ساد في العراق، الأربعاء، ارتياح رسمي وشعبي عام، عقب بيان الإدانة لتركيا، الذي أصدره مجلس الأمن، إلى جانب مواقف الدعم التي صدرت عن الدول الأعضاء في المجلس، ضد الاعتداءات التركية المتواصلة منذ سنوات على أراضيه، ولا سيما الاعتداء الأخير الذي استهدف قبل أسبوع منتجعاً سياحياً في محافظة دهوك بإقليم كردستان، وأسفر عن مقتل 9 أشخاص، وإصابة نحو 30 آخرين، جميعهم من مناطق وسط وجنوب البلاد العربية.
وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة، يترك العراقيون انقساماتهم السياسية والإثنية والاجتماعية جانباً، ويتفقون على موقف موحد عنوانه ضرورة ردع الاعتداءات التركية على أراضيه بذريعة محاربة «حزب العمال الكردستاني» المعارض لأنقرة.
مشاعر الارتياح فرضتها سنوات طويلة من تعرض سيادة البلاد للتصدع محلياً وإقليمياً، سواء على مستوى صعود فصائل وقوى ما قبل الدولة وتحكمها محلياً، أو الانتهاكات المتكررة من أنقرة وطهران بذريعة محاربة العاصمتين للأحزاب المعارضة لها التي تتخذ من إقليم كردستان منطلقاً لنشاطاتها، أو في مجال مواردها المائية التي تصرّ الدولتان على حرمانه منها من خلال بناء السدود وحرف مسار الأنهار التي تصب في الأراضي العراقية.
الموقف الدولي الداعم للعراق في أزمته مع تركيا، نُظر إليه محلياً بوصفه «انتصاراً دبلوماسياً» طال انتظاره لسنوات، في بلاد يتطلع سكانها إلى تذوق طعم الانتصار، مهما كان شكله وظرفه.
فرحة النصر هذه بدت أكثر وضوحاً من جانب وزارة الخارجية العراقية؛ حيث عبّر عن تلك الفرحة المتحدث باسمها أحمد الصحاف، حين قال لوكالة الأنباء العراقية إن «الدبلوماسية حملت أمانة القضية العراقية ودافعت عن سيادة العراق وحقوق شعبه، ولا سيما دماء الشهداء وآلام الجرحى جرّاء الاعتداءات التركيّة».
وذكر أن «الجلسة الطارئة لمجلس الأمن وثّقت مواقف الدول وإجماعها على دعم سيادة العراق ورفض أي اعتداء عليه. كلمة العراق أمام مجلس الأمن كانت الأولى من نوعها منذ 40 عاماً».
وأضاف الصحاف أن «كلمة (العراق) وثّقت بمنتهى الوضوح ما تم ارتكابه من اعتداءات تركية، وأظهرت حجم ما عملت عليه الدبلوماسية من حشد لجهود شركاء العراق وأصدقائه لإدانة قصف محافظة دهوك».
ومع الارتياح العراقي المحلي حيال ما حدث في مجلس الأمن، لا يميل كثير من المراقبين إلى الاعتقاد بأن أنقرة ستكفّ بشكل نهائي عن انتهاكاتها للحدود العراقية، وهذا ما أكده معظم الساسة الأتراك مؤخراً، وإصرارهم على ملاحقة «حزب العمال الكردستاني». لكن مراقبين في بغداد يرون أنه في وسع العراق الضغط على أنقرة للحدّ من انتهاكاتها أو تقليلها إلى أقل قدر ممكن، من خلال التصرف الدبلوماسي والسياسي الفعال، وعبر المجتمع الدولي، كما حدث على منصة مجلس الأمن، أو من خلال الضغط اقتصادياً على تركيا، عبر منع وصول بضائعها ومنتجاتها من الوصول إلى العراق، الذي يتصدر قائمة دولة الجوار التركي للدول الأكثر استيراداً للبضائع بمبالغ لامست حدود 5 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام الحالي.
كان وزير الخارجية فؤاد حسين، الذي رحّب خلال كلمته أمام مجلس الأمن بإدانة الاعتداءات التركية قد ذكر أن بلاده منذ عام 2018 وجّهت 296 مذكرة رسمية إلى وزارة الخارجية التركية؛ احتجاجاً على الانتهاكات المتكررة لسيادة العراق، التي بلغت 22742 انتهاكاً.
وتتذرع تركيا بعدم قدرة الحكومة العراقية على مواجهة عناصر حزب العمال الكردستاني في قضية انتهاكاتها المتواصلة للحدود العراقية، وبطريقة أخرى فإن الذريعة التركية تجد لها ما يبررها على أرض الواقع؛ حيث تنتشر عناصر حزب العمال في مناطق غير قليلة في إقليم كردستان، ولها نفوذ ووجود واضح في قضاء سنجار ذي الأغلبية الإيزيدية، شمال محافظة نينوى.
وكان رئيس أركان الجيش العراقي عبد الأمير يار الله، قال خلال جلسة استماع في البرلمان، مطلع الأسبوع: «هناك 5 قواعد رئيسية تركية موجودة في شمال العراق، ولديهم أكثر من 4 آلاف مقاتل، وهناك حالة ازدياد وتوغل للأتراك داخل الأراضي العراقية».
الارتياح العراقي للموقف الدولي الأخير من أنقرة عزّزته دعوة الممثلة الأممية الخاصة لشؤون العراق، جينين بلاسخارت، القوات التركية إلى الانسحاب كلياً من شمال العراق، حيث قالت بلاسخارت، في جلسة أمام مجلس الأمن الدولي، إن «الحكومة العراقية أكدت تورط القوات التركية بالهجوم على مصيف في محافظة دهوك شمال البلاد».
وأضافت أن «الحكومة العراقية أرجعت مصدر قصف دهوك إلى القوات التركية، وأوضحت أنه تسبب في مقتل 9 عراقيين بينهم 3 أطفال». ورأت أن «العدوان على العراق يقوّض سيادة البلاد، ونطالب بإخراج القوات التركية كافة».
ترحيب عراقي بإدانة مجلس الأمن «الاعتداءات التركية»
يتطلعون لاستعادة هيبة البلاد وسيادتها المهدورة
ترحيب عراقي بإدانة مجلس الأمن «الاعتداءات التركية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة