اكتتاب قوي في سندات مصر الدولية يؤشر إلى عودة ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد

القاهرة تأمل أن تكون أداة فعالة لسد عجز الموازنة المتنامي

اكتتاب قوي في سندات مصر الدولية يؤشر  إلى عودة ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد
TT

اكتتاب قوي في سندات مصر الدولية يؤشر إلى عودة ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد

اكتتاب قوي في سندات مصر الدولية يؤشر  إلى عودة ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد

بعد أن انتهت مصر من بيع سندات دولية بقيمة 1.5 مليار دولار يوم الخميس الماضي، تؤشر طلبات الاكتتاب على عودة قوية للمستثمرين الأجانب إلى الاستثمار في الديون المصرية بعد طول غياب استمر نحو خمس سنوات.
وباعت مصر سندات دولية بقيمة 1.5 مليار دولار لأجل عشر سنوات بلغ العائد عليها نحو 6 في المائة وهو أقل من السعر الاسترشادي الذي بلغ نحو 6.25 في المائة.
وقوبل طرح السندات باكتتاب كثيف من قبل المستثمرين الأجانب، حيث بلغت طلبات الاكتتاب نحو 4.5 مليار دولار، وهو مؤشر ودلالة قوية على عودة تدرجية لثقة المستثمرين الأجانب في اقتصاد تأثر إلى حد بعيد بالأزمات والاضطرابات السياسية.
ويقول محللون لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإقبال الكثيف على السندات يعكس بشكل كبير ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في مصر بعد الإصلاحات الأخيرة التي لاقت استحسان المنظمات الاقتصادية الدولية، كما أنها ستعد بمثابة أداة هامة ستستخدمها الحكومة لتقليل عجز الموازنة».
وآخر طرح لسندات دولية مصرية كان في أبريل (نيسان) من عام 2010 وذلك بقيمة مليار دولار لمدة 30 سنة تستحق في 2040، و500 مليون دولار لمدة 10 سنوات تستحق في 2020.
ويتراوح العائد عليها بالوقت الحالي نحو 4.37 في المائة قرب أدنى مستوياتها على الإطلاق المسجل حول مستوى 3.98 في المائة، وفق بيانات مؤسسة «سي بوند» العالمية لتداول السندات. وقام بترتيب إصدار السندات التي بيعت الخميس الماضي «بي إن بي باريبا» و«سيتي غروب» و«جيه بي مورغان» و«مورغان ستانلي» و«ناتكسيس».
ويقول هاني عمارة، محلل اقتصادي أول لدى «أو إس فايننشال سرفيس»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حجم تغطية طلبات الاكتتاب مؤشر جيد للغاية على عودة ثقة المستثمرين الأجانب في مصر بعد مرحلة عجاف كان الكل يعزف عن أدوات الدين الحكومية».
يتابع: «انظر إلى عائد سندات مصر التي أصدرتها في 2010 هناك طلب مرتفع أدى إلى هذا التراجع الكبير في عوائدها».
والعلاقة عكسية بين العائد على السند والطلب عليه، فكلما زاد الطلب تراجع العائد والعكس بالعكس. وبلغ ذروة العائد على سندات مصر الدولية نحو 11.09 في المائة في يونيو (حزيران) 2013. يضيف عمارة أن «الطلب الكبير كان سببه الرئيسي النهج الإصلاحي للحكومة، وإقدام مؤسسات التصنيف الائتمانية العالمية على تحسين تصنيف مصر». وفي الأشهر السبعة الأخيرة، شهدت مصر تحسين تصنيفها أربع مرات من قبل مؤسسات التصنيف العالمية آخرها تحسين مؤسسة ستاندرد آند بورز لنظرتها للاقتصاد المصري من مستقرة إلى إيجابية في مايو (أيار) الماضي.
وقبل ذلك، قامت مؤسسة موديز بتحسين النظرة المستقبلية في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 من سلبي إلى مستقر ثم رفعت بعد ذلك درجة التقييم في شهر أبريل الماضي من درجة «سي إيه إيه 1» إلى درجة «بي».
ويقول فريد هاونغ، خبير الاقتصادات الناشئة لدى «دويتشه بنك»، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من ناحية الإقبال الكثيف، فهو مؤشر جيد على عودة الثقة في اقتصاد مصر مرة أخرى، ستسهم في حل مشكلات متعلقة بعجز الموازنة والمالية العامة للبلاد بصورة أكبر»، مضيفًا أن «تلك السندات ستكون أحد الحلول لسد الفجوة التمويلية وتقليل عجز الموازنة».
وتتراوح الفجوة التمويلية خلال العام المالي الحالي الذي ينتهي في يونيو الحالي بين 11 مليار و13 مليار دولار، وفقًا لتصريحات وزير المالية هاني قدري دميان.
والفجوة التمويلية هي الاحتياجات المطلوبة لمواجهة عجز الموازنة وتمويل الاستثمارات المطلوبة.
بينما يشير آخر تقرير عن وزارة المالية المصرية والصادر يوم الجمعة الماضي، إلى ارتفاع عجز الموازنة العامة الكلي إلى 230.9 مليار جنيه (30.3 مليار دولار) خلال الفترة من يوليو (تموز) - أبريل من العام المالي الحالي تمثل 9.9 في المائة من الناتج المحلي مقابل نسبة 8.2 في المائة للفترة المقابلة من العام المالي الماضي.
وأشار هاونغ إلى أن «الإقبال على السندات سيكون عاملاً مساعدًا أيضًا لتخفيف الضغط على الاحتياطات الأجنبية للبلاد، بما يعمل على استقرار أسعار الصرف».
وبلغت الاحتياطات الأجنبية لمصر بنهاية أبريل الماضي 20.525 مليار من 15.291 مليار دولار في مارس (آذار)، وذلك بفضل تدفق مساعدات خليجية جديدة، وهي عبارة عن ودائع بقيمة ستة مليارات دولار من السعودية، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، تعهدت الدول الخليجية بإرسالها للقاهرة خلال مؤتمر مارس الاقتصادي ضمن حزمة دعم تبلغ قيمتها نحو 12.5 مليار دولار.



وزير المالية: ميزانية السعودية 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي

TT

وزير المالية: ميزانية السعودية 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)

أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان، أن ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الإستراتيجيات القطاعية وبرامج "رؤية 2030"، واستمرار تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المستدام، وتطوير بيئة الأعمال لتعزيز جاذبيتها، والمساهمة في تحسين الميزان التجاري للمملكة، وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وقال أن الحكومة من خلال هذه الميزانية وما سبقها من ميزانيات مستمرة في الاهتمام بالمواطن واحتياجاته الأساسية، إذ يستمر الإنفاق على قطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الاجتماعية، وتواصل جهود تعزيز جودة الخدمات والمرافق الحكومية وتطوير البنية التحتية في مختلف مناطق المملكة، مما يسهم في رفع مستوى جودة الحياة فيها، مع التركيز الدائم على تحسين منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية وزيادة فعاليتها.

وبحسب الجدعان العجز يأتي ضمن التخطيط المالي للميزانية، والمملكة تهدف إلى الاستمرار في عمليات التمويل المحلية والدولية بهدف تغطية العجز المتوقع في ميزانية 2025، وسداد أصل الدين المستحق خلال العام القادم وعلى المدى المتوسط، واغتنام الفرص المتاحة حسب ظروف الأسواق المالية لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي مثل الإنفاق الموجّه على الإستراتيجيات والمشاريع الكبرى وبرامج "رؤية 2030".

وتوقع أن يبلــغ رصيد الديـــن العـــام نحو 1,300 مليار ريال (ما يعادل 29.9% من الناتج المحلي الإجمالي) للعام 2025 مقارنــة بـحوالي 1,199 مليار ريال في العام 2024 (ما يعادل 29.3% من الناتج المحلي الإجمالي).

وطبقًا للجدعان، ميزانية 2025 تهدف إلى المحافظة على المركز المالي للمملكة وتحقيق الاستدامة المالية من خلال الحفاظ على مستويات مستدامة من الدين العام واحتياطيات حكومية معتبرة؛ لتعزيز قدرة البلاد على التعامل مع الصدمات الخارجية، إذ يتوقع أن استمرار الحفاظ على رصيد الاحتياطيات الحكومية لدى البنك المركزي السعودي (ساما) بنهاية العام المقبل عند المستوى نفسه للعام الجاري، إذ سيبلغ حوالي 390 مليار ريال.

وأضاف الجدعان، أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي شهدها الاقتصاد السعودي نتج عنها تحسن في المؤشرات، وقطع مرحلة مهمة في مسيرة التنويع الاقتصادي والاستقرار المالي، و التقديرات الأولية في العام الحالي، تشير إلى استمرار دور الأنشطة غير النفطية في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي؛ نتيجة استمرار المبادرات والإصلاحات الهادفة لرفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي وتمكينه ليصبح المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي.

وتابع وزير المالية، أن جهود الحكومة المتواصلة لتطوير سوق العمل أسهمت في تراجع معدل البطالة بين السعوديين إلى أدنى مستوى تاريخي له، إذ وصل إلى 7.1 في المائة بنهاية الربع الثاني من 2024.

كما بلغ معدل مشاركة المرأة في سوق العمل 35.4 في المائة، متجاوزًا بذلك مستهدف الرؤية عند 30 في المائة، وفق الجدعان.

وأشار إلى أن هذه الأرقام الإيجابية تأتي نتيجة إنجازات تنويع الاقتصاد من خلال تعزيز القطاعات الواعدة وتمكين القطاع الخاص وتنفيذ المشاريع التنموية ضمن رؤية المملكة 2030، وتمكين المزيد من فئات المجتمع لدخول سوق العمل من خلال أنماط العمل الجديدة.

وقال الوزير السعودي، إن الاقتصاد العالمي يشهد تحسنًا على الرغم من استمرار الصراعات الجيوسياسية المتصاعدة التي يمكن أن تخلق تحديات جديدة على المدى القريب، ومع ذلك حافظت المملكة على مركزها المالي القوي، واستمرت في تنفيذ مشاريعها وخططها التنموية، ولم تتأثر بشكل كبير؛ نظرًا للسياسات المالية الفعّالة التي وضعتها الحكومة لتضمن جاهزيتها لجميع التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية.