«لقاء مثمر» يجمع دي ميستورا بوفد الائتلاف في إسطنبول

انقسام حول «حل المجلس العسكري» والقرار بشأنه ينتظر اجتماع الهيئة السياسية

مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا (إ.ب.أ)
مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا (إ.ب.أ)
TT

«لقاء مثمر» يجمع دي ميستورا بوفد الائتلاف في إسطنبول

مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا (إ.ب.أ)
مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا (إ.ب.أ)

ساهم الاجتماع الذي جمع أعضاء الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة المعارضة بالمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في إسطنبول، يوم أمس، بإعادة الثقة بين الطرفين، وترك انطباع إيجابي، لا سيما لدى الائتلاف الذي يأمل أن تتضّح صورة أي حل سياسي في سوريا خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وهو ما عبّر عنه عضو الائتلاف أحمد رمضان الذي كان حاضرا الاجتماع، واصفا اللقاء بـ«البناء والمثمر»، مفضلا عدم الخوض في التفاصيل. وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المباحثات ممكن أن تعزّز التعاون بشأن أي حل في سوريا.
ونعتقد أنه وخلال أسابيع قليلة من المفترض أن يكون الموضوع محسوما، من دون أن نغفل أن المسألة ترتبط بالظروف المحلية والإقليمية والدولية»، مضيفا: «لمسنا تفهما من المبعوث الدولي لكل المطالب التي لطالما أكدنا عليها، إضافة إلى إعادة تفعيل لمسار العملية السياسية، والتوصل إلى مفاهيم أكثر واقعية للوضع الراهن».
وفيما أشار رمضان إلى أن الاجتماع الذي جمع الطرفين منفصل عن مشاورات جنيف التي كان قد بدأها دي ميستورا، لافتا إلى أنه أتى تلبية للدعوة التي قدمت للأخير للقاء الائتلاف في إسطنبول. وقال: «تمت مناقشة بنود الوثيقة السياسية التي سبق أن أرسلناها له، مع تمسكنا والتزامنا بالحل السياسي وموقفنا الثابت وملاحظاتنا على أي مؤتمر قد يعقد تحت عنوان (جنيف 3)».
وبعد اللقاء، صدر بيان عن المجتمعين، وتم التوافق بشأنه بين الطرفين، وفق ما أكد رمضان.
ولفت البيان إلى أن التباحث كان حول عملية تطبيق بيان جنيف، وقدم الائتلاف وجهة نظره فيما يخص تشكيل هيئة الحكم الانتقالية ذات صلاحيات كاملة، مشيرا إلى أن أعضاء الهيئة السياسية قدموا لمحة عن رؤية الائتلاف المستقبلية لتطبيق بيان جنيف ووثيقة المبادئ الأساسية للتسوية السياسية في سوريا المتوافق عليها مع عدد من الفصائل السياسية والعسكرية.
ودعا رئيس الائتلاف خالد خوجه، إلى الضغط على النظام السوري للعودة إلى طاولة المفاوضات، بعد تعطيله عددا من المبادرات الدولية حول إيجاد حل سياسي في سوريا، كما رحب بالتصريح الصحافي الصادر عن فريق المبعوث الدولي حول إدانة استخدام نظام الأسد للبراميل المتفجرة في حلب.
وأكد خوجه على أن «أي مقاربة تستهدف تنظيم داعش الإرهابي وتستثني نظام الأسد والتنظيمات الإرهابية الداعمة له، هي مقاربة خاطئة وغير مجدية». كما أكد على ضرورة إيجاد مناطق آمنة في سوريا تساعد على تطبيق بيان جنيف، من خلال وقف القتل وتعزيز الحوكمة المدنية وتوفير المساعدات الإنسانية وعودة المهجرين السوريين ومكافحة التطرف.
وفيما لم يعقد أي اجتماع بين المبعوث الدولي والفصائل العسكرية في إسطنبول، التي سبق لها أن أعلنت رفضها المشاركة في مباحثات جنيف، عقد لقاء بين ممثلين عن الفصائل ورئيس الائتلاف خالد خوجه، تم البحث خلاله في المستجدات السياسية والعسكرية، لا سيما بعد الجدل الذي أثير حول اتخاذ رئيس الائتلاف قرارا بـ«حل المجلس العسكري الأعلى»، وهو الأمر الذي فتح المجال أمام الانقسام بين أعضاء الائتلاف أنفسهم والفصائل العسكرية، على اعتبار أن أي قرار كهذا ليس من صلاحية رئيس الائتلاف منفردا، ويجب أن يبحث في الهيئة السياسية التي كانت قد انتخبت مجلس القيادة العسكرية العليا في أنطاليا قبل نحو ثلاث سنوات، التي من المتوقع أن تعقد اجتماعا لها الأسبوع المقبل للبحث في هذا الموضوع، وفق ما قالت مصادر في الائتلاف لـ«الشرق الأوسط».
وفي الإطار نفسه، قال مصدر في المجلس العسكري لـ«الشرق الأوسط» إن المرحلة المقبلة ستشهد تغيرات عسكرية، لا سيما بعد الانتصارات التي تحققها الفصائل المعارضة على الأرض، ليكون المجلس على قدر المرحلة المقبلة.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.