عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> عصام بن أحمد عابد الثقفي، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية إندونيسيا، استقبل أول من أمس، في دار السكن، رئيس جمعية نهضة العلماء الشيخ يحيى خليل ستاقوف. وتم خلال اللقاء تبادل الأحاديث الودية، وسبل التعاون المشترك. شارك في اللقاء نائب السفير يحيى القحطاني.
> أحمد بن عبد الرحمن السنيدي، سلم أوراق اعتماده سفيراً فوق العادة مفوضاً لدولة قطر (غير مقيم) لدى جمهورية النيجر، أول من أمس، إلى رئيس جمهورية النيجر محمد بازوم. ونقل السفير تحيات الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد، إلى رئيس النيجر، وتمنياته له بموفور الصحة والسعادة، ولحكومة وشعب جمهورية النيجر بدوام التقدم والازدهار. من جانبه، حمّل الرئيس بازوم السفير تحياته إلى أمير البلاد، متمنياً لسموه موفور الصحة والسعادة، ولدولة قطر استمرار التقدم والتنمية والازدهار.
> خيرات لاما شريف، سفير كازاخستان بالقاهرة، التقى أول من أمس، بوزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة، لبحث التعاون المشترك. وأعرب الوزير عن سعادته بالدعوة التي وجهها له المفتي العام لجمهورية كازاخستان لحضور مؤتمر زعماء الأديان بكازاخستان سبتمبر (أيلول) المقبل. وأشار إلى أن وزارة الأوقاف أخذت على عاتقها نشر ثقافة التسامح الديني والإيمان بالتعددية وقبول الآخر. من جانبه، ثمّن السفير جهود وزارة الأوقاف في نشر الفكر الوسطي المستنير، مشيداً بدور الوزارة وإصداراتها العظيمة في مواجهة الفكر المتطرف.
> بايلوت كسما، سفير جمهورية غينيا بيساو المعتمد لدى موريتانيا، استقبله أول من أمس، وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج محمد سالم ولد مرزوك، في مكتبه. واستعرض اللقاء علاقات الصداقة والتعاون المتميزة بين البلدين، وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الصديقين.
> علي بن حمد المري، سفير دولة قطر لدى ألبانيا، اجتمع أول من أمس، مع لينديتا نيكولا، رئيس البرلمان بجمهورية ألبانيا. وجرى خلال الاجتماع، استعراض علاقات التعاون الثنائي بين البلدين.
> معتز مصطفى عبد القادر، سفير مصر في جوبا، التقى أول من أمس، بوزير السياحة والحياة البرية بجنوب السودان رزق زكريا، حيث تطرق اللقاء إلى سبل التعاون الثنائي بين الدولتين في مجال السياحة بأنواعها المختلفة. وأكد السفير قوة ومتانة العلاقات الثنائية بين الدولتين، مستعرضاً مجمل ملفات التعاون الثنائي وأهمية دفع التعاون في مجال السياحة بجنوب السودان على ضوء الإمكانات الكامنة بها، معرباً عن استعداد مصر لنقل خبراتها في الفندقة وتنشيط وجذب السياحة لدولة جنوب السودان الشقيقة.
> ناصر بارح العنزي، سفير دولة الكويت لدى جمهورية فنزويلا، زار أول من أمس، السفير المصري في كاراكاس ياسر علي رجب علي، وبحثا خلال اللقاء سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين في فنزويلا.
> سميح جوهر حيات، سفير دولة الكويت لدى الصين، التقى أول من أمس، بمساعد وزير الخارجية الصيني لشؤون غرب آسيا وشمال أفريقيا السفير وانغ دي، بمناسبة قرب انتهاء مهام عمله سفيراً للكويت لدى الصين. وقال مساعد الوزير خلال اللقاء، إن بلاده تنظر بنظرة استراتيجية إلى علاقاتها مع دولة الكويت ومستعدة دائماً لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين بمختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية والأكاديمية. من جهته، أكد السفير اهتمام دولة الكويت البالغ بتطوير علاقات الصداقة مع الصين.
> مريم خليفة الكعبي، سفيرة دولة الإمارات العربية المتحدة لدى مصر، قدمت أول من أمس، التهنئة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي وللحكومة والشعب المصري بمناسبة الذكرى السبعين لثورة 23 يوليو (تموز)، متمنية لمصر وشعبها دوام الأمن والتقدم والرقي والازدهار. وكتبت السفيرة في تغريدة على حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «‏أتقدم للرئيس عبد الفتاح السيسي ولقيادة ولشعب مصر البطل بخالص التهاني بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو التي سطرت ملحمة وطنية ساقت لحاضر ومستقبل زاهر، حفظ الله مصر الحبيبة وأدام عليها التقدم والازدهار».
> أميرة فهمي، سفيرة مصر لدى أوزبكستان، نظمت أول من أمس، حفلاً بمناسبة الذكرى السبعين لثورة 23 يوليو (تموز)، وعُرض في بداية الحفل فيديو قصير حول العلاقات التاريخية بين مصر وأوزبكستان، وما شهدته من تطور على الأصعدة السياسية والثقافية. وألقت السفيرة كلمة أشارت خلالها إلى أن ثورة 23 يوليو كانت انعكاساً لإرادة الشعب المصري، الذي أظهر للعالم توقه للحرية والعدالة الاجتماعية وقدرته الهائلة على النضال مراراً وتكراراً عبر العقود، مواجهاً التحديات بشجاعة، كان آخرها في 30 يونيو (حزيران) 2013.



«كيركيغارد»... والحب المستحيل

ريجين أولسين
ريجين أولسين
TT

«كيركيغارد»... والحب المستحيل

ريجين أولسين
ريجين أولسين

كان أحدهم قد أطلق العبارة التالية: كيركيغارد فيلسوف كبير على بلد صغير الحجم. بمعنى أنه أكبر من البلد الذي أنجبه. وبالفعل، فإن شهرته أكبر من الدنمارك، التي لا يتجاوز عدد سكانها 5 ملايين نسمة، وبالطبع أكبر من اللغة الدنماركية المحدودة الانتشار جداً قياساً إلى لغات كبرى كالفرنسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية، ناهيك بالعربية. ولكن مؤلفاته أصبحت مترجمة إلى شتى لغات العالم. وبالتالي، لم تعد محصورة داخل جدران لغته الأصلية الصغيرة. لقد أصبحت ملكاً للعالم أجمع. هنا تكمن عظمة الترجمة وفائدتها. لا حضارة عظيمة من دون ترجمة عظيمة. والحضارة العربية التنويرية قادمة لا ريب، على أكتاف الترجمة والإبداع الذاتي في آنٍ معاً.

سورين كيركيغارد (1813 - 1855) هو مؤسس الفلسفة الوجودية المعاصرة، قبل هيدغر وسارتر بزمن طويل. إنه الممثل الأكبر للتيار الوجودي المسيحي المؤمن، لا المادي الملحد. كان كيركيغارد أحد كبار فلاسفة الدين في المسيحية، إضافة إلى برغسون وبول ريكور، مثلما أن ابن رشد وطه حسين ومحمد أركون هم من كبار فلاسفة الدين في الإسلام.

سورين كيركيغارد

لكن ليس عن هذا سأتحدث الآن، وإنما عن قصة حب كبيرة، وربما أكبر قصة حبّ ظهرت في الغرب، ولكن لا أحد يتحدث عنها أو يسمع بها في العالم العربي. سوف أتحدث عن قصة كيركيغارد مع الآنسة ريجين أولسين. كيف حصلت الأمور؟ كيف اشتعلت شرارة الحب، تلك الشرارة الخالدة التي تخترق العصور والأزمان وتنعش الحضارات؟ بكل بساطة، كان مدعواً إلى حفلة اجتماعية عند أحد الأصدقاء، وصادف أنها كانت مدعوة أيضاً. كانت صغيرة بريئة في الخامسة عشرة فقط، وهو في الخامسة والعشرين. فوقع في حبها على الفور من أول نظرة، وبالضربة القاضية. إنه الحب الصاعق الماحق الذي لا يسمح لك بأن تتنفس. ويبدو أنه كان شعوراً متبادلاً. وبعد 3 سنوات من اللقاءات والمراسلات المتبادلة، طلب يدها رسمياً فوافقت العائلة.

ولكنه صبيحة اليوم التالي استفاق على أمر عظيم. استفاق، مشوشاً مبلبلاً مرعوباً. راح ينتف شعر رأسه ويقول: يا إلهي، ماذا فعلت بنفسي؟ ماذا فعلت؟ لقد شعر بأنه ارتكب خطيئة لا تغتفر. فهو لم يخلق للزواج والإنجاب وتأسيس عائلة ومسؤوليات. إنه مشغول بأشياء أخرى، وينخر فيه قلق وجودي رهيب يكاد يكتسحه من الداخل اكتساحاً... فكيف يمكن له أن يرتكب حماقة كهذه؟ هذه جريمة بحقّ الأطفال الذين سوف يولدون وبحقّها هي أيضاً. ولذلك، فسخ الخطوبة قائلاً لها: أرجوك، إني عاجز عن القيام بواجبات الزوجية. أرجوك اعذريني.

ثم أردف قائلاً بينه وبين نفسه: لا يحق لي وأنا في مثل هذه الحالة أن أخرب حياة خطيبتي المفعمة بحب الحياة والأمل والمحبة، التي لا تعاني من أي مشكلة شخصية أو عقدة نفسية أو تساؤلات وجودية حارقة. وإنما هي إنسانة طبيعية كبقية البشر. أما أنا فإنسان مريض في العمق، ومرضي من النوع المستفحل العضال الذي لا علاج له ولا شفاء منه. وبالتالي، فواجب الشرف والأمانة يقتضي مني أن أدوس على قلبي وأنفصل عنها وكأني أنفصل عن روحي.

لكن عندما سمع بأنها تزوجت من شخص آخر جنّ جنونه وتقطعت نياط قلبه وهاجت عليه الذكريات. بل هرب من الدنمارك كلها لكيلا يسمع بالتفاصيل والتحضيرات وليلة العرس. هذا أكبر من طاقته على التحمل. وأصبح كالمجنون الهائم على وجهه في البراري والقفار. كيف يمكن أن يتخيلها مع رجل آخر؟ هل انطبقت السماء على الأرض؟ مجنون ليلى ما تعذب مثلنا.

الشيء المؤثر في هذه القصة هو أن خطيبته التي عاشت بعده 50 سنة تقريباً طلبت أن تدفن إلى جواره، لا إلى جوار زوجها الشرعي! فاجأ الخبر كثيرين. وكانت بذلك تريد أن تقول ما معناه: إذا كان القدر قد فرقني عنه في هذه الحياة الدنيا، فإني سألتحق به حتماً في الحياة الأخرى، حياة الأبدية والخلود. وكانت تعتبر نفسها «زوجته» برغم كل ما حصل. وبالفعل، عندما كان الناس يتذكرونها كانوا يقولون: خطيبة كيركيغارد، لا زوجة فريدريك شليجيل. وقالت: إذا لم يكن زوجي هنا على هذه الأرض، فسوف يكون زوجي هناك في أعالي السماء. موعدنا: جنة الخلد! هل هناك حب أقوى من هذا الحب؟ حب أقوى من الموت، حب فيما وراء القبر، فيما وراء العمر... الحب والإيمان. أين هو انتصارك يا موت؟

قصة حب تجمع بين كيركيغارد، مؤسس الفلسفة الوجودية، وفتاة شابة جميلة تصغره بعشر سنوات، لكن الفلسفة تقف حجر عثرة بينهما، فينفصل عنها وتظل صورتها تطارده طيلة حياته

اللقاء الأخير

كيف يمكن أن نفهم موقف كيركيغارد من حبيبته إن لم نقل معبودته ريجين أولسين؟ للوهلة الأولى يبدو أنه لا يوجد أي تفسير منطقي له. فقد قطع معها في أوج العلاقة الغرامية، دون أي سبب واضح أو مقنع. ويبدو أنها حاولت أن تراه لآخر مرة قبيل سفرها مع زوجها إلى بلاد بعيدة. أن تراه في الشارع كما لو عن طريق الصدفة. وعندما اصطدمت به، قالت له: «ليباركك الله، وليكن كل شيء كما ترغب». وهذا يعني أنها استسلمت للأمر الواقع نهائياً، وأنه لا عودة بعد اليوم إلى ما كان. تراجع كيركيغارد خطوة إلى الوراء عندما رآها حتى لكأنه جفل. ثم حياها دون أن ينبس بكلمة واحدة. لم يستطع أن يرد. اختنق الكلام في صدره. لكأنه يقول بينه وبين نفسه: هل يحق لمن يقف على الخطوط الأمامية لجبهة الفكر، لجبهة النار المشتعلة، أن يتزوج؟ هل يحق لمن يشعر بأن حياته مهددة أن ينجب الأطفال؟ أطفاله هم مؤلفاته فقط. هل يحق لمن يصارع كوابيس الظلام أن يؤسس حياة عائلية طبيعية؟ ما انفك كيركيغارد يحاول تبرير موقفه، بعد أن شعر بفداحة ما فعل مع ريجين. لقد اعتقد أنه انفصل عنها، وانتهى الأمر، فإذا بها تلاحقه إلى أبد الآبدين. ما انفك يلوم نفسه ويتحسر ويتعذب. لكأنه عرف أن ما فعله جريمة لا تغتفر. نعم، لقد ارتكب جريمة قتل لحب بريء، حب فتاة غضة في أول الشباب. من يستطيع أن يقتل العاطفة في أولها، في بداية انطلاقتها، في عنفوانها؟ طيلة حياته كلها لم يقم كيركيغارد من تلك الضربة: ضربة الخيانة والغدر. وربما لم يصبح كاتباً وفيلسوفاً شهيراً إلا من أجل تبريرها. لقد لاحقه الإحساس القاتل بالخطيئة والذنب حتى آخر لحظة من حياته. إذا لم نأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار فإننا لن نفهم شيئاً من فلسفة كيركيغارد. لقد أصبحت قصته إحدى أشهر قصص الحب على مدار التاريخ، بالإضافة إلى قصة دانتي وبياتريس، وروميو وجولييت، وأبيلار وهيلويز. ويمكن أن نضيف: مجنون ليلي، وجميل بثينة، وكثير عزة، وعروة وعفراء، وذا الرمة ومي... إلخ. العرب هم الذين دشنوا هذا الحب العذري السماوي الملائكي قبل دانتي وشكسبير بزمن طويل. ولماذا تنسون عنتر وعبلة؟ بأي حق؟

ولقد ذكرتك والرماح نواهلٌ

مني وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها

لمعت كبارق ثغرك المتبسم

بعد أن تجاوز فيلسوف الدنمارك تلك التجربة العاصفة، شعر وكأنه ولد من جديد، أصبح إنساناً جديداً. لقد انزاح عن كاهله عبء ثقيل: لا عائلة ولا أطفال ولا زواج بعد اليوم، وإنما معارك فكرية فقط. لقد طهره حب ريجين أولسين من الداخل. كشف له عن أعماقه الدفينة، وأوضح له هويته ومشروعه في الحياة. الحب الذي يفشل يحرقك من الداخل حرقاً ويطهرك تطهيراً. بهذا المعنى، فالحب الفاشل أفضل من الحب الناجح بألف مرة. اسألوا أكبر عاشق فاشل في العالم العربي. بعدها أصبح كيركيغارد ذلك الفيلسوف والكاتب الكبير الذي نعرفه. بالمعنى الأدبي للكلمة، وليس مفكراً فيلسوفاً فقط، بالمعنى النثري العويص الجاف. من ثم هناك تشابه كبير بينه وبين نيتشه مع الفارق، الأول مؤمن، والثاني ملحد. وأخيراً، لم ينفك كيركيغارد يحلل أعماقه النفسية على ضوء ذلك الحب الخالد الذي جمعه يوماً ما بفتاة في عزّ الشباب، تدعى ريجين أولسين. عبقريته تفتحت على أنقاض ذلك الحب الحارق أو المحروق. كان ينبغي أن تحصل الكارثة لكي يستشعر ذاته، ينجلي الأفق، يعرف من هو بالضبط. من كثرة ما أحبها تركها. لقد قطع معها لكي تظل - وهي العزيزة الغائبة - أشد حضوراً من كل حضور!