المعماري العراقي محمد مكية يهدي «مشواره» لأرشيف للمعماريين الإسلاميين في معهد ماساتشوستس

بازار تبريز أحد المشاريع الحاصلة على جائزة الأغاخان للعمارة 2013 (جائزة الأغاخان للعمارة) وفي الاطار محمد مكية أحد المؤسسين لقسم الهندسة المعمارية في كلية الهندسة بجامعة بغداد في عام 1959. وظل رئيسا للقسم حتى عام 1968
بازار تبريز أحد المشاريع الحاصلة على جائزة الأغاخان للعمارة 2013 (جائزة الأغاخان للعمارة) وفي الاطار محمد مكية أحد المؤسسين لقسم الهندسة المعمارية في كلية الهندسة بجامعة بغداد في عام 1959. وظل رئيسا للقسم حتى عام 1968
TT

المعماري العراقي محمد مكية يهدي «مشواره» لأرشيف للمعماريين الإسلاميين في معهد ماساتشوستس

بازار تبريز أحد المشاريع الحاصلة على جائزة الأغاخان للعمارة 2013 (جائزة الأغاخان للعمارة) وفي الاطار محمد مكية أحد المؤسسين لقسم الهندسة المعمارية في كلية الهندسة بجامعة بغداد في عام 1959. وظل رئيسا للقسم حتى عام 1968
بازار تبريز أحد المشاريع الحاصلة على جائزة الأغاخان للعمارة 2013 (جائزة الأغاخان للعمارة) وفي الاطار محمد مكية أحد المؤسسين لقسم الهندسة المعمارية في كلية الهندسة بجامعة بغداد في عام 1959. وظل رئيسا للقسم حتى عام 1968

يعد برنامج الآغاخان للعمارة الإسلامية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مشروعا دوليا فريدا يركز على دراسة العمارة والتاريخ المعماري والتخطيط المدني والعمراني وإدارة المياه والحفاظ على التراث في العالم الإسلامي.
تأسس البرنامج في عام 1979 وحظي بدعم من صندوق وقفي خصصه الآغاخان، وتهدف الأنشطة التعليمية والبحثية التي يقدمها البرنامج إلى تعزيز فهم العمارة الإسلامية والتخطيط المدني في ضوء قضايا نظرية وتنموية مهمة؛ وإلى دعم الأبحاث المتقدمة في مجالات التاريخ، ونظريات ونقد التصميم، والمحافظة على التراث والتخطيط المدني؛ وإلى استكشاف مناهج الهندسة المعمارية التي تراعي جيدا الظروف المعاصرة والطموحات والمعتقدات السائدة في العالم الإسلامي؛ وإلى توفير قاعدة واسعة من المعلومات بشأن العمارة في العالم الإسلامي وإتاحة فرصة الاطلاع عليها أمام الدارسين والمعلمين والفنانين من كل مكان.
في سبيل تحقيق هذا الهدف، يعمل أساتذة وباحثو برنامج الآغاخان للعمارة الإسلامية عن قرب مع مركز الآغاخان للتوثيق، وهو شريك في البرنامج ومقره في مكتبة روتش في معهد ماساتشوستس. أعيدت هيكلة وتصور رؤية مركز الآغاخان للتوثيق في معهد ماساتشوستس في عام 2011. وبالإضافة إلى الخدمات والدعم الذي يقدمه المركز منذ تأسيسه في عام 1979، يعمل مركز الآغاخان للتوثيق في الوقت الحالي على وضع وتنفيذ استراتيجيات أكثر تنظيما في جمع الموارد وإدارتها وتوزيعها. أحد المشروعات المهمة التي يتعاون أساتذة المركز والبرنامج فيها إنشاء مستودع أرشيفي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يضم أعمال المعماريين الرواد من مختلف بلدان العالم الإسلامي.
أحد أهداف هذا المشروع هو تكوين مجموعة هائلة وممثلة يمكنها أن تقدم أعمال هؤلاء المعماريين الرواد للمجتمع الأكاديمي المعماري في أميركا وحول العالم. ومن بين الأهداف أيضا تشجيع الطلاب في البرنامج وخارجه على القيام بأبحاث عن هؤلاء المعماريين حتى تشتهر أعمالهم وتنتشر المعرفة بها وتصبح في النهاية جزءا من سجل الهندسة المعمارية العالمي.
وصل أول أرشيف معماري يحصل عليه مركز الآغاخان للتوثيق في صيف عام 2012 كهدية من الفنان المعماري والمهندس المدني العراقي الشهير محمد صالح مكية. توثق هدية الدكتور مكية الكريمة إلى المركز مشواره العملي المذهل والذي امتد لخمسة عقود وشمل ما يزيد على عشر دول. يحتوي الأرشيف الهائل على مواد تتنوع ما بين مراسلات شخصية وملاحظات تتعلق بالمشروعات ورسومات تصميم بخط اليد إلى مقترحات رسمية ورسومات نهائية وصور لمشروعات تمت أو أثناء إنشائها، قائمة أو غير قائمة.
ولد محمد مكية (1914-) في بغداد وتلقى تعليمه في إنجلترا، وحصل على درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية من كلية ليفربول للهندسة المعمارية وحصل على دبلوم في التصميم المدني من جامعة ليفربول في عامي 1941 و1942 بالترتيب. أتم الدكتور مكية دراساته في كلية كينغز في كمبريدج ليحصل على درجة الدكتوراه في عام 1946. وعاد إلى بغداد في العام ذاته وأنشأ «شركاء مكية للاستشارات المعمارية والتخطيط». وفي الخمسينات، وضع تصميمات لمبان سكنية وتجارية واتسعت معرفته بتراث الهندسة المعمارية العراقية. إضافة إلى ذلك، كان الدكتور مكية أحد المؤسسين الأصليين لقسم الهندسة المعمارية في كلية الهندسة بجامعة بغداد في عام 1959. وظل رئيسا للقسم حتى عام 1968. وفي الأعوام التالية، أقيمت مكاتب لشركة مكية في كل من البحرين وعمان ولندن والكويت والدوحة وأبوظبي ودبي.
جرى تناول أعمال وأفكار محمد مكية وشركته في العديد من الكتب والمقالات، ودرستها وبحثت فيها مؤتمرات ومعارض، من بينها مؤتمر دولي عن التراث المعماري في بغداد والذي عقد في أوائل هذا العام في جامعة بغداد. كان المؤتمر جزءا من فعاليات «بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013» برعاية جامعة بغداد والمعهد الفرنسي للشرق الأدنى ومكتب منظمة اليونيسكو في العراق. لا توجد مبالغة في الحديث عن حجم إسهامات مكية في مجالات الهندسة المعمارية والتخطيط المدني وعلى وجه الخصوص إدخاله البارع للأشكال التقليدية في الهندسة المعمارية الحديثة. برز أرشيف محمد مكية في مكتبات معهد ماساتشوستس في الصيف الماضي عندما قُدم أول مشروع مهم يقوم به مكية في مشواره المهني، جامع الخلفاء (1960-1963، والتوسعة المقترحة في 1980)، في معرض مكتبة روتش الكبير: «التعليم من خلال مجموعات معمارية مرئية: مختارات من مجموعات روتش الرقمية». تضمنت مجموعة «محمد مكية ومشروع جامع الخلفاء» 25 صورة من الرسومات وملاحظات على التصميم ومخططات وصورا مأخوذة من الأصل المحفوظ في الأرشيف. تروي الصور قصة هذا المشروع العملاق الذي تم تطويره مع الحفاظ على التحفة الفنية الوحيدة الباقية من المسجد العباسي الذي يرجع إلى القرن التاسع في المكان ذاته: مئذنة سوق الغزل المتهدمة. جسد تصميم مكية المبتكر للجامع، الذي يقع في منطقة صبابيغ اللال في بغداد القديمة، أفكار المحافظة المدنية على التراث وإضفاء الطابع الإقليمي على الشكل واستمرارية التراث المعماري – وهي الأفكار التي كانت ملهمة لأعماله منذ ذلك الحين بالإضافة إلى الأجيال الأصغر من المعماريين. يمكن الاطلاع على مشروعات مختارة من أرشيف محمد مكية في صورة مجموعات رقمية في موقع archnet.org، وهو موقع مخصص للمعماريين والمهندسين المدنيين والمصممين والمحافظين على التراث والطلاب والباحثين، يركز على الثقافات والحضارات الإسلامية، ويشارك في إدارته مركز الآغاخان للتوثيق في معهد ماساتشوستس ومؤسسة الآغاخان للثقافة في جنيف بسويسرا.
* شارون سي سميث مديرة برنامج مركز الأغا خان للتوثيق في معهد ماساتشوستس
* ناصر الرباط مدير برنامج الأغاخان في معهد ماساتشوستس



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».