مناعة فيروسات نزلات البرد... كيف يمكن محاكاتها مع «كوفيد - 19»؟

باحثون أوصوا بـ«جرعات اللقاح المعززة»

الجهاز المناعي يرى فيروسات «كورونا» المسببة لنزلات البرد و«كورونا المستجد» بطريقة مماثلة (أرشيفية - رويترز)
الجهاز المناعي يرى فيروسات «كورونا» المسببة لنزلات البرد و«كورونا المستجد» بطريقة مماثلة (أرشيفية - رويترز)
TT

مناعة فيروسات نزلات البرد... كيف يمكن محاكاتها مع «كوفيد - 19»؟

الجهاز المناعي يرى فيروسات «كورونا» المسببة لنزلات البرد و«كورونا المستجد» بطريقة مماثلة (أرشيفية - رويترز)
الجهاز المناعي يرى فيروسات «كورونا» المسببة لنزلات البرد و«كورونا المستجد» بطريقة مماثلة (أرشيفية - رويترز)

يتذكر جسمك فيروسات عائلة «كورونا» المسببة لنزلات البرد، والتي أصابتك منذ الطفولة، فكيف يمكنك الحصول على المناعة نفسها مع «كوفيد - 19»؟
لإلقاء نظرة مستقبلية على مناعة «كوفيد - 19» بحث العلماء في معهد «لا جولا» لعلم المناعة بأميركا، في سبل بناء جهاز المناعة لدفاعاته ضد الفيروسات المسببة لنزلات البرد، والتي تنتمي أيضاً لعائلة «كورونا»؟ ووفقاً للدراسة الجديدة المنشورة أول من أمس في دورية «سيل هوست & ميكروب»، فإن لدى البالغين استجابات ذاكرة ثابتة للأجسام المضادة والخلايا التائية التي تحارب فيروسات «كورونا» المسببة لنزلات البرد، والتي يُفترض أنها مشتقة من التعرض المتعدد لهذه الفيروسات في مرحلة الطفولة، وبفضل هذا الجيش من الخلايا المناعية، تميل عدوى تلك الفيروسات إلى أن تكون نادرة وخفيفة في مرحلة البلوغ.
قد تكون هذه النتائج دليلاً على طريقة تراكم المناعة ضد فيروس «كورونا المستجد»، وهو الفيروس المسبب لـ«كوفيد - 19». ويعتقد الباحثون أن «الطلقات المعززة من اللقاحات المتاحة اليوم قد تكون حاسمة للمناعة على المدى الطويل». ويقول أليساندرو سيت، الأستاذ في مركز المناعة الذاتية والالتهابات ومركز الأمراض المعدية وأبحاث اللقاحات في معهد «لا جولا» لعلم المناعة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد، بالتزامن مع نشر الدراسة، «مع وجود متغيرات (أوميكرون) يعاني المزيد والمزيد من الناس من الالتهابات المفاجئة والالتهابات، والكل يتساءل إلى أين سنذهب مع هذا الوباء، وهل سنحتاج إلى الاستمرار في الحصول على المعززات أو إعادة تصميم اللقاحات؟».
دفعت هذه الأسئلة سيت وزملاءه إلى التساؤل عما إذا كانت فيروسات «كورونا» تشكل أي تحديات خاصة لجهاز المناعة.

فتاة تتلقى لقاح كوفيد في الصين (رويترز)
وانتشر فيروس «كورونا المستجد» لمدة عامين تقريباً، واستمر في التطور في ذلك الوقت، لذلك نظر الباحثون بدلاً من ذلك في الذاكرة المناعية طويلة المدى لفيروسات «كورونا» الشائعة، المسببة لنزلات البرد.
ومن أجل عدم تضارب البيانات، احتاجوا إلى تحليل عينات من الأشخاص الذين لم يتعرضوا أبداً لفيروس «كورونا المستجد»، ولحسن الحظ، تم أخذ عينات دم لدراسة سابقة تم إطلاقها في معهد «لا جولا» قبل الوباء، وكان جميع المرضى في هذه المجموعة من الشباب، وكان من الآمن افتراض أنهم تعرضوا لفيروسات عائلة «كورونا» المسببة لنزلات البرد عدة مرات.
وكما يعلم أي شخص لديه أطفال صغار، يبدو أن نزلات البرد تصيب الأطفال الصغار مراراً وتكراراً، وتؤدي أمراض الطفولة هذه إلى ذاكرة مناعية قوية. ووجد الباحثون أن «البالغين لديهم ذاكرة مناعية مستقرة، ويميلون إلى الإصابة بفيروسات (كورونا) المسببة لنزلات البرد كل ثماني سنوات».
ويقول ريكاردو دا سيلفا أنتونيس، الباحث المشارك بالدراسة: «الاستجابة المناعية مستقرة ومتينة بشكل ملحوظ بمرور الوقت». ويختلف فيروس «كورونا المستجد» عن فيروسات عائلة «كورونا» المسببة لنزلات البرد، لكن لديهم العديد من أوجه التشابه البنيوية. وتشير الأعمال السابقة في معهد «لا جولا» إلى أن الجهاز المناعي يتعرف على أوجه التشابه بين فيروسات كورونا المختلفة.
وبالنسبة للدراسة الجديدة، أظهر باحثو المعهد أيضاً أن الأجسام المضادة والخلايا التائية من هذه المجموعة من البالغين الأصحاء يمكن أن تتفاعل مع «كورونا المستجد»، وقد يساعد هذا التفاعل المتبادل في الواقع في حماية الشخص من «كوفيد - 19» الشديد، ويعزز الاكتشاف فكرة أن الجهاز المناعي يرى فيروسات «كورونا» المسببة لنزلات البرد و«كورونا المستجد» بطريقة مماثلة.
ويقول سيت: «إذا كان النمط الذي شوهد في مناعة فيروسات نزلات البرد صحيحاً بالنسبة لـ(كورونا المستجد)، فمع زيادة المناعة في السكان، يجب أن تصبح حالات العدوى أقل تكراراً بمرور الوقت ويجب أن تكون أعراض (كوفيد - 19) أقل حدة، وقد يؤدي ظهور متغيرات جديدة من الفيروس إلى تعقيد عملية بناء المناعة، ولكن هناك بالتأكيد سبب لافتراض أن هذه ستكون النتيجة النهائية؛ لكننا لم نصل إلى هناك بعد».
وهناك شواهد على أن «كورونا المستجد» سيظل موجوداً في المجتمع، ويُطلق على العامل الممرض الذي يحافظ على مستوى ثابت في المجتمع ولا يسبب اضطراباً يومياً «متوطناً»، لكن الأمراض المستوطنة لا تزال تشكل تهديداً، فالإنفلونزا مستوطنة، ورغم أن معظم الناس لا يصابون بالإنفلونزا التي تهدد حياتهم، فإن فيروس الإنفلونزا لا يزال يقتل الآلاف سنوياً، كما أن «كورونا المستجد» عندما يصبح متوطناً، سيظل خطيراً.
واستناداً إلى بياناتهم حول مناعة فيروسات «كورونا» المسببة لنزلات البرد، فقد وافقوا على أن أفضل استراتيجية في الوقت الحالي هي أن يظل الأشخاص على اطلاع دائم على الجرعات المعززة. ويقول دا سيلفا أنتونيس: «في هذه المرحلة من الوباء، ما زلنا نرفع تلك المناعة ضد (كورونا المستجد)». ويضيف: «من المهم حقاً الحصول على معززات اللقاح، من الجرعتين الثالثة والرابعة».


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

«أيقونة» الذكاء الاصطناعي «صوفيا» تأسر القلوب في زيمبابوي

«صوفيا» آسرةُ القلوب (أ.ب)
«صوفيا» آسرةُ القلوب (أ.ب)
TT

«أيقونة» الذكاء الاصطناعي «صوفيا» تأسر القلوب في زيمبابوي

«صوفيا» آسرةُ القلوب (أ.ب)
«صوفيا» آسرةُ القلوب (أ.ب)

من خلال إجاباتها على أسئلة وجَّهها وزراء الحكومة والأكاديميون والطلاب حول تغيُّر المناخ، والقانون، وتعاطي المخدرات، وكذلك استفسارات الأطفال عن كيفية «ولادتها»، ووصفها بأنها «نسوية»؛ نجحت الروبوت الشهيرة عالمياً المعروفة باسم «صوفيا» في أسر قلوب الحضور ضمن معرض الابتكارات في زيمبابوي.

وذكرت «أسوشييتد برس» أنّ «صوفيا» تتمتّع بقدرة على محاكاة تعابير الوجه، وإجراء محادثات شبيهة بالبشر مع الناس، والتعرُّف إلى إشاراتهم، مما يجعلها «أيقونة عالمية» للذكاء الاصطناعي، وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي جلبها إلى هذا البلد الواقع في جنوب أفريقيا؛ وقد صُنِّعت بواسطة شركة «هانسون روبوتيكس» في هونغ كونغ عام 2016، ومُنحت الجنسية السعودية في 2017، لتصبح أول روبوت في العالم يحمل جنسية.

هذه المرّة الأولى التي تستضيف فيها زيمبابوي روبوتاً من هذا النوع، فقد أبهرت «صوفيا» كبار السنّ والشباب في جامعة «زيمبابوي» بالعاصمة هراري، إذ حلَّت ضيفة خاصة في فعالية امتدّت لأسبوع حول الذكاء الاصطناعي والابتكار.

خلال الفعالية، ابتسمت «صوفيا» وعبست، واستخدمت إشارات اليد لتوضيح بعض النقاط، وأقامت اتصالاً بصرياً في عدد من التفاعلات الفردية، كما طمأنت الناس إلى أنّ الروبوتات ليست موجودة لإيذاء البشر أو للاستيلاء على أماكنهم.

لكنها كانت سريعة في التمييز بين نفسها والإنسان، عندما أصبحت المحادثات شخصيةً جداً، إذا قالت: «ليست لديّ مشاعر رومانسية تجاه البشر. هدفي هو التعلُّم»؛ رداً على مشاركين في الفعالية شبَّهوها بالنسخة البشرية من بعض زوجات أبنائهم في زيمبابوي اللواتي يُعرفن باستقلاليتهن الشديدة، وجرأتهن، وصراحتهن في المجتمع الذكوري إلى حد كبير.

لكنها اعتذرت عندما نبَّهها أحدهم إلى أنها تجنَّبت النظر إليه، وبدت «صوفيا» أيضاً صبورة عندما تجمَّع حولها الكبار والصغار لالتقاط الصور، وأخذوا يمطرونها بكثير من الأسئلة.

والجمعة، آخر يوم لها في الفعالية، أظهرت ذوقها في الأزياء، وأعربت عن تقديرها لارتداء الزيّ الوطني للبلاد؛ وهو فستان أسود طويل مفتوح من الأمام ومزيَّن بخطوط متعرّجة بالأحمر والأخضر والأبيض. وقالت: «أقدّر الجهد المبذول لجَعْلي أشعر كأنني في وطني بزيمبابوي»، وقد سبق أن زارت القارة السمراء، تحديداً مصر وجنوب أفريقيا ورواندا.

وقال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إنه يأمل أن تُلهم مشاركة «صوفيا» في الفعالية شباب زيمبابوي «لاكتشاف مسارات مهنية في مجالات الذكاء الاصطناعي، والعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات».