تقييم لأداء الوكالات الأممية يتهمها بالفشل في تحسين حياة اليمنيين

قال إنها قدمت مساعدات ضعيفة الجودة رغم إنفاقها 16 مليار دولار

صورة متداولة بوسائل التواصل الاجتماعي لامرأة يمنية تبحث في القمامة عما يسدُّ الرمق (تويتر)
صورة متداولة بوسائل التواصل الاجتماعي لامرأة يمنية تبحث في القمامة عما يسدُّ الرمق (تويتر)
TT

تقييم لأداء الوكالات الأممية يتهمها بالفشل في تحسين حياة اليمنيين

صورة متداولة بوسائل التواصل الاجتماعي لامرأة يمنية تبحث في القمامة عما يسدُّ الرمق (تويتر)
صورة متداولة بوسائل التواصل الاجتماعي لامرأة يمنية تبحث في القمامة عما يسدُّ الرمق (تويتر)

خلص تقييم مستقل لأداء وكالات الأمم المتحدة العاملة في اليمن منذ عام 2015 وحتى الآن إلى أن المساعدات التي تقدم لملايين المحتاجين ضعيفة الجودة، وأنه رغم إنفاق 16 مليار دولار في هذا الجانب فإن هذه الوكالات فشلت في إجراء تحسينات جوهرية على حياة اليمنيين العاديين.
واتهم التقييم الوكالات الأممية بأنها جعلت اليمنيين يعيشون على «وسائل دعم البقاء» مؤكداً أن هذه المساعدات لم تصل بالشكل الكافي إلى الفئات الأكثر احتياجاً مثل النساء والأطفال، كما انتقد ضعف الرقابة على أداء موظفي الأمم المتحدة.
التقييم الذي أعدته اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات قال إن العملية برمتها معيبة من نواحٍ كثيرة، فالجودة رديئة والرقابة ضعيفة والمساعدات تهدر وهناك نقص غير مقبول في المعايير في العديد من المجالات.
وبحسب التقييم، فإن العديد من مخيمات النازحين لا يتوافر فيها الحد الأدنى من المعايير، وأن هناك عدم تركيز كافٍ على الفئات الأكثر ضعفاً وفهمها، حيث تتم تلبية الاحتياجات جزئياً، فقط.
وأشار التقييم إلى أن نسبة منخفضة للغاية من أولئك الذين يعملون على الاستجابة يعتقدون أن الاحتياجات الأكثر إلحاحاً تتم تلبيتها، لكنه جزم بأن الاستهداف الجماعي كان ضعيفاً بما في ذلك النساء والأطفال، حيث لم يحصلوا على ما يكفيهم.
ووفق ما ورد في التقييم الذي يقع في أكثر من 500 صفحة، فإن «ضعف الجودة وضعف الرقابة أضرا بفاعلية وكفاءة الاستجابة»، إذ يتم تنفيذ العملية في ظل ظروف صعبة للغاية، وفي ظل نقص القدرة وصعوبة الحركة نتيجة البيروقراطية الخارجية والداخلية وغيرها من العوائق.
وكل ذلك - حسب التقييم - أدى إلى أن تكون عملية الاستجابة «دون المستوى الأمثل، رغم أنها حققت بعض النتائج القابلة للقياس»، مؤكداً أن الافتقار إلى المساءلة والشفافية أدى إلى تدهور العلاقات بين عملية الإغاثة والسلطات والسكان.
ورأى معدو التقييم أنه وفي حين أن الوكالات الفردية تقدم أداءً جيداً، يمكن القول إن النظام الجماعي لا يعمل، ولا تتم مشاركة قوائم متلقي المساعدات ولا يتم ضم الخدمات المهمة، كما لا يوجد نهج جماعي لتعميم مبادئ الحماية والمبادئ الإنسانية.
ويذكر التقييم أن هناك وكالات لا تتصرف بانسجام عند مواجهة التهديدات السياسية لاستقلالية عملها، وأن هناك مشكلة خاصة في شفافية البيانات، وأنه من الصعب الحصول على صورة واضحة لأي منها عن مقدار الاحتياجات ومستوى التغطية، كما يصعب التأكد من مستوى الثقة بالأرقام والتحليلات.
ووجه التقييم نقداً قاسياً لموظفي الأمم المتحدة، وقال إن بقاءهم خلف مكاتبهم أدى إلى تآكل الثقة ومعنويات الموظفين الآخرين؛ حيث أدت الإجراءات المفرطة لضمان أمن موظفي الأمم المتحدة «إلى تآكل الثقة بشكل خطير، وأسهمت في عدم فهم احتياجات السكان اليمنيين»، في ظل عدم وجود اتصال مباشر مع المجتمعات، معتبراً أن تلك الإجراءات «أسهمت في تدني الروح المعنوية بين العاملين في مجال تقديم المساعدات».
وخلص التقييم إلى أنه وبسبب التخطيط قصير الأجل وميزانيات استجابة الأمم المتحدة لحالات الطوارئ الإنسانية وضعف الرقابة، وسوء التنسيق بين وكالات الأمم المتحدة، أدى التمويل غير المسبوق الذي تم إنفاقه منذ عام 2015 إلى إبقاء اليمن على وسائل دعم الحياة، لكنه فشل في إجراء تحسينات جوهرية على حياة اليمنيين العاديين.
من جهته، قال لويس سيدا، المشارك الفخري في معهد دراسات التنمية والمتخصص في الشؤون الإنسانية الذي قاد فريق التقييم المشترك بين الوكالات، إن عملية الأمم المتحدة في اليمن أنقذت الأرواح «ولكن على الرغم من العملية الإنسانية غير المسبوقة البالغة قيمتها 16 مليار دولار، لا يزال اليمن معلقاً بخيط رفيع».
وأكد أن أعمال المساعدات عبر وكالات الأمم المتحدة تباطأت «ولكنها لم تمنع انهيار الخدمات الأساسية، ولا يزال الوضع هشاً بشكل لا يصدق بالنسبة لمعظم اليمنيين».


مقالات ذات صلة

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».