«حرمة الدم» وتوحيد الجيش الليبي... تفاصيل لقاء الناظوري والحداد

الاتفاق على آلية لبدء توحيد بعض الإدارات والهيئات العسكرية

صورة للاجتماع العسكري بطرابلس (المكتب الإعلامي لرئيس أركان الجيش الوطني)
صورة للاجتماع العسكري بطرابلس (المكتب الإعلامي لرئيس أركان الجيش الوطني)
TT

«حرمة الدم» وتوحيد الجيش الليبي... تفاصيل لقاء الناظوري والحداد

صورة للاجتماع العسكري بطرابلس (المكتب الإعلامي لرئيس أركان الجيش الوطني)
صورة للاجتماع العسكري بطرابلس (المكتب الإعلامي لرئيس أركان الجيش الوطني)

فرضت ملفات شائكة عدة نفسها على اللقاء العسكري الذي جمع رئيس أركان قوات القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الفريق أول عبد الرازق الناظوري، ورئيس أركان القوات التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة الفريق أول محمد الحداد، لليوم الثاني بالعاصمة طرابلس اليوم.
واللقاء، الذي يعد غير مسبوق في تاريخ الصراع بين جبهتي شرق وغرب ليبيا بالنظر إلى زيارة الناظوري للعاصمة، وصفه عسكري ينتمي إلى قوات «الوحدة» بأنه يأتي في وقت «بالغ الأهمية» على خلفية الجمود الذي يشهده المسار السياسي بين الجبهتين، وأدى إلى مزيد من الانقسام.
وتطرق الاجتماع، بحسب المصدر العسكري الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط» إلى الملفات العالقة بين الجانبين التي خلفتها العملية العسكرية لقوات «الجيش الوطني» على طرابلس في الرابع من أبريل (نيسان) عام 2019، وما ترتب على ذلك من وقوع أسرى في الجانبين، لافتاً إلى وجود «رغبة صادقة لاستكمال إجراءات توحيد المؤسسة العسكرية، وتجاوز المعوقات التي تحول دون ذلك لقطع الطريق على أي تهديد لعملية وقف إطلاق النار».

وفي اليوم الثاني من اللقاء، اليوم (الثلاثاء)، أكد العسكريون المجتمعون على عدد من النقاط المهمة من بينها «التأكيد على حرمة الدم الليبي» والتشديد على «استمرار وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد».
وقال المركز الإعلامي لرئاسة أركان قوات «الجيش الوطني» اليوم، إنه لليوم الثاني على التوالي استمرار اجتماع القوات المسلحة الليبية بحضور الفريق الناظوري، والفريق الحداد رئيس الأركان العامة للحكومة المؤقتة، وأعضاء اللجنة العسكرية (5 + 5) وبعض من مديري الإدارات والهيئات العسكرية. وتمحور الاجتماع حول الاستمرار في المسار العسكري، وذلك فيما يتعلق بمهام اللجنة العسكرية، كما تناول الاجتماع آلية بدء توحيد بعض الإدارات والهيئات العسكرية.
ونوهت رئاسة الأركان بأنه تم التأكيد أيضاً على «النأي بالمؤسسة العسكرية عن التجاذبات السياسية»، وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من أرض الوطن».
وسبق أن كشفت رئاسة الأركان التابعة لـ«الوحدة»، جانباً من فحوى اللقاء، الذي حضره أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وقالت إنه تناول بحث مهام الجيش وقوات حرس الحدود وفرض سيطرتها على الحدود البحرية والبرية لمواجهة الجماعات الإرهابية وعصابات تهريب المهاجرين غير النظاميين.
ويهدف هذا اللقاء التقابلي الثاني بين الناظوري والحداد، وفقاً للمركز الإعلامي لرئاسة أركان قوات القيادة إلى «تذليل الصعوبات التي تواجه عمل اللجنة العسكرية، وكذلك استكمال الخطوات الرامية إلى توحيد المؤسسة العسكرية». وكان قد سبقه اجتماع في مدينة سرت بسوط ليبيا في الحادي عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وانتهت في توصياته إلى الإسراع بضرورة توحيد المؤسسة العسكرية.

وكان الحداد، وعدد من القيادة العسكرية من المنطقة الغربية استقبلوا صباح أمس، في مطار معيتيقة الدولي بالعاصمة، الناظوري على رأس وفد عسكري من المنطقة الشرقية، برفقة أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة.
ونوه المصدر العسكري بأن اللجنة العسكري المشتركة تمارس مهامها «باحترافية شديدة» بعيداً عن أي مؤثرات سياسية، لافتاً إلى أن ما سبق وأكدته في اجتماعها الأخير بالقاهرة في يونيو (حزيران) الماضي، سيظل حاكماً لأعمالها، فيما يتعلق بالعمل على توحيد المؤسسة العسكرية وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، بالإضافة إلى دمج المجموعات المسلحة في الأجهزة الأمنية والمدنية.
وأثنى الناطق باسم القائد العام لـ«الجيش الوطني» اللواء أحمد المسماري، على المؤسسة العسكرية، وقال: «كل يوم يمر يثبت أن المكون العسكري في عموم ليبيا مهما كان الاختلاف بينهم إلا أنهم الأقدر على التقارب وسد الهوة بينهم».
وأضاف المسماري في بيان مساء أمس (الاثنين): «المؤسسة العسكرية تنصهر فيها كل المكونات الاجتماعية الليبية وتتلاشي فيها الانتماءات القبلية والحزبية والآيديولوجية والسياسية، لأنها إحدى أهم ركائز الدولة الوطنية التي لا تعترف إلا بالهوية الليبية كهوية جامعة».
ولفت إلى أن «قدرة أبناء هذه المؤسسة على أن يتناسوا خلافاتهم الكبيرة جداً وينطلقوا إلى الأهداف العليا التي تبنى عليها العقيدة العسكرية الليبية وهي حماية الوطن والمواطن والذود عن سيادته وسلامة أراضيه هي النقطة الجوهرية التي تجعل المؤسسة العسكرية أكثر استجابة لنداء العقل والمنطق».
وتابع: «حتى لو وضعنا فرضيات الصفقات والاتفاقات السياسية سنجد أبناء المؤسسة العسكرية الأكثر التزاماً وانضباطاً والأكثر حرصاً على الوفاء بعهودهم ومواثيقهم»، وأرجع ذلك إلى أن «الضبط والربط العسكري والاعتزاز بالشرف العسكري عوامل تسهم في حلحلة كل الأزمات التي يعاني منها الوطن».
ورأى أن «هذا ما جعل المسار العسكري بين أعضاء لجنة (5+5) من أنجح المسارات الأخرى السياسية والاقتصادية وغيرها».



دون ذكر أميركا... مصر قلقة من «التطورات الأخيرة» في إيران

لقاء بين وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني في إسطنبول السبت (الخارجية المصرية)
لقاء بين وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني في إسطنبول السبت (الخارجية المصرية)
TT

دون ذكر أميركا... مصر قلقة من «التطورات الأخيرة» في إيران

لقاء بين وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني في إسطنبول السبت (الخارجية المصرية)
لقاء بين وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني في إسطنبول السبت (الخارجية المصرية)

عبّرت مصر عن «قلقها البالغ» إزاء «التطورات الأخيرة» في إيران، ورغم إدانتها لما وصفته بـ«التصعيد المتسارع»، وتحذيرها من «عواقب خطيرة» على الأمن في المنطقة والعالم، عقب ضربات أميركية، الأحد، على منشآت نووية إيرانية، فإنه كان لافتاً أن القاهرة لم تذكر الولايات المتحدة بالاسم.

وقال مصدر دبلوماسي مصري لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس بالضرورة ولا مطلوب تعريف ما هو معروف، فالبيان عبّر عن إدانة التصعيد، بعد القصف الأميركي، ومن ثم فالكل يعلم أن مصر تقصد ما قامت به واشنطن، وليس غيرها».

وأصدرت وزارة الخارجية المصرية بياناً، الأحد، قالت فيه إن مصر تعرب عن «قلقها البالغ إزاء التطورات الأخيرة في إيران، وتدين التصعيد المتسارع الذي ينذر بعواقب خطيرة على الأمن والسلم الإقليمي والدولي».

وحسب البيان، حذّرت مصر من «مخاطر انزلاق المنطقة نحو مزيد من الفوضى والتوتر»، مشددة على أن «الحلول السياسية والمفاوضات الدبلوماسية، وليس الحلّ العسكري، هي السبيل الوحيد نحو الخروج من الأزمة».

جاء ذلك بعدما نفّذت الولايات المتحدة، فجر الأحد، ضربة عسكرية خاطفة وناجحة بحسب الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد منشآت نووية ومواقع استراتيجية داخل إيران، في واحدة من أخطر مراحل التصعيد بين واشنطن وطهران منذ سنوات، بحسب المراقبين.

العلاقة بين القاهرة وواشنطن شهدت توتراً بسبب الخلاف بشأن حرب غزة (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

ويرى الخبير المصري بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو الشوبكي، أن «مصر لها علاقة تحالف استراتيجي قوية مع الولايات المتحدة، ومن الأساس حصلت توترات في تلك العلاقة خلال الفترة الماضية تتعلق بتباين موقفي البلدين بشأن الوضع في غزة ومسألة تهجير الفلسطينيين، ومن ثم مصر لم ترغب في إشارة بشكل واضح للولايات المتحدة، رغم أن الأخيرة هي من قامت بالضربة على إيران، ما استدعى إصدار ذلك البيان».

وأضاف الشوبكي لـ«الشرق الأوسط»؛ مع ذلك فـ«الإشارة العامة والتعبير عن القلق البالغ من مخاطر انزلاق المنطقة نحو مزيد من الفوضى والتوتر يظلان توجهات عامة لمصر، فهي عبّرت عن قلقها من الضربة، لكن لم تذكر الولايات المتحدة بالاسم حتى لا تحدث مواجهة مفتوحة ومزيد من التوتر في العلاقات مع البلدين».

وكانت الرئاسة المصرية أصدرت بياناً، مساء السبت، أعلنت فيه عن اتصال السيسي بالرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وكان لافتاً في البيان أن السيسي أكّد رفض مصر للتصعيد الإسرائيلي ضد إيران، على عكس البيان الذي صدر عقب الضربة الأميركية، ولم يذكر الولايات المتحدة.

وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، كثّفت مصر من اتصالاتها الدبلوماسية لاحتواء الأزمة. وأعلنت الرئاسة المصرية، في بيان، الأحد، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أجرى اتصالاً هاتفياً بالسلطان هيثم بن طارق آل سعيد، سلطان عُمان، أكّد خلاله أهمية العمل على وقف التصعيد الجاري بين إسرائيل وإيران، محذراً من التبعات الجسيمة لتوسع دائرة الصراع في المنطقة، ومؤكداً ضرورة العودة لمائدة التفاوض حقناً للدماء.

وأشاد السيسي بالدور الذي تقوم به سلطنة عُمان للوساطة بين إيران والولايات المتحدة، مؤكداً ضرورة استعادة مسار المفاوضات وتعزيزه لتجنيب المنطقة ويلات الحرب، ومن جانبه ثمّن سلطان عُمان الجهود المصرية لوقف العنف بالمنطقة، مؤكداً حرص بلاده على العمل المشترك في هذا الإطار، وفق البيان المصري.

كما أجرى وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، اتصالين هاتفيين، مع الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، وعبد اللطيف بن راشد الزياني وزير خارجية البحرين، للتشاور والتنسيق بشأن التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة.

ووفق بيان للخارجية المصرية، الأحد، جرى التأكيد على أهمية وقف التصعيد العسكري، ووقف إطلاق النار، وتغليب الحلول السياسية والدبلوماسية كسبيل وحيد للخروج من الأزمة الراهنة والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وضرورة العمل على تجنب انزلاق المنطقة إلى مزيد من الفوضى والتوتر، كما تم التأكيد على ضرورة احترام سيادة الدول ومبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

ويقول عضو الحزب الجمهوري الأميركي، توم حرب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرئيس المصري حريص على علاقته بالرئيس الأميركي ترمب». وأوضح أنه «في وجهة نظر واشنطن أن البيان المصري كان الأولى به أنه يوجه الإدانة لإيران، لأنها هي التي تهدد وهدّدت الأمن في المنطقة لعقود، ومصر نفسها تضررت من جماعة الحوثي في اليمن المدعومة من إيران، التي تستهدف السفن في البحر الأحمر، ما أدّى إلى تضرر كبير لقناة السويس».

من جانبه، يرى الخبير في الشؤون الأميركية والدولية المقيم في نيويورك، محمد السطوحي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «البيان المصري واضح أنه يعبّر بدبلوماسية عن انزعاج ورفض للخطوة الأميركية، لكن الارتباط بأميركا ارتباط زمني فقط، لأنه جاء بعد الهجمات الأميركية مباشرة، بينما جاء تعبير (الإدانة) للتصعيد ومخاطره، دون إشارة واضحة للطرف المسؤول عن هذا التصعيد».

وأضاف: «في مثل هذه المواقف تحاول فيها البيانات الرسمية السير على خط رفيع، يؤكد على الموقف المبدئي دون استخدام لغة تستفز الطرف الأقوى في المعادلة، وبما يهدد المصالح المشتركة. وقد لاحظت أن المواقف السلبية من إيران انعكست في كثير من بيانات الدول التي اكتفت بالقلق والدعوة إلى وقف التصعيد، دون أي تضامن مع طهران، مع تفادى إثارة الغضب الأميركي الإسرائيلي».