابية من البرلمان. وترددت أنباء عن مغادرة معظم القيادات السياسية المنطقة الرئاسية «الخضراء» التي يعيشون فيها إلى ملاذات آمنة بعد دخول الصدريين وضمنهم رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي وبقية الزعماء وكبار المسؤولين.
وتجمع أتباع التيار الصدري في ساعة مبكرة من مساء الجمعة في ساحة التحرير وسط بغداد القريبة من جسر الجمهورية الرابط مع المنطقة الخضراء الرئاسية. ومع ساعات النهار الأولى تجمع المئات على جسر الجمهورية لإزالة المصدات الإسمنتية التي وضعتها القوات الأمنية على الجسر لمنع عبوره إلى مبنى البرلمان، كما تجمعوا في مدخل منطقة «التشريع» الآخر المؤدي إلى المنطقة الخضراء، وتمكنوا بعد ذلك من تجاوز الحواجز الإسمنتية وعبروا إلى المنطقة الخضراء وصولاً إلى مبنى البرلمان، الذي تجمعوا في قاعة اجتماعاته، مرددين شعارات مؤيدة للصدر ومنددة بخصومه من السياسيين وأهازيج أخرى مناهضة للفساد والفاسدين وتبعية بعض القوى السياسية الشيعية إلى إيران.
وبعد الوصول إلى مبنى البرلمان، توجّه آلاف الصدريين إلى مبنى مجلس القضاء الأعلى وحاولوا اقتحام الحواجز الأمنية والإسمنتية، لكن محمد صالح العراقي المعروف بـ«وزير الصدر» طلب منهم عدم التجاوز على موظفي المجلس واقتحام مبنى المجلس وعدم التجاوز على موظفيه.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1553396986933645314
وكانت منصات التيار الصدري الخبرية، وجهت خلال الأيام الأخيرة انتقادات شديدة إلى رئيس مجلس القضاء فائق زيدان واتهمته بالانحياز لقوى الإطار التنسيقي وطاعته الكاملة لتعليمات الحرس الثوري الإيراني. كما تحمله مسؤولية إصدار فتوى «الثلث المعطل» التي حرمت الصدريين من تشكيل الحكومة ومنحت خصومهم في «الإطار التنسيقي» ذريعة كافية لعرقلة جهودهم.
المواطنون العراقيون من خارج أتباع التيار الصدري، تابعوا بقلق واهتمام، تطورات الأحداث في ظل مخاوف جدية من تفجر صراع شيعي - شيعي يمتد ليشمل معظم مناطق وسط وجنوب البلاد ذات الأغلبية الشيعية. وفيما تنظر بعض الاتجاهات الشعبية الناقمة على الأحزاب والجماعات السياسية التي تسببت في تدهور البلاد وتراجعها على مختلف الأصعدة بنوع من التفهم للتحرك الصدري، ترى اتجاهات أخرى أنها تحركات فئوية يبحث من خلالها الصدريون تحقيق مطالبهم الخاصة. أما بالنسبة لجماعات الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019. وما بات يعرفون بـ«التشارنة»، فقد تعاملوا ببرود مع الاحتجاجات الصدرية، وتتحدث أوساطهم عن أن الصدر يسعى بقوة إلى ردم الهوة بين تياره وبينهم ويحثهم على الالتحاق بمظاهرات تياره وتجاوز خلافات الماضي.
ورغم الأعداد الكبيرة التي خرج بها الصدريون واجتيازهم للحواجز الأمنية الكبيرة التي أقامتها القوات الأمنية، فإن المظاهرات وعملية اقتحام الخضراء لم تشهد مواجهات عنيفة بين الصدريين والقوات الأمنية على غرار ما كانت تحدث بين القوات الأمنية و«التشارنة»، وأعلنت وزارة الصحة العراقية إصابة 125 شخصاً بإصابات طفيفة، وضمنهم 25 عنصراً أمنياً.
ووجّه القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، القوات الأمنية بحماية المتظاهرين، ودعاهم إلى «التزام السلمية في حراكهم، وعدم التصعيد، والالتزام بتوجيهات القوات الأمنية التي هدفها حمايتهم، وحماية المؤسسات الرسمية».
وأكد الكاظمي، طبقاً لبيان صادر عن مكتبه، أن «استمرار التصعيد السياسي يزيد من التوتر في الشارع وبما لا يخدم المصالح العامة»، وشدد على أن «القوات الأمنية يقع عليها واجب حماية المؤسسات الرسمية، وأكد ضرورة اتخاذ كل الإجراءات القانونية لحفظ النظام».

وفي غمرة الهيمنة الصدرية على المشهد العراقي والانتقادات الشديدة التي يوجهها إلى قوى «الإطار التنسيقي»، أصدر الأخير، أمس، بياناً قال فيه: «نتابع بقلق بالغ الأحداث المؤسفة التي تشهدها العاصمة بغداد خلال هذه الأيام، خصوصاً التجاوز على المؤسسات الدستورية واقتحام مجلس النواب والتهديد بمهاجمة السلطة القضائية ومهاجمة المقار الرسمية والأجهزة الأمنية».
وأضاف بيان «الإطار التنسيقي»: «إننا إذ نوصي بضبط النفس وأقصى درجات الصبر والاستعداد فإننا ندعو جماهير الشعب العراقي المؤمنة بالقانون والدستور والشرعية الدستورية إلى التظاهر السلمي دفاعاً عن الدولة وشرعيتها ومؤسساتها، وفي مقدمتها السلطة القضائية والتشريعية والوقوف بوجه هذا التجاوز الخطير والخروج عن القانون والأعراف والشريعة، نحمّل الجهات السياسية التي تقف خلف هذا التصعيد والتجاوز على الدولة ومؤسساتها، كامل المسؤولية عما قد يتعرض له السلم الأهلي نتيجة هذه الأفعال المخالفة للقانون».
وفي مقابل بيان الإطاريين، ردّ صالح محمد العراقي، المعروف بـ«وزير الصدر»، على بيانهم بالقول: «إياكم والدعوة لزعزعة السلم الأهلي». وأضاف أن «تفجير المسـيّرات هو الذي يكسر هيبة الدولة، وليس حماية المؤسسات من الفساد كسراً لهيبة الدولة». في إشارة إلى الطائرات المسيرة وعمليات القصف التي تقوم بها بعض الفصائل المسلحة المحسوبة على قوى «الإطار التنسيقي» ضد السفارات الأجنبية في المنطقة الخضراء وإقليم كردستان ومناطق أخرى.
وتابع العراقي أن «زعزعة الأمن الطائفي في كردستان والأنبار كسر لهيبة الدولة، وما (قاسم مصلح) عنكم ببعيد، وما التسريبات عنكم ببعيد، فإياكم والدعوة لزعزعة السلم الأهلي كما فعلتم في اعتصاماتكم ضد (الانتخابات الحالية المزورة) كما تدّعون... الشعب يريد إصلاح النظام».
وقاسم مصلح الذي ذكره العراقي في تغريدته أحد العناصر القيادية في الحشد الشعبي اتهم، العام الماضي، باغتيال الناشط المدني إيهاب الوزني في كربلاء، قبل أن يخلي القضاء سبيله لعدم كفاية الأدلة.
وفي وقت لاحق من يوم أمس، تراجعت جماعات الإطار التنسيقي عن بيانها، وتقول بعض المصادر الصحافية إن القياديين في الإطار لم يقبلوا على إصدار البيان الذي انفرد بكتابته نوري المالكي.
وفيما عبّرت البعثة الأممية في العراق عن قلقها من الأحداث الأخيرة، دعا رئيس تيار «الحكمة الوطني» عمار الحكيم، قوى الإطار التنسيقي والتيار الصدري إلى «الدخول في حوار مفتوح مباشر وبناء تحت سقف الوطن والمصلحة الوطنية وحفظ الدم العراقي، يأخذ معاناة الشعب وهواجسه ومصالحه بنظر الاعتبار، حوار يتم التأكيد فيه على تطمين كل طرف للآخر بعدم وجود نية لإلغاء أحد على حساب آخر».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

مقتل 25 شخصاً وإصابة العشرات في غارة إسرائيلية بوسط غزة

مبنى مدمر نتيجة القصف الإسرائيلي في محيط مخيم النصيرات (أ.ف.ب)
مبنى مدمر نتيجة القصف الإسرائيلي في محيط مخيم النصيرات (أ.ف.ب)
TT

مقتل 25 شخصاً وإصابة العشرات في غارة إسرائيلية بوسط غزة

مبنى مدمر نتيجة القصف الإسرائيلي في محيط مخيم النصيرات (أ.ف.ب)
مبنى مدمر نتيجة القصف الإسرائيلي في محيط مخيم النصيرات (أ.ف.ب)

قال مسعفون فلسطينيون، اليوم (الخميس)، إن 25 شخصاً لقوا حتفهم وأصيب عشرات آخرون جراء غارة إسرائيلية على مبنى بوسط غزة، بعد ساعات قليلة من رفع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض الآمال بشأن اتفاق وقف إطلاق نار لإنهاء الحرب في غزة.

وأفاد مسؤولون في مستشفى العودة، شمال قطاع غزة، ومستشفى الأقصى، وسط غزة، باستقبالهم 25 جثة إثر الغارة الإسرائيلية على مبنى متعدد الطوابق في مخيم النصيرات، فيما أفادت وسائل إعلام فلسطينية بسقوط 27 قتيلاً.

وذكر مسعفون فلسطينيون أيضاً أن ما يربو على 40 شخصاً، معظمهم أطفال، يتلقون العلاج في المستشفيين. ودمرت الغارة الإسرائيلية عدة منازل قريبة في النصيرات أيضاً.

 

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، في وقت سابق اليوم، إنه يعتقد أن التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن ربما يكون قريباً؛ لأن إسرائيل أشارت إلى أنها مستعدة، كما «نرى تحركاً» من جانب حركة «حماس» الفلسطينية.

وبعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في إسرائيل، اليوم، قال سوليفان: «قد لا يحدث ذلك، ولكنني أعتقد أنه يمكن أن يحدث إذا توفرت الإرادة السياسية من الجانبين».

وأعرب عن اعتقاده بأن «كل يوم يأتي بمخاطر متزايدة، وهناك حاجة ملحة لإبرام الاتفاق»، وقال: «هدفي أن نتمكن من إبرام اتفاق هذا الشهر».