«العمل الأميركية من أجل لبنان» تحض على تسريع الإصلاحات

طالبت الحكومة والبرلمان بإنجاز القوانين لتسريع المفاوضات مع «صندوق النقد»

بري مستقبلاً مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان (الوكالة الوطنية)
بري مستقبلاً مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان (الوكالة الوطنية)
TT

«العمل الأميركية من أجل لبنان» تحض على تسريع الإصلاحات

بري مستقبلاً مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان (الوكالة الوطنية)
بري مستقبلاً مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان (الوكالة الوطنية)

شددت «مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان» على أهمية أن تسرع الحكومة والمجلس النيابي في إنجاز القوانين والسياسات لجهة دفع المفاوضات قدماً مع «صندوق النقد الدولي»، مؤكدة أنه «لم يعد هناك وقت لإضاعته». وقالت: «من الآن حتى نهاية السنة، يجب على البرلمان والحكومة الإسراع في اتخاذ العديد من الخطوات»، مطالبة المسؤولين اللبنانيين بـ«القيام بشيء من أجل دعم الشعب اللبناني».
وجال وفد من «المجموعة» برئاسة السفير السابق أد غبريال وعضوية نجاد فارس وجاي غزال، وبمشاركة السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا، على رؤساء الجمهورية اللبنانية ميشال عون، والبرلمان نبيه بري، وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الاثنين.
واعتبر عون أن «الأحداث الراهنة في لبنان لم تأت من باب الصدفة، بل نتيجة واقع سبّب عقماً في عمل المؤسسات السياسية في البلاد، والفساد الذي نخر المؤسسات والإدارات الرسمية، وامتناع المسؤولين على مر السنوات الماضية عن معالجته، ما زاد الأمور تعقيداً».
وبحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، فإن عون عرض أمام الوفد الأوضاع الراهنة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، والأسباب التي أوصلت لبنان إلى الوضع الذي يعاني منه حالياً على مختلف الأصعدة وفي كل القطاعات، مشيراً إلى أنه لم يوفر جهداً إلا وبذله من أجل تحقيق الإصلاح المنشود، لكنه كان يصطدم في كل مرة بمعوقات داخلية تركت آثارها السلبية على تطور الأوضاع، لافتاً إلى أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وصلت إلى نتائج محددة لا بد من استكمالها، ومشدداً في هذا الإطار على ضرورة تشكيل حكومة جديدة لمتابعة هذا الملف الأساسي والحيوي بالنسبة إلى مستقبل النهوض الاقتصادي.
وأكد عون رداً على سؤال أعضاء الوفد، «عدم جواز تأخير عملية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية»، مركزاً على «ضرورة تفعيل الوساطة الأميركية التي يقوم بها السفير آموس هوكستاين للوصول إلى خواتيم سريعة، وتمكين لبنان من استثمار حقوقه من النفط والغاز في مياهه من جهة، مع المحافظة على استقرار الحدود من جهة أخرى»، ومشدداً على «أهمية عامل الوقت في هذا المجال».
ونقل غبريال إلى عون «وقوف المجموعة إلى جانب لبنان واللبنانيين، وبذلها الجهود المطلوبة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ومع الكونغرس الأميركي، من أجل ملاقاة مطالب الشعب اللبناني، خصوصاً في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي يعاني منها». وشدد على «أهمية الإسراع في إحداث التغييرات والإصلاحات اللازمة لأن الوقت لم يعد عاملاً مساعداً»، حسب بيان الرئاسة.
وقال غبريال: «بحثنا الواقع المقلق الذي يواجهه لبنان وأهمية التحرك بسرعة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي قبل فوات الأوان، وهذا الوقت يقترب بسرعة. كما بحثنا أهمية اتخاذ الحكومة خطوات سريعة تجاه البرنامج الإصلاحي لصندوق النقد الدولي والبرامج والسياسات الأخرى التي تتعلق بحاجة اللبنانيين، والوقت في هذا المجال أساسي». وتابع غبريال: «الوقت يقترب، وأردنا أن يعلموا أن المجتمع اللبناني - الأميركي يقف خلف الشعب اللبناني بحزم لمحاولة تحقيق تقدم في هذا المجال، وهذا هو هدفنا». وأضاف أن «مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان تهتم كثيراً بالشعب اللبناني وبلبنان، وسنعود إلى أميركا ونعمل بجهد لتلبية حاجات اللبنانيين، ونأمل أن تصبح الحكومة شريكة مع الولايات المتحدة لحل مشاكلها».
وبعد لقاء الوفد مع رئيس مجلس النواب، قال غبريال: «إننا أكدنا أهمية السرعة في العمل من جانب الحكومة والمجلس النيابي لإنجاز القوانين والسياسات لجهة دفع المفاوضات قدماً مع صندوق النقد الدولي، كما ناقشنا مع رئيس المجلس النيابي العلاقات الثنائية بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية، ودعم القوات المسلحة اللبنانية والبرامج الإنسانية، كما أعلمنا بري أن الولايات المتحدة قد دعمت الجيش اللبناني وبعض البرامج الإنمائية ومشاريع المجتمع المدني العام الفائت بـ٧٠٠ مليون دولار». وأشار إلى أنه «من المهم أن تدرك الحكومة أنه لم يعد هناك وقت لإضاعته ومن أجل تحرك المجلس النيابي لإطلاق مسار تشريعي لإنقاذ لبنان ومساعدة اللبنانيين، فمجموعة العمل من أجل لبنان تؤكد استمرارها العمل من أجل دعم احتياجات لبنان».
وأفادت رئاسة مجلس النواب في بيان بأن بري أكد أنه «لم يعد من وقت للمماطلة والتأخير في ترسيم الحدود البحرية والسماح للشركات التي رست عليها المناقصات بمباشرة عملها ولا مبرر على الإطلاق لهذا التأخير أو المنع».
وبعد لقاء الوفد ميقاتي، أكد غبريال أن «المحادثات كانت جيدة حول أهمية الانضمام بسرعة لبرنامج صندوق النقد الدولي، ولم يعد هناك متسع من الوقت، ومن الآن حتى نهاية السنة، يجب على البرلمان والحكومة الإسراع في اتخاذ العديد من الخطوات»، مضيفاً «الولايات المتحدة بدأت تشعر بضغط المجتمع الدولي لذلك، وعلى المسؤولين في لبنان أن يقوموا بشيء من أجل دعم الشعب اللبناني».
وناقش الوفد أيضاً موضوع القمح و«أهمية الضغط على روسيا من أجل إطلاق القمح من المرافئ في أوكرانيا. وقال غبريال: «كان الرئيس ميقاتي مهتماً بهذا الموضوع، ووعد بالقيام بكل ما يمكن في هذا المجال». وحذر من أنه «إذا لم تتصرف الحكومة والمجلس النيابي بسرعة فلبنان مهدد بكارثة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.