ما الفرق بين دستور الرئيس قيس سعيّد ودستور 2014؟

يُدلي التونسيون بأصواتهم اليوم الاثنين للتعبير عن آرائهم بشأن مشروع الدستور الجديد، الذي طرحه الرئيس قيس سعيد، وضمنه صلاحيات واسعة لصالحه، وهو ما شكل قطيعة مع دستور الثورة، الذي أقِر في 2014 وأسس لنظام برلماني معدل. فما أهم النقاط التي نص عليها مشروع الدستور الجديد، والذي يُتوقع أن يحظى بقبول شعبي بحسب مراقبين؟
يتمثل التغيير الكبير، الذي حصل على الدستور، في إقرار واضح لنظام رئاسي، إذ لم تعد للرئيس فيه صلاحيات الدفاع والخارجية، كما نص عليها دستور 2014، بل توسعت لتشمل اختصاصات تعيين الحكومة والقضاة، وتقليص النفوذ السابق البرلمان. كما أصبح لرئيس الجمهورية حق تعيين رئيس الحكومة، وبقية أعضائها باقتراح من رئيس الحكومة، كما يُخول له الدستور إقالتها دون أن يكون للبرلمان دور في ذلك.
وعلاوة على ذلك، فإن للرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة، وتحديد اختياراتها الأساسية، وتكون لمشاريعه القانونية «أولوية النظر» من جانب نواب البرلمان. فضلاً عن ذلك، انقسمت الوظيفة التشريعية بين «مجلس نواب الشعب»، الذي ينتخب نوابه باقتراع مباشر لمدة خمس سنوات و«المجلس الوطني للجهات»، ويضم ممثلين منتخبين عن كل منطقة، على أن يصدر لاحقاً قانون يُحدد مهماته. ويندرج إرساء هذا المجلس في إطار تصور الرئيس قيس سعيد بلا مركزية القرار، وقناعته بأن الحلول للمناطق المهمشة، التي تفتقد للتنمية، يجب أن تُطرح من جانب الأهالي.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1551491511296090112
إضافة إلى ذلك، يقبل الرئيس استقالة الحكومة إثر تقديم لائحة لوم مُصادق عليها بغالبية الثلثين للمجلسين مجتمعين، رغم أن هذا أمر من الصعب تحقيقه، ويفسح له المجال ليكون المقرر الأول لمصير أي حكومة. ولم يتضمن الدستور بنوداً لإقالة الرئيس، خلافاً لما جاء في دستور عام 2014، وفي المقابل يُمنح له الحق في حل البرلمان ومجلس الوطني للجهات. كما يعين الرئيس القضاة إثر تقديم ترشحاتهم من جانب المجلس الأعلى للقضاء، ما اعتبره عدد كبير من القضاة «تدخلاً في استقلال القضاء». كما أن من بين الفصول، التي تُثير جدلاً في تونس، والتي تنتقدها بشدة المنظمات الحقوقية، ما يتعلق بالبندين الخامس والخامس والخمسين، حيث ينص الفصل الخامس على أن «تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل في ظل نظام ديمقراطي على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النفس، والعرض والمال والدين والحرية».

وكانت منظمات حقوقية دولية قد انتقدت هذا الفصل، معتبرة أنه «يُتيح التمييز ضد الجماعات الدينية الأخرى»، علماً بأن سعيد حافظ على «حرية المعتقد والضمير» التي نص عليها دستور 2014، أما الفصل الخامس والخمسون فينص على أنه «لا توضَع قيود على الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور إلا بمقتضى قانون، ولضرورة يقتضيها نظام ديمقراطي، وذلك بهدف حماية حقوق الغير، أو لمقتضيات الأمن العام، أو الدفاع الوطني أو الصحة العمومية».
.

وقد أكدت أحزاب أن هذا الفصل يُتيح للسلطات مجالاً كبيراً للحد من الحريات، من دون رقابة. ورافقت مسار صياغة الدستور الجديد انتقادات شديدة من المعارضة. فقد أوكل الرئيس المهمات إلى أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد، وعمد هذا الأخير، في إطار «حوار وطني» غابت عنه المعارضة، إلى إعداد المسودة وتسليمها للرئيس، لكن سعيد نشر مشروعاً مختلفاً جداً عما قام به بلعيد.