إسرائيل تقصف معسكرات لحماس والجهاد بعد صواريخ «بيت المقدس» عليها

قتلت الحركة الإسلامية أحد عناصر التنظيم فأطلق صواريخ على عسقلان ووضعها أمام تحد كبير

فتى فلسطيني يقوم بتنظيف المكان من بقايا الحجارة والشظايا التي خلفها القصف الإسرائيلي لمعسكر تدريب لحماس (أ.ف.ب)
فتى فلسطيني يقوم بتنظيف المكان من بقايا الحجارة والشظايا التي خلفها القصف الإسرائيلي لمعسكر تدريب لحماس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقصف معسكرات لحماس والجهاد بعد صواريخ «بيت المقدس» عليها

فتى فلسطيني يقوم بتنظيف المكان من بقايا الحجارة والشظايا التي خلفها القصف الإسرائيلي لمعسكر تدريب لحماس (أ.ف.ب)
فتى فلسطيني يقوم بتنظيف المكان من بقايا الحجارة والشظايا التي خلفها القصف الإسرائيلي لمعسكر تدريب لحماس (أ.ف.ب)

نفذت مجموعة تقول إنها موالية لـ«داعش» في قطاع غزة، تهديداتها الموجهة أصلاً، ضد حركة حماس، وأطلقت صواريخ باتجاه إسرائيل، في رسالة للحركة الإسلامية التي تحكم غزة، بأنها قادرة على إشعال حرب في القطاع.
وأطلق التنظيم المسمى «سرية الشيخ عمر حديد - بيت المقدس»، ثلاثة صواريخ من طراز «غراد»، ليل الأربعاء/ الخميس، سقطت في مناطق مفتوحة قرب مدينة عسقلان وبلدة نتيفوت، قبل أن يرد الجيش الإسرائيلي بقصف ثلاثة معسكرات للتدريب تابعة لحركة حماس والجهاد الإسلامي، محملاً حركة حماس، مرة ثانية، المسؤولية عن أي صواريخ تطلق من غزة بصفتها الجهة الحاكمة.
وأكد الجيش الإسرائيلي، أنه نفذ هجمات ضد «ثلاثة بنى تحتية للإرهاب في قطاع غزة».
وشهد قطاع غزة، أمس، هدوءًا نسبيًا، بعد الغارات الإسرائيلية، في مؤشر على اكتفاء إسرائيل بهذا الرد، خصوصًا بعد تأكيد حماس عبر وسطاء، بأنها لا تقف خلف الصواريخ، وإنما جماعات «داعش».
وفي تعقيب على هذا التوتر، قال مصدر سياسي إسرائيلي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك من يسعى لتوتير الأجواء عشية التوصل إلى اتفاق تهدئة بين إسرائيل وحماس». وأضاف: «هناك جهود كبيرة تبذل حاليا للتوقيع على اتفاقية تهدئة جديدة بيننا وبين حماس، وهناك قوى كثيرة لا يروق لها الأمر وتسعى لجرهما إلى صدام حربي جديد». وأشار إلى أن هذه الجهود تبذل بالأساس عن طريق قطر وجهات أوروبية بمعرفة الأمم المتحدة. لكن محللين آخرين لم يستبعدوا أن ينجح خصوم حماس في جر المنطقة إلى حرب جديدة.
وكانت حماس قد نقلت رسالة واضحة إلى إسرائيل: «لسنا نحن الذين أطلقنا الصواريخ بل جماعات تكفيرية تحاول أن تضع تحديًا أمامنا».
لكن وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعالون، رد بوضوح: «حتى إذا كانت عصابة من المحسوبين على حركات الجهاد العالمي، تحاول أن تتحدى حماس، هي المسؤولة عن إطلاق القذيفتين الصاروخيتين، إلا أن إسرائيل تعتبر حركة حماس (هي) المسؤولة عما يجري في قطاع غزة».
وأضاف يعالون: «نحن لا ننصح أحدًا باختبار صبر إسرائيل إزاء الإرهاب؛ إذ إنها لن توافق على العودة إلى واقع يستمر فيه إطلاق النار على أراضيها». وتابع: «إذا اقتضت الضرورة ذلك، فإن جيش الدفاع سيرد بقوة أكبر على مثل هذه الاعتداءات».
وتبنت جماعة سرية الشيخ عمر التي ظهرت الأسبوع الماضي بشكل واضح، إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
وقالت في بيان حمل شعار «داعش»، إن الهجوم على إسرائيل كان انتقامًا لقيام حركة حماس بقتل أحد أنصار التنظيم في تبادل لإطلاق النار، الثلاثاء الماضي، في غزة. بل أعلن التنظيم أنه أطلق «غزوة ثأرية» لمقتل يونس الحنر على يد حماس بعد تطويق منزله قبل يومين.
وجاء في البيان: «نؤكد أننا ماضون في دربنا، وجهادنا ضد أعداء الله اليهود، ولن يحول بيننا وبينهم كائن من كان بإذن الله».
وكانت قوات أمنية تابعة لحركة حماس قتلت الحنر، الثلاثاء الماضي، في عملية إطلاق نار في غزة.
وقال السلفيون الجهاديون، إن حماس أعدمت الحنر برصاصات عدة في رأسه، لأنه فقط مناصر لـ«داعش». وقال بيان للتنظيم، إن الحنر هو جندي سابق في كتائب القسام وكان تحت إمرتهم حتى الحرب السابقة على غزة، «وقتلته حماس لأنه مناصر لـ(داعش)».
ورد إياد البزم، الناطق باسم الداخلية، بقوله إن الشاب «الخارج عن القانون توفي بعد إصابته أثناء محاولة اعتقاله بعد مبادرته بإطلاق النار على القوى الأمنية، ورفضه تسليم نفسه، وتفخيخ المنزل الموجود به».
وجاءت عملية القتل بعد يوم واحد من إعلان سرية الشيخ عمر في غزة مسؤوليته عن إطلاق صاروخ على سديروت الأسبوع الماضي.
ومنح بيان باسم السرية مَن أسماهم بـ«عقلاء حماس» مهلة أقصاها 48 ساعة لوقف الحملة ضدهم».
ويتضح أن قصف إسرائيل يأتي بعد انتهاء المهلة المحددة.
ويضع القصف الجديد حماس أمام تحد كبير، فإما التوصل إلى اتفاق مع السلفيين أو الذهاب في حرب شرسة ضدهم كما فعلت قبل سنوات.
وعلاقة حماس بالجماعات السلفية الجهادية في غزة متوترة أصلاً، لكنها هدأت قبل سنوات إثر اتفاق بوقف أي نشاطات معادية للطرفين، قبل أن تعود وتوتر على نحو خاص بعد دخول قوات «داعش» لمخيم اليرموك، في نيسان الماضي. ورفضت حماس تدخل «داعش» في اليرموك وهاجمهما مناصروا التنظيم في غزة بشكل علني، مما أدى إلى قيام الحركة الإسلامية بشن حملة اعتقالات ضدهم.
وتقول جماعة الشيخ عمر، إن «حماس تعتقل 90 منهم على الأقل». وتعد حماس الجماعات المناصرة لـ«داعش» جماعات تكفيرية، وتتهمها بضرب النسيج المجتمعي، وتنفيذ أعمال قتل وحرق واستهداف لأشخاص ومؤسسات ومحال تجارية، وتصفها بـ«بذور الإرهاب»، وهو أمر نفاه التنظيم الذي لا يعترف بحكم حماس وإسلاميته، وكان يصفه بالحكم «الدنيوي القائم على المصالح».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.