رئيس أركان جيش حفتر في طرابلس لاستئناف مشاورات وقف النار

في سابقة تعد الأولى من نوعها، وصل أمس الفريق عبد الرزاق الناظوري، رئيس الأركان العام للجيش الوطني الليبي، الذي يترأسه المشير خليفة حفتر، إلى مطار معيتيقة الدولي في العاصمة طرابلس، رفقة أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة التي تضم طرفي الصراع العسكري في البلاد لبحث «استئناف مشاورات تطبيق وقف إطلاق النار». وفي غضون ذلك توعد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، بمواجهة محاولة مصطفى صنع الله، الرئيس السابق للمؤسسة الوطنية للنفط، العودة إلى منصبه باستخدام القوة، بينما قرر غريمه فتحي باشاغا عقد اجتماع لحكومته الموازية في مدينة بنغازي (شرق).
وحظي الناظوري باستقبال رسمي من محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الوحدة، تأكيدا على «الانفتاح غير المسبوق» للمشير حفتر حيال تركيا والدبيبة، حيث عقد الحداد والناظوري أول اجتماع من نوعه على الإطلاق في طرابلس، قبل انطلاق اجتماعات للجنة العسكرية للطرفين لاستكمال المحادثات المشتركة حول توحيد المؤسسة العسكرية. وراجت معلومات غير رسمية عن احتمال انضمام الدبيبة، باعتباره وزير الدفاع بحكومة الوحدة التي يترأسها، إلى الاجتماع الذي عقد بقاعدة أبو ستة البحرية في طرابلس.
ويعتبر الناظوري الرجل الثاني في الجيش الوطني الذي يقوده حفتر، علما بأنه كان يتولى نفس منصبه الحالي خلال الحرب، التي شنها الأخير لتحرير العاصمة طرابلس في أبريل (نيسان) عام 2019 من «قبضة الميليشيات المسلحة».
وقالت مصادر ليبية ومصرية مطلعة إن الزيارة نتاج ما سمته بالتفاهم المصري - التركي من جهة، والمصري - القطري من جهة أخرى، بشأن حلحلة الأزمة الليبية، مشيرة إلى تقاطعها مع ما وصفته بـ«التفاهم الذي تم مؤخرا بين حفتر والدبيبة حول ملف النفط». كما كشفت المصادر ذاتها النقاب عن أن زيارة وفد الجيش الوطني جاءت وسط ترتيبات أمنية وعسكرية مسبقة لضمان نجاحها، وأوضحت أن الحداد سيقود في المقابل وفدا لزيارة مقر المشير حفتر بالرجمة خارج بنغازي خلال الفترة المقبلة.
وقال مسؤول مقرب من حفتر، طلب عدم تعريفه، إن «وجود وفد الجيش الوطني بطرابلس «يمثل منعطفا مهما في الأزمة السياسية والعسكرية الراهنة في البلاد»، لافتا إلى تسجيل «تفاهم مبدئي حول ضرورة تفكيك الميليشيات المسلحة، وسحب المرتزقة الأجانب الموجودين على الأراضي الليبية».
وكانت وسائل إعلام محلية قد نقلت عن مصادر أن الزيارة هي «استكمال لاجتماع سرت بين الناظوري والحداد مطلع العام الجاري»، مشيرة إلى أن الطرفين سيبحثان تنفيذ كل ما اتفق عليه في اتفاق وقف إطلاق بكافة بنوده العسكرية والأمنية خلال الاجتماعات السابقة للجنة «5 5».
وفي نفس السياق تحدث عضو بمجلس النواب عن زيارة متوقعة لنائب الرئيس التركي، ووزير الخارجية القطري إلى بنغازي خلال الأيام المقبلة، ستتبعها زيارة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى أنقرة للقاء المسؤولين الأتراك.
في غضون ذلك، وفي تلويح باستخدام القوة ضد محاولة مصطفى صنع الله، الذي أقاله الدبيبة مؤخرا من منصبه كرئيس لمؤسسة النفط، استغل هذا الأخير حضوره أول اجتماع لمجلس الإدارة الجديد للمؤسسة بمقرها في طرابلس، وقال متوعداً: «من يريد أن يستخدم القوة للعودة لمنصبه سنواجهه بالقوة، ومن يهدد باستخدام العنف والاحتكام إلى السلاح فلن يجد أمامه إلا القوة».
ونفى الدبيبة عقد أي صفقات خارجية وراء تغيير مجلس إدارة المؤسسة، واعتبر أن «ما يشاع عن وجود صفقة محض افتراء من أطراف وأحزاب تريد إفساد الحياة السياسية والاجتماعية».
لكنه لفت في المقابل إلى أن الصفقة السياسية الحقيقية هي «إجراء الانتخابات، ولا صحة لما يشاع عن تسليم قطاع النفط لدولة أو غيرها»، مشيراً إلى أن تغيير مجلس الإدارة «جاء بناء على توافق بين كل الأطراف السياسية». لافتا إلى أن تكليف صنع الله برئاسة المؤسسة لم يكن قانونيا.
إلى ذلك أعلن فتحي باشاغا، رئيس حكومة الاستقرار الجديدة المكلفة من مجلس النواب، أن حكومته ستعقد أول اجتماع رسمي لها الأحد المقبل في مدينة بنغازي. ومن جهته، أعلن زايد هدية، رئيس لجنة متابعة الأجهزة الرقابية بمجلس النواب، عزمه عقد جلسة طارئة خلال الأيام القادمة لتسمية المناصب السيادية، ودعا مجلس الدولة مجددا لإحالة الأسماء لعرضها في هذه الجلسة.
وقال هداية في بيان وزعه عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب، إن مجلس الدولة لم يتجاوب مع مجلس النواب في مشاورات المناصب السيادية، مضيفاً أن مجلس النواب «أدى ما عليه، وملتزم بكل الاتفاقيات المنصوص عليها بالخصوص، والظرف الحالي يُحتم علينا إنجاز هذا الاستحقاق المهم بشكل عاجل».
ومن جانبه، أكد خالد المشري، رئيس مجلس الدولة، لدى اجتماعه مساء أول من أمس في طرابلس مع محافظ مصرف ليبيا المركزي ورئيسي ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية استعداده لتقديم كافة أنواع الدعم والتعاون لكل المؤسسات. وقال إن الاجتماع ناقش جملة من القضايا الإدارية والمالية والاقتصادية، وآخر مستجدات توحيد السلطة النقدية وآلية تعزيز الاقتصاد الليبي ودخل المواطنين.
بدوره، نقل عبد الله اللافي، عضو المجلس الرئاسي، عن تامر مصطفى، القائم بالأعمال بسفارة مصر لدى ليبيا، تجديده على حرص بلاده على دعم الحل السلمي للأزمة الليبية، بما يحقق الأمن والاستقرار في البلاد، للوصول إلى تحقيق تطلعات الشعب الليبي بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بمشاركة جميع الليبيين.
في سياق ذلك، قال موسى الكوني، عضو المجلس الرئاسي، إن الأخير يعمل على إصدار قاعدة دستورية توافقية بالأغلبية، ترضي أطراف النزاع وإجراء الانتخابات الموعودة، واستبعد في ندوة حوارية في العاصمة البريطانية عودة العنف والاقتتال من جديد بين الليبيين قائلا: «لقد تخطينا مرحلة الاقتتال، ولن تكون هناك عودة للخلف».