فيما أبلغ طرفا الصراع السياسي في ليبيا «الشرق الأوسط» أنهما سيشاركان في الجولة المقبلة لجلسات الحوار السياسي الليبي التي أعلنت بعثة الأمم المتحدة أمس عن عقدها في مدينة الصخيرات بالمغرب يوم الاثنين المقبل. قالت مصادر مطلعة إن وضع الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي قد يهدد التوصل لحكومة إنقاذ وطني.
وقال عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته في ليبيا لـ«الشرق الأوسط» إن البرلمان (غير المعترف به دوليا) سيشارك في هذا الاجتماع، فيما أكد فرج بوهاشم الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له، أن المجلس سيحضر أيضا هذه الجولة.
ورغم أن الطرفين أعربا عن أملهما في نجاح المفاوضات الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن مصادر أخرى تحدثت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» عما وصفته بغموض ينتاب وضع الفريق حفتر في الحكومة المقبلة.
ويرفض البرلمان السابق المسيطر على الأمور في العاصمة الليبية طرابلس الاعتراف بشرعية وضع حفتر العسكري، ويحمله المسؤولية عما يصفه بالحرب الأهلية، لكن حفتر المدعوم من مجلس النواب المعترف به دوليا ينفي هذه الاتهامات.
وبينما تقول مصادر موالية للسلطات الشرعية في ليبيا إن حفتر قد يعين وزيرا للدفاع في الحكومة الجديدة، فإن مصادر أخرى قالت إن ميليشيات فجر ليبيا المناوئة له لن تقبل باستمرار وجوده على رأس المؤسسة العسكرية الليبية.
من جهته، كشف صالح المخزوم، رئيس وفد حوار البرلمان السابق، النقاب عن أن فريقه تلقى دعوة من ألمانيا، لعقد جلسة من جلسات الحوار لديها خلال الأيام المقبلة.
وقال المخزوم لوكالة أنباء الأناضول التركية إنها «جلسة ضمن جلسات الحوار بالصخيرات، وسيسافر الوفدان المتفاوضان إلى ألمانيا لعقد جلسة واحدة فقط، ويعودان إلى مواصلة الجلسات بالصخيرات»، مشيرا إلى أن الجلسة سيحضرها ممثلون عن الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، للاستماع للطرفين، في مختلف الملفات السياسية وما يتعلق بالهجرة غير الشرعية والملف الأمني.
إلى ذلك، قالت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا إنها تلقت آلاف الرسائل من الليبيين الذين هم في غاية القلق إزاء الأوضاع المتردية في بلادهم، حيث طالبوا باستئناف مباحثات الحوار بشكل عاجل، كما أعربوا عن أملهم أن الأطراف السياسية الليبية سوف تنتهز الفرصة وتسرع في عملية الحوار بغية إبرام اتفاق سياسي بسرعة لوضع حد للنزاع في ليبيا.
وأشادت البعثة في بيان لها، بجهود الأطراف التي أعطت ملاحظاتها على مسودة الاتفاق السياسي خلال الأيام الماضية، كما أشادت بالقرار الذي اتخذه المؤتمر الوطني العام في طرابلس مؤخرا بالمشاركة في جولة الحوار المقبلة. وأوضحت أن المجتمعين في الصخيرات سيناقشون المسودة الجديدة للاتفاق السياسي بالاستناد إلى الملاحظات التي قدمتها الأطراف مؤخرا.
وقالت البعثة إن لديها قناعة راسخة بأن هذه الجولة ستكون حاسمة، وحثت الأطراف الليبية المعنية على الانخراط في المناقشات المقبلة بروح المصالحة والتوصل إلى تسوية، والإصرار على التوصل إلى اتفاق سياسي لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا.
وأضافت أنه «عند هذه المرحلة الحاسمة من عملية الحوار السياسي، تناشد البعثة جميع الأطراف في ليبيا أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية بالحفاظ على المصلحة الوطنية العليا لبلادها، وتذكرها أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للأزمة الحالية في ليبيا، وليس هناك من حل خارج الإطار السياسي».
ويهدف الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة بين طرفي النزاع منذ أشهر إلى إدخال البلاد في مرحلة انتقالية بمدة لا تتجاوز السنتين، يتخللها تشكيل حكومة وحدة وطنية ومجلس رئاسي وإعادة تفعيل هيئة صياغة الدستور.
في غضون ذلك، أعرب وزير الخارجية الليبي محمد الدايري عن أسفه الشديد لما وصفه بتمدد تنظيم داعش الإرهابي وسيطرته على مناطق في ليبيا، لافتا إلى أن هذا التنظيم الذي ينتهج أساليب إجرامية وإرهابية، قد أصبح هذا التنظيم على مسافة قريبة من بعض الحقول والموانئ النفطية.
وأضاف الدايري في كلمة ألقاها أمام الاجتماع السادس لدول جوار ليبيا (تشاد، مصر، السودان، النيجر، الجزائر، وتونس) في العاصمة التشادية أنجامينا بحضور مندوبين عن الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية: «أصبحنا نخشى على بلادنا من تكرار ما يشهده العراق إذا لم يتخذ المجتمع الدولي قرارا سريعا يقضي بتسليح الجيش الليبي الذي ما زال يواجه تلك الجماعات المتطرفة بإمكانيات محدودة».
وأشار في الكلمة التي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، إلى أن حكومته تعلق آمالا كبيرة على الحوار الوطني المتواصل برعاية الأمم المتحدة كخيار استراتيجي يحفظ وحدة ليبيا ويساهم في إنهاء أزمتها ويقضي على الأخطار التي تتهددها، والتي حذر من أنها قد تؤدي إلى انهيار كامل للدولة وتلقي بظلالها على أمن واستقرار محيطها الإقليمي والدولي، ما لم تتكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتطويق تلك الأخطار والقضاء عليها. ودعا لإيقاف تدفق السلاح والمقاتلين وتقديم الدعم للجماعات الإرهابية التي تعبث باستقرار ليبيا وتهدد السلم والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وكانت بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة قد استبقت هذه المحادثات بالتلويح بفرض عقوبات دولية على ليبيين اثنين متهمين بعرقلة المحادثات الهادفة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في بلادهما.
وتستهدف العقوبات عبد الرحمن السويحلي المتحدر من مصراتة، وعثمان مليقطة، وهو قائد كتائب الزنتان (غرب).
والرجلان ليسا من الصف الأول، ولكن منعهما من السفر وتجميد ودائعهما «يعتبر إشارة واضحة بأنه لا تسامح مع إعاقة العملية السياسية»، حسب ما قالت البعثة الأميركية في الأمم المتحدة في رسالة إلى لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي.
يشار إلى أن السويحلي هو على رأس حزب سياسي دعم هجوم تحالف ميليشيات فجر ليبيا على مصفاة السديرة النفطية في شرق ليبيا، ما أدى إلى عرقلة المحادثات في فبراير (شباط) الماضي، بينما مليقطة قائد قوات هاجمت في شهر مايو (أيار) من العام الماضي البرلمان في طرابلس بالنار والصواريخ ومدافع الهاون.
وتشهد ليبيا نزاعا على السلطة تسبب بانقسام البلاد في الصيف الماضي بين سلطتين، حكومة وبرلمان معترف بهما دوليا في الشرق، وحكومة وبرلمان يديران العاصمة بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت اسم «فجر ليبيا».
مصادر ليبية لـ {الشرق الأوسط}: وضع حفتر العسكري يهدد حكومة الوفاق الوطني
البرلمان السابق والحالي يؤكدان مشاركتهما في جولة الاثنين بالمغرب
مصادر ليبية لـ {الشرق الأوسط}: وضع حفتر العسكري يهدد حكومة الوفاق الوطني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة