«الحرية والتغيير» السوداني يقيّم تجربته في الحكم ويعترف بقصور

وزير في حكومة حمدوك: إلغاء الديون إنجاز تاريخي منذ الاستقلال

TT

«الحرية والتغيير» السوداني يقيّم تجربته في الحكم ويعترف بقصور

وجه تحالف المعارضة السودانية «الحرية والتغيير» انتقادات ذاتية حادة لشراكته مع المكون العسكري، وأعلن تحمله المسؤولية عن الإخفاقات التي حاقت بتجربة الانتقال الديمقراطي، التي أعقبت سقوط نظام حكم الرئيس المعزول عمر البشير الإسلاموي، وشن التحالف، الذي شارك في الحكم حتى 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، هجوماً عنيفاً على المكون العسكري، وحمّل مدنيين في «مجلس السيادة» المسؤولية الكبرى في فشل تجربة الانتقال وفتح شهية العسكر للسلطة.
وقال المتحدث باسم التحالف واثق البرير، في كلمة خلال ورشة عمل عُقدت في الخرطوم، بالتعاون مع صحيفة «الديمقراطي» المستقلة، لتقييم الفترة الانتقالية، إن الهدف من عقد الورشة هو «تعزيز فريضة النقد والشفافية».
واعترف البرير، وهو الأمين العام لـ«حزب الأمة» في مفتتح الجلسة بتعثر الفترة الانتقالية، وقال إنها «أُجهضت بانقلاب 25 أكتوبر»، وتعهد بمخاطبة الملفات والمسؤوليات التي تحملها التحالف لـ«التاريخ»، والعمل على توحيد «قوى الثورة والتغيير» في جبهة مدنية موحدة.
وأوضح وزير رئاسة مجلس الوزراء الأسبق خالد عمر يوسف، في ورقته لتقييم الجهازين التنفيذي والسيادي، أن أحد أهم الانتقادات الموجَّهة إلى تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، يتمثل في عدم وجود ما أُطلق عليه «توافق تفصيلي» لما بعد سقوط نظام الإسلاميين، والعلاقة مع المؤسسة العسكرية، والبطء في تحول هياكل التحالف من مرحلة المقاومة إلى مرحلة الانتقال، وقدرة هياكل التحالف على الاستجابة للمتغيرات الهائلة بعد الثورة، ودخول ملايين السودانيين في العملية السياسية، وعدم جاهزية الهياكل الانتقالية لاستيعاب الطاقة الجديدة، فضلاً عن مناهج إدارة التباينات داخل التحالف نفسه.
وقال يوسف إن عدم وجود علاقة مؤسسية بين قوى الحرية والتغيير والجهاز التنفيذي أثّرت على أداء الفريقين. وأضاف: «أهم دروس التجربة، بكل ما يقال وأوجه القصور، من دون وحدة قوى التحول لن يَحدث تحول ديمقراطي... القصور في أداء الحرية والتغيير لا يعني عدم الحاجة لوحدة قوى الثورة، بل يُستفاد منه في وضع المعالجات بعدم تكراره، أو تقليل الأخطاء».
ودعا إلى بحث العلاقة بين المدنيين والعسكريين في البلاد للوصول لمنهج أمثل، وإلى جعل التحالف والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمهنيين أكثر مؤسسية، ووضع تعريف واضح لدور كل منها وتكاملها، وتحديد الأولويات بطريقة معقولة، وإقامة تواصل فعّال.
واعترف يوسف بوجود قصور في أداء الحكومة، بيد أنه أشار إلى أن الانقلاب كان الهدف منه قطع الطريق أمام بدء الحكومة الانتقالية في النجاح، وقال: «منذ اليوم الأول يخطط المكون العسكري للانقلاب عن طريق إفشال الحكم، بوضع المتاريس أمام طريقها... مقاومة ضارية استمرت لنحو سنتين أفلحت في إزالة المتاريس التي وضعها المكون العسكري في طريق الانتقال».
وعدّ يوسف سداد متأخرات ديون السودان للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والتي أدت للوصول لـ«نقطة القرار» في إعفاء مبلغ 56 مليار دولار ديوناً على السودان، أكبر إنجازات حكومته، وقال: «السودان منذ تاريخه ظل يراكم في الديون، ولم تستطع حكومة من حكوماته الوصول لمرحلة إعفاء الديون ما عدا الحكومة الانتقالية التي حققت إنجازاً تاريخياً بإعفاء السودان من ديونه».
وانتقد العلاقة بين «الحرية والتغيير» ورئيس الوزراء وتحولها لـ«علاقة متوترة» في بعض الأحيان وأداء مكتبه الذي تسبب في تداخل بينه وبين الوزارات، ما خلق كثيراً من المشكلات. وقال: «رئيس الوزراء لم يكن يؤمن بأن له دوراً سياسياً، وأن الدور السياسي خاص بالحرية والتغيير، وأن دوره ينحصر في العمل التنفيذي... هذه قضية بحاجة لنقاش، هل دور رئيس الوزراء في مراحل الانتقال دور سياسي أم دور تنفيذي إداري؟».
وشدد على أهمية ما أطلق عليه الإصلاح العسكري والأمني، ورهن نجاح الانتقال بتحقيقه.
وقال عضو مجلس السيادة السابق صديق تاور، في ورقته، إن أداء مجلس السيادة بمكونيه المدني والعسكري، ومكون السلام الذي انضم إليه لاحقاً، تأثر ببقاء مؤسسات النظام السابق في الدولة ومؤسساتها المختلفة في الأجهزة الأمنية والاقتصاد والإعلام والحكم المحلي وغيرها. وأضاف: «سقط رأس النظام وأعوانه الأساسيون، ولكن النظام ظل بكل ركائزه وأذرعه كما هو».
وأوضح تاور أن رئيس الوزراء «استغنى» عن مرجعيته السياسية الممثلة في «الحرية والتغيير»، واستعاض عنها بمستشارية خاصة لا التزام لها بالمرجعية.
واتهم تاور رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بالتنازل عن صلاحيات من صميم مهامه لمجلس السيادة، مثل ملف السلام الذي نصّت الوثيقة الدستورية على تبعيته للجهاز التنفيذي. وقال: «رئيس الوزراء لسبب ما تنازل عن هذه المهمة للمجلس السيادي، بمشاركة بعض المكونات المدنية... هناك بعض المدنيين بملعوب أسهموا في نقل ملف السلام لمحمد حمدان دقلو... هذا أحد الأخطاء الكبيرة جداً، لم يؤدِّ لنقل ملف السلام فقط للمكون العسكري، لكنه فتح شهية المكون العسكري».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
TT

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر، أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة، إعادة فتح مدرسة «الصداقة»، التابعة لها، فيما ستقوم لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة لبعض المدارس الأخرى المغلقة، للتأكد من «توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد، لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي، تشمل موافقات من وزارات التعليم والخارجية السودانية، والخارجية المصرية، وتوفير مقر يفي بجميع الجوانب التعليمية، وإرفاق بيانات خاصة بمالك المدرسة، وملفاً كاملاً عن المراحل التعليمية وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب السودانية، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عقود.

وقالت السفارة السودانية، في إفادة لها مساء الاثنين، إن السلطات المصرية وافقت على استئناف الدراسة في مدرسة «الصداقة» بالقاهرة، وإن «إدارة المدرسة، ستباشر أعمال التسجيل للعام الدراسي، الجديد ابتداء من الأحد الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتتبع مدرسة «الصداقة» السفارة السودانية، وافتتحت عام 2016، لتدريس المناهج السودانية لأبناء الجالية المقيمين في مصر، بثلاث مراحل تعليمية (ابتدائي وإعدادي وثانوي).

وبموازاة ذلك، أعلنت السفارة السودانية، الثلاثاء، قيام لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة بعض المدارس السودانية المغلقة، لـ«مراجعة البيئة المدرسية، والتأكد من توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي»، وشددت في إفادة لها، على أصحاب المدارس «الالتزام بتقديم جميع المستندات الخاصة بممارسة النشاط التعليمي، وفق الضوابط المصرية».

وفي وقت رأى رئيس «جمعية الصحافيين السودانيين بمصر»، عادل الصول، أن إعادة فتح «الصداقة» «خطوة إيجابية»، غير أنه عدّها «غير كافية»، وقال إن «المدرسة التي تمثل حكومة السودان في مصر، تعداد من يدرس فيها يقارب 700 طالب، ومن ثمّ لن تستوعب الآلاف الآخرين من أبناء الجالية»، عادّاً أن «استئناف النشاط التعليمي بباقي المدارس ضروري، لاستيعاب جميع الطلاب».

وأوضح الصول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «غالبية السودانيين الذين فروا من الحرب، اختاروا مصر، رغبة في استكمال تعليم أبنائهم»، مشيراً إلى أن «توقف الدراسة بتلك المدارس منذ أكثر من ثلاثة أشهر، سبب ارتباكاً لغالبية الجالية»، وأشار إلى أن «المدارس التي تقوم وزارة التعليم المصرية بمراجعة اشتراطات التدريس بها، لا يتجاوز عددها 40 مدرسة، وفي حالة الموافقة على إعادة فتحها، لن تكفي أيضاً كل أعداد الطلاب الموجودين في مصر».

وسبق أن أشار السفير السوداني بالقاهرة، عماد الدين عدوي، إلى أن «عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر، أكثر من 23 ألف طالب»، وقال نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «المستشار الثقافي بالسفارة، قام بزيارات ميدانية للعديد من المدارس السودانية المغلقة، للتأكد من التزامها بمعايير وزارة التعليم المصرية، لممارسة النشاط التعليمي»، منوهاً إلى «اعتماد 37 مدرسة، قامت بتقنين أوضاعها القانونية، تمهيداً لرفع ملفاتها إلى السلطات المصرية، واستئناف الدراسة بها».

وبمنظور رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، محمد جبارة، فإن «عودة الدراسة لمدرسة الصداقة السودانية، انفراجة لأزمة المدارس السودانية»، وقال: «هناك ترحيب واسع من أبناء الجالية، بتلك الخطوة، على أمل لحاق أبنائهم بالعام الدراسي الحالي».

وأوضح جبارة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يستوجب إعادة النظر في باقي المدارس المغلقة، لضمان لحاق جميع الطلاب بالعام الدراسي»، وشدد على «ضرورة التزام باقي المدارس السودانية، باشتراطات السلطات المصرية لممارسة النشاط التعليمي مرة أخرى».

وكان السفير السوداني بالقاهرة، قد ذكر في مؤتمر صحافي، السبت الماضي، أن «وزير التعليم السوداني، سيلتقي نظيره المصري، الأسبوع المقبل لمناقشة وضع المدارس السودانية».