المعارضة السورية تضع تهديدات طهران في خانة «الرسالة السياسية» قبل أي حل مرتقب

مواقف إيرانية وسورية آخرها الكلام عن تفعيل «معاهدة الدفاع المشترك»

المعارضة السورية تضع تهديدات طهران في خانة «الرسالة السياسية» قبل أي حل مرتقب
TT

المعارضة السورية تضع تهديدات طهران في خانة «الرسالة السياسية» قبل أي حل مرتقب

المعارضة السورية تضع تهديدات طهران في خانة «الرسالة السياسية» قبل أي حل مرتقب

على وقع التقدّم الذي تحرزه فصائل المعارضة على أكثر من جبهة سورية، تبرز تصريحات من قبل مسؤولين في إيران والنظام السوري تعكس المأزق الذي وصل إليه الأخير عسكريا، فيما تؤكّد المعارضة أنّ لا شيء عمليا جديدا ظهر على الأرض لغاية الآن، معتبرة أنّ هذا الحراك يدخل ضمن «التهويل الإيراني» وأهداف طهران السياسية في ظل العمل على حلّ سياسي في سوريا.
وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي نبّه فيه المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، أمس الخميس، في خطاب ألقاه في الذكرى السادسة والعشرين لوفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني، «إلى المؤامرات الرامية إلى التقسيم على أساس الدين بين الشيعة والسنة وعلى أساس قومي». وانتقد الولايات المتحدة المتهمة بتشجيع الانقسام بين البلدان المسلمة. وبعد الإعلان عن وصول آلاف الإيرانيين والعراقيين إلى العاصمة دمشق لمؤازرة النظام، برز يوم أمس كلام للإعلامي والباحث الإيراني أمير موسوي، معلنا أن بلاده على وشك تفعيل معاهدة الدفاع المشترك مع سوريا، فيما سجّل يوم أمس زيارة لوزير الدفاع السوري لمواقع عسكرية إلى الشرق من مدينة حمص لرفع الروح المعنوية للعسكريين.
وقبل أيام قليلة، كانت وسائل إعلام إيرانية كشفت عن زيارة قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني لمنطقة جورين في ريف اللاذقية السوري للمرة الأولى. ونقلت عنه قوله إن سوريا ستشهد خلال الأيام المقبلة تطورات ستفاجئ العالم، قائلا إن طهران تعد لذلك مع القادة العسكريين السوريين.
وقال موسوي على حسابه على موقع «فيسبوك»، إن «القيادة في إيران ستعلن خلال الساعات المقبلة قرارًا تاريخيًا بتفعيل معاهدة الدفاع المشترك مع النظام».
وتابع موسوي الذي يشغل أيضا منصب الملحق الثقافي في سفارة بلاده لدى الجزائر «أعتقد أنه سيتم اتخاذ قرارات رديفة تدعم الاستراتيجية العامة لهذا القرار، في كل من لبنان والعراق، تجعل دول محور المقاومة في وضع أفضل لمواجهة امتداد حركات التطرف والإرهاب». وسبق لموسوي أن دعا في وقت سابق إلى نقل العاصمة إلى المناطق الساحلية ووضع منطقة الشمال تحت وصاية تركية.
وحول «تفعيل معاهدة الدفاع المشترك» ووصول آلاف المقاتلين الإيرانيين والعراقيين إلى سوريا، أكد عضو المجلس الأعلى للقيادة العسكرية في الجيش الحر، رامي الدالاتي، أنّه لغاية الآن لم يظهر أي وجود عسكري إيراني وعراقي إضافي على الأرض، ووصف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» ما يصدر عن إيران في الفترة الأخيرة بأنه ليس أكثر من «تهويل ورسالة سياسية» ليس لها أي مفاعيل عسكرية، بل على العكس من ذلك، تؤكّد على انهيار النظام السوري، وتحاول بذلك القول للدول المعنية بأن طهران يجب أن تلعب دورا في أي حل سياسي مرتقب بسوريا.
وكشف الدالاتي أنّه منذ أكثر من شهر وصلت لهم الرسالة نفسها حول إعادة «تفعيل معاهدة الدفاع المشترك بين البلدين»، مضيفا: «لكن منذ ذلك الحين نرى تراجعا للنظام»، مؤكدا على أن «إيران موجودة على الأرض من خلال بعض الخبراء ولديها حزب الله الذي يقاتل إلى جانب النظام، وبالتالي ليست مضطرة إلى أن تعلن عن تفعيل هذا الاتفاق ما دامت مفاعيله سارية المفعول». وتساءل الدالاتي: «لم تعلن إيران ذلك منذ البداية.. فلماذا ستعلنه اليوم؟». ويوم أمس، نعت مواقع إيرانية مقتل أول ضابط من الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وذكر موقع «أويس»، الذي ينشر أخبار «الحرس الثوري»، أن الضابط «عقيل بختياري» قُتل الثلاثاء الماضي خلال «تأديته مهمة خاصة» في منطقة القلمون بريف دمشق.
وعن الوجود العسكري الإيراني في سوريا، قال الدالاتي: «إنّ طهران، ومن خلال معاهدة الدفاع المشترك، موجودة في سوريا عبر مراكز استطلاع أهمها في حمص، حيث يوجد أكبر مركز تديره المخابرات الإيرانية وخبراء عسكريون يعملون في المؤسسات العسكرية».
يذكر أنّه تم توقيع اتفاقية تعاون في المجال العسكري بين إيران وسوريا في شهر يونيو (حزيران) عام 2006، وتنص على تعزيز التعاون بين البلدين وضرورة الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة. كما وقعت دمشق وطهران في عام 2009 مذكرة تفاهم حول الدفاع المشترك.
وفي عام 2012 بعد نحو سنة ونصف السنة على بدء الأزمة السورية، قال وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي بأن اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين إيران وسوريا ما زالت سارية المفعول ولم يأت أي طلب لتفعليها من قبل الحكومة السورية.
ويأتى كلام موسوي بعد ساعات على إعلان مصدر أمني في النظام وصول 7 آلاف مقاتل إيراني وعراقي إلى سوريا بهدف «حماية» دمشق.
وأوضح المصدر أن «الهدف هو الوصول إلى عشرة آلاف مقاتل لمؤازرة الجيش السوري والمسلحين الموالين لها في دمشق أولا، وفي مرحلة ثانية استعادة السيطرة على مدينة جسر الشغور التي تفتح الطريق إلى المدن الساحلية ومنطقة حماه في وسط البلاد».
ويوم أمس، أعلن التلفزيون السوري عن زيارة قام بها وزير الدفاع السوري لوحدات الجيش إلى الشرق من مدينة حمص، في زيارة هي الأحدث بين سلسلة من الزيارات التي قام بها مسؤولون كبار لمواقع عسكرية لرفع الروح المعنوية.
وقال العماد فهد جاسم الفريج، وزير الدفاع ونائب القائد العام للقوات المسلحة، للجنود السوريين في ريف حمص، إنه واثق من قدرتهم على الدفاع عن سوريا، في مواجهة ما وصفه بالإرهاب ومن يدعمه. ولم تحدد وسائل الإعلام السورية الرسمية المكان الذي زاره الفريج. وظهر في تسجيل مصور عربات تسير في طريق مترب في منطقة صحراوية، بينما كان الفريج يلقي كلمته أمام الجنود.
وهذه ثاني زيارة على الأقل يقوم بها مسؤول كبير لحمص منذ سقوط تدمر. وزار أيضا رئيس الوزراء وائل الحلقي محطة للغاز تعتبر مصدرا رئيسيا للطاقة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.