نيجيرفان بارزاني: تدهور الأوضاع في العراق ناجم عن إهمال الدستور

انطلاق أعمال ملتقى السليمانية الأول لمحافظات العراق

نيجيرفان بارزاني: تدهور الأوضاع في العراق ناجم عن إهمال الدستور
TT

نيجيرفان بارزاني: تدهور الأوضاع في العراق ناجم عن إهمال الدستور

نيجيرفان بارزاني: تدهور الأوضاع في العراق ناجم عن إهمال الدستور

شدد نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، أمس على أن ما يحدث اليوم في العراق من تدهور والظروف الصعبة التي يعيشها الشعب العراقي هو نتيجة لإهمال الدستور وعدم تطبيق التوافق الذي بني عليه العراق الجديد.
وقال نيجيرفان بارزاني، خلال كلمة ألقاها في مستهل بدء أعمال ملتقى السليمانية (منبر لتوثيق العلاقات بين المحافظات العراقية)، إن «الظروف الصعبة التي يعيشها العراقيون حاليا هي نتيجة لإهمال الدستور وعدم تطبيق التوافق الذي بني على أساسه العراق الجديد، ولطالما حذر رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني خلال السنوات الماضية الأطراف العراقية والحكومة الاتحادية من مغبة إهمال الدستور، لكن مع الأسف القيادة في كردستان لم تجد أي أذن صاغية لذلك، فحدث ما لم يجب أن يحدث، وعندما حذر الرئيس مسعود بارزاني في رسالة له، جميع الأطراف والشعب العراقي من نشوء الإنفراد بالسلطة، فسرت الكثير من الأطراف هذه التحذيرات بطريقة سيئة جدا، لكن فيما بعد رأى الشعب العراقي النتائج المدمرة لسياسة الإنفراد، التي مع الأسف تسببت في إراقة دماء آلاف الأشخاص وتشريد مئات الآلاف»، مبينا أن إهمال الدستور تسبب بعدم حل المشكلات التي وضع الدستور لحلها مدة زمنية، في حين أن حل هذه المشكلات كانت أساسا لبناء عراق فيدرالي توافقي يضمن الشراكة الحقيقية للجميع، لذلك كان هناك استياء دائم لدى المكونات المشاركة في الحكومة، وانسحبت منها في كثير من الأحيان، وأديرت الكثير من المناصب الحكومية بالوكالة وبشكل وقتي، وساد جو انقلابي.
وتابع نيجيرفان بارزاني: أن «إقليم كردستان أصبح ملاذا لأكثر من مليون و800 ألف نازح من المناطق الأخرى من العراق ومن اللاجئين السوريين، فتوفير الاحتياجات الرئيسية والخدمات لهؤلاء النازحين واللاجئين سنويا تصل إلى مليار و(500) مليون دولار، في حين لم ترسل الحكومة الاتحادية حصة إقليم كردستان من الميزانية، ولم تف بالتزاماتها تجاه قوات البيشمركة كجزء من المنظومة الدفاعية في العراق والتي تخوض حاليًا حربًا واسعة ضد تنظيم داعش الإرهابي، وفي الوقت ذاته وضعت بغداد الكثير من العقبات أمام المساعدات العالمية لقوات البيشمركة»، موضحا أن بغداد لم تلتزم بواجباتها تجاه إقليم كردستان كجزء من العراق، ولم تكلف نفسها حتى بإشراك ممثلين عن حكومة الإقليم في وفود الحكومة الاتحادية التي تشارك في المؤتمرات المهمة. وعن الاتفاق النفطي الموقع بين أربيل وبغداد، الذي أصبح جزءا من قانون الموازنة العامة المالية للعراق لعام 2015، قال بارزاني: «حكومة الإقليم حاولت كثيرا الوفاء بتعهداتها حول المعدل القياسي للإنتاج والتصدير، ورفعت سقف الإنتاج والتصدير إلى 550 ألف برميل يوميا، لكن بغداد لم تقم بإرسال المبالغ المالية لإقليم كردستان بحسب الكمية المصدرة في إطار شركة التسويق (سومو)»، مشيرا إلى أنها لم تطبق الاتفاق وقانون الموازنة المالية.
وعبر بارزاني عن أسفه من قرار رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي باستقطاع 10 في المائة من الموازنة القليلة التي حددت للإقليم في أبريل (نيسان) الماضي، مبينا أن «استقطاع هذه النسبة تم بقرار شخصي أيضا دون أي استشارة، واتخاذ القرارات بهذه الطريقة يشكل خطرا على حكومة التوافق وعلى الفيدرالية».
وأكد بارزاني أن إقليم كردستان يريد حل كل المشكلات مع حكومة حيدر العبادي وتدعم إعادة التوافق والمساواة والعيش الرغيد للشعب العراقي، مطالبا الحكومة الاتحادية بأن «تكون ممثلة للجميع، وأن يكون الجميع مشاركين في القرار والإدارة».
وعن الأوضاع الاقتصادية في كردستان، قال رئيس حكومة الإقليم: «كردستان كانت في تطور اقتصادي ملحوظ قبل أن يقطع رئيس الحكومة العراقية السابق، موازنة ورواتب شعب الإقليم العام الماضي، وبدء الحرب ضد شعب كردستان».
بدوره قال هونر توفيق، مسؤول إعلام محافظة السليمانية، لـ«الشرق الأوسط» إن «(ملتقى السليمانية) هو الأول من نوعه في العراق وإقليم كردستان، حيث تمكنا من خلاله جمع كافة محافظات العراق، من أجل تبادل الخبرات والتجارب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبناء جسر متين من العلاقات بينها في هذه المجالات، وإنشاء علاقات اقتصادية ثقافية بين الإقليم وهذه المحافظات»، مبينا أن الملتقى سيستمر على مدى يومين وسيناقش كل المشكلات والعراقيل التي تواجه المحافظات في كل المجالات وإيجاد الحلول المناسبة لها عبر مجموعة من الجلسات الحوارية، وسيقدم الملتقى في ختامه ورقة عمل على المستوى الاقتصادي والثقافي للحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.