في أول تعليق للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على تصريحات نُسبت إليه عن فكرة تشكيل «ناتو» عربي، الذي شغل المراقبين بعد حوار أجراه مع وسيلة إعلام أميركية، أكد أن حديثه جاء في سياق تحديد «الحاجة إلى منظومة عمل دفاعي مؤسسي عربي، مما يتطلب تشاوراً وتنسيقاً وعملاً طويلاً مع الأشقاء»، نافياً في الوقت نفسه بحث فكرة الحلف حالياً.
وقال عبد الله الثاني في حوار موسع مع صحيفة «الرأي» المحلية الأردنية نُشر اليوم (الأحد)، إنه تابع واطّلع على التحليلات التي وردت حول رده على سؤال في مقابلة صحافية، وقد كان السؤال عن مدى ملاءمة فكرة مثل هذا التحالف للمنطقة العربية. مشيراً في توضيحه إلى أن الأردن معنيٌّ بتعزيز العمل العربي المشترك وتفعيله، خدمةً لقضايانا ولمصالحنا.
وشدد الملك عبد الله الثاني على أن الأردن لم يكن يوماً، ولن يكون أبداً، إلا مع حلف أمته العربية ومصالحها وقضاياها، لافتاً إلى أن بلاده كانت في صدارة المشاركين في مواجهة تهديدات إرهابية وأمنية استهدفت دولاً عربية وشعوبها.
وأوضح عبد الله الثاني أن حديثه جاء عن الحاجة إلى منظومة عمل دفاعي مؤسسي عربي، مما يتطلب تشاوراً وتنسيقاً وعملاً طويلاً مع الأشقاء، بحيث تكون المنطلقات والأهداف واضحة. مذكّراً بأن هذا الطرح هو جزء أساسي من المبادئ التي قامت عليها جامعة الدول العربية، ومع ذلك فإن موضوع الحلف لا يتم بحثه حالياً. مضيفاً أن مصادر التهديد التي تواجهنا جميعاً مشتركة، وتتطلب تعاوناً عربياً يستجيب لها، خصوصاً مخاطر الإرهاب المتجددة، وشبكات التهريب المنظمة للمخدرات والأسلحة. وحول ربط الموضوع بسياق إقليمي يتعلق بإيران، وأنه يأتي على حساب القضية الفلسطينية، أكد الملك الأردني أن المنطقة ليست «بحاجة لمزيد من الأزمات والصراعات، بل إلى التعاون والتنسيق». مشيراً إلى أن بلاده تنادي «بمد جسور التعاون بدلاً من بناء الأسوار والحواجز، كما أن الأردن معنيٌّ بأمن المنطقة، فأمن الأشقاء العرب هو جزء من أمننا».
وشدد الملك بقوله: «نحن لا نريد توتراً في المنطقة. والأردن وكل الدول العربية تريد علاقات طيبة مع إيران مبنيّة على الاحترام المتبادل، وحسن الجوار، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. وأن الحوار هو السبيل لحل الخلافات، ولكن وكما سبق وأكدت في عدة مناسبات، التدخلات الإيرانية تطال دولاً عربية، ونحن اليوم نواجه هجمات على حدودنا بصورة منتظمة من ميليشيات لها علاقة بإيران، لذا نأمل أن نرى تغيراً في سلوك إيران، ولا بد أن يتحقق ذلك على أرض الواقع لأن في ذلك مصلحة للجميع في المنطقة، بما في ذلك إيران والشعب الإيراني».
وعن القضية الفلسطينية، أكد الملك عبد الله الثاني أنه «لا يمكن تجاوزها، فهي قضيتنا الأولى ومفتاح السلام والاستقرار الشامل والدائم، وأنه لا أمن ولا استقرار ولا سلام في المنطقة من دون حل يرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني الشقيق، ويلبّي حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني، على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، يستعيد فيها كامل حقوقه المشروعة».
وحول الربط بين التعاون الاقتصادي الإقليمي والتراجع عن أولوية الحل السياسي للقضية الفلسطينية واستبدال الحل الاقتصادي به، شدد العاهل الأردني على أن «التمكين الاقتصادي ليس بديلاً عن الحل السياسي. فالجانب الاقتصادي مهمّ، وحق الفلسطينيين بالعيش الكريم حق إنساني، ولا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية دون حل سياسي للصراع. نحن منفتحون على برامج التعاون في جميع المجالات، ونؤكد دوماً ضرورة أن تشمل الأشقاء الفلسطينيين، فنحن الأقرب إليهم ونريد أن تكون لهم مكانة ونصيب من كل المشاريع الإقليمية والتنموية، ولا نقبل بتهميشهم بأي شكل من الأشكال، فهم يواجهون تحديات اقتصادية صعبة، وجهودنا خلال الأيام والأسابيع المقبلة منصبّة على التواصل الفاعل مع الأطراف المعنية وتهيئة الظروف لاستئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين».
وعن دور بلاده في دعم تحقيق التعاون الإقليمي، تحدث الملك الأردني عن «دعم الأردن مبكراً لفكرة التعاون الإقليمي لبناء مجموعات المنعة الإقليمية، مشيراً إلى آلية للتعاون الثلاثي مع الأشقاء في مصر والعراق. وهناك تعاون مستمر مع الأشقاء في السعودية ودولة الإمارات، إضافةً إلى آلية التعاون الثلاثي مع اليونان وقبرص. خصوصاً في مجالات مثل الطاقة والأمن الغذائي والأمن المائي والدوائي والبيئة وغيرها من القطاعات الحيوية». وعن مشاركة العاهل الأردني في قمة جدة، وما هو متوقع من الدول المشاركة بما فيها الولايات المتحدة في هذه المرحلة بالنسبة للقضية الفلسطينية، أشار الملك إلى أن «الرئيس بايدن التقى الفلسطينيين والإسرائيليين قبل القمة، وهي رسالة مهمة من الولايات المتحدة تعكس اهتمامها بالمنطقة، كما أن مشاركتها في القمة تبرز الأهمية الاقتصادية والسياسية لباقي الدول المشاركة».
وشدد عبد الله الثاني على أن اجتماع جدة، الذي وصفه بالناجح، عكس أولوية القضية الفلسطينية ومركزيتها، وحجم التنسيق بين الدول العربية، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة شريك رئيسي ولها دور رئيسي في كل جهود إعادة إحياء العملية السلمية. مشيراً إلى «التنسيق المستمر مع السلطة الوطنية الفلسطينية ومع أشقائنا في مصر ومع الدول العربية الشقيقة في ذلك».
وتمنى عبد الله الثاني أن تسهم مخرجات القمة في بلورة رؤية جديدة للإقليم يكون أساسها التكامل الاقتصادي والدفع باتجاه إيجاد حلول سياسية لأزمات المنطقة.
الملك عبد الله الثاني يعيد تعريف ما قصده «بالناتو العربي»
الملك عبد الله الثاني يعيد تعريف ما قصده «بالناتو العربي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة