انتشار معاهد لتخريج العباقرة في الهند.. تدريبهم يبدأ وهم في أرحام أمهاتهم

يستند أكثرها إلى قصة مأخوذة عن ملحمة «مهابهارتا» الهندية

طفلة هندية عمرها عامان تدعى دولي شيفاني شيروكوري تسجل رقما قياسيا جديدا في الرماية بالسهام على مستوى البلاد  -  الدكتور نيروبوم مهاجان، طبيب أطفال بارز، يقول إن الأجنة تستطيع رصد مثيرات صوتية مثل ضربات قلب الأم، أو الأصوات المرتفعة، والتجاوب معها
طفلة هندية عمرها عامان تدعى دولي شيفاني شيروكوري تسجل رقما قياسيا جديدا في الرماية بالسهام على مستوى البلاد - الدكتور نيروبوم مهاجان، طبيب أطفال بارز، يقول إن الأجنة تستطيع رصد مثيرات صوتية مثل ضربات قلب الأم، أو الأصوات المرتفعة، والتجاوب معها
TT

انتشار معاهد لتخريج العباقرة في الهند.. تدريبهم يبدأ وهم في أرحام أمهاتهم

طفلة هندية عمرها عامان تدعى دولي شيفاني شيروكوري تسجل رقما قياسيا جديدا في الرماية بالسهام على مستوى البلاد  -  الدكتور نيروبوم مهاجان، طبيب أطفال بارز، يقول إن الأجنة تستطيع رصد مثيرات صوتية مثل ضربات قلب الأم، أو الأصوات المرتفعة، والتجاوب معها
طفلة هندية عمرها عامان تدعى دولي شيفاني شيروكوري تسجل رقما قياسيا جديدا في الرماية بالسهام على مستوى البلاد - الدكتور نيروبوم مهاجان، طبيب أطفال بارز، يقول إن الأجنة تستطيع رصد مثيرات صوتية مثل ضربات قلب الأم، أو الأصوات المرتفعة، والتجاوب معها

الجيل الجديد من الآباء الهنود المتعلمين، وحتى يصبح أبناؤهم عباقرة يبدأون بتعليمهم وهم لا يزالون في أرحام أمهاتهم. وسرعان ما جذبت أخبار تعليم الأطفال الرضع انتباه الأمهات الشابات المتعلمات الطموحات، إذ سجلت طفلة هندية عمرها عامان تدعى دولي شيفاني شيروكوري رقما قياسيا جديدا في الرماية بالسهام على مستوى البلاد. وقال والد دولي، وهو يمارس الرماية بالسهام أيضا، إنها تلقت تدريبا وهي لا تزال في رحم أمها حتى تصبح بطلة.
انطلاقا من هذا، انتشرت الكثير من معاهد تخريج العباقرة في جميع أنحاء الهند، ووضعت كل منها مجموعة خاصة بها من التقنيات والمناهج من أجل تعزيز التطور العقلي للجنين خلال فترة الحمل وما بعدها. وتعدك «ليتل غيمز» بمنحك «طفلا خارقا عند الولادة»، بينما تقدم «اسباير سوبر كيدز» عرضا «بزيادة ذكاء طفلك»، وتعدك «دهيان بيبي» بجعل الطفل عبقريا من خلال تحفيز خلايا مخه، في حين تزعم مؤسسة «يوغا سانسكار نيكيتان» أنها قادرة على جعل الطفل «كاملا» من خلال ما تقدمه من برامج تدريبية.
تدربت شاميما أختير، طبيبة أسنان في دلهي، في «اسباير سوبر كيدز»، وهي أم تفخر بطفليها الخارقين على حد زعمها؛ حيث يستطيع ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات التعرف على الكلمات ويتمتع بذاكرة قوية. وقالت: «لقد اعتدت أن أعرض عليه 25 بطاقة تحتوي على كلمات يوميًا. وفي غضون ثلاثة أشهر تعلم 300 كلمة، ويستطيع حاليًا ذكر أسماء عواصم عدد من البلاد، وتلاوة آيات من القرآن». وتلقت شاميما دورة تدريبية أثناء فترة حملها في طفلها الثاني، وتقول إن ابنتها ذات الستة أشهر أكثر ذكاء وقدرة على الملاحظة، وإنها تقبل على قراءة الكتب.
وفي ظل تزايد عدد المراكز في أنحاء الهند، تقدم مؤسسة «اسباير سوبر كيدز» برنامجا للنساء الحوامل، وآخر لكيفية تدريب الأطفال من الولادة وحتى سن الثامنة. وتتضمن دورة «مرحبا بك يا طفلي» للنساء الحوامل تعليم «مهارات التواصل مع الطفل في الرحم»، وأسطوانات موسيقى مدمجة، ودفتر خطابات حب حتى تعبر الأم عما تشعر به نحو طفلها، فضلا عن منهج يشرح كيفية التحدث مع الطفل قبل ولادته. كذلك يدرب البرنامج الآباء على تعليم الطفل الأرقام خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل. وتزعم سو اميناثان، وهي من مسؤولي الإدارة في المعهد: «عليه أن يربت على بطن زوجته مرة، ومرتين، ثم ثلاث مرات، وهو يذكر الأرقام. وسوف يرد الطفل بعدد مطابق من الركلات». ويسجل نحو 6 آلاف أب أسماءهم في هذه الدورة سنويا بحسب ما ذكرت سو اميناثان.
وليست شاميما حالة خاصة، فهناك الكثير غيرها من الآباء الهنود الذين يشتركون في تلك الدورات التي تقدمها شركات، ومدارس وأطباء سعيا منهم نحو إنجاب أطفال في عبقرية أينشتاين. وتزعم مؤسسة «ليتل غيمز» أن الأطفال، الذين يتم إنجابهم بعد التدريب، قادرون على التحدث بعدة لغات، والقيام بحسابات معقدة مثل الحسابات التي يقوم بها الكومبيوتر.
وشاركت نحو 70 ألف أم في تلك الدورات التدريبية، واستفادت منها منذ بدايتها عام 1993 كما تزعم المؤسسة. وتقول ريفاثي سانسكاران، التي أنشأت «ليتل غيمز»: «يمكن للطفل من خلال تبني النهج المناسب أن يبدأ تعلم لغة من الشهر الثالث، ويمكنه اكتساب معرفة موسوعية بدءا من الشهر السادس، وفهم الرياضيات بدءا من الشهر التاسع، وتعلم مبادئ التعليم الأساسي في غضون عام».
ويقدم براهالد باتيل، وهو معلم فيزياء، طريقة لتعليم الجنين في مؤسسة «سوبر تشايلد يونيفرسيتي» التي تقع في ولاية غوجارات في غرب الهند. ويقر بأن مؤسسته غير معترف بها كجامعة من قبل أي جهة أو هيئة حكومية. في المعهد، يبدأ يوم الآباء المشاركين بجلسة يوغا في السادسة والنصف صباحا. وبعد الإفطار، يحضر الأبوان دورة مدتها ساعتان، ثم صفا آخر في المساء؛ أما باقي اليوم فيمكن قضاؤه في القراءة والتأمل. ويشمل المنهج محاضرات، وأفلاما، وعروضا توضيحية عن «الجوانب النفسية والبدنية» للإنجاب. ويقيم الزوجان الشابان لمدة أسبوع في المعهد، ويتلقيان تدريبا على الأفكار، التي ينبغي على الأم التفكير فيها أثناء فترة الحمل، والأشياء التي ينبغي قراءتها، بحيث يستطيع الجنين استيعاب كل ذلك منها ليولد «طفلا خارقا».
وقالت نيها، مهندسة برمجيات ومطربة تمارس ما تعلمته: «لقد تدربنا في المعهد على كيفية التفكير، والأشياء التي ينبغي التفكير فيها، والأطعمة والمشروبات التي ينبغي تناولها، لأن كل هذه الأمور تحدد كينونة الطفل». وقال باتيل: «أدرس الجوانب النفسية والروحانية والعلمية للإنجاب». ويزعم مزجه بين حكمة القدماء، والروحانية، وعلم النفس، والعلم الحديث، حيث يقول: «تشير حكمة القدماء إلى أن التعليم يجب أن يبدأ قبل الميلاد». ولباتيل كتاب بعنوان «الطفل الخارق» يوضح فيه عمله في علم إنجاب طفل خارق. ويعتزم إنشاء مؤسسة باسم «معهد الطفل الخارق» من أجل تخريج أطفال خارقين.
وتستند أكثر تلك المعاهد إلى قصة مأخوذة عن ملحمة «مهابهارتا» الهندية، التي تعلم فيها أبهيمانيو سرا خطيرا في إحدى الحروب عندما كان لا يزال جنينا في رحم أمه، حين كان أبوه أرجون يخبر أمه بذلك السر. وقال الدكتور نيروبوم مهاجان، وهو طبيب أطفال بارز: «تستطيع الأجنة رصد مثير صوتي مثل ضربات قلب الأم أو الأصوات المرتفعة، والتجاوب معه. مع ذلك لا يوجد دليل علمي يؤكد وجود أنشطة بعينها قادرة على تنمية الطفل بحيث يصبح خارقا للعادة».
وينظم الدكتور ماندار راناد، طبيب النساء والتوليد، صفوفا لتعليم الأجنة. وأوضح قائلا: «يمكن للطفل إجادة عدة لغات، لكن تعلم لغة جديدة أمر صعب على البالغين. وحتى إذا كان الجنين داخل الرحم غير قادر على تعلم الحسابات، فيمكن أن تتطور شخصيته بشكل عام، وكذا بعض الصفات الشخصية، مثل تذوقه للفن، والموسيقى، والتفكير الإيجابي». وسجلت روبالي، التي تتطلع إلى إنجاب طفل «ذكي ومثقف وواثق من ذاته»، اسمها في برنامج «دهيان بيبي» للتعليم الخاص للطفل قبل الولادة. وقالت روبالي: «بعد شراء الأدوات بدأت أتحدث مع ابني الذي يوجد داخل أحشائي طوال الوقت. وكنت أتحدث عما كنت أفعله، وأسمعه الكثير من الموسيقى الكلاسيكية». ويبلغ ابنها حاليا 10 أشهر ويتمتع بقدرة على استيعاب كل ما تقوله له سريعا، بل ولديه قدرة على تذوق الموسيقى الكلاسيكية الهندية. كذلك يستطيع معرفة 30 نوعا من الطيور بفضل البطاقات التعليمية التي كانت تعرضها روبالي عليه. على عكس الأطفال الآخرين، لا يبكي ليلا، بل ينام بهدوء، وهو أمر قالت إنها دربته عليه عندما كان داخل رحمها. وقال كالياني، المعالج النفسي الذي وضع برنامج «دهيان بيبي»: «إذا حفزنا عقل الجنين، تتصل الأعصاب ببعضها بعضا على نحو أسرع بعد الولادة. وكلما زادت الروابط العصبية، زاد معدل الذكاء».
ولا تقتصر البرامج على تدريب الأطفال وهم في المرحلة الجنينية فحسب، بل يستمر التدريب بعد الولادة. وتقبل مدرسة «كيدز إيديوكيرز» الأطفال من سن ستة أسابيع. وقال روبين غوش، مدير المدرسة: «تمارس النساء أنشطة مثل اليوغا والتأمل ويحضرن صفوفا لأطفال عمرهم ستة أسابيع. التركيز في تلك الصفوف على تنمية ذكاء الطفل؛ فالطفل سواء قبل الولادة أو بعدها يكون معدل ذكائه أكبر من معدل ذكاء البالغين. إذا حفزنا العقل بشكل جيد أثناء فترة الحمل، تتصل الأعصاب ببعضها بعضا على نحو أسرع بعد الولادة. كلما زادت الروابط العصبية، زاد معدل الذكاء».
بالمثل، الجزء الثاني من الدورة التدريبية في «كيدز اسباير»، والذي يحمل اسم «ماي سمارت بيبي»، عبارة عن برنامج تنمية ذكاء متعدد المستويات لحديثي الولادة وحتى عمر عامين. تركز برامج مدتها أربعة أشهر، تتكون من صفين مدة الواحد ساعة، على تنمية الأطفال عاطفيا وفكريا واجتماعيا. مع ذلك شكك علماء وتربويون في تعليم الأجنة والأطفال حديثي الولادة.
ويسأل الدكتور فيديتا فايديا، أخصائي الأعصاب: «لماذا يريد الآباء أن يكون أبناؤهم عباقرة مثل أينشتاين؟ لماذا ينبغي على طفل في عامه الأول أن يعرف عواصم البلدان؟ إن هذا يمثل ضغطا لا لزوم له على الأطفال». مع ذلك يؤكد الآباء أنهم لا يضعون أعباء على كاهل أبنائهم. قالت ريدهيما: «نحن لا نعلم الطفل الحروف الأبجدية. إنه نظام تعليم مميز من خلال البطاقات التعليمية والأصوات؛ والأطفال يستمتعون به». وتستطيع ابنة ريدهيما، البالغة من العمر 4 أعوام، التعرف على أعلام كل البلاد وتعرف أسماء نحو مائة بلد، وتعرف الكثير من رؤساء الدول، وتحفظ الكثير من الصلوات والأدعية الهندوسية.
ولا يرى الأخصائي النفسي كولديب كول، مفهوم تعليم حديثي الولادة على نحو إيجابي. وقال إنه رغم التأثير الإيجابي للتحفيز الحسي على نمو الطفل،ف قد تؤدي زيادة التحفيز على نحو مبالغ فيه في مرحلة مبكرة إلى مضاعفات. وحذر قائلا إن حديثي الولادة لا حيلة لهم، مشيرا إلى ضرورة عدم التعامل معهم كفئران تجارب، ومؤكدا أن هذا قد يرقى إلى جريمة إساءة معاملة الطفل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».