ترحيب عراقي بإدانة مجلس الأمن «الاعتداءات التركية»

يتطلعون لاستعادة هيبة البلاد وسيادتها المهدورة

صورة نشرتها الخارجية العراقية على «تويتر» للوزير فؤاد حسين في مجلس الأمن
صورة نشرتها الخارجية العراقية على «تويتر» للوزير فؤاد حسين في مجلس الأمن
TT

ترحيب عراقي بإدانة مجلس الأمن «الاعتداءات التركية»

صورة نشرتها الخارجية العراقية على «تويتر» للوزير فؤاد حسين في مجلس الأمن
صورة نشرتها الخارجية العراقية على «تويتر» للوزير فؤاد حسين في مجلس الأمن

ساد في العراق، الأربعاء، ارتياح رسمي وشعبي عام، عقب بيان الإدانة لتركيا، الذي أصدره مجلس الأمن، إلى جانب مواقف الدعم التي صدرت عن الدول الأعضاء في المجلس، ضد الاعتداءات التركية المتواصلة منذ سنوات على أراضيه، ولا سيما الاعتداء الأخير الذي استهدف قبل أسبوع منتجعاً سياحياً في محافظة دهوك بإقليم كردستان، وأسفر عن مقتل 9 أشخاص، وإصابة نحو 30 آخرين، جميعهم من مناطق وسط وجنوب البلاد العربية.
وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة، يترك العراقيون انقساماتهم السياسية والإثنية والاجتماعية جانباً، ويتفقون على موقف موحد عنوانه ضرورة ردع الاعتداءات التركية على أراضيه بذريعة محاربة «حزب العمال الكردستاني» المعارض لأنقرة.
مشاعر الارتياح فرضتها سنوات طويلة من تعرض سيادة البلاد للتصدع محلياً وإقليمياً، سواء على مستوى صعود فصائل وقوى ما قبل الدولة وتحكمها محلياً، أو الانتهاكات المتكررة من أنقرة وطهران بذريعة محاربة العاصمتين للأحزاب المعارضة لها التي تتخذ من إقليم كردستان منطلقاً لنشاطاتها، أو في مجال مواردها المائية التي تصرّ الدولتان على حرمانه منها من خلال بناء السدود وحرف مسار الأنهار التي تصب في الأراضي العراقية.
الموقف الدولي الداعم للعراق في أزمته مع تركيا، نُظر إليه محلياً بوصفه «انتصاراً دبلوماسياً» طال انتظاره لسنوات، في بلاد يتطلع سكانها إلى تذوق طعم الانتصار، مهما كان شكله وظرفه.
فرحة النصر هذه بدت أكثر وضوحاً من جانب وزارة الخارجية العراقية؛ حيث عبّر عن تلك الفرحة المتحدث باسمها أحمد الصحاف، حين قال لوكالة الأنباء العراقية إن «الدبلوماسية حملت أمانة القضية العراقية ودافعت عن سيادة العراق وحقوق شعبه، ولا سيما دماء الشهداء وآلام الجرحى جرّاء الاعتداءات التركيّة».
وذكر أن «الجلسة الطارئة لمجلس الأمن وثّقت مواقف الدول وإجماعها على دعم سيادة العراق ورفض أي اعتداء عليه. كلمة العراق أمام مجلس الأمن كانت الأولى من نوعها منذ 40 عاماً».
وأضاف الصحاف أن «كلمة (العراق) وثّقت بمنتهى الوضوح ما تم ارتكابه من اعتداءات تركية، وأظهرت حجم ما عملت عليه الدبلوماسية من حشد لجهود شركاء العراق وأصدقائه لإدانة قصف محافظة دهوك».
ومع الارتياح العراقي المحلي حيال ما حدث في مجلس الأمن، لا يميل كثير من المراقبين إلى الاعتقاد بأن أنقرة ستكفّ بشكل نهائي عن انتهاكاتها للحدود العراقية، وهذا ما أكده معظم الساسة الأتراك مؤخراً، وإصرارهم على ملاحقة «حزب العمال الكردستاني». لكن مراقبين في بغداد يرون أنه في وسع العراق الضغط على أنقرة للحدّ من انتهاكاتها أو تقليلها إلى أقل قدر ممكن، من خلال التصرف الدبلوماسي والسياسي الفعال، وعبر المجتمع الدولي، كما حدث على منصة مجلس الأمن، أو من خلال الضغط اقتصادياً على تركيا، عبر منع وصول بضائعها ومنتجاتها من الوصول إلى العراق، الذي يتصدر قائمة دولة الجوار التركي للدول الأكثر استيراداً للبضائع بمبالغ لامست حدود 5 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام الحالي.
كان وزير الخارجية فؤاد حسين، الذي رحّب خلال كلمته أمام مجلس الأمن بإدانة الاعتداءات التركية قد ذكر أن بلاده منذ عام 2018 وجّهت 296 مذكرة رسمية إلى وزارة الخارجية التركية؛ احتجاجاً على الانتهاكات المتكررة لسيادة العراق، التي بلغت 22742 انتهاكاً.
وتتذرع تركيا بعدم قدرة الحكومة العراقية على مواجهة عناصر حزب العمال الكردستاني في قضية انتهاكاتها المتواصلة للحدود العراقية، وبطريقة أخرى فإن الذريعة التركية تجد لها ما يبررها على أرض الواقع؛ حيث تنتشر عناصر حزب العمال في مناطق غير قليلة في إقليم كردستان، ولها نفوذ ووجود واضح في قضاء سنجار ذي الأغلبية الإيزيدية، شمال محافظة نينوى.
وكان رئيس أركان الجيش العراقي عبد الأمير يار الله، قال خلال جلسة استماع في البرلمان، مطلع الأسبوع: «هناك 5 قواعد رئيسية تركية موجودة في شمال العراق، ولديهم أكثر من 4 آلاف مقاتل، وهناك حالة ازدياد وتوغل للأتراك داخل الأراضي العراقية».
الارتياح العراقي للموقف الدولي الأخير من أنقرة عزّزته دعوة الممثلة الأممية الخاصة لشؤون العراق، جينين بلاسخارت، القوات التركية إلى الانسحاب كلياً من شمال العراق، حيث قالت بلاسخارت، في جلسة أمام مجلس الأمن الدولي، إن «الحكومة العراقية أكدت تورط القوات التركية بالهجوم على مصيف في محافظة دهوك شمال البلاد».
وأضافت أن «الحكومة العراقية أرجعت مصدر قصف دهوك إلى القوات التركية، وأوضحت أنه تسبب في مقتل 9 عراقيين بينهم 3 أطفال». ورأت أن «العدوان على العراق يقوّض سيادة البلاد، ونطالب بإخراج القوات التركية كافة».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.