إيطاليا: دراغي أنهى تعايشه الهش مع الشعبويين واليمين

وسط قلق داخلي وأوروبي... من تزايد نفوذ المتطرفين

دراغي يقدم استقالته للرئيس ماتاريلا اول من أمس (أ.ف.ب)
دراغي يقدم استقالته للرئيس ماتاريلا اول من أمس (أ.ف.ب)
TT

إيطاليا: دراغي أنهى تعايشه الهش مع الشعبويين واليمين

دراغي يقدم استقالته للرئيس ماتاريلا اول من أمس (أ.ف.ب)
دراغي يقدم استقالته للرئيس ماتاريلا اول من أمس (أ.ف.ب)

انسدل الستار مساء الأربعاء الفائت على مهزلة الأزمة الحكومية الإيطالية عندما أطلق البرلمان رصاصة الرحمة على حكومة ماريو دراغي، وذلك بعدما رفضت الأحزاب اليمينية في الائتلاف الذي يرأسه التصويت على الثقة في مجلس الشيوخ، وانضمّت إليها حركة «النجوم الخمس». هذا الوضع سبب الانفجار الذي انتهى بإطاحة الحكومة في مرحلة بالغة الدقة على الصعيدين المحلي والأوروبي، وأنهى سبعة عشر شهراً من الولاية التي كانت إيطاليا قد استعادت خلالها موقعاً رياديّاً على الساحة الدولية لم تعرفه منذ عقود. وللعلم، منذ عقود لم يعد سقوط الحكومات الإيطالية يحرّك ساكناً في الوسط الأوروبي الذي يعتبره من الظواهر المألوفة في بلد لا يتجاوز معدّل بقاء الحكومات فيه ثلاثة عشر شهراً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. إلا أن سقوط دراغي على يد حلفائه في الائتلاف الحاكم يأتي في أحرج مراحل التوتر الجيو-استراتيجي مع روسيا، ويطلق صفارات الإنذار في بروكسل، حيث يُخشى أن تتحول إيطاليا - الاقتصاد الثالث في منطقة اليورو - إلى «كعب أخيل» المواجهة الأوروبية مع موسكو، وفي أسوأ الاحتمالات... إلى «حصان طروادة» في خدمة مصالح روسيا الاستراتيجية.
تعود البداية العملية الظاهرة للأزمة الإيطالية الأخيرة إلى منتصف الأسبوع الماضي عندما قررت حركة «النجوم الخمس» ألا تصوّت في مجلس الشيوخ على حزمة من التدابير كانت طرحتها الحكومة. وكانت ذريعة الحركة أن ماريو دراغي رفض التجاوب مع ورقة المطالب التي تقدمت بها لمعالجة بعض جوانب الأزمة الاجتماعية الحادة التي تعاني منها إيطاليا.
وفي المقابل، مع أن الحركة لم تربط موقفها من التصويت في مجلس الشيوخ بالثقة في الحكومة، أصر دراغي على اعتباره أن رفض طرف أساسي في الائتلاف الحاكم التصويت على حزمة التدابير يعادل سحب الثقة من الحكومة. ومن ثم، أعلن استقالته لعدم توفر الثقة اللازمة لمواصلة مهامه وحمل قراره إلى رئيس الجمهورية سرجيو ماتاريلا الذي سارع إلى رفض الاستقالة، وطلب من دراغي المثول يوم الأربعاء أمام البرلمان لطرح الثقة، مفسحاً بذلك المجال لإيجاد تسوية تنهي الأزمة وتحول دون اضطراره لحل البرلمان والدعوة لإجراء انتخابات عامة مسبقة.
عادة تدمير الذات

                                                                            دي مايو
في الحقيقة، موقف «النجوم الخمس» من التصويت في مجلس الشيوخ، الذي كان السبب التقني المباشر في انفجار الأزمة، لم يكن سوى القشّة التي قصمت ظهر البعير بعد أشهر من الابتزازات التي كان دراغي يتعرّض لها من الأحزاب الأطراف في الائتلاف الحاكم، خصوصاً حزب «الرابطة» اليميني المتطرف. هذه الابتزازات دفعت دراغي غير مرة إلى القول بأن الحكومة لا يمكن أن تواصل عملها وتنفّذ الإصلاحات التي قامت لأجلها طالما استمرت الأحزاب في تغليب مصالحها الخاصة... وخوض المعركة الانتخابية قبل موعدها من داخل الحكومة.
لعل ما دفع دراغي إلى اتخاذ هذا الموقف المتشدد، الذي ربما حمل من الخطأ في الحسابات بقدر ما حمل من قلة معرفة كافية بقدرة الأحزاب السياسية الإيطالية على تدمير الذات، كانت خشيته من تنامي النزعة الابتزازية لدى أطراف الائتلاف مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في ربيع العام المقبل. وكذلك الحاجة الماسة لبعض القوى السياسية الشعبوية، مثل «الرابطة» و«النجوم الخمس»، لاستعادة الشعبية التي خسرتها في الفترة الأخيرة. يضاف إلى ذلك أن العوامل الضاغطة التي تولّدت منها «حكومة الأضداد»، مثل الوضع الاقتصادي المتردي وتبعات الجائحة وفشل الأحزاب السياسية المتكرر في إيجاد الحلول وتحقيق الاستقرار، كان من الطبيعي أن تُبدّى عليها مقتضيات التموقع والاستعداد للانتخابات العامة التي غالباً ما يخيّل للمرء.
على الضفة اليمينية من المشهد السياسي يعاني حزب «الرابطة» من تراجع ملحوظ في شعبيته لصالح منافسه المتطرف «إخوان إيطاليا»، وهو الحزب البرلماني الوحيد الذي رفض المشاركة في حكومة دراغي، والذي ترجّحه كل الاستطلاعات للفوز في الانتخابات المقبلة. وبعدما كانت شعبية «الرابطة» بزعامة ماتيو سالفيني ضعفي شعبية «إخوان إيطاليا» بزعامة جيورجيا ميلوني، انقلبت المعادلة اليوم وأصبحت ميلوني، الطالعة من صفوف الحزب الفاشي الإيطالي، هي المرشّحة الأوفر حظاً لتولّي رئاسة الحكومة بعد الانتخابات المقبلة. وفعلاً، بدأت التسريبات تتحدث عن قائمة تضعها بأسماء الوزراء الذين تنوي تعيينهم.

                                                                             ميلوني
ميلوني تتصدر اليمين
كانت ميلوني قد قررت خوض الانتخابات البلدية الأخيرة منفردة، رافضة التحالف مع حزبي «الرابطة» و«فورتسا إيطاليا» (حزب سيلفيو برلوسكوني)، ما دفع بسالفيني إلى إطلاق حملته الانتخابية مبكراً من داخل حكومة دراغي... الذي اضطر في أكثر من مناسبة للتحذير من عواقب هذا السلوك على نشاط الحكومة واحتمالات صمودها.
أما حركة «النجوم الخمس»، التي تملك أكبر الكتل في البرلمان الحالي، فهي حال تفكك وانهيار شبه نهائي بعد الهزائم التي أصيبت بها في جميع المواعيد الانتخابية الأخيرة، وأيضاً بعد الانشقاق الذي قاده مطلع الشهر الجاري زعيمها السابق ووزير الخارجية الحالي لويجي دي مايو بسبب الخلاف داخل الحركة حول تزويد أوكرانيا بالمزيد من المساعدات العسكرية. وكانت «النجوم الخمس» أوشكت التعرّض لانشقاق جديد أعمق من السابق خلال الأزمة الحكومية الراهنة عندما رفضت مجموعة من البرلمانيين الموقف المتشدد الذي اتخذه الزعيم الحالي ورئيس الحكومة السابق جيوزيبي كونتي بعدم التصويت على الثقة في الحكومة إذا لم يتجاوب دراغي مع ورقة المطالب التي تقدمت بها. وليس مستبعداً أن يحصل هذا الانشقاق في غضون الأيام أو الأسابيع المقبلة، بعد أن تخمد نار الأزمة ويفتح «بازار» التحالفات تأهباً للانتخابات العامة التي من المرجح أن تُجرى مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وبعد خمسة أيام من الإثارة التي غذّتها الضغوط المحلية والدولية الواسعة لإقناع الرئيس شبه المستقيل بالعودة عن قراره، والصمت المطبق الذي لزمه دراغي طوال هذه الفترة، ذهب الحاكم السابق للبنك المركزي إلى البرلمان وأدلى بخطبة عصماء. في هذه الخطبة عرض دراغي الإنجازات الكبرى التي حققتها حكومته منذ مطالع العام الفائت، والأسباب التي حدت به إلى اعتبار أن الشروط اللازمة لبقائه في الحكم لم تعد متوافرة، مشدداً على ضرورة استعادة الثقة للاستمرار في منصبه حتى نهاية الولاية التشريعية. لكنه، في المقابل، ترك الباب مفتوحاً أمام احتمال العودة، وعزا ذلك في الأيام التي تلت إعلان دراغي استقالته موجة غير مسبوقة من التظاهرات الشعبية والنداءات الصادرة عن النقابات المهنية والهيئات الطلابية ومنظمات المجتمع المدني التي تناشده العودة عن قراره، فضلاً عن أكثر من ألف رئيس بلدية وقعوا عريضة تدعوه للبقاء في منصبه.
شروط دراغي
وختم دراغي خطابه في مجلس الشيوخ مساء الأربعاء مشترطاً لعودته الدعم الواضح من الأحزاب السياسية التي ألقى الكرة في ملعبها، من غير أن ينسى توجيه بعض السهام إلى القوى الشعبوية التي لمح إلى مسؤوليتها عن الأزمة، وإلى أنه لا يأمن شرّها في حال بقائه.
دراغي كان عرض أيضاً التحديات الكبرى التي ما زالت تواجه إيطاليا، مبدياً استعداده لمواصلة العمل إذا تعهدت الأحزاب السياسية التوقيع على «خارطة طريق» تكون بمثابة برنامج عمل للحكومة خلال الأشهر المتبقية من ولايتها، ليشدد بعد ذلك على أن «إيطاليا ليست بحاجة لثقة صورية تتلاشى أمام أي تدبير أو إجراء غير مريح تتخذه الحكومة، بل هي بحاجة إلى ميثاق ثقة جديد، صادق وواضح». وختم بسؤال موجه إلى الأحزاب السياسية كرره ثلاث مرات «هل أنتم على استعداد لإعادة بناء هذا الميثاق؟»... قبل أن يسألهم مجدداً «هل أنتم جاهزون لبذل الجهد الذي بذلتموه في الأشهر الأولى من عهد الحكومة؟».
دراغي أوضح من جهة ثانية، أن شروط بقائه على رأس الحكومة تنحصر في حصوله على أكبر دعم ممكن، مع الضمانات اللازمة لتنفيذ الإصلاحات الأساسية من أجل الحصول على مساعدات صندوق الإنعاش الأوروبي التي تزيد عن 230 مليار دولار... وأيضاً لمواصلة تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا الذي يعترض عليه جناح كبير في حركة «النجوم الخمس» وحزب «الرابطة»، فيما يؤيده «إخوان إيطاليا» الحزب الوحيد في المعارضة.
هذا، وفاجأ دراغي الجميع بلهجة خطابه القاسية، وهو الذي اعتاد على التصريحات الهادئة والمعتدلة. كذلك كانت لافتة الانتقادات الشديدة التي استهدفت حزب «الرابطة»، الذي بدا الانزعاج واضحاً على زعيمه ماتيو سالفيني عندما امتنع عن التصفيق في نهاية الخطاب وأوعز إلى من كان قربه بعدم التصفيق.
وبعدها قال إن الشرعية الديمقراطية الوحيدة التي يمكن أن يستند إليها رئيس وزراء مثله لم يخرج من صناديق الاقتراع، هو أوسع دعم ممكن من البرلمان، خصوصاً عندما يتخذ قرارات تؤثر على حياة المواطنين، رافضاً ما قيل إنه يسعى للحصول على صلاحيات مطلقة، ومؤكداً «إن السبيل الوحيد لمواصلة الطريق هو إعادة ترميم الميثاق من البداية، بجرأة وترفّع عن المصالح الفردية والحزبية الضيقة».
وبعدما امتدح دراغي الأحزاب السياسية على أدائها في المرحلة الأولى حين تمكنت الحكومة من تحقيق إنجازات كبيرة، انتقد سلوكها في الفترة الأخيرة عندما بدأت تبدّي مصالحها وحساباتها الانتخابية على المصلحة الوطنية العليا. ووجّه سهاماً مباشرة إلى جيوزيبي كونتي زعيم «النجوم الخمس»، إذ قال «ان رفض التصويت في البرلمان على قرار حكومي هو موقف واضح لا يمكن تجاهله ولا التقليل من شأنه، خاصة أنه جاء بعد سلسلة التهديدات والإنذارات المتكررة».
«انتحار سياسي» أم «اغتيال»؟
تعليقاً على ما حصل وقيل، رأى البعض في ذلك الخطاب عملية «انتحار سياسي» أقدم عليها دراغي، بينما ذهب آخرون إلى أنه كان اتخذ قراره بالرحيل بعدما تيقّن من أن الأحزاب السياسية دخلت منذ فترة في حملة انتخابية غير معلنة. ومن ثم، لن تسمح لحكومته بمواصلة عملها حسب البرنامج المتفق عليه. ولا يغيب عن الذين يتابعون هذا «الاغتيال» السياسي الذي استهدف أبرز الشخصيات التي عرفتها إيطاليا في العقود الأخيرة، أنه بعد سقوط رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون - الذي تميّز بشراسة مواقفه من الغزو الروسي لأوكرانيا - يشكّل سقوط ماريو دراغي على يد حلفائه في الحكم، وضد إرادة الغالبية الساحقة من الشعب الإيطالي، انتكاسة كبيرة للجهود الأوروبية في مواجهة موسكو... التي كان دراغي يتزعمها في الفترة الأخيرة رغم معارضة شريحة واسعة من الرأي الإيطالي للصدام مع موسكو.
ويُذكر هنا أنه بعد كانت التحذيرات الأوروبية والأطلسية من «الهجمات» الروسية الهجينة التي تهدد الأنظمة الغربية بهدف زعزعة استقرارها وضرب مصالحها تكتفي بالعموميات، فإنها أصبحت الآن توجّه أصابع الاتهام بوضوح ودقة إلى روسيا. وفي هذا الإطار لم يتردد لويجي دي مايو، وزير الخارجية الإيطالي والزعيم السابق لحركة «النجوم الخمس» التي انشق عنها، في اتهام مفتعلي الأزمة بأنهم «قدّموا رأس دراغي على طبق من فضة لفلاديمير بوتين».
كذلك، كان الناطق بلسان المفوضية الأوروبية قد صرّح مطلع هذا الأسبوع بأن ثمّة مناورة روسية وراء استقالة رئيس الوزراء الإيطالي، وأن موسكو تحاول زعزعة الاتحاد الأوروبي عن طريق التأثير في السياسات الداخلية للبلدان الأعضاء، إلى جانب نشرها الأنباء والمعلومات المضللة، وأن ثمة أطرافا داخلية تستخدمها موسكو لشنّ الهجمات الهجينة على الدول الأعضاء.
لكن لفت مساء الأربعاء الماضي، بعدما تأكدت استقالة دراغي أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين حرصت على النأي بنفسها عن الأزمة الإيطالية، مكتفية بالقول بأن تعاونها كان وثيقاً دائماً مع دراغي، وأنها تأمل في مواصلة هذا التعاون من السلطات الإيطالية في كل القضايا والأولويات الأوروبية. وحول هذه النقطة، كانت الكتلة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي قد أعربت عن دهشتها من الدور الذي لعبه الحزب الشعبي الأوروبي (يمين محافظ) الذي تنتمي إليه فون در لاين ورئيسة البرلمان روبرتا ميتسولا في إسقاط ماريو دراغي، وهو ما وصفته رئيسة الكتلة بأنه كارثة لإيطاليا وللاتحاد الأوروبي. ويعتبر الاشتراكيون الأوروبيون أن الكتلة الشعبية المحافظة في البرلمان الأوروبي، التي يرأسها الألماني مانفريد ويبير، لعبت دوراً في تحريض حزب برلوسكوني على اتخاذ الموقف الذي أدّى في النهاية إلى إسقاط دراغي. وتجدر الإشارة إلى أن اسم دراغي مطروح بقوة في الأوساط الأوروبية لرئاسة المفوضية بعد انتهاء ولاية فون در لاين التي تطمح إلى تجديدها، علماً أن ويبير هو أيضاً من المرشحين لخلافتها.

إيطاليا... هل باتت «بوابة» روسيا إلى أوروبا؟
> إلى جانب القلق التقليدي الذي يتملّك الأوساط السياسية والاقتصادية الأوروبية كلّما تعرّض المشهد الإيطالي للاهتزاز، تتحدث المصادر الدبلوماسية منذ فترة عن أن إيطاليا تحولت منذ أسابيع إلى بوابة واسعة لدخول ورواج النظريات التي تنتقد موقف الاتحاد الأوروبي من الحرب في أوكرانيا. وتضيف أن العديد من وسائل الإعلام الإيطالية - معظمها تابع للمجموعة العملاقة التي يملكها سيلفيو برلوسكوني - تروّج للنظرية التي مفادها أن العقوبات الأوروبية ضد موسكو تلحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد الأوروبي ولا تؤثر كثيراً على روسيا.
وحقاً، تنظر بروكسل إلى إيطاليا على أنها الحلقة الأضعف في الجبهة الأوروبية الموحدة ضد موسكو، إذ أنها لا تملك محطات نووية لتوليد الطاقة، وتعتمد بنسبة 70 في المائة على المصادر الخارجية لتلبية احتياجاتها من المحروقات، نصفها من روسيا. ويضاف إلى ذلك أن إيطاليا، التي هي القوة الاقتصادية والصناعية الثالثة في أوروبا، تستورد 93 في المائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي - أي أكثر من ألمانيا - الذي يشكّل 45 في المائة من استهلاكها.
وهكذا، يخشى الأوروبيون أن ينقلب الرأي العام في بلدان مثل إيطاليا والمجر ضد العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا إذا طالت الحرب الأوكرانية، ولجأت موسكو إلى قطع إمدادات الغاز بشكل كامل. وكان استطلاع أجراه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أخيراً، قد أظهر أن إيطاليا هي أقل الدول تأييداً لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، حيث يعتقد 56 في المائة فقط من الإيطاليين أن مسؤولية الحرب تقع على عاتق روسيا، مقابل 80 في المائة في البلدان الأوروبية الأخرى. لكن رغم ذلك، كان ماريو دراغي يقود المبادرات الأوروبية في المواجهة مع موسكو، وكان الزعيم الأول لدولة أوروبية كبرى يعلن تأييده الصريح لقبول طلب ترشيح أوكرانيا لعضوية الاتحاد الأوروبي.


مقالات ذات صلة

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

أصبح برنامج «تشات جي بي تي» الشهير الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي» متاحا مجددا في إيطاليا بعد علاج المخاوف الخاصة بالخصوصية. وقالت هيئة حماية البيانات المعروفة باسم «جارانتي»، في بيان، إن شركة «أوبن إيه آي» أعادت تشغيل خدمتها في إيطاليا «بتحسين الشفافية وحقوق المستخدمين الأوروبيين». وأضافت: «(أوبن إيه آي) تمتثل الآن لعدد من الشروط التي طالبت بها الهيئة من أجل رفع الحظر الذي فرضته عليها في أواخر مارس (آذار) الماضي».

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) من كل عام تحتفل إيطاليا بـ«عيد التحرير» من النازية والفاشية عام 1945، أي عيد النصر الذي أحرزه الحلفاء على الجيش النازي المحتلّ، وانتصار المقاومة الوطنية على الحركة الفاشية، لتستحضر مسيرة استعادة النظام الديمقراطي والمؤسسات التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم. يقوم الدستور الإيطالي على المبادئ التي نشأت من الحاجة لمنع العودة إلى الأوضاع السياسية التي ساهمت في ظهور الحركة الفاشية، لكن هذا العيد الوطني لم يكن أبداً من مزاج اليمين الإيطالي، حتى أن سيلفيو برلوسكوني كان دائماً يتغيّب عن الاحتفالات الرسمية بمناسبته، ويتحاشى المشاركة فيها عندما كان رئيساً للحكومة.

شوقي الريّس (روما)
شمال افريقيا تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها تعزيز التعاون مع إيطاليا في مجال الاستثمار الزراعي؛ ما يساهم في «سد فجوة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي»، بحسب إفادة رسمية اليوم (الأربعاء). وقال السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني أشار خلال لقائه والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) إلى أن «إحدى أكبر الشركات الإيطالية العاملة في المجال الزراعي لديها خطة للاستثمار في مصر؛ تتضمن المرحلة الأولى منها زراعة نحو 10 آلاف فدان من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاج إليها مصر، بما يسهم في سد فجوة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي». وأ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
TT

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد الخريجي، وترأس الجانب الصيني نظيره نائب الوزير دنغ لي. وبحث الجانبان تطوير العلاقات الثنائية، مع مناقشة المستجدات التي تهم الرياض وبكين. يذكر أن العلاقات السعودية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، إذ تعززت الشراكة بين البلدين على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى عام 1990، عندما افتتحت سفارتا البلدين رسمياً في العاصمتين بكين والرياض. مع أن علاقات التعاون والتبادل التجاري بين البلدين بدأت قبل عقود. وعام 1979، وقّع أول اتفاق تجاري بينهما، واضعاً الأساس لعلاقات قوية مستمرة حتى يومنا هذا.

تُعدّ الصين اليوم الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وانعكست العلاقات المتنامية بين البلدين بشكل كبير على التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما؛ إذ أسهمت في وصول حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 100 مليار دولار أميركي في عام 2023. تستورد الصين النفط الخام من السعودية بشكل رئيسي، وتعدّ المملكة أكبر مورد للنفط إلى الصين، إذ تصدر ما يقرب من 1.7 مليون برميل يومياً. ولقد تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة حاجز الـ55 مليار دولار. وبحسب تقرير لـ«edgemiddleeast»، ضخّت الصين 16.8 مليار دولار في المملكة في 2023 مقابل 1.5 مليار دولار ضختها خلال عام 2022، استناداً إلى بيانات بنك الإمارات دبي الوطني، وهي تغطي مشاريع في البنية التحتية والطاقة والصناعات البتروكيماوية. وفي المقابل، استثمرت المملكة في عدد من المشاريع داخل الصين، منها الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والنقل. واستضافت الرياض أيضاً في شهر يونيو (حزيران) من هذا العام «مؤتمر الأعمال العربي الصيني» الذي استقطب أكثر من 3600 مشارك. وبعد أسبوعين فقط، أرسلت السعودية وفداً كبيراً بقيادة وزير الاقتصاد السعودي إلى مؤتمر «دافوس الصيفي» في الصين. وبالإضافة إلى هذا الزخم الحاصل، دعت الصين المملكة العربية السعودية كضيف شرف إلى «معرض لانتشو الصيني للاستثمار والتجارة» الذي أقيم من 7 إلى 10 يوليو (تموز) من هذا العام. وكانت وزارة الاستثمار السعودية حثّت الشركات على المشاركة بفاعلية في المعرض، والجناح السعودي المعنون «استثمر في السعودية». كذلك وقّعت السعودية والصين اتفاقيات متعددة لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة. وتسعى المملكة لتحقيق «رؤية 2030» التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، في حين تسعى الصين إلى تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتنميتها الاقتصادية. وبالفعل، جرى أخيراً توقيع اتفاقية بين شركة «تي سي إل تشونغ هوان» لتكنولوجيا الطاقة المتجددة الصينية، وشركة توطين للطاقة المتجددة، وشركة «رؤية للصناعة» السعوديتين، لتأسيس شركة باستثمار مشترك، من شأنها دفع توطين إنتاج الرقائق الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية. ووفقاً للاتفاقية، يبلغ إجمالي حجم الاستثمار في المشروع المشترك نحو 2.08 مليار دولار. التعاون السياسي والدبلوماسي تتعاون المملكة والصين على مستوى عالٍ في القضايا الدولية والإقليمية. وتستند العلاقات السياسية بين البلدين إلى احترام السيادة الوطنية والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية. كذلك تتبادل الدولتان الدعم في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ولقد لعبت الصين دوراً محوَرياً في الوساطة بين السعودية وإيران، ما أدى إلى تحقيق نوع من التوافق بين البلدين، أسهم في توطيد الاستقرار، وقلّل من حدة التوترات، وعزّز من الأمن الإقليمي. الزيارات الرسمية والقمم المعروف أنه في مارس (آذار) 2017، قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة رسمية للصين حيث التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال الزيارة، وُقّعت 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تضمنت التعاون في مجالات الطاقة والاستثمارات والعلوم والتكنولوجيا. وفي وقت سابق، كان خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قد زار الصين رسمياً عام 2006، كانت تلك الزيارة بمثابة نقطة تحوّل في تعزيز العلاقات الثنائية، وشملت مباحثات مع القيادة الصينية وشهدت توقيع اتفاقيات عدة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار. كما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الصين في فبراير (شباط) 2019 كجزء من جولته الآسيوية. خلال هذه الزيارة، وقّعت 35 اتفاقية تعاون بين البلدين بقيمة تجاوزت 28 مليار دولار، وشملت مجالات النفط والطاقة المتجددة والبتروكيماويات والنقل. بعدها، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية إلى الرياض، حيث شارك في «قمة الرياض»، التي جمعت قادة دول مجلس التعاون الخليجي والصين. وتركّزت هذه القمة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية بين الجانبين، وخلالها وقّع العديد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. من الزيارات البارزة الأخرى، زيارة وزير الخارجية الصيني إلى السعودية في مارس (آذار) 2021، حيث نوقش التعاون في مكافحة جائحة «كوفيد 19» وتعزيز العلاقات الاقتصادية،